ملخص: إذا بدأت مسيرتك المهنية حديثاً، فمن المحتمل أن تنتابك مخاوف مرتبطة بالفشل أو إحباط الآخرين، أو الفصل من العمل أو التسريح. لكن القلق، لدرجة التهويل، قد يكون خطِراً ويؤثر في مسارك المهني. وإليك بعض الأسئلة التي قد تساعدك على تحديد إن كانت مخاوفك تستند إلى حقائق أو لا.
- ما الوضع المالي العام لمؤسستك وقطاعك واقتصادك؟ إذا كان الوضع المالي لشركتك أو توقعاتها سيئة أو كان اقتصاد بلدك سيئاً، فقد تكون مخاوفك بشأن فقدان وظيفتك واقعية. إما إذا كانت توقعاتها المستقبلية جيدة، فتلك إشارة إيجابية على أن وظيفتك في مأمن.
- ما الثقافة العامة لمؤسستك؟ إذا كانت ثقافة شركتك منفتحة وموجّهة بالتقييمات، فستعرف على الفور إن كانت وظيفتك في خطر. وبالمثل، إذا كان أداؤك إيجابياً، فستواصل تلقّي تقييمات جيدة من مديرك.
- كيف يفكر مديرك وكيف يتصرف؟ إذا كان مديرك يُمطرك بوابل من التقييمات السلبية دون منحك توجيهات حول كيفية تحسين أدائك، فمن الطبيعي أن تقلق بشأن احتمال أن تفقد وظيفتك، خاصة إذا كان زملاؤك في العمل لا يتلقّون النوع ذاته من التقييمات التي تتلقاها.
- ما هي تحيزاتك الشخصية؟ إذا كنت شخصاً متفائلاً بطبعه ولا يزال لديك إحساس داخلي بأنك ستفقد وظيفتك، فقد يكون هذا القلق طبيعياً. لكن إذا كنت شخصاً متشائماً وتتوقع الأسوأ دائماً، فتعامل مع مخاوفك بشأن فقدان الوظيفة بكثير من الشك.
ما القاسم المشترك بين إيلون ماسك وسيرينا ويليامز وليوناردو دي كابريو؟
جميعهم يعانون قلقاً مزمناً على الرغم من حقيقة أنهم أشخاص ناجحون جداً في مجالاتهم. فقد تحدّث إيلون ماسك عن "الصعوبات المريرة والشعور الدائم بالتوتر" الذي انتابه طوال مسيرته المهنية والشخصية على حد سواء. وشاركت سيرينا ويليامز صراعها مع مشاعر الشك الذاتي والقلق. وأعرب ليوناردو دي كابريو عن قلقه بشأن مستقبل مسيرته المهنية.
هل فاجأك ذلك؟ لا تستغرب، إذ يشعر الناجحون المتميّزون بالقلق بشأن الفشل وإحباط الآخرين وعدم تلبية التوقعات العالية، وفقدان وظائفهم حتى أكثر من غيرهم.
وإذا بدأت مسيرتك المهنية حديثاً، فمن المحتمل أن تنتابك هذه المخاوف أيضاً، فوفقاً لدراسة أُجريت عام 2019، بلغت نسبة القلق لدى الأجيال الشابة في العمل معدلات أعلى من الأجيال السابقة. ومن المرجح أن تكون معاناة الجيل زد من الأعراض المرتبطة بالقلق في العمل أكثر بثلاثة أضعاف. وقد تزيد النسبة إلى أربعة أضعاف عند جيل الألفية.
ونصيحتي لك هي: أولاً، تذكّر أن القلق ليس سيئاً بالضرورة، بل غالباً ما سيدفعك القلق بشأن أدائك إلى التحسين والتعلم. ومن المؤكد أنت تدرك بالفعل أننا نعيش في عالم يصعب فيه التنبؤ بالمستقبل، ما يتطلب منا التفكير في مجموعة متنوعة من الاحتمالات والنتائج المختلفة، مثل الفصل من العمل أو التسريح.
في الوقت نفسه، قد يكون القلق الشديد، لدرجة التهويل، خطِراً عليك وقد يؤثر على مسارك المهني حتى. فنحن نفقد إحساسنا بالواقع عندما نركز على السيناريوهات الأسوأ، ما يؤثر على علاقاتنا وإنتاجيتنا وصحتنا النفسية. وينطوي الحل على إيجاد توازن وخلق مسافة بينك وبين أفكارك الحائمة لتفهم حقيقة الوضع بوضوح.
وإليك بعض الأسئلة التي قد تساعدك على تحديد إن كانت مخاوفك مستندة إلى حقائق أو لا، لا سّيما إذا كانت مرتبطة بفقدان وظيفتك.
ما الوضع المالي العام لمؤسستك وقطاعك واقتصادك؟
يجب أن تقلق: من المحتمل أن يكون عام 2020 قد زاد من مخاوفك بشأن الاستقرار الوظيفي، إذ تأثر العديد من المؤسسات بالجائحة وارتفعت معدلات البطالة العامة وتأثرت فئة الشباب أكثر من غيرها. وعلى الرغم من أن الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 16 و29 عاماً شكّلوا نسبة أقل من ربع قوة العمل عام 2020، شكّلت الفئة نفسها نسبة الثلث في معدل البطالة خلال الربع الأول من العام نفسه. ومن الصعب عندما ننظر إلى البيانات ألا نتخيل حجم القلق الذي يُساور الأفراد.
فإذا كان الوضع المالي العام لشركتك سيئاً، فمن الطبيعي أن تقلق من احتمال فصلك من العمل أو تسريحك. لكن قد يكون من الصعب قياس ذلك، إذ لا تتمتع جميع الشركات بالشفافية بشأن مواردها المالية. لذلك، أجرِ بعض البحوث حول حالة قطاعك واقتصاد بلدك لتجعل مخاوفك مستندة إلى حقائق. وابحث عن عبارات مثل: "معدل البطالة الحالي في [أدخل قطاعك]،" أو اقتصاد "[أدخل بلدك] عام 2021"، إذ سيتيح لك ذلك كسب بعض الإشارات حول ضرورة الاستعداد لتسريح مرتقب أم لا.
لا داعي للقلق: إذا اكتشفت بعد البحث أن الوضع المالي لقطاعك مستقر، فتلك علامة على أن وظيفتك قد تكون في مأمن. وقد بدأ الاقتصاد العام يتعافى في العديد من البلدان بالفعل، بما فيها الولايات المتحدة الأميركية. ولا تزال معدلات البطالة تواصل انخفاضها على مستوى العالم (مقارنة بالأشهر الأولى من عام 2020)، ما يعني أن احتمال خسارتك وظيفتك نتيجة الجائحة أقل من الناحية الإحصائية. ويجب أن يجعلك البقاء على رأس عملك على الرغم من الجائحة تشعر بتقدير كبير لشركتك، لا سيّما إذا كانت تواجه صعوبات كثيرة.
ما الثقافة العامة لمؤسستك؟
يجب أن تقلق: تتمتع بعض الشركات بثقافات شفافة ومنفتحة وموجّهة بالتقييمات. وإذا كنت تعمل في إحدى تلك المؤسسات، فمن المحتمل أن تستفيد من عمليات الموارد البشرية المتوقعة، بما في ذلك مراجعات الأداء المعيارية، وقرارات الإدارة التي تبدو منطقية وعادلة. لسوء الحظ، لا يعمل معظم الأشخاص في مؤسسات منفتحة مثل تلك، ويضطرون بدلاً من ذلك إلى تحليل الإجراءات أو الأحداث أو التعليقات السلبية التي قد تمثّل علامات تحذير. وإذا كنت تعمل في مؤسسة تتبنّى ثقافة منغلقة، فمن الطبيعي أن تقلق بشأن احتمال خسارتك وظيفتك، لا سيّما إذا كنت قلقاً بشأن أدائك أو كنت تتلقى تقييمات سلبية من مديرك. ومن المفيد في تلك الظروف أن تفهم أسلوب التفكير الذي ينتهجه مديرك وأسلوبه في العمل (سنتحدث عن ذلك لاحقاً).
لا داعي للقلق: إذا كانت ثقافة شركتك منفتحة وعادلة بشكل عام، فلن تُفصل من العمل على حين غرّة، بل من المحتمل أن تُسرّح من العمل بعد أن تحصل على تفسير واضح بوجود فجوة بين أدائك وتطلعات المؤسسة، وهي فجوة قد يصعب سدّها. ويمكنك بالتالي التوقف عن القلق، ما لم تكن تُجري تلك الأنواع من المحادثات مع مديرك أو قسم الموارد البشرية بالفعل. من ناحية أخرى، إذا كنت تؤدي المسؤوليات المُسندة إليك وتتلقى تقييمات إيجابية أو بنّاءة من مديرك باستمرار، فتلك إشارة رائعة، إذ لن يكذب عليك مديرك بشأن الأداء الإيجابي.
كيف يفكر مديرك وكيف يتصرف؟
يجب أن تقلق: تتمثّل أفضل طريقة لتقييم إذا ما كنت ستُفصل من العمل أم لا في أن تسأل مديرك بشكل مباشر. قد يكون الأمر محرجاً بعض الشيء، لكن يمكنك التعامل مع الموضوع بطريقة خفية، كأن تقول خلال الاجتماع الفردي التالي: "أرغب في سماع تعليقاتك حول أدائي. هل تشعر أنني أفي بتوقعاتك أم أن هناك مجالات محددة في عملي عليّ تحسينها؟" يمكنك حتى إضافة: "ما الذي يمكنني فعله لإضفاء مزيد من القيمة لك وللشركة؟" غالباً ما يواجه المدراء صعوبة في تقديم تقييمات سلبية، لكن يمكنك أن تسهّل عليهم انتقادك عبر منحهم الأمان في ذلك. فإذا كانت التقييمات التي تحصل عليها سلبية للغاية وليست بنّاءة، فتلك إشارة إلى ضرورة أن تقلق، لكن تذكّر أن التقييمات النقدية قد تكون مفيدة أحياناً، فهي تُظهر مدى اهتمام مديرك بنموك.
قد يرفض بعض الأشخاص التماس تقييمات من مدرائهم بشكل مباشر، ولا بأس في ذلك. ويمكنك في تلك الحالة أن تبحث عن مؤشرات في سلوك مديرك في العمل. اسأل زملاءك في الفريق إن كان مديرك يزودهم بتقييمات بنّاءة عن أدائهم، وإذا كان يتواصل معهم بشكل منتظم وواضح، وهل كانت سلوكيات مديرك وأفعاله متوقعة أم لا. قد يكون لديك ولدى زملائك في العمل وجهات نظر مختلفة عن الشخص نفسه، لكن قد يفيد الفهم الجماعي لشخصية المدير في تفسير سلوكه بوضوح، ما يقلّل من أي مخاوف كاذبة لديك بشأن احتمالية فصلك من العمل.
ومع ذلك، إذا لاحظت أن مديرك في العمل يزودك بتقييمات سلبية أكثر من زملائك في العمل، فعليك تركيز انتباهك إلى تلك الحالة. على سبيل المثال، إذا قال لك مديرك: "علينا إتمام العمل على هذا المشروع بشكل أسرع"، أو "حاول في المرة القادمة العمل على المشروع وفق هذا النهج"، لكنه لم يزوّد زملاءك في الفريق بتقييمات تصحيحية بشكل مستمر، فتلك إشارة سيئة. قد لا يعني هذا بالضرورة أنك على وشك أن تُفصل من العمل، لكنه قد يشير إلى ضرورة إجراء محادثة مباشرة مع مديرك للوصول إلى طريقة التفكير نفسها. كأن تقول: "لاحظت أنني تلقيت الكثير من التقييمات السلبية منك مؤخراً، وأريد التحقق من جودة أدائي، هل يمكنك مشاركة بعض التوصيات معي حول كيفية تحسينه؟"
احرص دائماً على إجراء تلك المحادثة مع مديرك، فقد تكون تلك المواقف خفية، وقد تكون جزءاً من المشكلة أحياناً. إذا كنت غير واثق في مدى انفتاح مديرك وتشعر أنه يُعاملك بشكل مختلف عن الآخرين، فقد يكون من المفيد التحقيق في المشكلة مع قسم الموارد البشرية.
لا داعي للقلق: إذا طلبت من مديرك الحصول على تقييمات صريحة وأجابك بأنه سعيد بأدائك، فخذ تقييماته تلك على محمل الجد وقلّل من حدة قلقك. وبالمثل، إذا وجدت عندما تشارك تجاربك مع زملائك في العمل أن مديرك يتواصل مع الجميع بطريقة مماثلة، فتلك إشارة جيدة أيضاً. قد تكتشف أن مديرك يقول للجميع: "أحتاج إليه بشكل أسرع في المرة القادمة"، أو "كان عليك تنفيذه على هذا النحو"، وقد تفهم حينها أن تلك ليست بإشارة على غضبه منك أو أنك على وشك فقدان وظيفتك، إذ ليس من الضروري أن يكون كل إجراء بسيط من مديرك إشارة لك، وكلما تعرفت عليه أكثر، فهمت أسلوبه في التعامل.
ما تحيزاتك الشخصية؟
يجب أن تقلق: معظم الناس متفائلون لدرجة أنهم يفكرون بتعالٍ في أنفسهم ويبالغون في تقدير مواهبهم وإمكاناتهم. وقد تصيبهم الدهشة عندما يُفصلون من العمل بشكل غير متوقع أو عندما لا يحصلون على ترقية. من ناحية أخرى، غالباً ما يكون المتشائمون أكبر المنتقدين لأعمالهم. فإذا كنت شخصاً متفائلاً ونادراً ما تشعر بالقلق وما زال لديك إحساس داخلي بأنك قد تفقد وظيفتك، فأنا أشكك في رأيك هذا.
لا داعي للقلق: أهم ما يمكنك فعله هو تحديد إن كنت شخصاً متفائلاً أو متشائماً، إذ سيساعدك ذلك في تحديد إذا ما كان عليك القلق أم لا. على سبيل المثال، أنا شخص متشائم بطبعي ومتشكك وسلبي، وهو ما يدفعني إلى الشعور بالقلق والتوتر. لكن بما أنني على دراية بتلك المشاعر، يمكنني القول بأني أبالغ في التفكير في احتمال وقوع أحداث سلبية. فعندما أفكر في السيناريوهات السيئة، فيمكنني أن أعترف حينها أنني أتوقع فقط. وعندما أفكر في السيناريوهات الإيجابية، فيمكنني تعزيز فكرة أن القادم أجمل. وعندما تصل إلى تلك المرحلة من الوعي، ستنجح في كشف ميولك ونزعاتك وتغيير نظرتك للواقع وتفسير موقفك بشكل أكثر دقة. فإذا كنت قلقاً طوال الوقت بشأن كل شيء، فمن المحتمل أن تكون مخاوفك بشأن الفصل من العمل مرتبطة بشخصيتك العامة كشخص دائم التوتر القلق أكثر من ارتباطها بحقيقة أدائك في العمل.
باختصار، لا بأس من الإفراط في التفكير في بعض المخاوف طالما أنك تبحث عن صحتك النفسية وتثبت مخاوفك بالأدلة. قد نشعر بالقلق أحياناً في محاولة لحماية أنفسنا والاستعداد للمجهول، وقد يكون هذا القلق هو بالضبط ما يجعل أداء البعض منا أفضل. لكن تذكّر أن الفصل من العمل ليس نهاية العالم، فقد تعرّض العديد من الفنانين والمبدعين والمبتكرين الموهوبين في العالم للفصل من أعمالهم في مرحلة ما من مساراتهم المهنية، تماماً كالأشخاص الناجحين للغاية الذين أشرت إليهم سابقاً، ومنهم كاردي بي وستيف جوبز وأوبرا وينفري على سبيل المثال لا الحصر. قد يبدو لك الأمر صعباً في الوقت الحالي، لكن عندما تظهر لديك مخاوف بشأن احتمال الفصل من العمل، فذكر نفسك أن ذلك لا يعني أن مسيرتك المهنية قد انتهت، بل يعني أنها في الطريق إلى تحقيق التوازن مجدداً.