إليك هذا المقال الذي يتحدث عن كيف يجب التواصل مع الزبائن القلقين؟ عندما يشعر الناس بالقلق، فمن الطبيعة البشرية أن يتوجهوا إلى أشخاص آخرين طلباً للمساعدة. على سبيل المثال، قد يرغب دافع ضرائب مهموم بالحصول على توجيه من أحد وكلاء مصلحة الضرائب في تفسير قانون جديد للضرائب. وقد يرغب مريض قلِق بأن يتحدث مع ممرض أو ممرضة عندما يحاول فهم نتائج فحص دمه.
هذا النوع من السلوكيات شائع إلى حد كبير. ولكن الكثير من الشركات التي تعمل في بيئات ذات مستويات قلق عالية، مثل الخدمات المالية والرعاية الصحية، توجّه الزبائن المنفعلين إلى تكنولوجيات الخدمة الذاتية (SSTs)، مثل أقسام المعلومات والمواقع الإلكترونية وتطبيقات الهواتف الذكية، فتعزلهم عن الوقت المحدد الذي يتوقون فيه إلى التواصل. ومن الواضح أنّ تقديم هذه التكنولوجيات أقل تكلفة من الدعم البشري. ولكن الأقل وضوحاً هو الرسوم التي قد تفرضها تفاعلات الخدمة الذاتية على الزبائن.
هل هذه طريقة فعالة لمساعدة الزبائن على التعامل مع مخاوفهم؟ أم أنها تفاقم من قلق الزبون وتتسبب بضرر طويل الأجل لعلاقات الخدمة؟
في بحثنا حول كيف يجب التواصل مع الزبائن القلقين، بدأنا بمحاولة فهم هذه الأسئلة. ووجدنا من خلال تجربتين مخبريتين وتجربة ميدانية عقدت في مجال الخدمات المالية أنّ الزبائن القلقين الذين يتفاعلون من خلال تكنولوجيا الخدمة الذاتية يشعرون بحالة من الاستياء تجاه قراراتهم، حتى عندما تبدو هذه القرارات منسجمة مع أهدافهم. وقلّص استياؤهم من ثقتهم بمزود الخدمة. ولكن نتائجنا تكشف أيضاً كيف لتغيير بسيط وقليل التكلفة على نحو مثير، ويقدم وصولاً لبشري متاح حالاً، أن يعكس الآثار السلبية لقلق الزبون.
تأثير الدومينو في قلق الزبون
أجرينا بحثنا في قطاع الخدمة المالية، حيث تسود حالة من عدم اليقين، ومن المعروف أنّ عملية اتخاذ القرار المعقدة تثير القلق والضيق لدى الزبائن. في تجربتنا الأولى، أردنا ببساطة فهم كيف لحالات القلق الموقفي، التي تكون خارج سيطرة الشركة، أن تنتقل لتؤثر على طريقة شعور الزبائن تجاه مزودي الخدمة الذين يتعاملون معهم.
وقمنا بتطوير منصة استثمار على الإنترنت لمحاكاة تجربة التخطيط للتقاعد. وأبلغنا 150 مشاركاً بالغاً من أماكن متفرقة في الولايات المتحدة أنّ عليهم توزيع محفظة استثمارية افتراضية بقيمة 100,000 دولار بين أسهم وسندات ومبالغ نقدية على سلسلة من جولات متعددة بهدف تنمية المحفظة. ودفعنا مكافآت نقدية كحوافز لهم بناء على أدائهم في المحاكاة. وجرى تعيين بعض المشاركين على نحو عشوائي ليمروا بأوضاع سوق عادية، حددناها بامتلاك فرص متساوية في الأسهم والسندات والعائدات النقدية في سنة ما مستمدة من ماضي الولايات المتحدة الفعلي خلال كل جولة محاكاة. وواجه آخرون احتمالاً أكبر للانسحاب من أسوأ سنوات سوق الأسهم في تاريخ الولايات المتحدة. وفي إطار منصة الاستثمار، سمحنا للمشاركين بالوصول إلى بيانات الأداء التاريخية لكل تصنيفات الأصول، مع القدرة على متابعة نمو محفظتهم الاستثمارية لمساعدتهم في اتخاذ قرارات مدروسة.
وطلبنا من المشاركين في كل بضع جولات تقييم مدى رضاهم عن قرار اتخذوه، إضافة إلى مدى القلق الذي شعروا به في ذلك الحين. وكما هو متوقع، عبّر الذين مروا بفترات انكماش أكثر عن شعور مضاعف بالقلق مقارنة بمن يواجهون أوضاع سوق عادية. كما كانوا أقل رضا عن خياراتهم على الرغم من تفوق محافظهم الاستثمارية بالفعل في سوق الأسهم التي واجهوها في المتوسط. (والأمر المثير للاهتمام هو أنّ الذين يواجهون أوضاع سوق عادية وشعروا بقلق أقل عبّروا عن رضا أعلى عن خياراتهم، ولكن، بالمتوسط، كانت محافظهم الاستثمارية ضعيفة الأداء في سوق الأسهم).
هذا الاستياء الذي شعر به الأشخاص تجاه خياراتهم الخاصة امتدّ إلى التأثير على كيفية شعورهم تجاه الشركة التي زوّدتهم بمنصة الاستثمار. إذ أعرب المشاركون الأكثر قلقاً أثناء إنهاء استثمارهم عن ثقة أقل بالشركة، على الرغم من أنها لا تملك بالفعل أي سيطرة على السوق التي واجهوها أو القرارات الاستثمارية التي اتخذوها.
كيف يجب التواصل مع الزبائن؟
بما أنّ قلق الزبون في بيئة الإنترنت يقوِّض رضاه وثقته، تساءلنا فيما إذا كان يساعده تقديم فرصة له تتمثل في الاتصال بشخص حقيقي. كررنا التجربة السابقة، ولكننا قسمنا أكثر من 200 مشارك في هذه المرة بشكل عشوائي على بعد آخر، حيث أُعطي البعض خيار "المحادثة مع خبير"، وآخرون "المحادثة مع مستثمر آخر"، وآخرون لم يتوفر لديهم أي خيار للمحادثة.
ووجدنا أنه جرى تعويض الآثار الضارة للقلق عندما امتلك الأشخاص القدرة على الاتصال بشكل آخر، سواء كان أحد الخبراء أو نظرائهم. وعلى الرغم من حالة القلق المستمرة لدى الأشخاص الذين يواجهون أوضاع سوق مترنحة، وتحقيقهم لمكاسب للمحفظة بالمتوسط، إلا أن الذين منحوا خيار المحادثة شعروا بنفس المستوى من الرضا على الاختيار والثقة بالشركة الموجود لدى الأشخاص الذين يواجهون سوقاً عادية.
ومع ذلك، تفاجأنا حقاً بأنّ القليل جداً من المشاركين استغلوا فرصة المحادثة مع شخص ما. وعلى الرغم من أنّ الأشخاص الذين شعروا بقلق كبير قبل التجربة كانوا الأكثر ميلاً لاستخدام ميزة المحادثة، إلا أنّ مجرد امتلاك الخيار للوصول إلى شخص ما بدا وكأنه كل ما احتاجه هؤلاء ليحسوا بالدعم. وهذا يوحي بأنّ الشركات التي تستخدم تكنولوجيات الخدمة الذاتية لمهام مثيرة للقلق قد تكون قادرة على تيسير الأمر بالنسبة لزبائنها وتعزيز ثقتهم بالشركة، مع تغيير قليل التكلفة نسبياً في التصميم. مجرد معرفتنا أننا نستطيع الحديث مع شخص آخر، حتى لو لم نختر القيام بذلك، بدا وكأنه يُحدث فرقاً كبيراً.
قيمة القدرة على الاتصال بشخص ما
عقدنا شراكة مع اتحاد ائتماني في الولايات المتحدة كان قد أطلق مؤخراً عملية تقديم طلبات قروض عبر الإنترنت، للقيام بتطبيق هذه الرؤى على الميدان. هم أرادوا زيادة نسبة مقدمي الطلبات المعتمدين الذين أنجزوا عملية إبرام الصفقة ووصلوا إلى مبالغ قروضهم.
جرى تعيين أكثر من 200 مقدم طلب إلى واحدة من المجموعات الثلاث: (1) أولئك الذين لم يتلقوا أي اتصال من الاتحاد الائتماني حتى اتخاذ القرار بشأن قرضهم، و(2) أولئك الذين تلقوا رسائل نصية بتحديثات حول حالة عملية الموافقة (مثل "بدأنا عملية المراجعة"، "نقوم بسحب تقريرك الائتماني"، وغيرها)، و(3) أولئك الذين تلقوا نفس الرسائل طوال الوقت، بحيث تحتوي كل رسالة اسم الموظف المعني بقروضهم ورقم هاتفه، مع دعوة للتواصل فيما حال كان لديهم أي أسئلة.
إنّ إرسال رسائل نصية مفصّلة للمتقدمين حول عملية الموافقة عليهم كان أداؤها في المتوسط أسوأ من عدم إرسال أي رسائل إطلاقاً، حيث كان الأشخاص الذين حصلوا على رسائل نصية ثم جرت الموافقة عليهم أقل ميلاً للمضي قدماً في إجراءات قرضهم. وفي دراسة لاحقة لفهم السبب، وجدنا أنّ تذكير الأشخاص بأنه يتم تقييمهم، على الرغم من أنّ التقييم هو جزء متوقع من الخدمة، يزيد من نسبة القلق لديهم.
وفي المقابل، وجدنا أن احتمال مضي المتقدمين المعتمدين للقروض قدماً بإجراءات القروض ارتفع من 64% إلى 80% عندما جرت دعوة الزبائن الذين يحصلون على نفس الرسائل المفصلة إلى التواصل أيضاً مع الموظف المعني بالقروض.
وبينما يتم نشر عمليات الخدمة الآلية لإشراك الزبائن، إلا أنّ فهم كيفية الموازنة بين المشاعر والتكنولوجيا لتقديم تجارب فعالة ومرضية تؤدي إلى علاقات ثقة طويلة الأجل، يحظى بأهمية غير مسبوقة. وتشير نتائجنا إلى أنّ استخدام تكنولوجيات الخدمة الذاتية في بيئات ذات مستويات قلق عالية يمكن أن يكون مكلفاً. ويشعر الزبائن القلقون الذين يُتركوا لتدبير أمورهم بأنفسهم برضا أقل تجاه خياراتهم، وثقة أقل بالشركة التي يتفاعلون معها. ويمكن أن يكون مجرد عرض إمكانية الحديث مع شخص ما كافياً من أجل معرفة كيف يجب التواصل مع الزبائن وأيضاً لاستعادة ثقة الزبون وتعزيز ثقته بالشركة ودعم علاقات على المدى الطويل.
اقرأ أيضاً: