هل نُطلق أحكاماً أقسى على الرؤساء التنفيذيين الذكور عندما يفسدون؟

4 دقائق
shutterstock.com/Andrii Yalanskyi

مؤخراً، سلّطت الأخبار الضوء على الأعمال المخالفة للقانون والاحتيال المحتمل الذي ارتكبه آدم نيومان، الرئيس التنفيذي المعزول لشركة "وي وورك" (WeWork). وعلى الرغم من هذا الخبر، إلا أن لا شيء جديد هنا. فإذا ما أمعنت التفكير في المزاعم المتعلقة بإساءة تصرّف الرؤساء التنفيذيين، فلا بدّ من أن تتذكّر بسهولة بعضاً من السلوكيات السيئة الفظيعة الأخرى. إذ أدّت حملة #أنا_أيضاً (#MeToo) خلال العامين الماضيين إلى التخلص من عشرات قادة الشركات. لربما تذكرت أيضاً ديك فولد، الرئيس التنفيذي الأخير لبنك "ليمان براذرز" (Lehman Brothers) الذي تسبّب انهياره بالأزمة المالية عام 2008، أو ترافيس كالانيك، الرئيس التنفيذي المعزول لشركة "أوبر" الذي نالت "فضائحه الـ 49 الأشهر" التي ارتكبها خلال السنوات العشر الماضية تصنيفاً حسب مرتبتها من قبل صحيفة "بزنس إنسايدر" (Business Insider).

على الرغم من توافر أمثلة مشابهة كثيرة، فقد تجد عندما تبحث في ذكرياتك أن الرؤساء التنفيذيين الذين تتذكرهم هم في الغالب (أو ربما فقط) رؤساء تنفيذيون ذكور. أحد الأسباب وراء هذا هو التمثيل الزائد للرجال في المناصب التنفيذية العليا. ثمة صورة نمطية للرؤساء التنفيذيين أيضاً على أنهم رجال في منتصف العمر وذوي بشرة بيضاء، وتؤثّر هذه الصور النمطية في توقعاتنا. مع ذلك، من الأسباب الأخرى ليخطر الرؤساء التنفيذيون الذكور على بالك بشكل أيسر هو أن العديد من السلوكيات غير الأخلاقية تُعتبر في العادة ذكورية، كما اكتشفنا في سلسلة من الدراسات التي أجريناها مؤخراً والتي شملت أكثر من ألف أميركي راشد.

إساءة الرؤساء التنفيذيين التصرف

يمكن القول إن بعض الأمثلة المذكورة سابقاً كانت أكثر من مجرد سلوكيات "سيئة" أو لا أخلاقية، إذ قد تشمل مجموعة من الأعمال الإجرامية. لكن العديد من السلوكيات السيئة هي سيئة ببساطة، دون أن تكون غير مشروعة. يكشف بحث منهجي للتغطية الإخبارية قائمة مطوّلة بأسماء الرؤساء التنفيذيين الذين – من بين أشياء أخرى – (1) كانت لديهم علاقات جنسية بالتراضي أو علاقات جنسية مع الموظفين، (2) أو كذبوا بشأن حصولهم على درجة ماجستير إدارة الأعمال أو درجة الدكتوراه، (3) أو أدلوا بتصريحات أساءت إلى آلاف الأشخاص، (4) أو هددوا الموظفين الذين خالفوهم في الرأي، أو (5) استخدموا أموال الشركة لمنافعهم الشخصية.

يكشف بحث أجراه مركز "روك لحوكمة الشركات" (Rock Center for Corporate Governance) في جامعة ستانفورد مؤخراً أن السلوكيات المماثلة للرؤساء التنفيذيين، السيئة ولكن غير المخالفة للقانون، ستضرّ الشركة عموماً. مع ذلك، تتجاوب مجالس الإدارة بطرق متضاربة للغاية، إذ تطرد الرئيس التنفيذي حيناً وتخفّض المكافآت السنوية أحياناً أخرى وتُعدّل قواعد السلوك الخاصة بالشركة ببساطة في باقي الأحيان.

لكن كيف يحاكم الرأي العام تلك التصرفات السيئة؟ كيف يُعاقب الرئيس التنفيذي؟ تحرّى البحث الذي أجريناه عن هذا وعن تساؤلات مشابهة.

إلقاء اللوم على الرئيس التنفيذي

طلبنا من المشاركين في الدراسة التي أجريناها التعبير عن أحكامهم الأخلاقية بشأن الأنواع الخمسة لسلوكيات الرؤساء التنفيذيين السيئة المذكورة أعلاه. وجهّزنا مجموعة من السيناريوهات الخيالية التي أتاحت لنا مراقبة متغيّرات من قبيل جنس الرئيس التنفيذي وما إذا كان سلوكه الخاطئ متعمّداً (وليس اندفاعياً) أم لا.

ألقى المشاركون في الدراسة اللوم الأكبر على الرؤساء التنفيذيين الذين كذبوا بشأن حصولهم على مؤهلات وهددوا موظفيهم وأساؤوا استخدام أموال الشركة. زاد مستوى اللوم بشكل ملحوظ عندما وُصف السلوك الخاطئ بأنه نتاج لتخطيط متأنّ، بدلاً من أن يكون قد حدث بشكل ارتجاليّ. كان ذلك متوقعاً ومماثلاً لما قد يتوقّعه الكثير من الناس.

مع ذلك، ربما كانت النتيجة التي تفيد بأن المشاركين في الدراسة عبّروا عن أحكام مختلفة بشكل ملحوظ عندما كان اسم الرئيس التنفيذي ماريا بدلاً من ويليام أقلّ مما كان متوقعاً. لم نُشدّد على جنس الرئيس التنفيذي لأننا لم نُرد أن نُحفّز المشاركين على التفكير في الجنس بشكل متعمّد؛ وغيّرنا الرئيس التنفيذي في السيناريو ببساطة ليكون ويليام بروكس أحياناً بينما قرأ مشاركون آخرون عن ماريا بروكس.

قبل إدخال جنس الرئيس التنفيذي كمتغيّر في السيناريوهات، أجرينا دراسة أوليّة لنُحدّد إلى أي مدى يعتبر كل سلوك ذكورياً أو أنثوياً أو حيادياً. خَلُص ذلك إلى اعتبار السلوكيات السيئة أفعالاً ذكورية وتشير الدراسات السابقة إلى أن النساء اللاتي يقُمن بأفعال ذكورية معرّضات إلى انتقادات شديدة. علاوة على ذلك، توصّل بحث أجرته فيكتوريا بريكسول من كلية ييل لإدارة الأعمال إلى أن القادة الإناث اللاتي اتّخذن قرارات غير محظوظة في العمل أسفرت عن نتائج سلبية حُمّلنَ مسؤولية وعقوبات أكبر من قبل المشاركين في الدراسة بالمقارنة مع القادة الذكور الواردين في سيناريو مطابق تماماً.

كنتيجة لذلك، افترضنا أن المشاركين سيلومون ماريا، الرئيسة التنفيذية الأنثى بقسوة أكبر، لا من أجل ارتكابها نفس الخطأ الذي ارتكبه ويليام فحسب، بل لأن السلوك قيد البحث هو سلوك ذكوري أيضاً. كنّا على خطأ، وخلافاً لتوقعاتنا، ألقى المشاركون اللوم على الذكور بقسوة أكبر مما ألقوا الملامة على النساء.

على الرغم من أن هذا التطور غير متوقع، تُثير النتائج التي توصلنا إليها مسألة المساواة بين الجنسين من جديد. هل من المنصف أن تتفاوت شدة إلقاء اللوم على الرؤساء التنفيذيين بالاستناد إلى جنسهم؟

بعبارة أخرى، هل سيُعامل آدم نيومان بشكل مختلف عن الطريقة التي قد تُعامل فيها الرئيسة التنفيذية الأنثى لو تصرّفت بطريقة مماثلة؟

معاقبة الرئيس التنفيذي

يعني إلقاء اللوم على شخص ما اعتباره مسؤولاً عن السلوك السيئ، ويستحق السلوك السيئ العقاب عادة. فكلما أصبح السلوك "أسوأ"، يصبح أكثر استحقاقاً للوم وتصبح عقوبته أشدّ. بالتالي، توقّعنا أن يتلقى الرؤساء التنفيذيون الذكور عقوبة أشدّ قسوة من المشاركين في دراستنا.

تفاجأنا مجدداً. فعلى الرغم من الحكم عليهم على أنهم أكثر استحقاقاً للوم بالمقارنة مع الرؤساء التنفيذيين من الإناث، تلقّى الرؤساء التنفيذيون المستوى والنوع ذاته من العقوبات التي تلقّتها الرئيسات التنفيذيات على سلوكيات سيئة مماثلة.

كانت العقوبات الموصى بها من قبل العامة قاسية جداً. فعلى سبيل المثال، كان الكذب بشأن الحصول على شهادة مرتبطاً بشكل كبير مع ضرورة إنهاء العمل في نظر الناس. وفي هذا السياق على الأقل، نرى أن الجنسين يُعاملان بالتساوي بسبب سلوك مماثل.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي