الروابط الاجتماعية يمكن أن تؤثر على النتائج: إعادة النظر في التعهيد الجماعي

14 دقيقة
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

حين تطلعت شركة ريفيلا السويسرية للمشروبات الغازية لإنتاج نكهات جديدة عام 2010، استخدمت منصة إبداعية مفتوحة لتطلب من المستهلكين عبر هذه المنصة تقديم بعض الأفكار حول النكهات الجديدة، واستقبلت 800 جواب.  ومع فرز المديرين لأراء المستهلكين، لاحظوا أن إحدى النكهات على وجه الخصوص – وهو مشروب بطعم الزنجبيل ذو مكونات صحية – كانت شديدة الرواج. ولكن عندما فحصوا هذه الاستجابات فحصاً دقيقاً وجدوا أنها قادمة من مجموعة قليلة من المشاركين الذين عملوا جاهدين كي تحصل هذه النكهة على مزيد من التصويتات والتعليقات. يقول سيلفان براون، الذي أشرف على عمليات الابتكار في الشركة “كانت مجموعة صغيرة من المستهلكين الذين يجمعون بعضهم البعض، محدثين الكثير من الصخب”. وعلى الرغم من التعليقات وردود الأفعال القوية التي حصلت عليها هذه النكهة على شبكة الإنترنت، خلصت الشركة إلى نتيجة مفادها أن نكهة الزنجبيل ستفشل إذا طُرحت في الأسواق، وتخلت عن الفكرة.

تلك الضجة التي صاحبت استطلاع آراء المستهلكين هي مثال على التحيز الاجتماعي، وتبين الأبحاث الجديدة أنه ينبغي على الشركات إدراك هذه المخاطرة حين ترغب في استطلاع آراء المستهلكين خلال أي عمليات ابتكارية تعتمد على التعهيد الجماعي (Crowdsourcing). ولكي نفهم كيف يمكن للتحيز الاجتماعي أن ينحرف بالنتائج، درس الدكتور ريتو هوفستيتر، وهو أستاذ تسويق بجامعة لوسيرن السويسرية، 87 مشروع تعهيد جماعي نشرتها 18 شركة على منصة أتيزو (Atizo) خلال فترة بلغت 14 شهراً، وهي واحدة من أبرز منصات الابتكار المفتوحة في أوروبا، والتي تعتمد عليها الشركات بصورة روتينية، بما فيها بي إم دبليو ونستله. وقد فحص فريق هوفستيتر في المجمل 31,114 فكرة قدمها 1,917 مستهلكاً.

يشكل تصويت المستهلكين جزءاً أساسياً من نظام منصة أتيزو. حصلت الشركات التي تضمنتها الدراسة على 385 مقترحاً في المتوسط.  تتطلب عملية فرز أعداد كبيرة من المقترحات وتقييمها موارد إدارية هائلة، ومن أجل تسهيل هذه المهمة، تتيح أتيزو المستهلكين فرصة التعبير عن “إعجابهم” بأفكار الآخرين والتعليق عليها عليها، بطريقة تشبه كثيراً الإعجاب بالمنشورات والتغريدات على موقعي فيسبوك وتويتر والتعليق عليها. لذا فإن مرات الإعجاب والتعليقات تكون ذات تأثير؛ فقد استخدمت كل شركة من الشركات التي درسها الباحثون نظام التصويت باعتباره أداة أولية تساعدهم في الحكم على الأفكار وتحديد المستهلكين الذين يستحقون المكافأة على ما قدموه.

بيد أن هوفستيتر اكتشف عندما فحص نظام التصويت أنه ليس قائماً على معيار الجدارة والاستحقاق بالقدر الذي يبدو عليه للوهلة الأولى. فمثلما يحدث بمواقع التواصل الاجتماعي، عندما يعبر شخص ما عن إعجابه بفكرة ما، فإن صاحب الفكرة يميل إلى التعبير بدوره عن إعجابه بفكرة أخرى عرضها الشخص الآخر. علاوة على ذلك، تمتلك منصة أتيزو آلية تسمح للمستخدمين بـإرسال طلبات “صداقة” فيما بينهم، واكتشف الباحثون أن المستخدمين كانوا أكثر ميلاً للتصويت لأفكار أصدقائهم أكثر من تصويتهم لأفكار الآخرين الذين لا تربطهم بهم أي صلة. أوضحت البيانات أن هذه التحيزات الاجتماعية كان لها بالغ التأثير على الأفكار التي حصلت على أكبر عدد من التعليقات ومرات الإعجاب. ولكن عندما تحدث الباحثون إلى الشركات، علموا أنها لم تكن تعي هذه الحقيقة. يقول هوفستيتر “لم أشاهد أي دليل على أن الشركات كانت تستهين بأهمية عدد الإعجابات. وعلى النقيض من ذلك، لعبت مرات الإعجاب دوراً ضخماً في التأثير على قراراتهم المتعلقة باختيار الأفكار التي تستحق المكافأة والتطوير”.

أجرى الباحثون مزيداً من البحث للتأكد مما إذا كانت عملية تصويت المستهلكين تحمل قيمة تنبؤية حقيقية، وذلك من خلال إجراء مقابلات واستبيانات في الشركات بعد أكثر من عام من إتمام هذه العملية من العصف الذهني كي يتعرفوا إلى ما آلت إليه الأمور. أعطى الباحثون المديرين قائمة بترتيب عشوائي لأفكار التعهيد الجماعي التي حصلوا عليها من قبل، وطلبوا منهم أن يقيّموا كل فكرة منها عن طريق الاستجابة لعبارة تقول “كانت هذه الفكرة مفيدة عند تطبيقها، أو هذه الفكرة كان لها تأثير كبير على نجاح الابتكار”. وقد بينت النتائج عدم وجود علاقة بين الأفكار التي فضلها المستهلكون والأفكار التي ترتب عليها تطوير منتجات ناجحة.

حاول الباحثون استيعاب هذه الصورة من عدم التوافق من خلال مطالبة 145خبير تقييم مستقلاً من خارج هذه الشركات بتقييم أفكار التعهيد الجماعي من حيث جدواها ومستوى الابتكار فيها وفائدتها على العملاء. ثم قارنوا تقييمات خبراء التقييم مع نتائج تصويت المستهلكين التي خلصت إليها عملية التعهيد الجماعي. وجد الباحثون أن المستهلكين لا يولون اعتباراً كبيراً لمسألة الجدوى، وبالغوا في تقدير الأفكار ذات مستوى الابتكار المتوسط، فيما تفضل الشركات الأفكار ذات الجدوى بالإضافة إلى الأفكار الأصلية المبتكرة أو الأفكار الشائعة للغاية. وكانت النتيجة كما عبر عنها الباحثون: “تعد تصويتات المستهلكين التي تتم عبر الإنترنت مؤشرات لا يمكن الاعتماد عليها لتحديد الجودة الحقيقية للفكرة”.

لا يعني هذا أن تقنية التعهيد الجماعي ليست مفيدة. لكن الدراسة تشير إلى ضرورة أن تنظر الشركات إلى ما هو أبعد من مرات الإعجاب والتعليقات والإشارات الأخرى لتفضيلات المستهلكين، وأن عليها أن تجد طرقاً أكثر نجاعة لتقييم الأفكار الجديدة. استشهد هوفستيتر وزملاؤه ببحث سابق يبين أن مطوري المنتج الذين يحددون “منصات الأفكار” أو الأفكار المشابهة التي يقدمها أشخاص مختلفون، قد يحصلون على نتائج أفضل. استبدلت إحدى المنصات بعملية التعبير عن”الإعجاب” البسيطة، عملية أخرى أكثر تعقيداً للتقييم اعتماداً على بعض الأسئلة، وهو ما قلل من تكرار حوادث تبادل الأصوات بين أصحاب الأفكار. كما اقترح الباحثون تطوير المنصات لبعض الخوارزميات أو الآليات الأخرى للتحكم في الروابط الاجتماعية. يقر أدريان غيربر، الرئيس التنفيذي لـشركة أتيزو 360 بأن على الشركات أن تقلل من تركيزها على تصويتات المستهلكين، وأن تعطي وزناً أكبر لمعاييرها الخاصة عندما تصطفي حفنة من الأفكار القابلة للتطبيق من بين مئات الأفكار. يقول غيربر إنه مع تطور آليات التعهيد الجماعي، تبدأ الشركات في إبداء تفضيلها لجماعة منتقاة بمزيد من العناية، وهي المجموعة التي تضفي خبرات خاصة تساعد في عمليات الابتكار. فقد شرعت الشركات على سبيل المثال بالاعتماد بشكل متزايد على المنصات التي يشارك فيها مجموعات من الموظفين أو الموردين بدلاً من المستهلكين. وتسعى بعض الشركات أيضاً للوصول إلى مستهلكين متخصصين قد تكون آراؤهم موثوقة أكثر. أرادت شركة “ماموث” (Mammoth) وهي شركة سويسرية تصنع المعدات والملابس المخصصة لحماية العاملين بالمواقع الخارجية، أن تجري عصفاً ذهنياً حول منتج جديد لمعدات الحماية من الانهيارات الثلجية؛ فطالبت الشركة منصة أتيزو أن تحشد لها على الإنترنت مجموعة من متسلقي الجبال ذوي الخبرة في الهندسة أو التصميم. وحسبما يشير هذا المثال، قد تأتي الإجابة الصحيحة من مجموعة صغيرة من الأشخاص المناسبين بدلاً من استبيان آراء عشوائي من الناس.

حول البحث: “هل ينبغي حقاً أن تنتج ما يعبر المستهلكون عن إعجابهم به على شبكة الإنترنت؟ دليل تجريبي على التصويت المتبادل في مسابقات الابتكار المفتوحة” للباحثين ريتو هوفستيتر، وسليمان أريوبسي، وأندرياس هيرمان. (يُنشر في أعداد قادمة من مجلة “برودكشن إنوفيشن مانجمنت” (Production Innovation Management)).

سيلفان براون

لا يمكنك الاعتماد فقط على الرائج بين الجمهور

سيلفان براون هو رئيس قسم تطوير الأعمال في شركة ريفيلا، إحدى الشركات السويسرية الرائدة في قطاع المشروبات الغازية، التي تمكنت خلال السنوات الخمس الماضية من استخدام الإبداع المفتوح لصناعة منتجات جديدة. تحدث سيلفان مؤخراً إلى هارفارد بزنس ريفيو حول مزايا هذه المنهجية وعيوبها. وفيما يلي أجزاء من الحوار.

لماذا قررتم الاعتماد على التعهيد الجماعي؟

لم نرغب في اللجوء إلى الابتكار المعتمد على التكنولوجيا، بحيث نضيف أي مذاق جديد ونأمل أن يحبه المستهلكون. أردنا أن نسلك طرقاً جديدة، والأهم، أن تكون نقطة انطلاقنا من احتياجات العميل.

وكيف تسير الأمور؟

بشكل جيد للغاية. حين قمنا بهذا للمرة الأولى في عام 2012، تلقينا ما يزيد على 800 فكرة. وقد كان من بينها أفكار عادية كان بوسعنا الوصول إليها بأنفسنا، وكان هنالك أفكار مجنونة مثل استخدام نكهة العرقسوس في المشروبات بالإضافة إلى الألوان الغريبة. أسهم هذا التنوع في الأفكار إلى اتساع مخيلتنا، لأنه قد تكون هنالك زوايا لا نتنبه إليها، أو قد نكون متأثرين بشكل مبالغ به بتجارب سلبية مرت بنا في الماضي.

كيف أثرتإعجاباتالمستهلكين على تقييمكم للأفكار؟

اعتبرناها بيانات نوعية، لا كمية. ليس بالضرورة أن تكون الفكرة التي حصلت على ثماني إعجابات أفضل من الفكرة التي حصلت على سبعة، فالأمر لا يدخل في باب القطعيّات. إلا أننا نظرنا إلى علامات الإعجاب باعتبارها إشارة على إثارة الفكرة للجدل أو للمشاعر، وهذا أمر جيد. فالفكرة التي لا تثير النقاش أو الانتباه على منصة التعهيد الجماعي ستلقى القليل من الاهتمام في السوق كذلك.

ماذا فعلتم بالاقتراحات القادمة عبر التعهيد الجماعي؟

قمنا باختيار 20 فكرة فقط من أصل 800، ثم انتقلنا للعمل عبر ورش العمل الداخلية ومجموعات التركيز واختبارات التذوق. كانت عملية تعاونية ومتكررة، كما أن 80% من العمل قد جرى بعد تقديم الأفكار عبر التعهيد الجماعي. لا يسعك الاعتماد فقط على ما يروج بين الجمهور، عليك استخدام عقلك وتقييم ما يبدو منطقياً، مع وضع الاستراتيجية العامة للشركة في الاعتبار. في النهاية أطلقنا مذاقين جديدين: الخوخ والراوند. كانت الفكرتان من ضمن أفضل 10% من الأفكار على المنصة، إلا أنهما لم تكونا الفكرتين النهائيتين. نجحت حملة إطلاق المنتجين الجديدين نجاحاً باهراً ورفعت معدل اختراق ريفيلا للسوق بمقدار الثلث في البيوت السويسرية، أي من 30% إلى 40%.

هل تستخدمون الإبداع المفتوح بقدر أقل مقارنة بالماضي؟

نعم، وأظن أن الشركات الأخرى تقوم بالأمر ذاته. إذ أن جزءاً من انتشار التعهيد الاجتماعي يرجع إلى علاقته بالتسويق لا بالابتكار. لفترة من الوقت، كان إعلانك عن صناعة منتج بالتعاون مع المستهلكين يسفر عن ردود فعل إيجابية من قبل الأفراد ويزيد من فرص نجاح حملات إطلاق المنتجات الجديدة. وقد عمدت الكثير من الشركات لتطبيق ذلك الآن، حتى أنه لم يعد نقطة بيع مجدية. بالرغم من ذلك، يبقى الإبداع المفتوح مصدراً رائعاً.

الشركات الناشئة

ما هي المهارات التي يجب على المؤسس أن يضعها ضمن أولوياته؟

ما مدى كفاءة كليات وبرامج الماجستير في إدارة الأعمال في تجهيز الطلاب لإطلاق مشروعات تكنولوجية؟ استطلع الباحثون آراء 141 خريجاً من كلية هارفارد للأعمال عملوا على تأسيس شركات، كان أغلبها مشروعات لشركات تكنولوجية ناشئة مدعومة مالياً. كما سألوا أيضاً عشرين من مؤسسي الشركات غير الحاصلين على درجات الماجستير في إدارة الأعمال. قالت كلتا المجموعتين إن المؤسسين الطموحين ينبغي عليهم أن يسعوا لأن يكونوا مديرين يؤدون مختلف المهام، مع التأكيد على جمع الفريق وقيادته وتحديد احتياجات العميل وتلبيتها. وقد رأى المشاركون في الاستبيان أن بعض المهارات المتخصصة، مثل المهارات المالية والهندسية، هي ذات أولوية أقل. وقال أحدهم: “هذه المهارات جميعها هامة. إلا أن السؤال ينبغي أن يكون: أي هذه المهارات يجدر بالرئيس التنفيذي اكتساب معرفة شخصية معمقة بها، وأيها يستطيع تركها لأعضاء آخرين من الفريق المؤسس؟”.

عمليات الاندماج والاستحواذ

لماذا يفوز الرؤساء التنفيذيون الاجتماعيون بعمليات الاستحواذ؟

تنفق الشركات إجمالاً مليارات الدولارات سنوياً في عمليات الاندماج والاستحواذ، والتي قد تؤدي غالباً إلى تدمير القيمة لا إلى خلقها. ويعتمد أحد الأبحاث الجديدة على تقنية لغوية جديدة وغير مألوفة لاستكشاف أحد العوامل التي قد تؤثر على السلوك القائم في عمليات الاندماج والاستحواذ وعلى مخرجاتها، إلا وهو انفتاح المديرين التنفيذيين.  درس الباحثون قوائم الأرباح ربع السنوية التي حققها 2,381 مديراً تنفيذياً حول العالم على مدار 10 سنوات، باستخدام برمجية لتحليل النصوص لتقييم درجة انفتاح كل منهم، ثم درسوا نشاط عمليات الاندماج والاستحواذ في شركات أولئك القادة. وجد الباحثون أن المديرين التنفيذين المنفتحين شاركوا في المزيد من عمليات الاستحواذ، واستهدفوا شركات أكبر حجماً، علاوة على ارتفاع احتمالية حصولهم على عوائد أكثر ارتفاعاً من المتوسط إثر صفقاتهم. فما السر في ذلك؟ يميل هؤلاء المديرون إلى شغل المناصب في عدد أكبر من مجالس إدارات الشركات مقارنة بنظرائهم الأقل انفتاحاً، وهو ما يمنحهم شبكات أوسع من العلاقات، ويوفر لهم إمكانية الحصول على معلومات تساعدهم في تحديد الأهداف الواعدة واستهدافها. كما أن شخصياتهم قد تمنحهم مزية إضافية تمكنهم من إقناع المساهمين بالقيمة التي ستحققها عمليات الاستحواذ.

حول البحث: “نزعة الاستحواذ لدى المديرين التنفيذين المنفتحين” للباحث شافين مالهورتا وآخرون (مجلة “أدمينستريتف ساينس كوارترلي” (Administrative Science (Quarterly) 2017.

بيع التجزئة

لماذا تحتاج بيوت الأزياء إلى متاجر البيع بالسعر المخفض

يسود الاعتقاد بأن بائعي الملابس الراقية يلجؤون لمنافذ بيع الملابس بأسعار مخفضة للتخلص من البضائع القديمة أو بطيئة البيع، فيشتريها العملاء الذين لا يستطيعون دفع كامل الثمن. لكن دراسة جديدة تكشف عن واقع أكثر تعقيداً. فقد قام باحث بتحليل بيانات المبيعات الخاصة لشركة أزياء أميركية لديها مئات المتاجر العادية ومنافذ البيع. ووجد بعد تحليل بيانات خمس سنوات، أن المتسوقين في المتاجر العادية ومنافذ البيع يجنون دخلاً متقارباً؛ الفوارق الرئيسية هي أن المتسوقين الذين يشترون ملابسهم من منافذ البيع مخفضة السعر أقل اهتماماً بمواكبة أحدث تطورات الموضة، وهم على استعداد للانتقال لمسافات طويلة لتوفير المال (تقع منافذ البيع عادة خارج المدن). يقول الباحث “بما أن المنافذ تستوعب القطاع الذي يهتم بالقيمة، فإنها تتيح للمتاجر العادية فرصة تلبية احتياجات المستهلكين الراغبين في إنفاق المزيد من المال للحصول على أحدث الصيحات؛ كما أنها تقلل من خطر تقديم منتجات قد تفشل”. ويقدر الباحث أنه إذا اختفت المنافذ سوف تنخفض الأرباح بنسبة 23% وستتراجع نسبة تقديم منتجات جديدة بمقدار 16%.

ولهذه النتائج انعكاسات هامة على تجار التجزئة في ظل تزايد اعتمادهم على التجارة الإلكترونية، وهو أمر يلغي المسافة الجغرافية التي منعت منافذ البيع بالسعر المخفض من أن تلتهم حصة السوق الخاصة بالمتاجر العادية. يقول الباحث: “يخسر تجار التجزئة القدرة على استغلال الموقع ومسافة الانتقال عندما يتوجهون للبيع عبر الإنترنت، مما يتطلب طرقاً جديدة وخلاقة لتوفير تجارب مختلفة لشرائح العملاء المختلفة”.

حول البحث: “لماذا توجد منافذ البيع مخفضة الثمن: تجنب التهام حصة السوق في خطوط الإنتاج”، دونالد نغو (ماركتينغ ساينس (Marketing Science)، 2017)

الإنتاجية

توقف عن شطب المهام السهلة عن القائمة

كيف تتصرف عندما يتراكم العمل؟ إذا كنت مثل معظم الناس، فإنك ستلجأ للعمل لفترة أطول. ولكن حين تطول قائمة المهام، يميل الناس إلى التحول إلى شكل آخر من الفرز، يطلق عليه الباحثون “تحيز إنجاز المهام”. أي أننا نتجه نحو المهام السهلة، لخلق شعور بالإنجاز، حتى إن لم تكن تلك المهام بالغة الأهمية. وقد اتضحت هذه الظاهرة عبر دراسة استمرت لمدة عامين وشملت 90 ألف مريض في غرفة الطوارئ في المستشفى، حيث درس الباحثون كيفية اختيار الأطباء للمريض التالي الذي يركزون عليه.

من المفترض أن يأخذ الأطباء الحالات على أساس خطورتها والوقت الذي قضته الحالة في الانتظار، ويتبع معظم الأطباء ذلك المبدأ التوجيهي. ولكن مع زيادة عدد المرضى، يميل بعضهم إلى اختيار أسهل الحالات بدلاً من ذلك. (كان الباحثون يثبتون العديد من المتغيرات، بما في ذلك التركيبة الديموغرافية للمريض ووضعه التأميني والموسمية). كشف فحص سجلات الفواتير أن الأطباء الذين يفضلون الحالات الأسهل كانوا أقل إنتاجية من غيرهم على المدى الطويل. في تجارب المتابعة المختبرية التي شملت الكتابة على لوحة المفاتيح، والتنضيد، أظهرت الأغلبية العظمى من المشاركين تحيزاً في إنجاز المهام. يقول الباحثون إن “إنجاز المهام يجعل الأفراد يشعرون بالرضا ويزيد من الأداء على المدى القصير. ومع ذلك، عندما ندرس الإنتاجية على المدى الطويل، نرى أن الموظفين الذين يظهرون انحيازاً لإكمال عدد أكبر من المهام السهلة يكونون عادة أقل إنتاجية بشكل كبير.”

حول البحث: “اختيار المهمة وعبء العمل: التركيز على إتمام المهام السهلة يضر الأداء على المدى الطويل”، ديواس كيه سي وآخرون. (ورقة عمل)

التنوع

رصد التفاعل بين الموظفين

لتقييم مدى شمولية ثقافة مؤسسة ما يلزم عدم حصر الاهتمام بعدد الموظفين من الفئات التي تكون مهمشة في العادة. بل يتطلب ذلك قياس مدى تفاعل العاملين من المجموعات المختلفة فعلياً. عمل الباحثون مع إحدى شركات الخدمات المهنية الضخمة لتقديم تحليل شبكي لتحديد لمن يلجأ كل موظف لطلب المساعدة في اتخاذ القرارات أو الحصول على النصائح، وأي العلاقات كانت متبادلة. يفوق عدد الرجال عدد النساء في الشركة بنسبة 1:5، غير أن الدراسة تبين فوق ذلك أن احتمال مشاركة المرأة في صنع القرار والابتكار أقل مما تتيحه هذه النسبة أيضاً. ويرى الباحثون أن شبكة العلاقات الصحية تفترض أن يكون للموظفة علاقات مماثلة للعلاقات التي يحظى بها الموظف، كما يقل فيها عدد الموظفات المهمشات.

ريادة الأعمال

كتابة الخطة تزيد من فرص النجاح

ينقسم خبراء ريادة الأعمال بهذا الشأن: يعتقد البعض أن وجود خطة عمل مكتوبة هو أمر حاسم لخلق شركة ناشئة ناجحة، قادرة على تحقيق الربح، في حين يرى آخرون أنه من الأفضل تخطي تلك الخطوة والبدء على الفور في اختبار الأفكار مع العملاء (كما يقول ستيف بلانك في كتابه When Founders Go Too Far). في السنوات الأخيرة اكتسب النهج الأخير شعبية على يد حركة الشركات الناشئة الرشيقة. ولكن دراسة جديدة تشير إلى أن الخطط المكتوبة لها قيمة أكبر مما نعتقد. قام الباحثون بدراسة 1,088 من رواد الأعمال الأميركيين الناشئين على مدى ست سنوات، وفصلوا المؤسسين الذين كتبوا خططاً عن أولئك الذين لم يفعلوا، وقارنوا بين الأعضاء من المجموعتين الذين يتشابهون في خصائص مثل التعليم والخبرة، مما يسمح لهم بعزل الآثار المترتبة على وجود خطة. يقول الباحثون: “إن التخطيط يؤتي ثماره. رواد الأعمال الذين يكتبون خططاً أكثر قابلية للاستمرار بنسبة 16% مقارنة برواد الأعمال الذين لا يضعون خططاً ويتشابهون معاً في الخصائص الأخرى”. ويشير البحث إلى أن الخطة المكتوبة تجعل المؤسس يركز على تحقيق الهدف وأن ذلك يدعم اتخاذ قرارات أفضل بشأن تخصيص الموارد وإدارتها.

حول البحث: “هل يملك من يضع خطة فرصة أكبر لنجاح مشروعه الجديد؟ نموذج مضاد للواقع وتحليل”. فرانسيس غرين وكريستيان هوب (مجلة “ريادة الأعمال الاستراتيجية” Strategic Entrepreneurship (Management.

التحفيز

التنمّر اللفظي قد يأتي بنتائج عكسية

يقول بعض الرؤساء التنفيذيين بشكل روتيني كلاماً سلبياً عن المنافسين، مشاركين بذلك في نوع من التنابز والتنمر على المستوى المؤسسي: تذكروا ريتشارد برانسون من مجموعة فيرجن وجون ليجير من تي موبايل.

يشيع التنمر اللفظي بين الموظفين أيضاً. فقد قال 57% من موظفي شركات قائمة فورتشن 500 التي شاركت في الدراسة إن ذلك يحدث في مكان عملهم شهرياً على الأقل. وتشير البحوث السابقة إلى فعالية هذا التكتيك، فهو يشتت الآخرين أو يزعجهم أو يقلل من أدائهم. لكن دراسة جديدة كشفت عن جانب سلبي جديد: غالباً ما تغذي السخرية وتوجيه الإهانات الرغبة في الانتقام، وتحفز المستهدف على تحسين أدائه. في ست تجارب مخبرية وجد الباحثون أن المشاركين الذين كانوا عرضة للتنمر اللفظي من قبل شخص اعتقدوا أنه أحد المنافسين (بقوله مثلاً “أنت ستخسر” أو “سأقضي عليك”) كان أداؤهم أفضل في معظم المهام مقارنة بالمشاركين الذين تلقوا رسائل محايدة؛ وكانوا أكثر حماساً من الآخرين وسعوا لرؤية الشخص الذي أهانهم يتعرض للخسارة. (إلا أن قدرتهم على التفكير الإبداعي تراجعت، وكانوا أكثر ميلا للغش). يقول الباحثون “يجب على من يسخر من الآخرين ويتنمر عليهم أن يعرف أنه يحفزهم دون قصد على تحسين أدائهم. وينبغي عليهم أن يفكروا بصورة أعمق لتقييم عواقب تصرفاتهم الفظَّة”.

حول البحث: “التنمر اللفظي: الفظاظة التنافسية تحفز التنافس، وتحسن الأداء، وتزيد من انتشار السلوك غير الأخلاقي”، للباحثين جيريمي يب، وموريس شفايتزر، وسمير نور محمد (ينشر في أعداد قادمة من مجلة السلوك التنظيمي وعمليات اتخاذ القرار الإنساني (Organizational Behavior and Human Decision Processes)).

التسويق

استغلال قوة المجموعات الكاملة

يسمح بعض تجار المشروبات للعملاء بشراء عدد من الزجاجات المنتقاة، إذ يمكنهم ملء صندوق من ست عبوات عبر اختيار أنواع مختلفة من مشروبهم المفضل. في مثل هذه الحالات، ما مدى احتمالية قيام شخص ما بشراء خمس زجاجات فقط؟

في دراسة ميدانية وعدد من الدراسات المخبرية، استكشف الباحثون دوافع الناس للحصول على مجموعات كاملة، خاصة فيما يتعلق بالسلوكيات التي تدور حول العناصر المجمعة بصورة عشوائية في شكل “مجموعات زائفة”.  في الدراسة الميدانية، تم حث بعض المتبرعين للصليب الأحمر الكندي على التبرع بستة أشياء من شأنها أن تشكل “حقيبة متكاملة للبقاء على قيد الحياة”، في حين طلب من الآخرين ببساطة التبرع بأغراض منفردة. وقد كان أعضاء المجموعة الأولى أكثر قابلية بـ 7 مرات من أعضاء المجموعة الثانية للتبرع بجميع الأغراض الستة.  وفي إحدى التجارب المخبرية، كان بوسع المشاركين قبول كل واحدة من أربعة رهانات متزايدة الخطورة أو الخروج في أي لحظة واستلام النقود، وعُرضت الرهانات الأربعة على البعض باعتبارها مجموعة واحدة. كان هؤلاء المشاركون أكثر قابلية بمعدل ضعفين لقبول الرهان الرابع الأكثر خطورة. “حتى دون تقديم هدف واضح” كما كتب الباحثون، وتابعوا “تغير فكرة المجموعة الوهمية من تصورات الناس وتحفز رغبتهم في الاكتمال”. إنها الرغبة التي يمكن للمسوقين الاستفادة منها.

حول البحث: «تأطير المجموعة الوهمية” إعداد كيت باراسيز وآخرون. (سينشر في Journal of Experimental Psychology).

قيادة

هل تم فصل الرئيس التنفيذي من العمل أم لا؟

من بين عبارات التلطف شائعة الاستخدام في الشركات، الإعلان عن استقالة أحد المديرين التنفيذيين “لقضاء المزيد من الوقت بصحبة العائلة”، وهي إشارة تعني بالنسبة لكثير من المراقبين أن المسؤول التنفيذي قد أعفي من خدماته. إلا أنه من الصعب التأكد من الأمر. وضع الصحفي المالي دانيال شوبر نموذجاً لقياس مدى احتمالية أن تكون الاستقالة طوعية، أطلق عليه اسم مجموع “نقاط الطرد من العمل”، وهو نموذج يعتمد على البيانات المنشورة في الإعلان من خلال تحليل تسعة عناصر أساسية، من بينها: شكل الإعلان، وطوله، وسبب الاستقالة المُدرج في الإعلان، وعمر المسؤول المغادر ومدة شغله للمنصب، وطول الفترة الزمنية بين الإعلان والمغادرة، وخطة تعيين من يخلفه في هذا المنصب. عقب ذلك، رسم الباحثون 226 نقطة للطرد من العمل للاستقالات التي جرت خلال فترة مدتها ستة أشهر، استطاعوا من خلالها التوصل إلى أن 43 من الرؤساء التنفيذيين قد أجبروا في غالب الأمر على ترك مناصبهم، بينما ترك 72 رئيساً تنفيذياً منصبه طواعيةً على الأرجح. أما البقية فاحتلت منطقة رمادية وسيطة. ثم قام الباحثون بعد ذلك بفحص عوائد أسعار أسهم كل شركة في تاريخ الإعلان، ووجدوا أنه كلما ارتفع مجموع عدد نقاط الطرد لكل مسؤول، كانت ردود أفعال المستثمرين أكثر تطرفاً، سلباً أو إيجاباً. ومن خلال تحديد أسباب إجبار أحد المديرين التنفيذيين على تقديم استقالته بشكل أكثر وضوحاً، يمكن للمستثمرين التعرف على الاستراتيجيات الفاشلة للشركة بشكل أفضل، وتحديد المخاطر الاستثمارية التي قد لا تكون واضحة إذا ما ساد الاعتقاد بأن الاستقالة كانت طوعية.

حول البحث: “تقاعَد أم فُصل: كيف يمكن للمستثمر أن يعرف ما إذا كان الرئيس التنفيذي للشركة قد أُجبر على الاستقالة؟” للباحثين إيان جو، وديفيد لاركر، وبريان تايان (موقع ستانفورد كلوزر لوك سيريس (Stanford Closer Look Series) 2017). كما نُشر تحت عنوان “مجموع نقاط الطرد من العمل: الرقم الذي تحتاج لمعرفته” في موقع Exechange عام 2017.

مؤسسات

تكاليف البيروقراطية

يشكو كثير من الموظفين من تغلغل البيروقراطية في شركاتهم، ما يُبطئ عملية اتخاذ القرار. لتحديد حجم هذه المشكلة، وضع باحثون “مؤشر كتلة البيروقراطية” أو BMI، وقاموا بدراسة شارك فيها أكثر من 7,000 قارئ من قراء مجلة هارفارد بزنس ريفيو، حول مدى تأثير البيروقراطية على عملهم. كان من بين نتائج هذه الدراسة، أن الشركات الكبرى كان لديها ميل أكبر إلى البيروقراطية، ويقول ثلثا الموظفين إن الأمر قد ازداد سوءاً خلال السنوات الأخيرة الماضية، وعلى الأخص في الوظائف ذات التعامل المباشر مع العملاء، مثل وظائف خدمة العملاء والمبيعات، والتي ينالها النصيب الأكبر من التأثير.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .