كيف يمكن أن يوازن الرؤساء التنفيذيون الجدد بين الاستراتيجية والأعمال التنفيذية؟

5 دقائق
الرؤساء التنفيذيون الجدد

ملخص: مع خروجنا من أزمة "كوفيد-19" سيتعين على الشركات تحفيز النتائج قصيرة الأمد مع إعادة النظر في استراتيجياتها وسط التحولات الكبيرة التي تشهدها البيئات التنافسية وطرق العمل. الأمر ليس خياراً بين وضع الاستراتيجية والقيام بالأعمال التنفيذية، بل يجب الاهتمام بهما معاً مع تحقيق التوازن المناسب ضمن الأطر الزمنية المناسبة. يمكن أن يواجه الرؤساء التنفيذيون الجدد على وجه التحديد صعوبة في تحقيق هذا التوازن، وبإمكانهم التغلب عليها باتباع عملية من 3 مراحل: في الأيام التسعين الأولى، يجب توجيه التركيز على فهم الأعمال الأساسية الحالية في الشركة والحفاظ عليها. وفي الأيام التسعين التالية، يجب نقل الأولويات إلى تحديد الطرق المناسبة لتوسيع الأعمال الأساسية عن طريق توسيع المحفظة الاستثمارية و(أو) الدخول إلى الأسواق المجاورة الواعدة. وفي الأشهر الستة الأخيرة من العام الأول، يجب أن يضع الرئيس التنفيذي الجديد الأسس لتجاوز الأعمال الأساسية بهدف تعزيز النمو المستدام.

يجب على كلّ رئيس تنفيذي تطوير استراتيجية الشركة مع تحفيز الأعمال التنفيذية في آن معاً، ونحن بحاجة ماسة إلى تنفيذ المهمتين معاً أكثر من أي وقت مضى.  مع خروجنا من أزمة "كوفيد-19" سيتعين على الشركات تحفيز النتائج قصيرة الأمد مع إعادة النظر في استراتيجياتها وسط التحولات الكبيرة التي تشهدها البيئات التنافسية وطرق العمل. الأمر ليس خياراً بين وضع الاستراتيجية والقيام بالأعمال التنفيذية، بل يجب الاهتمام بهما معاً مع تحقيق التوازن المناسب ضمن الأطر الزمنية المناسبة.

يتعين على جميع القادة فعل ذلك، لكن الأبحاث تبين أن عدداً قليلاً منهم فقط يجيده. يمكن أن تكون هذه المشكلة أشد على الرؤساء التنفيذيين الجدد الذين يتعين عليهم تشخيص مشكلات الأعمال الحالية ومعالجتها بسرعة مع وضع الأسس للمستقبل في الوقت نفسه. فنحن نرى كثيراً من قادة الجيل التالي يتمتعون بكفاءة في صياغة الاستراتيجية، إنهم يجيدون التعامل مع التقنيات الرقمية بالكامل ووصلوا إلى القيادة أساساً بتولي أدوار مهمة في المؤسسات التي يسير العمل فيها على نحو منتظم بالفعل. لكنهم يفتقرون إلى الخبرة التشغيلية العميقة ويعجزون عن إدراك أن مجالس الإدارة ترغب أولاً في التأكد من قدرتهم على إدارة الأعمال الحالية قبل الالتفات إلى المسائل المستقبلية.

يمكن أن يؤدي ذلك إلى انعدام التوافق بدرجة خطيرة. فمجلس الإدارة يفترض أن الرئيس التنفيذي يدرك أن الأهداف قصيرة الأجل والأعمال التنفيذية هما أولويتان حيويتان، في حين أن الرئيس التنفيذي الجديد يركز أولاً على الرؤية والاستراتيجية.

خذ، على سبيل المثال، رئيساً تنفيذياً جديداً يتسلم الدور للمرة الأولى في شركة وطنية بعد أن كان مديراً عاماً في شركة دولية سريعة النمو أكبر حجماً في قطاع مختلف. كان يطمح إلى توسيع حجم المؤسسة الجديدة ونطاقها الجغرافي بدرجة كبيرة، وبدأ العمل على تحديد استراتيجية جديدة مع فريق صغير يتألف من مرؤوسين مباشرين جدد ومستشارين خارجيين. لكن في غضون عام واحد، كانت الأرباح والخسائر في الشركة مثقلة بمشكلات تشغيلية دون حلول، فأصبح جمع التمويل اللازم لإجراء التغييرات بعيدة المدى مستحيلاً. وبذلك خسر الرئيس التنفيذي ثقة مجلس الإدارة وغادر الشركة بعد فترة وجيزة.

تفادي بعض التحيزات الخطرة

شهدنا وقوع القادة في 4 مزالق:

1- العجز عن تشخيص مواطن الضعف في تنفيذ استراتيجية الشركة. يمكن أن يعجز الرؤساء التنفيذيون الجديد أيضاً عن إدراك الدرجة التي تصل إليها قدرة ثقافة المؤسسة الجديدة على امتصاص التغييرات اللازمة ما يتطلب غالباً التخلي عن قيم الأمس ومعتقداتهم التي تحتجز الشركة في الماضي. وبالنتيجة يبنون استراتيجية من دون أساسات تدعمها في واقع الشركة فيما يتعلق بقدرتها التنافسية وزبائنها وثقافتها.

2- اتخاذ قرارات سريعة جداً تتعلق بفريق العمل. بطبيعة الحال، يبحث الرؤساء التنفيذيون الجدد عن أشخاص يشبهونهم، وعندما لا يرون لدى موظفيهم درجة كافية من القدرة على التفكير الاستراتيجيّ أو تقبل التغييرات يسارعون إلى إطلاق الأحكام. كما يمكن أن يقللون من أهمية فريق العمل الذي يتمتع بمهارات تنفيذية قوية، خاصة في البداية.

3- إهمال العلاقات مع جانب أعمال التنفيذ من الشركة. يكون لدى الرئيس التنفيذي نزعة نحو تفويض المسؤولية عن العمليات الجارية والتركيز على "العمل الحقيقي" المتمثل في تطوير المستقبل. وبذلك، قد يفوت اجتذاب اللاعبين الأساسيين في الأعمال التنفيذية، كمدارء المبيعات والزبائن والموردين والمدراء الإقليميين الذين قد يرفضون القائد الجديد لأنه بعيد عن العمل في الخطوط الأولى.

4- العجز عن تطوير عملية متماسكة وفعالة لتطوير الاستراتيجية والحفاظ على التميز في الأعمال التنفيذية في نفس الوقت. تملك عدة مؤسسات عملية من نوع ما لتطبيق الاستراتيجية، لكنها لا تجدي نفعاً لأنها معقدة، وتستهلك الوق،ت وتفتقر إلى تأييد القادة في المستوى الأدنى لأنهم لا يرون أنها تهدف إلى مساعدتهم في أداء وظائفهم. وبذلك تبقى الاستراتيجية نظرية وغير صالحة للتشغيل.

تحقيق التوازن بين الاستراتيجية والأعمال التنفيذية في فترة الانتقال

الحل هو وضع إطار عمل يوفر رؤية واضحة للمراحل الرئيسية لأنشطة الانتقال والضرورات المرافقة كي يتمكن الرئيس التنفيذي الجديد من تطوير الاستراتيجية وتحفيز الأعمال التنفيذية. طوّرنا إطار عمل من هذا النوع يتضمن 3 مراحل واضحة تمتد على مدى العام الأول من خدمة الرئيس التنفيذي، وهي الحفاظ على الأعمال الأساسية للشركة وتوسيعها وتجاوزها. تتوزع هذه المراحل على الأيام التسعين الأولى، والأيام التسعين التي تليها، والأشهر الستة الأخيرة من العام الأول من عمل الرئيس التنفيذي.

المرحلة الأولى. الحفاظ على الأعمال الأساسية

في الأيام التسعين الأولى، يجب توجيه التركيز على فهم الأعمال الأساسية الحالية في الشركة والحفاظ عليها. على جانب الاستراتيجية، يعني هذا غالباً إعادة تحديد أولويات الوحدات الأساسية وتحقيق التوافق مع مجلس الإدارة بشأن الأهداف قصيرة الأجل.  وعلى جانب الأعمال التنفيذية، يجب أن يوجه الرئيس التنفيذي الجديد تركيز الفريق نحو إيقاف الأنشطة التي لا تضيف القيمة وتنفيذ نموذج تشغيلي قوي وتأمين بعض المكاسب المبكرة لتعظيم الأرباح قصيرة الأجل والتدفق النقدي. تعتبر هذه المرحلة أيضاً فرصة للرئيس التنفيذي ليكون قدوة في السلوكيات المناسبة، كالحكمة مع الحسم والمرونة مع التركيز.

المرحلة الثانية. توسيع الأعمال الأساسية

في الأيام التسعين التالية، يجب أن ينقل الرئيس التنفيذي الجديد تركيزه عن أولويات الاستراتيجية والأعمال التنفيذية ويوجهه نحو تحديد الطرق المناسبة لتوسيع الأعمال الأساسية عن طريق توسيع المحفظة الاستثمارية و(أو) الدخول إلى الأسواق المجاورة الواعدة. من جانب الاستراتيجية، هذا يعني عادة صقل أو استبدال رؤية الشركة ورسالتها وأهدافها وأولوياتها الاستراتيجية وضمان تأييد مجلس الإدارة للاستثمارات الداعمة. ومن جانب الأعمال التنفيذية، يتعين على القائد العمل مع الفريق لتطوير خطة فعالة لتطوير الاستراتيجية قادرة على تحفيز الأعمال التنفيذية، على سبيل المثال، عن طريق تبني عمليات محددة، مثل عملية الأهداف والنتائج الرئيسية (OKR) التي ابتكرتها شركة "جوجل".

المرحلة الثالثة. تجاوز الأعمال الأساسية

في الأشهر الستة الأخيرة من العام الأول، يجب أن يضع الرئيس التنفيذي الجديد الأسس لتجاوز الأعمال الأساسية بهدف تعزيز النمو المستدام. من جانب الاستراتيجية، هذا يعني اعتماد أفضل المنهجيات لتحديد المشاريع والتجارب الأساسية في الشركة، ومنها مشاريع البحث الجديدة، والبرامج التجريبية، وحصص الأقليات في الأعمال التجارية الجديدة. أما من جانب الأعمال التنفيذية، فالهدف هو تحفيز الابتكار وتعزيز مؤسسة عالية الأداء داخلياً عن طريق اختيار الأشخاص المناسبين لقيادة المبادرات بصورة أساسية، وإذا استدعت الحاجة يمكن العمل على تحويل الثقافة لتكون أكثر تقبلاً للتجارب وانحيازاً للعمل.

عند نهاية المرحلة الثالثة، يجب أن تكون استراتيجية المؤسسة قد تم تحديدها وإعلانها وبدأ العمل على نشرها، ويجب أن تكون الأعمال الأساسية تحت السيطرة وقيد النمو.

المخطط التالي يوضح العملية ذات المراحل الثلاثة بإيجاز.

التوازن بين الاستراتيجية والأعمال التنفيذية

لقد اختبرنا إطار العمل هذا مع عملائنا وحققنا نتائج جيدة. عمل أحدنا مؤخراً مع رئيس تنفيذي جديد يتسلم الدور للمرة الأولى، وساعده على إعداد استراتيجيته ومراجعة الأعمال ليؤدي عرضاً تقديمياً أمام مجلس الإدارة. في المسودة الأولى، كان الرئيس التنفيذي يركز على تشكيل رؤية واستراتيجية طويلة المدى وترك الشرائح الأخيرة لتشخيص الأعمال وأولويات الأعمال التنفيذية.

وعندما سألناه عن سبب ذلك، قال إنه يعتقد أن مجلس الإدارة سيثمن جودة تفكيره الاستراتيجي عالياً. فاقترحنا عليه إطار العمل "الحفاظ على الأعمال الأساسية وتوسيعها وتجاوزها"، ونبهناه إلى أن مجلس الإدارة في هذه المرحلة المبكرة من الانتقال يرغب في التحقق من أن الرئيس التنفيذي قد قيّم مركز الشركة بدقة، وحدد الأولويات الأساسية قصيرة الأجل، وركز الموارد على تلبيتها.

بدأ الرئيس التنفيذي عرضه التقديمي بعد تعديله بدراسة معمقة لهذه المسائل، ثم ركز على الاستراتيجية المستقبلية، فاطمأن أعضاء مجلس الإدارة إلى أنه قادر على القيام بالأعمال التنفيذية وتوصلوا إلى أنه سينفق الوقت والموارد على الاستراتيجية الجديدة مع تعظيم الإيرادات والأرباح قصيرة الأجل في نفس الوقت، ومنحوه الضوء الأخضر للتقدم في الجانبين معاً.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي