عندما يجتمع المدراء الجدد وموظفوهم أول مرة، يبدؤون بناء علاقة العمل التي ستكون عاملاً حاسماً في تشكيل تجربة العمل لكل منهم وثقة كل منهم بالآخر وفعالية عملهم معاً. ربما تقدّر أحد مرؤوسيك المباشرين بشدة وتعطيه أهم المهمات وتقضي معظم الوقت في توجيهه، وقد تنظر إلى مرؤوس مباشر آخر على أنه عبء على الفريق وتمنحه فرصاً أقل ويكون العمل معه أقل فعالية. الأشهر القليلة الأولى من العمل مع أي موظف مهمة بوجه خاص في تحديد كيفية استمرار العلاقة.

نناقش في هذه المقالة مؤشراً اكتُشف حديثاً لجودة هذه العلاقات، ألا وهو: النوم. في عملنا السابق، وجدنا أن قلة النوم تُضعف كاريزما القائد ويمكن أن تؤدي إلى انتهاجه سلوكيات مسيئة. واستناداً إلى هذا العمل وغيره، سعينا في مشروعنا الأخير إلى دراسة كيفية تأثير النوم على تطوير جودة علاقة العمل بين القائد والمرؤوس، وتحديداً بين قادة معينين حديثاً ومرؤوسيهم. سنبدأ من منطلَق أن قلة النوم تولّد لدى القادة والمرؤوسين مشاعر سلبية أكثر في العمل (تظهر في شكل سلوكيات عدائية). ربما يمكنك أن تتذكر بسهولة الليلة التي نلت فيها قدراً قليلاً من النوم وفي اليوم التالي كنت سريع الغضب في العمل، هذا شائع جداً، وأهم سبب هو حقيقة أن قلة النوم تقوِّض أجزاء الدماغ المسؤولة عن تنظيم المشاعر.

يمكن أن يضر السلوك العدائي بعلاقة عمل تكونت حديثاً؛ فهو يثير مشاعر التهديد، ويؤدي إلى تراجع الشعور بالأمان النفسي في سياق معين. قد يتغافل الموظف عن صراخ مشرفه بعدائية في موقف ما، ولكن إذا تكرر هذا السلوك فقد يشعر هذا الموظف أن مشرفه يفتقر إلى الاحترام والتعاطف، وستكون علاقة العمل معه رديئة الجودة. في الواقع، أظهر بحث سابق أن السلوك العدائي يضر بالعلاقات. وبناءً عليه، توقعنا أن تؤدي قلة النوم إلى السلوك العدائي، ما سيؤدي بدوره إلى الإضرار بعلاقة العمل بين المدير والموظف.

عند اختبار هذه التوقعات، فحصنا كلا وجهي عملة القيادة: القائد والمرؤوس، فأجرينا دراستين ميدانيتين على قادة معينين حديثاً ومرؤوسيهم في مؤسسات في البرازيل. في دراستنا الأولى، أكمل 86 من القادة والمرؤوسين الذين بدؤوا للتو العمل معاً استبياناً حول نومهم وسلوكياتهم العدائية وجودة علاقاتهم ومتغيرات أخرى استُخدمَت بوصفها ضوابط إحصائية. واتساقاً مع توقعاتنا، وجدنا أن عدم حصول القائد على القسط الكافي من النوم قوَّض تصور المرؤوس بشأن جودة علاقة العمل بينهما. وجدنا أيضاً التأثير نفسه بالنسبة للمرؤوس: عدم حصول المرؤوس على القسط الكافي من النوم كان له تأثير ضار على تصور القائد لجودة علاقة العمل بينهما.

باستخدام هذه المجموعة الأولية من النتائج التي تدعم فرضياتنا، سعينا إلى تكرار النتائج من خلال إجراء دراسة طولية طلبنا فيها من القادة والمرؤوسين ملء سلسلة من الاستبيانات على مدار 3 أشهر. أثمرت هذه الدراسة الثانية عن نتائج مماثلة لنتائج الدراسة الأولى، لكننا تمكنّا أيضاً من اختبار إذا ما كانت العلاقة بين النوم وجودة العلاقة تختلف بمرور الوقت. وجدنا مجدداً أن عدم حصول أي من الطرفين على القسط الكافي من النوم أثّر سلباً على تصور الطرف الآخر لجودة علاقة العمل، واكتشفنا أيضاً أن عدم حصول القائد على القسط الكافي من النوم لا علاقة له بتصوراته عن جودة علاقته مع مرؤوسه (والعكس بالعكس بالنسبة للمرؤوس). بعبارة أخرى، لم يكن القادة الذين لا يحصلون على القسط الكافي من النوم يدركون أن قلة نومهم تضر بعلاقة عملهم مع موظفيهم. تماماً كما يفرط شخص ما في تناول السكريات دون أن يدرك أنها ستضعف تركيزه في العمل على المديين المنظور والبعيد، فالقادة الذين لا يحصلون على قسط كافٍ من النوم يجهلون أساساً أن قلة نومهم تؤدي إلى عدم ثقة موظفيهم بهم وكرههم لهم. لمزيد من التفاصيل حول هاتين الدراستين، يمكنك قراءة البحث الأساسي عبر هذا الرابط.