لم تُعِر سارة جونز اهتماماً لما حدث في حفل وداع زميلتها، ولكنها كانت حزينة لرحيلها.
مع مغادرة زميلتها التي تدعى آن بانك للعمل، أدركت سارة بصفتها نائب رئيس المبيعات والتسويق لشركة بيكر بيرنبوم إنترناشيونال (Becker Birnbaum International)، وتسمى اختصاراً BBI (بي بي آي) وهي شركة عالمية للمنتجات الاستهلاكية، حاجتها لمدير تسويق موهوب يتولى أمر المنتجات الـ34 والتي يحتويها القسم الذي تعمل فيه.
بعد العمل مع قسم الموارد البشرية على حصر قائمة المرشحين، وجدت سارة اثنين من المؤهلين، وكلاهما يعملان داخل الشركة: مولي أشورث، وهي مديرة العلامة التجارية لفريقها في قسم منتجات التنظيف. وإد يو، وهو موظف صاعد يعمل في قسم التجميل.
تحترم سارة عمل مولي، وهي معجبة بها، فقد أطلقت الأخيرة قبل عامين خدمة اشتراك جديدة للحصول على منتجات التنظيف من الشركة نفسها، وقد حققت نمواً مهماً خلال الربعين الماضيين من السنة. كما بدا واضحاً إعجاب العملاء بتلك المنتجات، كما أن الفريق التنفيذي إضافة إلى فرق البحث والتطوير والتسويق بدوا متحمسين بشأن الخدمة التي أصبحت منصة لاختبار عروض جديدة. ومن خلال توجيه مولي أثناء إطلاق الخدمة وعرضها، أصبحت سارة على دراية وثيقة بنقاط القوة والضعف الخاصة بمرشحتها وكانت على يقين أنها مستعدة للتحدي التالي.
وبمجرد نشر إعلان الوظيفة، أحضرت كريستين جنكنز، وهي نائب الرئيس في قسم الموارد البشرية، سيرة إد الذاتية، وأعطتها لسارة. وكما هو الحال مع مولي، انضم إد إلى الشركة بعد تخرجه مباشرة من كلية إدارة الأعمال وسرعان ما وُصف بأنه من الأشخاص ذوي الإمكانات العالية. كما كانت له قصة نجاح خاصة في القسم الذي يعمل فيه: فقد ساهم بصفته مدير العلامة التجارية في مجموعة التجميل، والمتخصصة في تطوير خط إنتاج مستحضر عمره عشرون عاماً، يتكون من مزيل لمستحضرات التجميل من على الوجه "فريش فايس" (FreshFace) ، محققاً زيادة في المبيعات بنسبة 60% في غضون ثلاث سنوات.
ولعل الأهم بالنسبة إلى كريستين، أن إد حصل على توصية بشأن ملائمته للوظيفة بنسبة وصلت إلى 96% من خلال نظام الموارد البشرية لتحليل الموظفين الجدد، والذي كانت تترأسه كريستين (في حين حصلت مولي على توافق وظيفي بنسبة 83%). وكان الهدف من المبادرة توسيع نطاق استخدام البيانات التحليلية في قسم الموارد البشرية والإعلان عن التوظيف وقرارات الترقية والمكافأة. وكانت سارة سعيدة لرؤية اثنين من داخل الشركة في إطار المنافسة – وكان شعورها كما لو أنها سترتقي سلم الترقيات بنفسها – إلا أن هذا جعل القرار أكثر صعوبة.
وفي الوقت الذي كان الرئيس التنفيذي للعمليات يمتدح بآن، كانت سارة تفكر في مقابلاتها مع إد ومولي.
مقابلة إد يو
قال إد بقليل من الارتباك "آنا آسف، لقد تأخرت كثيراً". سائق سيارة الأوبر أصرّ أنه يعرف طريقاً مختصراً من هيثرو ولكنه كان مخطئاً". لكن سارة لم تتمكن من مقارنته فوراً بمولي، والتي عادة ما تكون جاهزة وهادئة، ولكن سارة حاولت أّلا تصدر حكماً بهذا الشأن.
وأجابت قائلة "لا مشكلة"، هل يمكن أن نبدأ؟".
قال إد بحماس: "بكل تأكيد".
"ما الذي يثير اهتمامك بشأن الوظيفة؟"
أوضح إد أنه في الوقت الذي كان فيه فخوراً بالنمو الذي حققه خط انتاج "فريش فايس" تحت إدارته، إلا أنه كان مستعداً لتحدٍ جديد. قد يستمتع المرء بالغوص في غمار منتج واحد، ولكنه يشعر أن مهاراته كانت تصلح لمنصب أفضل يسمح له بالعمل عبر البرامج وإدارة قائمة أكبر.
اعتقدت سارة أن هذه الإجابة دقيقة وواضحة. وسألت: "ما الذي تعلمته في قسم التجميل وقد تطبقه في قسم التنظيف؟".
وكان هذا سؤالاً مهماً. حيث عمل فريق الإدارة العليا في الشركة على توجيه الأقسام نحو مشاركة المزيد من الممارسات الأفضل وتحسين التعاون. وفي الحقيقة، أراد رئيسها أن تعمل بشكل أوثق مع نظرائها في الأقسام الأخرى.
شرح إد عن اعتقاده بأن طريقة قسمه في البحث الميداني على العملاء، والذي يعود له الفضل فيه في تعزيز مبيعات فريش فيس، قد تصلح أيضاً في قسم التنظيف. وقد كانت الشراكة مع علماء الأنثروبولجيا أمراً تحدث عنه فريق سارة ولكن لم يجربوه بعد. كما سأل إد عن برنامج المشاركة الجديد، مشيراً إلى تقرير حديث حول اتجاهات المشاركة في نماذج الأعمال التجارية. وكان من الواضح أنه قام بما عليه، وبدا ذكياً وطموحاً وعلى دراية جيدة بالأعمال التجارية لعلامات التجميل العالمية ومتلهفاً للتعلم. إلا أن إجاباته وحتى أسئلته بدت جامدة بعض الشيء. ولم تشعر سارة بالديناميكية أو العقلية الريادية التي تعرف أن مولي تتمتع بها. ربما يكون متوتراً أو تلك هي طبيعته. لم تشك سارة في قدرة إد على أداء الوظيفة، ولكنها لم تشعر بالحماس لتوظيفه.
مقابلة مولي
كان إجراء مقابلة مع مولي في نفس اليوم الذي أجريت فيه المقابلة مع إد فكرة رائعة عندما اقترحتها على كريستين، ليكون وقت الظهر هو الوقت المحدد لها. وكان من الطبيعي الاجتماع في مكان الغداء المعتاد بالقرب من المكتب. وأدركت سارة بمجرد دخولها إلى المقهى كيف كانت هذه اللقاءات المتتابعة غير عادلة بالنسبة إلى إد.
كان من المستحيل ألا تعانق مولي للترحيب بها وسؤالها عن آخر أخبار مشاريعها وعائلتها. حتى أنهما طلبا الشيء نفسه: سلطة البيض بالكاري. ولكن سرعان ما انتقلت مولي إلى الحديث عن العمل فور مغادرة النادلة قائلة: "أعلم أننا نتبادل عشرات الرسائل الإلكترونية يومياً، ولكنني أرغب في التعامل مع هذا الأمر كمقابلة رسمية".
وابتسمت سارة قائلة "بالطبع".وكما نصحتها كريستين أن تفعل، طرحت سارة أسئلة مطابقة أو مشابهة لتلك التي طرحتها على إد.
بدأت سارة قائلةً: "أخبريني، لماذا تهتمين بهذه الوظيفة؟". وبدا الأمر غريباً لأنها بالفعل تعرف الإجابة، لكن لكي يصب الأمر في صالح مولي، فقد تابعت المحادثة كما لو لم يكونا زميلتين مقربتين. وأظهرت مولي مع كل إجابة معرفة عميقة بجوانب العمل بالإضافة إلى الأفكار الجديدة التي لديها للتعاون عبر البرامج والاستفادة من نجاح برنامج المشاركة. وكانت مولي مثل إد تتمتع بالبراعة وعمق التفكير ولكنها بدت أكثر دفئاً وأكثر وعياً بذاتها.
وبينما هما في طريق العودة إلى المكتب، اعتقدت سارة أنها حققت إنجازاً مذهلاَ. وعلمت من خلال الابتسامة المرتسمة على وجه مولي أن تلميذتها كانت تشعر بالثقة أنها قد أبلت بلاءً حسناً.
النظام الحسابي:
اجتمعت سارة بعد يوم واحد من حفلة وداع آن مع كريستين وبراد بيبسون، والأخير عالم في مجال البيانات في فريق تحليل الشخصيات.
قالت كريسيتين: "أعلم أنكِ تميلين نحو مولي بعد استخلاص معلومات المقابلات، ولكن أردنا أن نشاركك بعض البيانات الأخرى".
ثم قدم براد رسمين بيانيين ملونين قائلاً: "هذه تحليلات الشبكة للبريد الإلكتروني الخاص بكل من مولي وإد وتواريخ الاجتماعات في قسم علامات التجميل العالمية، وقد حصلنا عليها بإذنهما ودون النظر في محتوى أو تقييمات تلك الرسائل. حيث حللنا كل من تواصل معهم داخل الشركة طوال الأشهر الستة الماضية". وكان من الواضح من الرسوم البيانية أن إد لم يكن فقط متصلاً بزملاء قسم التجميل، ولكن أيضاً بالأشخاص الرئيسيين في مجموعات أخرى. على العكس من شبكة مولي التي كانت بشكل أساسي في نطاق مجموعة منتجات التنظيف.
قالت سارة: لم أكن أعلم أننا سنقوم بهذا النوع من التحليل".
ورد براد قائلاً: "لقد بدأنا للتو بالنظر في الشبكات، ونعتقد أن بإمكانها الكشف عن معلومات مفيدة".
من جهتها، قالت كريستين: "أدرك أن رسماً واحداً لن يؤثر على قرارك، ولكن من الأفضل الحصول على البيانات، أليس كذلك؟ لا يمكن أن تطلقي منتجاً أو حملةً جديدةً من دون بيانات. لذا، ينبغي التعامل مع قرارات قسم الموارد البشرية بنفس الطريقة". لقد كان استخدام البيانات في القرارات هدفاً لطالما سعت كريستين إلى تحقيقه.
وأضافت قائلة: "نحن واثقون من أن القرارات التي يتم اتخاذها باستخدام برامجنا الحسابية مقبولة وقوية وأقل انحيازاً من المشاعر الشخصية تجاه الموظفين".
والتفتت سارة إلى براد متسائلة: "أظن أنك متفق مع ذلك؟، وأجاب براد منتبهاً لرد فعل كريستين: "بالطبع، ولكني أشجع أيضاً كعالم في مجال البيانات على الشك المبرر. إن الخوارزميات التي استخدمناها تعد صيحةً جديدةً في التوجيه الخاص بثلاثة قرارات ترقية حتى الآن. ولكن مازال الوقت مبكراً جداً للحكم على أداء هؤلاء الأشخاص. ولا أريد أن أعطي انطباعاً أننا واثقون من ذلك بشكل تام.
بدت كريستين منزعجة، وقالت: "أُقدر حذرك يا براد، ولكننا سمعنا من مسؤولي قسم التوظيف أن نوع التوصيات التي بدأت تقدمها الخوارزميات والبيانات باتت تغير الطريقة التي يفكرون بها حول المناصب والمرشحين. كما أننا جربنا النظام الجديد لعدة أشهر حتى الآن دون مشكلات.
قالت سارة متنهدة: "سأثق أكثر في هذه الخوارزميات إذا فهمتها بشكل أفضل". وأدركت سارة أنها لم تكن الوحيدة في ترددها، فقد تلقى فريق كريستين الكثير من الأسئلة حول منهجية هذا النظام، على الرغم من الدورات التدريبية التي تم تقديمها على مستوى الشركة.
تقول كريستين: "سأكون سعيدة بالتحدث عن كيفية عمل هذه الخوارزميات، ولكن ينبغي الآن أن نركز على المرشحين. فليس الهدف من النظام أن يكون بديلاً عن قرارك، بل إنه يعمل على إبراز الأشخاص المؤهلين الذين لن تعرفيهم بطريقة أخرى، من أجل أن تتخذي قراراً أكثر استنارة". واستطردت: "سيساعدكِ ذلك على اتخاذ قرار أقل تحيزاً أيضاً" وانضم براد للمناقشة قائلاً: "أنا مؤمن بضرورة الاعتماد أكثر على البيانات بدلاً من الاعتماد على الغريزة الداخلية".
وتساءلت سارة عما إذا كان براد يعتقد أنها تفضل مولي وفيما إذا كان ذلك غير عادل. وانتابها القلق، لكن انصب اهتمامها على صنع قرار موضوعي. فهل ستساعدها الثقة بالنظام الجديد في القيام بذلك؟
تقول سارة: "لكن هذا النظام ليس محايداً تماماً، أليس كذلك؟
تعترف كريستين قائلة: "نقطة جيدة، مازلتِ تعتمدين على مراجعة معلومات الأداء والسير الذاتية التي من الواضح أن التحيز متأصل فيها". "وقد علمنا بجد لمراقبة ذلك. ولأننا في شركة تعتمد على البيانات، فقد رأينا أن نوسع نطاق نهجنا ليشمل الجزء الأكثر أهمية في عملنا وهو –الأفراد-".
قالت سارة: "يبدو الأمر كما لو كنتِ تدفعين إد لنيل هذا المنصب".
قالت كريستين: "لا تنسي أنني يجب أن أتحلى برؤية أوسع، فقد أجرينا التحليل لإظهار الأقرب إلى ترك الشركة، وكان إد بالقرب من صدارة القائمة. من غير المتوقع أن تكون هناك شواغر في منتجات التجميل ونحن نريد الإبقاء عليه.
قالت سارة: ولكن ماذا عن مولي؟، ستتحطم إن لم تحصل على هذه الوظيفة، وأنا متأكدة من أنها ستبدأ في البحث أيضاً".
قال براد: "لم يشر تحليلنا إلى احتمال أن تترك العمل بالشركة، ولكن قد تكوني محقة".
وقت اتخاذ القرار
بعد أسبوع من المداولة، لم تكن سارة أقرب إلى اتخاذ قرار. وكانت تتجنب مولي ووضعت تحليلات براد في الأدراج. لقد كان إد مؤهلاً بشكل واضح وأثار إعجابها. ولكنها عرفت بحدسها أن مولي كانت مستعدة لهذا المنصب، فهل فضلت مولي بسبب علاقتهما الوثيقة؟ وهل ستبقى مولي في الشركة حتى وإن تم تجاهلها؟ كانت سارة بحاجة لاتخاذ قرار، فهل تثق في الخوارزميات أم في حدسها؟
رأي الخبراء
هل ينبغي على سارة أن توظف مولي أم إد؟
باعتباري أحد المشاركين والمتخصصين في تحليلات بيانات الأشخاص لسنوات عديدة، أعتقد أنه من الأفضل تطبيق هذا النظام كمكمل للقرار البشري وليس بديلاً عنه. على سبيل المثال، يمكن استخدام هذه الخوارزميات لتوسيع نطاق مجموعة المرشحين الذين قد يضعهم مدير التوظيف في الاعتبار لوظيفة ما. وبالنظر إلى حالة هذه الشركة، يبدو أن نظام تحليل الأشخاص قد أحسن صنعاً في إلقاء الضوء على إد، بوصفه مرشحاً غير متوقع. إذا كانت الخوارزميات ستقوم باتخاذ قرار الترقية نيابة عن سارة، فإن عبء الإثبات أصبح ثقيلاً للغاية. ذلك أن تتبع سجل ثلاثة قرارات في بي بي آي لا يكفي برأيي لإثبات مدى موثوقية النظام. ومن الأهمية بمكان، عندما يتعلق الأمر بالتوظيف والترقيات أن تكون قادراً على توضيح سبب اتخاذ خيار معين. ولا شك أن سارة محقة في الحصول على مزيد من التوضيحات حول منهجية النظام. فهي ليست بحاجة لمعرفة الشخص الذي توصي به الخوارزمية فحسب، وإنما أيضاً الأساس الذي تقوم عليه هذه التوصية.. إذاً، ما الذي يمكن أن أقترح على سارة القيام به؟ ينبغي عليها أولاً أن تحدد بالضبط ما الذي تحاول تحقيقه من وراء شغل الوظيفة، ما هو الشيء يصعب على الخوارزميات معرفته، وتستند في قرارها عليه. إذا كان النجاح بالنسبة لسارة يعني توظيف مدير تسويق موهوب للقيام بالعمل في أقرب وقت ممكن بل وبأقصى سرعة، فإن مولي تبدو الأفضل. ولكن إذا كانت سارة أكثر حرصاً على زيادة التعاون مع الأقسام الأخرى من الشركة، فإن إد الذي يمتلك شبكة علاقات أوسع يبدو هو الخيار الأكثر ذكاءً. ومن المهم في كلتا الحالتين أن تمتلك سارة القرار وتكون قادرة على توضيح سبب اتخاذها خياراً معيناً.
في الوضع المثالي، ستسعى بي بي آي جاهدة لاتخاذ قرارات توظيف موضوعية وغير متحيزة بوضع بروتوكولات للمقابلات وعملية تقييم منظمة ومعايير محددة مسبقاً وكذلك تحديد علامات المهارات الضعيفة والمتوسطة والقوية التي يتمتع بها المرشحون. وستعلن الشركة عن جميع الوظائف لجذب مجموعة واسعة من المتقدمين. ويقوم العديد من الأشخاص بإجراء التقييم بحيث لا يكون الأشخاص أصحاب القرار النهائي هم نفس الأشخاص الذين قاموا بتقييم المرشحين. وعلى ذلك يمكن استخدام تلك التحليلات لوضع هذه البرتوكولات والتوصية بمرشحين محتملين وتتبع أثر القرارات على الأداء أثناء العمل. لكن هذا لم يحدث هنا: وعلى سارة الآن اختيار أحد المرشحين على أساس العملية المطبقة حالياً في بي بي آي والمعلومات المتوافرة والأهداف التي وضعتها.
في جوجل، لا يتخذ المديرون قرارات التوظيف والترقية من جانب واحد. وتُنشر كافة الوظائف الشاغرة داخل المؤسسة ولأي شخص الحرية في التقدم إليها. كما نستخدم لجاناً مستقلة لتقييم المتقدمين باستخدام قواعد منظمة توضح ما يلزم للنجاح في الوظيفة. ثم نحلل مخرجات تلك العمليات ونتائجها – على سبيل المثال، ما إذا كان هؤلاء الأشخاص يحققون نمواً في وظائفهم الجديدة – وذلك حتى نضمن أننا نتخذ قرارات عالية الجودة. وعندما بدأنا مجموعة العمل المعنية بتحليل الأشخاص في جوجل، كان الهدف أن تستند كافة القرارات على البيانات والتحليلات. ورأينا على مرّ عقد من الزمان حدود قرارات قسم الموارد البشرية القائمة على البيانات. إن هدفنا الآن هو تزويد القادة بالبيانات والسياق الذي يجلب لهم الشعور بالمزيد من الثقة في خياراتهم، دون أن يقوض دورهم في العملية. لذا، فإن شعار فريقنا اليوم هو مساعدة جميع الأشخاص على اتخاذ القرارات استناداً إلى البيانات والتحليلات.
كان على سارة أن تثق بحدسها، لا في الخوارزميات الحسابية. فهي تعرف ما تحتاجه فعلاً من مدير التسويق ومن الواضح أن مولي تتمتع به.
تعاملت قبل أن أغادر نتفليكس مع عدد كبير من شركات تحليل البيانات التي وعدت بمساعدتنا في اتخاذ قرارات أفضل باستخدام نظامها الحسابي، إلا أنني لم ألمس مرودواً جيداً لذلك. ووظفنا في هذا الوقت بضعة آلاف من الأشخاص وكان المتميز من منهم يترقى تلقائياً نحو القمة، لذا كان من الصعب أن تخيل كيف يمكن لهذه الخوارزمية أن تحسن من قراراتنا بدرجة كبيرة. ربما يكون الذكاء الاصطناعي أكثر فائدة في شركة أكبر منا بكثير مثل شركة بي بي أي، ولكن في الوقت الراهن، ينبغي أن يكون اتخاذ القرار من مسؤولية سارة. وهي بالطبع تحتاج إلى اتباع أفضل الممارسات لتعيين المديرين والنظر إلى الفريق ككل في تحليلها.
ما هي ظروف العمل الحالية في هذا القسم، وكيف سيتأقلم معها المدير الجديد الذي ستتم ترقيته؟ وما هي النتائج التي تتوقع سارة رؤيتها خلال ستة أشهر إلى سنة لإثبات أن القسم يعمل بشكل جيد؟ وأي مرشح ذاك الذي سيتلقى الدعم المناسب ليحقق على الأرجح تلك النتائج ؟
إن سارة محقة أيضاً في التشكيك في تحيزها تجاه امرأة تدربت على يديها وعملت معها بشكل وثيق لسنوات عديدة. ومديرو التوظيف غالباً ما يقولون: "أنا أبحث عن شخص ذكي ويمكن الاعتماد عليه ومستعد للانخراط في عمله بسرعة"، ويتصادف أن الشخص الذي يعجبهم يبدو مثلهم تماماً. لكن هذا لا يعد تحيزاً صريحاً، ولكن غالباً ما تكمن المسألة في عدم الرغبة في المخاطرة. وعلى الرغم من أنني لا أرى أي دليل على أن سارة تُفضل مولي لأنها امرأة، إلا أنني أعتقد بضرورة وضع الجنس في الاعتبار في هذه الحالة. فقد أثبتت الأبحاث مراراً وتكراراً أن النساء لا يتم ترقيتهن بنفس معدل الرجال. ورأيت خلال عملي في مجال الموارد البشرية رجالاً يفكرون في المرشحات من النساء إلا أنهم يوظفون رجلاً بدلاً من ذلك، قائلين: "أنا أعرف أنها مؤهلة، ولكني أبحث عن شخص مستعد لزيادة جهده الآن ولا أرغب في تعريضها للفشل"، وبالطبع، لا يمكن أن تفوز إذا لم يعطك أحدهم الفرصة للفشل. وأخشى إذا لم تحصل مولي على هذه الفرصة فقد لا تحصل على فرصة أخرى.
وصفت كريستين الخوارزمية بأنها غير متحيزة، ولكنها أشارت إلى أنه لا يمكن التأكد من أحقيتها دون الحصول على المزيد من المعلومات حول المنهجية والمعايير التي تستخدمها الخوارزمية. وفي الواقع، لدي شكوك حول بيانات الشبكة التي قدمها براد في الاجتماع. هل يمكن أن يكون إد أكثر اتصالاً – لأنه يُدعى إلى مزيد من الاجتماعات، والاتصال بعدد أكبر من الأشخاص – كونه رجل وتم منحه المزيد من الفرص للظهور والتألق؟ ولو كنت مكان سارة كيف ستبدو خرائط الشبكة هذه للرجال والنساء على مستوى الشركة. إنني أقر أنه إذا تبدلت الأدوار في هذه الحالة، وأصبحنا أمام مدير توظيف رجل يُفضل مرشحاً رجلاً يعرفه جيداً على امرأة أوصت بها الخوارزمية، فمن المحتمل أن تكون نصيحتي مختلفة. في هذه الحالة، أدت الخوارزمية عملها بالتوصية برجل غير متوقع. ولكن إذا أجرت سارة تحليلاً عادلاً،- ونحّت باستمرار أفكارها المسبقة جانباً واختيار الأفضل لهذا المنصب بشكل موضوعي –وظلت تفضل مولي، فإنها تثق في حدسها وسوف تنال مولي الترقية.
تعليقات مجتمع هارفارد بزنس ريفيو
الطابع الشخصي
تساعد الخوارزميات على تحديد المرشحين المحتملين، إلا أنها لا تستطيع الجزم بمدى كفاءة موظف وقدرته على الاندماج في فريق جديد. كما أنها لا يمكن تحديد الجوانب غير الملموسة مثل الكيمياء الشخصية والقدرة على العمل الجماعي من خلال شيء تحليلي مثل الخوارزميات.
ثورفي دا تشارلز، خبير استشاري بارز في الاعتماد على الأنظمة والخدمات المهنية.
اختر إد
لا تظهر البيانات أن إد أكثر ملاءمة للوظيفة فحسب، بل إنه أجرى مقابلة جيدة جداً. كما تمتعت مولي بأفضلية غير عادلة، ويبدو أن قرار ترقيتها على إد متحيز ويعتمد على رأي شخصي.
وليام كامينغز، محلل العمليات التنفيذي، بي آر نيوزواير ساين
جرّب المزيد من الوقت
أود أن أعرض قاعدة ينبغي على المرشحين فيها تحقيق نسبة معينة من المعايير – لنقل على سبيل المثال، أعلى من 80% ليكون مؤهلاً للنظر في أمر توظيفه. من هنا، يبدأ المدير المباشر في قيادة عملية اتخاذ القرار. يتم تغذية الخوارزمية لتصبح أكثر دقة بمزيد من
بالبيانات. وبعد مرور عام، ستصبح هذه الخوارزمية أكثر موثوقية.
دانيال فاكاسين، مؤسس فريق إنديجو جولد