متى تستعمل الرسوم البيانية في عرضك التقديمي؟

4 دقائق
استعمال الرسوم البيانية في العرض التقديمي

لنفترض أنك تحضر عرضاً في غاية الأهمية له علاقة بقرار مهم جداً. والشخص الذي يقدم هذا العرض يحاول إقناع كبار المدراء في شركتك بالاستثمار في مشروع كبير وباهظ التكلفة، وهو عبارة عن خط إنتاج جديد يعتمد على الروبوتات في أحد معامل الشركة. ونظراً لأن شركتك اعتادت في السابق على أساليب الإنتاج التقليدية، وبما أنك شاهدت للتو النسخة الأحدث من فيلم "ترمينيتور" (The Terminator)، فإن خط الإنتاج الجديد المقترح يبدو بالنسبة لك ضرباً من الخيال مقارنة مع طريقة العمل الحالية، وهذا الأمر يثير قلقك. فماذا عن استعمال الرسوم البيانية في العرض التقديمي في هذه الحالة؟

بشكل مفاجئ، تجد أن مقدم العرض يبرز رسماً بيانياً لتوضيح وجهة نظره بخصوص الزيادة التي ستطال القدرة الإنتاجية للشركة بعد إطلاق خط الإنتاج الجديد. ليس الشكل البياني المعروض مذهلاً، وإنما يحتوي على عدة كلمات وأرقام، وعمودين فقط، أحدهما أعلى من الثاني.

وفجأة أيضاً، يبدو الاقتراح المقدم أكثر جاذبية، إذ إن هناك بيانات واضحة تدعمه وها هي تُعرض أمام ناظريك على شكل رسم بياني! وسرعان ما تجد أن الشركة قد قررت تخصيص ملايين الدولارات لدعم مستقبل مجهول.

استعمال الرسوم البيانية في العرض التقديمي

تتمتع الرسوم البيانية بسمعة سيئة وذلك لأنها تستعمل كوسيلة رخيصة لشد انتباه الجمهور وإثارة إعجابه، سواء أكانت تقدم معلومات مفيدة أم لا. صحيح أن المثال الذي قدمته أعلاه يبدو متطرفاً، إلا أنه يوضح هذه الحكمة الشائعة، التي لم تخضع سابقاً لأي اختبار. لكن بحثنا الذي أجريناه في مختبر "كورنيل فود آند براند"، والذي نُشر في مجلة "العلوم للعموم" أوصلنا إلى الخلاصة التالية: إن وجود رسوم بيانية مهما كانت سخيفة، يزيد من إمكانية الإقناع بالمزاعم المقدمة.

في سلسلة من الدراسات التي هدفت إلى البحث في تأثير الرسائل الإعلانية الخاصة بالأدوية، جرى تقسيم المشاركين فيها إلى فئتين: فئة عُرضت عليها رسوم بيانية، وأخرى لم تُعرض عليها أي رسوم بيانية. في كلتا الحالتين، قرأ المشاركون معلومات حول دواء جديد يعزز مناعة الجسم ويقلل من احتمال حصول الرشح، مع افتراض أن شركة أدوية كبيرة هي من صنعته. وعُرضت عليهم معلومات حول وظيفة الدواء وأدائه خلال الاختبارات، وكانت المعلومات المقدمة ضئيلة جداً، ومشابهة لما يظهر في بيان صحفي أو إعلان للشركة. ثم طلبنا من المشاركين بعد ذلك تصنيف الدواء. وتبيّن أن إضافة رسم بياني زادت من الفعالية المتخيلة للدواء بنسبة 23%. وفي دراسة أخرى، اعتقد 96.55% ممن شاهدوا الرسم البياني أن الدواء سيقلل من احتمال حصول المرض، مقابل 67.74% لمن لم يروا الرسم البياني.

كما كشفت دراسة أولية تخصّ القرارات التجارية عن نتائج مشابهة. أن النسبة المئوية للناس المستعدين للاستثمار في عملية تغيير مكلفة في قسم الخدمة في شركة مفترضة ازدادت من 90% (الاستثمار كان جذاباً نسبياً منذ البداية) إلى 100% تقريباً (تحديداً 98.6%)، رغم أن التغيير الحاصل في النسبة المئوية قد يبدو صغيراً، فإن النتائج لا يمكن أن تكون أكبر لأن الحالة التي تضمنت الرسم البياني وصلت إلى أقصى علامة ممكنة قريبة من 100%. ونحن نعتقد أننا إذا قدّمنا في البداية احتمالات أولية أقل جاذبية، فإن التغييرات اللاحقة ستكون أكبر، لكن هناك حاجة إلى المزيد من البحوث لإثبات ذلك. اللافت في الأمر أكثر هو أن عدد المشاركين الذين كانوا مستعدين للإنفاق على التحسينات ازداد بنسبة 50% تقريباً، من 860 ألف دولار إلى 1.2 مليون دولار أميركي.

فما هو السبب المحتمل لذلك؟ إن الرسوم البيانية تتمتع بهالة علمية، ونحن نربطها بالعلم والموضوعية. ونتيجة لذلك، فإن الرسوم البيانية تمنح هالة من الحقيقة للمعلومات التي تصاحبها. ووجدنا أن الشيء ذاته ينطبق أيضاً على الصيغ الكيماوية، وثمة أبحاث أخرى أظهرت أن الصور الطبية للدماغ والمصطلحات العلمية تترك التأثير ذاته أيضاً. كما أن التأثيرات كانت أقوى في حالة الأشخاص الذين عبّروا عن إيمان أكبر بالعلم، أيضاً، وهذا الأمر يعزز الحقيقة القائلة إن الناس يربطون بين العلم والصدق. فكلما كانت درجة موافقة المشاركين على عبارة "أنا أؤمن بالعلم" أعلى، زادت تأثيرات الرسوم البيانية على تصنيفهم لفعالية الدواء.

تفاوت تأثير الرسوم البيانية

واحد من أكثر الجوانب مدعاة للذهول في نتائجنا، هو أن الرسوم البيانية كانت بسيطة وسهلة الفهم، ولم تضف أي شيء على ما كان مقدماً بشكل كتابي. وبالتالي، فإن وجود الرسوم البيانية لم يحسّن استيعاب الأشخاص للمعلومات المعروضة أو تذكّرهم لهذه المعلومات (وقد دققنا في هذا الأمر)، لكنه زاد من الإيمان بفعالية الدواء الذي يجري الترويج له. بعبارة أخرى، ليس بالضرورة أن تكون الرسوم البيانية معقدة وملفتة، أو أن تتضمن أي معلومات حتى تترك تأثيراً مقنعاً. ومن الوارد أن يكون تأثير الرسوم البيانية الملفتة أو التي تضيف معلومات مهمة أكبر، وإن كان هذا الأمر غير مثبت بعد.

بطبيعة الحال، على الأرجح أن يتفاوت تأثير الرسوم البيانية بحسب السياق. على سبيل المثال، إذا كان الشخص أميل إلى قبول الادعاءات المعروضة منذ البداية، فإن وجود الرسوم البيانية قد يعزز ما يعتقد به أصلاً. والعكس صحيح، فقد تكون الرسوم البيانية أقل إقناعاً عندما يشك المرء في مصدر المعلومات. فإذا كنت تقدم عرضاً يبدو مريباً في بعض جوانبه، فإن الرسوم البيانية قد لا تنقذك.

إذاً، ماذا يعني كل هذا لمقدمي العرض ومتلقي الرسوم البيانية؟ إن إدراك مدى إقناع هذه الأدوات هو خطوة أولى جيدة. من المهم للجمهور تقييم الجوانب الأكثر موضوعية للمعلومات المقدمة بدلاً من الانخداع بتأثير هذه الأدوات والرسومات. يجب أن تطرح هنا السؤالين التاليين: هل هناك دعم علمي للادعاءات المقدمة؟ وماذا يقول الرسم البياني؟ ودعونا نتذكر أن الرسم البياني لا يزيد في بعض الأحيان عن رسم بياني.

وبالتالي، فإن مقدمي العروض الذين يحاولون كسب الناس إلى صفهم يجب أن يستعملوا الرسوم البيانية بعناية وحذر، وأن يحدّوا من استعمالها لتقتصر على عرض المعلومات الضرورية فعلياً. وقبل أن تستعمل رسماً بيانياً أو أي عنصر علمي آخر لدعم رأيك، اطرح على نفسك السؤالين التاليين: هل يضيف هذا العنصر أي شيء إلى عرضي باستثناء تفخيم العرض؟ وهل يسهم في جعل المعلومات أوضح؟

أنا لا أطالب هنا بتبني قاعدة تقول بعدم استعمال الرسوم البيانية. فالرسوم البيانية يمكن أن تساعد صناع القرار على فهم المعلومات واستغلالها. والكثير من الناس يعتمدون على طريقة التفكير البصرية، وهم أقدر على استيعاب المعلومات ذات الصلة وفهمها عندما تقدم على شكل رسم بياني أو بهيئة صورة. كما أن الرسوم البيانية يمكن أن تُستعمل لدعم نقاش شفهي ولتوفير أدلة إضافية يمكن أن تُعالج بصرياً بطريقة أسهل. 

وعلى الرغم من فائدة استعمال الرسوم البيانية في العرض التقديمي، فإنه يجب أن يعي المدراء حالات التحيز الموجودة لدى الناس والتي قد تهيئهم مسبقاً لتصديقها لأنها "تبدو علمية". إن أخذ المعلومات التي توفرها الرسوم البيانية بعين الاعتبار واستعمالها لتساعد على الفهم، ليس أمراً سيئاً، لكن لا تدع قدرتها على الإشارة إلى مصداقية علمية تؤثر في رأيك بحيث تدفعك إلى اتخاذ قرارات غير مناسبة في مجال العمل.

اقرأ أيضاً: 

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي