كيف تتعامل مع زميلك الذي يشعر بالغيرة من نجاحك المهني؟

10 دقائق
مشاعر الغيرة
shutterstock.com/eamesBot

عندما نحقق إنجازاً جديداً، مثل كسب عميل مهم أو الحصول على ترقية أو تحقيق أهداف المبيعات، نأمل أن نحظى بالتشجيع والدعم من زملائنا في العمل، لكن الأمور لا تسير دائماً على هذا النحو؛ فمع زيادة نجاحاتك، قد تلاحظ أن أحد زملائك بدأ يشعر بالغيرة أو الاستياء تجاهك، حتى إن كان في الماضي من أصدقائك المقرّبين. إنه موقف مزعج بالفعل؛ إذ يأمل معظمنا أن يكون الأمر مجرد سوء فهم أو أنه مشكلة مؤقتة ستتلاشى مع مرور الوقت.

لكن للأسف، من الشائع أن تتفاقم مشاعر الغيرة والاستياء كلما حققت مزيداً من الإنجازات المهنية.

وبصفتنا مدربتين تنفيذيتين ومتحدثتين في مجال قضايا مكان العمل، رأينا العديد من الموظفين الناجحين الذين واجهوا صعوبات في مسيرتهم المهنية بسبب زملائهم الذين يحاولون عرقلتهم وتقليل قيمة إنجازاتهم.

إليك 5 خطوات يمكنك اتخاذها عندما تلاحظ أن زميلك بدأ يشعر بالقلق والغيرة بسبب نجاحك:

1. تحقق من صحة افتراضاتك.

من المحتمل أن يكون زميلك مستاءً بالفعل، ولكن من الممكن أيضاً أنك أسأت تفسير تعليق ما أدلى به أو أنه كان يمر بظروف سيئة، لذلك، يجدر بك أن تطرح على نفسك الأسئلة الآتية قبل أن تضع افتراضات حول حالته الذهنية:

  • هل لاحظت تغيراً في طريقة تعامله معك في الآونة الأخيرة؟
  • هل يوجه لك عبارات المديح والإشادة التي تحتوي على تلميحات سلبية مبطّنة أو انتقادات غير مباشرة؟ مثل "تهانينا على هذا الإنجاز، يبدو أن المدير قدم لك دعماً كبيراً".
  • هل أصبح يقضي وقتاً أقل معك، أو أنه توقف عن تقديم الدعم الذي كان يقدمه لك سابقاً؟
  • هل رأيت دليلاً على سعيه للتنافس معك أو محاولة التفوق عليك، مثل تحدّيك علناً في الاجتماعات أو تقليل قيمة إنجازاتك أمام الآخرين؟

إذا لاحظت تكرار مظاهر الخصومة والكراهية والسلوكيات العدوانية السلبية، فمن المحتمل أنه يعتقد بالفعل أنك تشكّل تهديداً حقيقياً وأن هذا الأمر ليس مجرد وهم أو سوء فهم من جانبك.

2. حاول أن تفهم سبب غيرته.

عندما تدرك وجود مشكلة حقيقية، فربما يكون رد فعلك الطبيعي هو تجنب هذا التفاعل مع هذا الزميل لتفادي أي نزاع محتمل، ولكن هذا التصرف قد يكون خاطئاً؛ إذ يمكن أن يسهم التواصل معه والتحدث إليه مباشرة وبأسلوب مدروس في تحديد سوء الفهم، ما يساعد على حل المشكلة بالكامل.

على سبيل المثال، قد يكون زميلك أساء تفسير نواياك ودوافعك، ربما يعتقد أنك حصلت على تلك الترقية لأن فريق زميلك الآخر سمير كان يعاني مشكلة ويحتاج إلى المساعدة وأنت لم تتدخل وتقدم الدعم المناسب له، وبالتالي، حصلتَ على الترقية على حسابه وليس بسبب كفاءتك، أو ربما كان هناك طرف ثالث ينقل إليه معلومات مغلوطة وسلبية عنك، ما أسهم في إثارة غيرته أو استيائه منك.

يمكنك أن تطرح عليه السؤال الآتي: "لاحظتُ في الآونة الأخيرة أنك غالباً تعارضني وتختلف مع وجهة نظري عندما أتحدث في الاجتماعات، فهل يمكنك أن تشرح لي سبب ذلك، أم أن هناك مشكلة ما؟ يمنحه ذلك الفرصة لطرح الأسئلة أو التعبير عن أي شكوى أو مشاعر سلبية ضدك. أو إذا كان هناك إنجاز حديث يبدو أنه أثار المشكلة، فيمكنك التحدث إليه مباشرةً ومناقشة ذلك الأمر.

يمكنك أن تقول: "أعلم أنك كنت ترغب في الحصول على هذه الترقية أيضاً، وأتفهم مشاعرك، فلو كنت مكانك لربما كان الأمر صعباً بالنسبة لي أيضاً، لذلك، أردت فقط التحدث إليك حول هذا الموضوع والتأكد من مشاعرك حيال ذلك".

تتمثل إحدى الاستراتيجيات اللطيفة والفعالة في البحث عن الطريقة المناسبة التي يمكنك من خلالها مساعدة زميلك، فمن غير المرجح أن يشعر بالاستياء إذا كان هو أيضاً يسير على طريق النجاح وأنت تساعده وتدعمه لتحقيق ذلك. على سبيل المثال، يمكنك أن تعرض عليه مساعدته لتولي مشاريع كبيرة ومهمة، بالإضافة إلى تقديم النصائح والإرشادات خلال عملية الإنجاز لضمان نجاحه ودعمه للحصول على فرص جديدة وتعزيز فرصته في الحصول على الترقيات المستقبلية من خلال لفت أنظار المعنيين إليه.

3. حلل آليات توزع السلطة.

من المفيد التفكير في موقعك الوظيفي داخل المؤسسة مقارنة بزميلك. مَن منكما يشغل منصباً أعلى؟ هل تحتاج إلى مساعدته لتلبية متطلباتك المهنية سواء في الوقت الحالي أو في المستقبل؟ مَن منكما يمتلك شبكة علاقات أقوى وأفضل داخل المؤسسة؟

إذا كنت تشغل منصباً أعلى وتتمتع بصلاحيات وسلطة أكبر، فربما لا يكون هناك داعٍ للقلق بشأن غيرة زميلك، لأن الغيرة تجاه الأشخاص الذين يشغلون مناصب أعلى في السلم الوظيفي بالشركة شائعة، ومن غير المرجح أن يأخذها الآخرون على محمل الجد.

لكن إذا كان زميلك الذي يحمل مشاعر سلبية تجاهك يشغل منصباً أعلى من منصبك، فربما يكون لذلك الأمر عواقب وخيمة على مستقبلك في المؤسسة.

بالإضافة إلى ذلك، فكر فيما إذا كانت أهدافكما مشتركة أو متعارضة. هل يمكنكما النجاح معاً، أم أن نجاح أحدكما يعتمد على فشل الآخر؟ يجب عليك إنشاء قائمة تتضمن الطرق المحتملة التي يمكن أن يسعى من خلالها إلى إلحاق الضرر بك، مثل التحدث ضدك عندما يحين وقت الترقيات، أو العمل على منعك من الانضمام إلى لجنة مهمة ومؤثرة في المؤسسة، كما يجب عليك وضع استراتيجيات لتقليل تلك المخاطر.

وقد يتطلب الأمر اتخاذ إجراءات إضافية مباشرة، من خلال التحدث إليه مرة أخرى، أو حتى مناقشة المشكلة مع مديره.

4. حدد حلفاءك الحقيقيين.

هناك أشخاص في دائرة ثقتك يدعمونك دائماً ويقفون إلى جانبك ويشعرون بالفخر والسعادة عندما تحقق النجاح.

في الواقع، ربما يكون لهم دور مؤثر من خلال دعمك علناً أو سراً؛ ويمكنهم تعزيز قيمة عملك وإنجازاتك أمام الآخرين، بالإضافة إلى تشجيعك عندما تحتاج إلى الدعم وتحفيزك للخروج من منطقة راحتك حتى تتمكن من التعلم والنمو.

ستحتاج إلى دعم هؤلاء الأشخاص إذا بدأ أحد زملائك، الذي يشعر بالتهديد والخطر بسبب نجاحك، بإثارة المشكلات، ولكن عند تقييم علاقتك بحلفائك، يجدر بك أيضاً أن تطرح على نفسك الأسئلة الآتية: هل لاحظت أي تغيرات في تصرفاتهم تجاهك؟ هل توقفوا عن الرد على مكالماتك أو رسائلك النصية؟ هل يتجنبون فرص التواصل والتفاعل معك؟ هل توقفوا عن زيارتك في مكتبك لإجراء دردشة سريعة أو أنهم أصبحوا يتواصلون معك فقط عندما يحتاجون إلى مساعدة؟ هل حذفوك من قائمة أصدقائهم على وسائل التواصل الاجتماعي أو توقفوا عن التفاعل مع منشوراتك؟

يمر الجميع بفترات انشغال، ولكن إذا بدأ شخص ما بتجنب التواصل معك باستمرار، فمن المحتمل أن يكون ذلك دليلاً على أنه لم يعد بإمكانك الاعتماد عليه والوثوق به، ربما لأنه يشعر بالغيرة منك، أو لأن انطباعه عنك قد تغير بسبب ملاحظات شخص آخر يشعر بالغيرة منك.

5. قلل تواصلك وتفاعلك مع زميلك الذي يشعر بالغيرة منك إذا لزم الأمر.

ربما تكون قد حاولت معالجة الموقف مباشرة وتغيير هذه العلاقة السلبية وتحسين الأجواء، وعلى الرغم من جهودك الكبيرة في هذا السياق، فإن بعض الأشخاص لا يستطيعون التخلص من مشاعر الحسد والغيرة، فهم يتمسكون بفكرة خاطئة قائمة على عقلية الربح أو الخسارة؛ أي الاعتقاد أن نجاح شخص يعني فشل الآخرين أو على الأقل عدم تقدمهم.

في هذه الحال، يجب عليك أن تدرك أنه لا يمكنك تغيير وجهة نظرهم الخاطئة مهما بذلت من جهد، وفي هذه المرحلة، يصبح من الضروري الابتعاد عنهم للحفاظ على صحتك النفسية. فمثل هؤلاء الأشخاص السلبيين سينتقدون كل مَن ينجح، لذلك، من الأفضل الابتعاد عنهم وعدم التعامل معهم وقطع العلاقة معهم بأسلوب راقٍ، ولكن بحزم.

كن ودوداً ومهنياً في التفاعلات المهنية الضرورية، ولكن لا تبذل جهداً إضافياً لمحاولة مساعدة شخص من المحتمل أن يشعر بالاستياء تجاهك (في أحسن الأحوال) أو يخدعك ويغدر بك (في أسوأ الأحوال). من الأفضل تركيز اهتمامك على تعزيز العلاقات مع الزملاء الذين يدعمون نجاحك وإنجازاتك ويسهمون في إنشاء بيئة عمل صحية وتعاونية.

لا يمكنك أبداً التحكم في آراء الآخرين حول نجاحك، ولكن يمكنك الحد من أثر آرائهم السلبية في حياتك.

عموماً، مَن يركز على التنافس يظل في المؤخرة، ومَن يتعاون يرتقي. لذلك، يجب عليك اختيار الأشخاص الذين تعمل معهم بحكمة وعناية.

من المزعج أن تلاحظ أن أحد زملائك بدأ بالشعور بالاستياء من إنجازاتك، ولكن من خلال اتباع الاستراتيجيات المذكورة أعلاه، يمكنك أن تبذل قصارى جهودك لمحاولة تغيير موقفه وكسب دعمه أو لتقليل الضرر الذي قد يلحقه بطموحاتك المهنية.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2025.

المحتوى محمي