الذكاء الاصطناعي يبحث في بياناتك لجعل تجارب العملاء أكثر إقناعاً

4 دقائق
الذكاء الاصطناعي في خدمة العملاء

يحتوي العالم اليوم على كمية هائلة من المعلومات المتعقلة بكيفية وضع الذكاء الاصطناعي في خدمة العملاء أكثر من أي وقت مضى. تشير التقديرات إلى أننا بحلول عام 2020، سنُنتج كمية تبلغ 22 زيتابايت من البيانات يومياً، أي ما يساوي 44 تريليون جيجابايت. يمكن أن يحتوي الجيجابايت الواحد على ما يكفي من الكتب لتغطية رفوف طولها 30 قدماً، ثم اضربها بـ 44 تريليون، وهذه كمية هائلة من البيانات. تعجز معظم الشركات عن معالجتها. ولا يزال هناك موظفو الخط الأمامي الذين يعملون مع البيانات التي توصف بأنها "صغيرة جداً ومتأخرة جداً".

استخراج الأفكار الهادفة من بيانات العملاء

وتواجه معظم المؤسسات تحدي استخراج الأفكار الهادفة من بيانات عملائها، عندما تكون غارقة في مصادر كثيرة جداً. والمشكلة هي عدم مشاركة البيانات بكفاءة دائماً. إذ تعمل العديد من شركات العالم الكبرى في صوامع. على سبيل المثال، لا يتشارك قسم خدمة العملاء وقسم المبيعات قواعد بيانات لإدارة علاقات العملاء، ولا يتعاون الموظفون لضمان حصول العميل على تجربة جيدة. وفي أغلب الأحيان، لا يعرف الموظفون في قسم ما زملاءهم في قسم آخر، علاوة على استخدام البيانات الممتدة عبر أنحاء المؤسسة. وهذا كله يؤدي إلى تجارب عملاء غير متسقة للغاية، ما يجعل المؤسسة تبدو غير مترابطة وغير مركزة.

وعندما يكون مجال العمل أكثر تعقيداً، مثل عمليات الاندماج والشراء، يزداد الأمر سوءاً. على سبيل المثال، كنت أتسوق في محل تجزئة رئيسي لبيع المفارش، الذي اشترته شركة أكبر، وكنت اشتريت منهم مفرشاً قبل عام مضى. فأخبرني مندوب المبيعات أنه لا يملك المعلومات عن المفارش لأنهم بعد عملية الشراء، تخلصوا من بيانات إدارة علاقات العملاء القديمة. وتُعدّ هذه تجربة سيئة لأي عميل.

على المؤسسات أن تخلقَ تجارب سهلة وأنيقة للعملاء، إذاً، السؤال: كيف يجب على هذه المؤسسات التغلب على تحديات البيانات لتلبية العملاء المتقلبين بشكل متزايد؟

تقدم تقنيات تعلّم الآلة حلاً يتطلب من المؤسسات التخلص من صوامعها ليتمّ تنفيذه بشكل صحيح. إذ يُغذي كل إجراء يتخذه العميل محركَ التحليلات الذي يساعد على بلوغ أفضل خطوة للحصول على تجربة عميل إيجابية. على سبيل المثال، إذا أشارت عادات التصفح عبر الإنترنت لعميل ما إلى أنه يفضّل هاتف آندرويد بدلاً من آيفون، فسيبدأ مباشرة بمشاهدة عروض لترقية نظام الآندرويد في المرة التالية التي يدخل فيها إلى "فيسبوك".

يجد بعض العملاء أنه من المخيف للعلامات التجارية الوصول إلى استخدامهم الشخصي لوسائل التواصل الاجتماعي بهذه الطريقة، لذلك من المهم أن يكون لدى العملاء خيار تعطيل خاصية الاستهداف عبر وسائل التواصل الاجتماعي. وعلى أي حال، يمكن للشركات كسب ثقة العملاء ببساطة عبر تقديم خدمات مهمة وقيّمة. تماماً كحال أي علاقة، يمكن للشركة كسب الثقة والولاء بأن تكونَ مستمعاً جيداً وأن تكون في خدمة العميل عند حاجته. وبالاستفادة من التحليلات الآلية، يمكن أن تكون تفاعلات العملاء مصدراً جيداً لحلقة ردود الفعل التي يمكنها التكيف في الزمن الفعلي لإضافة قيمة عند كل نقطة اتصال.

أمثلة عملية لاستخدام الشركات لبيانات عملائها

خذ، على سبيل المثال، طريقة استخدام شركة "سبرينت" (Sprint)، للبيانات من أجل تحسين تجارب العملاء. في عام 2014، بلغ معدل الاضطراب لدى "سبرينت" 2.3% أي أنه ضعف معدل الاضطراب لدى أكبر منافسيها. وكانت طريقة الشركة السابقة هي الاعتماد على وكلاء تجربة العميل الذين كانوا يعتمدون على حكمهم الشخصي للبحث في البيانات عن الطريقة المُثلى لخدمة العميل. حيث كان العميل يبحث في 20 عرضاً مثلاً محاولاً اختيار الأفضل بينها، بينما يتحدث على الهاتف مع العميل. ولكن أدركت "سبرينت" أن عليها التخلص من الاعتماد على الموظفين لاتخاذ هذه القرارات اللحظية. وبعد أن اعتمدت حلاً من شركة "بيجاسيستيمز" (Pegasystems)، (علماً أن شركة بيجاسيستيمز كانت عميل سابقاً لي)، وكان الحل هو تقديم تحليلات تنبؤية معتمدة على التعلم الذاتي لتحديد العملاء الذين يواجهون خطر زيادة معدل الاضطراب لديهم. حيث تُقدّم الشركة لهم عروضاً استباقية ومخصصة لهم للاحتفاظ بهم بصفتهم عملاء. وفي النتيجة، خفّضت "سبرينت" معدل الاضطراب بمقدار 10% ليصل إلى أدنى مستوياته، إلى جانب رفع صافي نقاط الترويج بمقدار 40% وزيادة ترقيات العملاء بنسبة 8 مرات وإقناع 40% من العملاء لشراء خط جديد وتحسين الرضا العام عن خدمة العملاء.

مثالنا الآخر هو "البنك الملكي الاسكتلندي" (Royal Bank of Scotland - RBS). حيث إنه في مؤتمر "بيجوورد" (PageWorld) لهذا الشهر، تتحدث جيسيكا لين كوثبرتسون (Jessica-Lynn Cuthbertson)، رئيسة قسم علم البيانات وقرارات العملاء، وكريستيان نيليسن (Christian Nellisen)، مدير عام مجموعة البيانات والتحليلات عن قصتهم حول كيفية استخدامهم البيانات من أجل التحول من ثقافة تحرّكها المبيعات إلى شريك موثوق به للعملاء. واعتادت الشركة أن تركز على تحقيق أهداف مبيعات عنيفة وبالتحديد توليد 200 ألف عميل جديد لبطاقات الائتمان شهرياً. ولكن من خلال ثقافة جديدة واستراتيجية تقنية، إذ رفعت صافي نقاط الترويج بمقدار 18 نقطة. وتقول كوثبرتسون: "نريد أن نتخذ التصرف الصحيح تجاه العميل في كل لحظة". علماً أن لدى "البنك الملكي الاسكتلندي" 17 مليون عميل و7 علامات تجارية و8 أقنية مختلفة للعملاء. ولهذا يُعدّ تركيز الشركة على أن تصبح مستشاراً أكثر موثوقية من قبل العملاء تحولاً كبيراً. على سبيل المثال، ساعدت التحليلات المصرف على تحديد العملاء الذين كانوا بحاجة إلى نصيحة مالية. والآن، عندما يلاحظ المصرف وجود عملاء يبالغون بالسحب من حساباتهم المصرفية باستمرار، فإنه يحدد العميل ويتصل به لتقديم مشورة مالية. تقول كوثبرتسون: "نحن نعتني فعلاً بعملائنا، فالأمر يتعلق بمحادثاتنا المستمرة معهم".

أخيراً، تستطيع البيانات مساعدة الشركات من خلال الأفكار الهائلة لوضع الذكاء الاصطناعي في خدمة العملاء، ولكن الاستفادة من البيانات الكبيرة المولّدة غير ممكنة دون الاستعاتة بتقنيات تعلّم الآلة. إذ يمكن لأدوات الذكاء الاصطناعي مساعدة الشركات في صنع قرارت بيانية أفضل تعمل على تحسين تجربة العميل في الوقت الفعلي. كما أن استخدام البيانات لتوليد تجارب عملاء أكثر تخصصاً يفيد العملاء والشركات على حدّ سواء.

اقرأ أيضاً:

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي