إليك هذا السؤال حول التعامل مع المدير السيئ تحديداً. سؤال من قارئ: أنا مهندس برمجيات أبلغ من العمر 25 عاماً، وأتمتع بخبرة في مجال أجهزة الكمبيوتر. أعمل في عطلات نهاية الأسبوع وأحياناً في وسط الأسبوع لدى منظمة إقليمية غير هادفة للربح. أشعر بأن مديريّ الأكبر مني سناً يمارسان التمييز ضدي بسبب سني. تستضيف هذه المنظمة عدة فعاليات على مدار الأسبوع بحضور ما يقرب من 100 مشارك. وأتولى مهمة العمل التقني خلالها، وهي أعمال بسيطة للغاية لا تتجاوز حدود التأكد أن أجهزة الكمبيوتر والتليفزيون تعمل دون أعطال. لكنهم شكّلوا مؤخراً هيكلاً إدارياً جديداً ومحيراً. أصبحت أعمل الآن تحت إشراف رئيسين مباشرين، والأمر محير لي لأن كليهما يمتلك صلاحيات متساوية ويشرف على الموظفين أنفسهم. أحدهما صديق مقرب لي، وهو مقاول في مجال البناء، ويقول إنه لا يعرف حتى لماذا أوكلت إليه هذه المهمة في القسم التقني. أما المدير الآخر فأكبر مني سناً بقليل وخجول للغاية، وهو لا يتدخل كثيراً في شؤون العمل ولكنه يلتزم بالتعليمات الصادرة عن رؤسائه. ورئيسهما رجل أكبر سناً في أواخر الأربعينيات من عمره، يمتلك خبرة واسعة في مجال التقنيات، ولكن تنقصه بعض المعرفة الأساسية عن الأنظمة المحددة التي نستخدمها. أما رئيسه فهو المشرف الإقليمي وهو رجل أكبر سناً بكثير فهو في أواخر السبعينيات، وليست لديه أدنى فكرة عن التقنيات التكنولوجية. كل هؤلاء الأشخاص يتميزون باللطف والحصافة، ولكني أعتقد أنهم لا يحترمون ما أبذله من جهد بسبب صغر سني. أحاول جاهداً أن أقدم حلولي للمشاكل البسيطة بأكبر قدر ممكن من الاحترام والتواضع. ولكنهم يتجاهلونني في معظم الأحيان، أو يقولون لي إنهم سيتصلون بشخص آخر للتأكد من صحة ما أقوله. وفي الوقت نفسه، غالباً ما تتسبب المشاكل التقنية في تعطيل الفعاليات وتأخيرها. ولهذا فسؤالي هو:
كيف أتصرف مع الرؤساء الذين لا يثقون بخبراتي بسبب حداثة سني؟
يجيب عن هذا السؤال:
دان ماغين: مقدم برنامج "ديير آتش بي آر" من هارفارد بزنس ريفيو.
أليسون بيرد: مقدمة برنامج "ديير آتش بي آر" من هارفارد بزنس ريفيو.
ليندساي بولاك: استشارية أماكن العمل ومؤلفة كتاب "ريميكس: كيفية القيادة والنجاح في مكان العمل متعدد الأجيال" (The Remix: How to Lead and Succeed in the Multigenerational Workplace).
ليندساي بولاك: لديّ الكثير من الأسئلة عن هذا الموقف وعن كل تلك العلاقات المعقدة. ولكن يهيأ لي من انطباعي الأول أنه في حاجة لإيجاد من يسانده في خضم هذا الخليط المتباين من الشخصيات، ولا أدري من الشخص الذي يصلح لهذا الدور، ولكني أشعر بأنه في حاجة لبعض المساعدة للتعامل مع هذا الهيكل المعقد أولاً وقبل كل شيء.
أليسون بيرد: أول ما خطر على بالي أن يتدبر طريقة لاستيضاح المطلوب منه على وجه التحديد، والنصيحة التي يُتوقع منه تقديمها، بالتشاور مع رئيسيه المباشرين بكل تأكيد، ولكن ربما أيضاً مع المشرف والمشرف الإقليمي، بحيث يقول هذه هي المهمات التي سأضطلع بها. فما المهمات التي تتوقعون مني الاضطلاع بها تحديداً حتى نكون جميعاً على الموجة نفسها؟ لأنه يبدو كأن أحداً منهم ليس على وفاق.
ليندساي بولاك: أعلم أنه يشعر بأنه يتعرض لممارسات تمييزية ضده بسبب صغر سنه، وهناك أيضاً ذلك التسلسل الإداري شديد التعقيد والذي يعني أن مشكلته لا تقتصر على صغر سنه، وإنما تتمثل أيضاً في احتلاله قاع هذا الهيكل التنظيمي المعقد، لذا أعتقد أنه يواجه مشكلة مزدوجة هنا، وأعتقد أن أحد الأشياء التي يمكنه القيام بها ليستعيد احترامهم ويرفع من قدر نفسه في عقول رؤسائه، خاصة أنهم لا يمتلكون معرفة تقنية بالقدر الكافي، هو ألا يكتفي بالذهاب إلى أحدهم وقول: "ما الذي ينبغي عليّ القيام به، أو ما أهدافي"، بل عليه أن يقول: "بناء على الهيكل التنظيمي الجديد، أعتقد أن دوري يقتضي كذا" أو "إليكم ما أستطيع المساهمة به في الفريق" وعليه أن يتبع أسلوباً لائقاً في قول ما سيقوله، ولكني أرى أن هذه الخطوة تمثل فرصة له ليُنظر إليه على أنه أحد المساهمين، وليس مجرد موظف صغير السن.
دان ماغين: يحدوني الأمل أن يكون جزءاً من المشكلة مرتبط بحداثة هذه العلاقات. وحين تُكلف بمسؤوليات مثل مسؤولياته والتي تُعنى بحل المشكلات التقنية، فيبدو لي أنه سرعان ما سينشئ سجلاً حافلاً بالإنجازات التي تشهد إما على فاعلية أو عدم فاعلية الحلول التي يقدمها. تُعد هذه النتيجة سلاحاً ذا حدين. وإذا استطاع تتبع آخر سبع مشكلات طرحوها أمامه، وقدم لها حلولاً أثبتت نجاحها، سيثبت جدارته، أو إذا لم يقبلوا الحلول التي طرحها ستحدث عواقب وخيمة.
دان ماغين: يبدو أن هذه المعضلة ستتلاشى شيئاً فشيئاً بمرور الوقت. هل تعتقدين أن هذا ينم عن إفراط في التفاؤل؟
ليندساي بولاك: أحب فكرة المزج بين الثقة والحذر. ومن ثم فإليكم البيانات، في آخر ثلاث فعاليات نظمناها، فعلت كذا، وإليكم النتيجة التي خرجنا بها، وإليكم ما حدث. عليه أن يوثِّق كل شيء بأسلوب لائق. وهو يقول إنهم يتجاهلونه، وهو ما يبدو نوعاً من التعالي من قبلهم، وأتفهم سبب انزعاجه من هذا الوضع. لكنني أعتقد أن أحد الأساليب التي يمكن اتباعها لعلاج هذه المشكلة أن يظهر البيانات التي توثق ما قام به والنتائج التي حققها. أعتقد أن هذا حل رائع فعلاً، وإن كان لا يضمن أنهم سيحترمونه، ولكن من المؤكد أنه سيزيد من فرصه في نيل احترامهم.
أليسون بيرد: لقد قال إنه يحاول جاهداً أن يقدم حلوله للمشاكل البسيطة بأكبر قدر ممكن من الاحترام والتواضع، ولكني أتساءل إن كان يعرضها بطريقة يفهمها المشرفون الأكبر سناً وغير المتخصصين في التقنية. ويضيف أنهم يتجاهلونه، فهل هذا لأنهم يفكرون في أشياء أكثر أهمية مما يقدم لهم؟ وهم يقولون إنهم سيتصلون بشخص آخر للتأكد من صحة ما يقول. فلماذا يفعلون هذا بالتحديد؟ أرى أن هناك الكثير من علامات الاستفهام هنا.
ليندساي بولاك: بالإشارة إلى قولهم إنهم سيتصلون بشخص آخر. كان هذا بمثابة إشارة تحذيرية نبهتني إلى إمكانية عدم فهمهم لما يقوله لهم، أو عدم تواصله معهم بطريقة تشعرهم بأن ما يقوله مهم أو ذو معنى. وأحد الأسباب التي يعلل بها المتخصصون الفروق بين الأجيال في أسلوب الحديث هو أننا نتكلم بلغات مختلفة نوعاً ما، وأتساءل إن كان هذا هو ما حدث في تلك الحالة، فما يراه هو بسيطاً أو مهماً أو منطقياً لا ينظر الآخرون إليه أو يرونه بالطريقة نفسها، لذا أعتقد أنه في حاجة لأن يتعلم كيف يتحدث بلغتهم إلى حد ما إذا أراد أن يتأكد من فهمهم لما يحدثهم بشأنه. ولكن تلك الإشارة التحذيرية التي تتمثل في اتصالهم بشخص آخر للتأكد من صحة ما يقوله توحي لي بأنه ربما لا يتواصل معهم بوضوح كما يظن. وأعتقد أن هذه نقطة مهمة.
أليسون بيرد: أعتقد أن إحدى الخطوات التي يجب عليه اتخاذها ألا يكتفي بعرض البيانات على رئيسيه اللذين لا يمتلكان القدر نفسه من المعرفة التقنية. أعتقد أنه يجدر به التأكيد على أهمية القصص الشخصية، وبالتالي عليه أن يتحدث مع الحضور بعد انتهاء الفعاليات، ويتعرف على ملاحظاتهم وتعليقاتهم، ليتبين كيف أسهم عمله التقني في تحسين تجربتهم. أعتقد أن هذه قد تكون طريقة أفضل للتواصل مع أولئك المدراء الأكبر سناً.
دان ماغين: لديّ فكرة ذات صلة بهذا الأمر، فهذا شاب يعمل مهندس برمجيات ويتمتع بخبرة في أجهزة الكمبيوتر، وعندما يقول إنه يؤدي هذا العمل في عطلة نهاية الأسبوع وبعضه وسط الأسبوع، فسوف يخيل للقارئ أن هذا يبدو وكأنه عمل هامشي بالنسبة له، وأنها ليست وظيفته الأساسية. وأتساءل إن كانت مؤهلاته أكبر من هذا العمل. إذ يصف مهمات وظيفته بأنها أعمال بسيطة للغاية لا تتجاوز حدود التأكد أن أجهزة الكمبيوتر والتلفزيون تعمل دون أعطال، وهذا من شأنه أن يجعل عمله يبدو وكأنه أمر في منتهى البساطة، وكأنه ينظر بتعال إلى التعقيدات اللازمة لإتمام هذه المهمة. وأتساءل إن كان بعض هذا التوجه يتسرب إلى نفوس الآخرين دون أن يدري من خلال أسلوبه في التواصل.
ليندساي بولاك: أحد الأشياء التي سمعت الموظفين يتحدثون عنها هي الحاجة إلى وجود مكان عمل متعدد الأجيال، إلى جانب المزج بين الذكاء العاطفي والذكاء الرقمي في عصر اقتصاد المعرفة الرقمية الذي نعيشه، والذكاء العاطفي معني بكيفية التعامل مع الآخرين، أما الذكاء الرقمي فيرتبط بإتقان التعامل مع التقنيات التكنولوجية. وهو يمتلك الذكاء الرقمي، وأتساءل إن كان في حاجة إلى بعض الذكاء العاطفي.
دان ماغين: هل ترين أن الموظفين الشباب يمتلكون قدراً عالياً من الذكاء الرقمي، بينما يتدنى لديهم الذكاء العاطفي؟
ليندساي بولاك: لا أريد التعميم على كل الموظفين الشباب، ولكني لا أجد أحداً يشكك في امتلاك الموظفين الشباب للذكاء العقلي، وكثيراً ما يقولون إنهم متمرسون في التقنيات التكنولوجية، ولكن يبدو أنهم لا يعرفون كيف يشرحون الأمر للآخرين، أو كيف يجرون تلك المحادثات المباشرة. وهذا الشاب صغير السن بمعنى الكلمة، فهو في الخامسة والعشرين من عمره، ومن الواضح أنه مغرم بالتكنولوجيا. وأتساءل إن كانت مهارات التواصل لديه وقدرته على التحدث مع بعض أولئك الموظفين الأكبر سناً بطريقة تقوي تلك العلاقات، تحتاج إلى القليل من التدريب والتفكير بشأنها.
دان ماغين: ثمة تكتيك آخر يمكنه تجربته، فلديه مديران، لديه المشرف والمشرف الإقليمي الذي يبلغ من العمر 70 عاماً، وأتساءل إن كان يستطيع التواصل مع المشرف الإقليمي – ذاك الرجل في السبعين من عمره- من خلال تطبيق الإنستغرام، بأن يرسل له رسالة يقول فيها: "كيف الحال؟" وينظر إن كان باستطاعته تلطيف الأجواء قليلاً بهذه الطريقة.
أليسون بيرد: ربما تطبيق "سناب شات".
دان ماغين: قد تكون هناك مشاكل بعيدة عن مسألة فارق السن تمنعك من معرفة كيفية التعامل مع المدير السيئ تحديداً. يجب عليه أن يُدرك أنه أمام منظومة إدارية جديدة. لم يمض وقت طويل بما يكفي لترسيخ الثقة المتبادلة، ونعتقد أنه استطاع توثيق كل مشكلة يتعرض لها، وإثبات نجاح ما يقدمه من نصائح، فربما يستطيع امتلاك مجموعة أفضل من البيانات والإثباتات التي تساعده على إقناع رؤسائه بأنه يقدم الحلول السليمة في كثير من الأحيان. ونعتقد أيضاً أنه في حاجة لأن يُبدي اهتمامه بالحضور ويؤكد لرؤسائه أنهم سيتكبدون خسائر حقيقية من حيث التجربة الكلية لحاضري الفعاليات، حينما تسوء على المستوى التقني. ويتعين عليه أن يفكر قليلاً في استقطاب مسؤول يقف بجانبه ويسانده، وفي إحداث المزيد من التأثير. وكل هذا لا علاقة له بالتمييز، بل يرتبط بعدم قدرته على إحداث التأثير الكافي الذي يريده. ونعتقد أن هذه المسألة قابلة للحل بمرور الوقت، وأنه في حاجة لأن يفكر في إثبات أهميته، وأن يتواصل بطريقة أكثر وضوحاً.
اقرأ أيضاً: