إليك هذه القصة عن الرئيس التنفيذي لشركة أب وورك تحديداً. من النادر أن يصبح المتخصصون في تكنولوجيا المعلومات رؤساء تنفيذيين. يصف كاسريل الخطوات التي اتبعها للتغلب على هذه النظرة المنحازة، وتوسيع نطاق مهاراته، وتعلم إدارة الأعمال.
لم أسعَ إلى أن أكون مهندساً تقليدياً، ولكن مجال الهندسة كان ملائماً بالنسبة لي. ترعرعت حول الحواسيب، وبدأت بكتابة البرمجيات وأنا في الثانية عشرة من عمري. قرأت عن ستيف جوبز وبيل غيتس في مجلات الحاسوب. فكرت في العمل الذي قد أقوم به في المستقبل، وتوقعت أن أقضي وقتاً طويلاً في البرمجة. وبطريقة ما، كنت أشبه أطفال وادي السيليكون الذين نراهم حالياً، غير أنّ بداية قصتي كانت في باريس في الثمانينيّات من القرن الماضي.
اكتشفت في وقت مبكر أنني كنت انطوائياً، مع أنني على الأرجح لم أعرف الكلمة التي تعبر عن حالتي في تلك الفترة. يحظى بعض الأولاد بشعبية كبيرة في المرحلة الثانوية، ويمرحون طوال الوقت، ويحيط بهم الكثيرون. أما بالنسبة لي، فقد استمتعت بوجودي بالقرب من عدد قليل من الأشخاص. أحببت مطالعة الكتب والبرمجة وأن أفعل الأشياء بنفسي. لست شخصاً معقداً تماماً على المستوى الاجتماعي، حيث يمكنني تدبير أموري بين الناس، ولكن ذلك لا يحدث بصورة طبيعية.
عندما تتأمل في أنواع الشخصية والمؤهلات المهنية التي غالباً ما تجعل من شخص ما رئيساً تنفيذياً، لا يخطر في بالك تقنيون انطوائيون مثلي. وقد كانت النظرة التقليدية في قطاع التكنولوجيا حتى عهد قريب تتمثل في أنك تجعل رئيس المبيعات صاحب الشخصية الكاريزمية أو مدير الشؤون المالية صاحب الرؤية الشاملة رئيساً تنفيذياً حتى يتمكن من التعامل مع العالم الخارجي، وتترك المهندس العبقري في غرفة ليتفرغ للتركيز على المنتج. ويتضح من خلال النظر في السير الذاتية لقادة الشركات اليوم أنّ عدداً قليلاً منهم قد أمضى وقتاً في منصب نائب الرئيس للهندسة أو تطوير المنتجات. وعلى الرغم من أنّ التمتع بمؤهلات تقنية مفيد بكل تأكيد في قيادة الشركات التكنولوجية (وقد تطورت وجهات النظر حول ذلك في السنوات الأخيرة)، إلا أنّ مَن يطمح لأن يكون رئيساً تنفيذياً ما زال عليه مواجهة النظرة السائدة التي تقول إنّ المهندسين لا يصلحون لأن يكونوا قادة عظاماً.
عملت على مدار السنوات العشر الماضية باجتهاد وبطريقة مدروسة لكي أتغلب على ذلك الانحياز وأتجاوز مؤهلاتي الهندسية وأكتسب مجموعة واسعة من المهارات الضرورية لقيادة شركة تجارية. كما سعيت إلى الحصول على مشاريع واستطعت الحصول على وظائف خارج منطقة راحتي. وقرأت عن مواضيع مختلفة لصقل مهاراتي في الاستراتيجية والقيادة وإدارة الموظفين. وقد أمضيت مئات الساعات في متابعة دورات عبر الإنترنت. ومنذ أن أصبحت رئيساً تنفيذياً في أبريل/نيسان 2015، تعلمت كيف يتعين على شخص يمتلك عقلية مهندس في حل المشكلات أن يتكيف لتقديم أفضل أداء في هذا المنصب. ربما يكون مشواري أنموذجاً يهتدي به الآخرون في وقت أصبحت فيه شركات التكنولوجيا تمثل جزءاً كبيراً من الاقتصاد، وأضحت مجالس الإدارة أكثر انفتاحاً على تقبل أشخاص ذوي مؤهلات تقنية لتولي مناصب قيادية.
الرئيس التنفيذي لشركة أب وورك من شركة ناشئة إلى كلية لإدارة الأعمال
عرفت دائماً أنني أرغب أن أكون رائد أعمال. عمل والدي لمدة 30 عاماً في نفس الشركة الكبيرة التي صنعت منتجات إسمنتية، وأصبح في نهاية المطاف رئيساً تنفيذياً. أُعجبت بمساره المهني، ولكنني أردت العمل في مكان أصغر، حيث يستطيع المرء أن يُحدث أثراً بسهولة أكبر. وزادت هذه الرغبة بعد انتهائي من الدراسة في كلية الهندسة وبعد مغادرتي فرنسا للحصول على درجة الماجستير في علوم الحاسوب في جامعة ستانفورد الأميركية. كان لاري بيج وسيرجي برين في صفي، وبدءا في المكتب المجاور لمكتبي العمل على ما أصبحت تُعرف بعد ذلك بشركة جوجل. كان في القسم 100 طالب واثنا عشر أستاذاً جامعياً فقط. وفي أواخر التسعينيّات بدا وكأن الجميع يعملون على تأسيس شركات ناشئة إلى جانب دراستهم. وعندما انتهينا من الدراسة في برنامج الماجستير، توجّه الكثير من الزملاء إلى العمل مع لاري وسيرجي، ولكنني لم أرغب بالانضمام إلى شركة شخص آخر. أردت تأسيس شركتي الخاصة.
كانت فاير كليك (Fireclick) هي شركتي الأولى. صنعت هذه الشركة برمجيات ساعدت المواقع الإلكترونية للشركات في التحميل بسرعة أكبر. (كان ذلك مهماً للغاية في عصر الدخول إلى الإنترنت عن طريق الطلب الهاتفي، قبل انتشار تقنية النطاق العريض). وعلى الرغم من أنني كنت مؤسس الشركة إلا أنّ عملي كان أشبه بعمل شخص تقني، حيث أمضيت معظم وقتي في العمل في البرمجة. وبالنظر إلى الماضي، فأنا مندهش من مدى سذاجتي آنذاك. نعلم أكثر بكثير عن كيفية إدارة الشركات الناشئة اليوم. ولكننا حظينا بانطلاقة جيدة، وقمنا ببيع الشركة بعد أربع سنوات.
بعد ذلك، ذهبت لأحصل على درجة الماجستير في إدارة الأعمال من "المعهد الأوروبي لإدارة الأعمال (إنسياد)" (INSEAD). لم تكن أهدافي كتلك التي يمتلكها طالب عادي في كلية إدارة الأعمال. لم أكن أسعى لتغيير مساري المهني، فقد عملت في المجال التقني بالفعل، وأريد البقاء في هذا المجال. لم أكن أحاول أن أوسِّع شبكة علاقاتي المهنية، لأنني أمتلك شبكة جيدة بالفعل منذ فترة عملي في وادي السيليكون. ولم أحتج الماجستير في إدارة الأعمال لكي أحصل على وظيفتي التالية. قررت الالتحاق بكلية إدارة الأعمال لأنني رأيت الأخطاء التي يرتكبها رواد الأعمال (وارتكبت الكثير منها في شركتي الأولى)، وعلى الرغم من أنني تعلمت منها دروساً بالغة الأهمية، إلا أنني أردت تجنب تكرار الأخطاء التي وقع فيها الآخرون. بالنسبة لي، كان هذا هو الهدف من الالتحاق بكلية إدارة الأعمال: كل دراسة حالة كانت بمثابة موقف حقيقي يمكن أن أواجهه في المستقبل. ومن خلال دراسة مئات الحالات، طوّرت مهارة في تمييز الأنماط ومطابقة كل موقف مع الخيارات المتعددة للتعامل معه.
الرئيس التنفيذي لشركة أب وورك: لقد ركزت في الوظائف على أداء مهامي الأساسية على أكمل وجه، واستخدام الوقت المتبقي لمواجهة التحديات المختلفة.
التحول إلى المبيعات
انضممت إلى العمل في شركة باي بال بعد انتهاء دراستي في كلية إدارة الأعمال، وعملت هناك في منصب مدير المنتجات في فرنسا. كانت الشركة قد دخلت البلاد للتو، لذا كان لدينا شخصان هناك فقط، وبدا الأمر أشبه بالعمل في شركة ناشئة. أمتلك شغفاً كبيراً تجاه عملي، وقد ركزت في تلك الوظيفة والوظائف التي تلتها على أداء مهامي الأساسية على أكمل وجه، واستخدام الوقت المتبقي لمواجهة التحديات المختلفة. فمثلاً، إذا كنت أعمل بمتوسط 60 ساعة أسبوعياً، فإنني أحاول إنجاز المهام المطلوبة في غضون 40 ساعة وأقضي الساعات العشرين الباقية في العمل على مهام في أقسام أخرى بالشركة. في شركة باي بال، استخدمت الوقت الإضافي للعمل على مشروع يتيم يتضمن منتجاً لأسواق المال. تعلمت الكثير عن القطاع المصرفي، وتفاعلت مع زملاء من تخصصات مالية وقانونية ربما لم أكن لأقابلهم بطريقة أخرى. يمكن أن تكون إدارة وقتك من أجل القيام بوظيفة ثانية داخل شركتك طريقة رائعة لتوسيع نطاق مهاراتك.
عندما تركت عملي في شركة باي بال، انضممت إلى شركة أخرى بمنصب مدير المبيعات. كمهندس، لم أكن مرشحاً محتملاً لتلك الوظيفة، ولكنني قلت إنّ وقتي في باي بال تضمن الكثير من العمل المتعلق بالمبيعات وتطوير الأعمال. حاولت أن أكون صادقاً. وقلت لهم: "لم يسبق لي العمل كنائب الرئيس للمبيعات، ولا أدّعي أنني سأكون الأفضل من بين من عملوا لديكم في هذا المنصب، ولكنكم تمتلكون منتجاً ذي طابع تقني للغاية، وأنا أفهم بالفعل كيف يعمل. من شأن ذلك أن يجعلنا ننجز أعمالاً أكثر".
مثّل التحول إلى المبيعات مفترق طرق رئيس بالنسبة لمساري المهني. في مرحلة ما عليك الاختيار بين طريقين. الطريق الأول هو أن تبقى في مجال خبرتك الوظيفية، ما يزيد احتمالات نجاحك باستمرار، ولكن هذا النهج قد يقيد مسارك بصفة عامة. والطريق الثاني هو القفز، كأن تنتقل إلى وظيفة مختلفة تماماً. سيزيد هذا من خطر الفشل الذي تواجهه بالتأكيد، ولكنه سيعطيك خبرة واسعة إذا نجحت. بالنظر إلى الماضي، كان المهندسون يتفادون المخاطر ومالوا إلى اتباع الطريق الأول. ترى الكثير من الأشخاص الذين يرأسون الهندسة أولاً في شركة تضم 10 مهندسين، ثم في شركة تضم 100 مهندس، ثم في شركة كبيرة جداً. ويوجد حد لمدى الأثر الذي يمكنك أن تتركه في هذه الأدوار، حيث أنك ما زلت تقوم بما يخبرك به شخص آخر. وتعتبر شركتا جوجل وفيسبوك من بين الاستثناءات: مهندسوهما العباقرة أبطال، لأنّ هذه هي الثقافة التي قد عمل لاري وسيرجي ومارك زوكربيرغ على خلقها. عندما انتقلتُ إلى أدوار قيادية، حاولتُ القيام بالشيء ذاته من خلال إيجاد ثقافة شركة يكون فيها عملك كمهندس شيئاً رائعاً، ويتمتع فيها الأشخاص التقنيون بتأثير على استراتيجية الشركة.
تحدي أن تكون انطوائياً
في مرحلة ما في خضم هذه التغيرات الوظيفية، خضت اختبار مايرز بريغز (Myers-Briggs) للمرة الأولى. وأكّدت النتائج ما شككت فيه دائماً: أنا شخص انطوائي لدرجة كبيرة جداً. ولا شك أنّ التحديات ستكون بانتظار الشخص الانطوائي الذي يطمح إلى أن يكون رئيساً تنفيذياً. من المفيد عندما تكون قائداً، إذا لم يكن من الضروري، أن تتمتع بشخصية مرحة ووُديّة ولا تفارقك الابتسامة. وهذا ليس سهلاً بالنسبة للجميع، ولكنه أمر يمكن تحقيقه. ومن الطرق التي يمكنك اتباعها للتحسن على هذا الصعيد أن تقوم بوضع أهداف ملموسة. تكمن المهمات الصعبة على نحو خاص بالنسبة لشخص مثلي في الذهاب إلى مناسبة تعارف أو مؤتمر كبير، حيث توجد قاعة كبيرة مملوءة بمئات الأشخاص الذين لا أعرفهم، والاختلاط بالموجودين هناك. ولأتمكن من القيام بذلك، فإنني أحدد أهدافاً: سأتحدث مع 30 شخصاً على الأقل، وأحصل على عشر بطاقات عمل، وأرتب خمسة لقاءات متابعة. ولأنني أحب المنافسة وأركز على النتائج، فإنّ هذه الأهداف توازن القلق الذي أشعر به إزاء إقحام نفسي في محادثة عشوائية والتعريف بنفسي. لقد عملت على مهارة بدء محادثة. كما عملت على إيجاد طرق لأودع الآخرين بلطف، فلا ينبغي أن يستمر كل تفاعل في هذه المناسبات لفترة طويلة.
في عام 2012، انضممت إلى شركة أوديسك (oDesk)، وهي شركة أسسها مهاجران يونانيان في عام 2003. رأى المؤسسان أنّ وادي السيليكون كان بحاجة إلى مستقلين تقنيين يمكنهم تأدية وظائفهم من أي مكان، ولكن الشركات لم تمتلك طريقة للعثور على الأشخاص المناسبين. كانت أوديسك بمثابة موقع وساطة مهني. وقد بدأت عملي هناك كرئيس المنتجات في الشركة، وانتهى بي الأمر في وظيفة مدير قسم الهندسة أيضاً عندما غادر الشخص الذي كان يشغل هذا المنصب. قابلنا الكثير من مديري أقسام الهندسة المحتملين، ولكن لم يكن أحد منهم مناسباً، لذا وافقت على سد الحاجة مؤقتاً. وبعد فترة من الوقت، سأل الرئيس التنفيذي عما إذا كنت مستعداً للقيام بالوظيفتين بشكل دائم، ووافقت. في عام 2014، حدث الاندماج بين شركة أوديسك وشركة إيلانس (Elance)، الشركة الرائدة الأخرى في هذا المجال. أصبح الرئيس التنفيذي لشركة إيلانس يشغل منصب الرئيس التنفيذي لشركة إيلانس أوديسك، والتي غيّرت اسمها لاحقاً إلى أب وورك، وطلب مني الاستمرار في العمل في كلتا الوظيفتين.
في ذلك الوقت، كان الرئيس التنفيذي قد تولى القيادة لمدة 13 عاماً، وبعد بضعة أشهر قرر التنحي. نظر مجلس الإدارة في مرشحين خارجيين لخلافته، ولكنني أكدت بوضوح أنني أريد الوظيفة. تمثّل أكبر مصدر للقلق بالنسبة للمجلس في أنني لم يسبق لي العمل في منصب رئيس تنفيذي من قبل، وشعر بعض المديرين أنّ توظيف شخص خارجي يمتلك خبرة سابقة كرئيس تنفيذي سيكون منطقياً أكثر. هذا الشعور شائع في وادي السيليكون. فبينما كنت مديراً للهندسة، استقبلت الكثير من المكالمات من شركات أخرى تبحث عن مدير لقسم الهندسة، ولكن لم يكن أحد ليتصل بي ويعرض عليّ وظيفة رئيس تنفيذي لأنني لم يسبق لي أن كنت في مثل هذا المنصب. في نهاية المطاف، كان عليّ أن أقنع مجلس الإدارة أنني تعلمت مجموعة المهارات المطلوبة للنجاح في الوظيفة.
حقائق عن أب وورك
تاريخ التأسيس: تأسست الشركة في عام 2014 عقب دمج شركتي إيلانس وأوديسك. وأعيدت تسميتها إلى أب وورك في 2015.
العاملون المستقلون: أكثر من 10 ملايين عامل مستقل.
الدول: أكثر من 180 دولة.
العملاء: 4 ملايين.
قيمة العمل المنجز: 1.8 مليار دولار كل عام.
فئات المشاريع الخمسة الأعلى:
تطوير الويب والمحمول والبرمجيات.
التصميم الغرافيكي وإنتاج المحتوى.
الدعاية والمبيعات والتسويق الرقمي.
الترجمة والكتابة.
إدخال البيانات الإدارية وبيانات دعم الزبائن وكتابة المحتوى والبحث على الإنترنت.
إشراك الموظفين
منذ ذلك الحين، يقول الرئيس التنفيذي لشركة أب وورك: أدركت أنّ المهام والقرارات التي تواجه الرؤساء التنفيذيين غالباً ما تكون أكثر تعقيداً من المشاكل التقنية التي يواجهها المهندس. إذ يتلخص جانب كبير من وظيفة الرئيس التنفيذي في الذكاء العاطفي وفهم ما يحتاجه الموظفون وما يريدونه. أشعر أحياناً بأنني كبير الأخصائيين النفسيين في الشركة، وأنّ عليّ الاستعداد عاطفياً لذلك. نزعتي الطبيعية عند السماع عن مشكلة ما تتمثل في الذهاب إلى سبورة بيضاء والبدء في رسم مخطط حول كيفية علاجها، بالطريقة التي يفعلها المهندسون. ولكن هذه ليست استجابة مناسبة بالنسبة لرئيس تنفيذي، حيث أنّ الكثير من الموظفين الذين يأتون بالمشاكل إلى الرئيس التنفيذي لا يبحثون عن حلول، إنما يرغبون في الشعور بأنّ كلامهم مسموع فحسب. وهذا ليس دائماً بالجزء السهل من وظيفتي، ولكنه جزء منها، لذا فأنا أتعلم أن أستمع أولاً ولا أنظر إلى كل موقف على أنه مشكلة بحاجة إلى حل.
تعلمت أيضاً الكثير عن إدارة الوقت وطبيعة التوجيهات التي يتعين عليّ إعطاؤها للموظفين حول مهامهم اليومية. أقضي الآن وقتاً أكبر خارج المكتب، لأنّ الحديث مع الزبائن والمستثمرين وحضور المؤتمرات مهم للغاية بالنسبة لعملنا. وعندما أكون في مكتبي، يجب أن أكون داعماً لأعضاء الفريق، وأن أقدم لهم التوجيه وأستمع إلى تفاصيل ما يقومون به. ولكنني لم أنظر إلى هذه الواجبات على أنها دعوة إلى التدخل في التفاصيل الدقيقة لعمل الموظفين، بل أتركهم يبذلون أفضل ما بوسعهم. لا يتعين على معظم الرؤساء التنفيذيين أن يكونوا مثل ستيف جوبز. دوري هو مساعدة الموظفين على الشعور بالحماس إزاء عملهم، وتمكينهم، وإعطائهم الموارد التي يحتاجونها للقيام بوظائفهم على أكمل وجه. إحدى الميزات الكبيرة لأب وورك هي أنّ موظفينا يتفقون مع رسالتنا، والتي تتمثل في خلق فرص اقتصادية لملايين الناس حول العالم من خلال ربط العاملين المستقلين مع العملاء. لا نقدم نفس الميزات التي تقدمها بعض الشركات الجذابة في وادي السيليكون، ولكن الرسالة تساعد في حث موظفينا على المشاركة الفعالة.
حتى وقت قريب نوعاً ما، كان الأشخاص الذين انتقلوا من الهندسة لشغل منصب الرئيس التنفيذي أشخاصاً استثنائيين. ويعتبر بيل غيتس ولاري بيج ومارك زوكربيرغ أمثلة بارزة على ذلك، ولكنني أعتقد أن عدداً أكبر من الأشخاص سيقومون بهذه القفزة في المستقبل. يكرر صاحب رأس المال المغامر (أو ما يسمى برأس المال الجريء) مارك آندرسن القول الآن أنه يتعين أن يبقى المؤسِّسون (وأغلبهم من ذوي المؤهلات التقنية) في مناصبهم كرؤساء تنفيذيين. ويبدأ الناس بإدراك أنّ الموظفين الذين يفهمون بدقة كبيرة طريقة عمل المنتَج ربما يكونون الأفضل لتحديد مستقبل الشركة والترويج لذلك المنتج لدى المستثمرين والزبائن، حتى لو وجدوا أنّ التواصل مع الأشخاص لا يتأتى بشكل طبيعي مقارنة بالتفاعل مع التكنولوجيا.
اقرأ أيضاً: