هل شعرت يوماً أنك لا تحصل على التقدير الذي تستحقه لمواهبك ومهاراتك بسبب تأثير مديرك؟ هل تشعر أنك دائماً في ظل مديرك؟ أنت لست الوحيد الذي يشعر بهذه الطريقة.
في الواقع، يميل معظم المدراء إلى إبقاء أفضل موظفيهم تحت سيطرتهم عن طريق الحد من وصولهم إلى كبار المدراء الآخرين. ولكن بدلاً من القلق بشأن تصرفات مديرك، من الأفضل التركيز على الإجراءات التي يمكنك اتخاذها مع احترام التسلسل القيادي في مكان عملك. تذكر أن عليك الالتزام بالقاعدة القديمة التي تنص على عدم تجاوز مديرك المباشر والتواصل مع مديره، فلو أن الجميع ذهب مباشرة إلى الإدارة العليا كلما كان لديهم خلاف مع مدرائهم، فستسود الفوضى. فيما يلي اقتراحان يمكن أن يساعداك على تعزيز ظهورك في مؤسستك دون انتهاك التسلسل القيادي:
تطوع في الأنشطة المتعددة الوظائف التي تشمل أشخاصاً في مستواك أو أعلى: اقترح تقديم منتج أو عملية جديدة إلى قسمك، أو انضم إلى فريق يعمل على تقييم استراتيجية جديدة. شارك في مجموعة تركيز تعمل على تقييم خيارات المزايا الجديدة. ستنجح غالبية المبادرات التي تتخذها، خصوصاً إذا كان من اقترحها شخص أعلى منك مرتبة وأظهرت احترامك للتسلسل القيادي بالقول مثلاً "موافق، ولكن يجب أن أراجع مديري في هذا الشأن أولاً". إليك نصيحة هنا: لن يستطيع مديرك رفض طلبك إذا أعلنت طلب تطوعك في اجتماع حيث يسمعه الآخرون، أو إذا كانت المهمة تمثل أولوية للمؤسسة. من المحتمل أن يتوقع منك مديرك أن تتولى هذه المهمة بالإضافة إلى مسؤولياتك الحالية، لذلك سيتعين عليك معرفة كيفية التعامل مع هذا الجانب أو كيفية رفض المهام التي ليست بالأهمية نفسها.
إليك مثالاً: تطوع مدير شاب يُدعى جون -كان مديره مسيطراً عليه بشدة- في مشروع للمساعدة في الاستعانة بمصادر خارجية لجزء من عمليات شركته في الفلبين، الأمر الذي تطلب منه السفر إلى آسيا. نظراً لأهمية المشروع، لم يكن بوسع مدير جون الرفض، وبما أن المشروع كان في مكان بعيد جداً، لم يكن مديره ليطلب منه تحمل مسؤوليات دوره الحالي ودوره في المشروع الجديد. برع جون في الدور الذي تطوع من أجله، ما عزز ظهوره أمام مدراء مديره وكبار المدراء الآخرين، ما أعطى دفعة كبيرة لمساره المهني.
من الضروري اختيار الفرص التطوعية التي تتيح لك إظهار مهاراتك. على سبيل المثال، إذا كان إقناع الآخرين إحدى مواهبك، ففكر في الانضمام إلى الترويج لحملة شركة يونايتد واي الخيرية في شركتك، وإذا كنت متفوقاً في التعامل مع التفاصيل، فاقترح إدارة الخدمات اللوجستية لمشروع معقد. وإذا كانت لديك موهبة إدارة الأشخاص، فتطوع لشغل منصب يسمح لك بإظهار مهاراتك القيادية.
كن مثل رائد أعمال في مؤسستك: وذلك ليس بالصعوبة التي قد تتصورها، فهناك دائماً فرص لبدء مشاريع أو أفكار جديدة داخل مؤسستك، وسيتفاعل زملاؤك معها وسيقدمون المساعدة لك. ولكن انتبه، قد يتعين عليك بدء مشروعك بطريقة غير رسمية أو خارج ساعات العمل العادية إذا كنت تعمل في مؤسسة رسمية جداً. فيما يلي ثلاثة أمثلة لرواد الأعمال الداخليين الذين خرجوا من تحت عباءة مدرائهم:
- لاحظت إحدى المتدربات في مجال الإدارة أن شركتها لا تخصص يوماً لخدمة المجتمع مثل الشركات الأخرى في مدينتها، لذلك تحدثت إلى زملائها في هذا الصدد وشكّلت مجموعات صغيرة وطلبت من صديق لها يعمل في مجال التسويق مساعدتها في إنشاء عرض تقديمي لشرح الفكرة. بعد ذلك، تواصلت هي وفريقها مع قسم الموارد البشرية الذي وافق على اقتراحهم بدوره وقدم المساعدة لعرضه على الإدارة العليا للشركة. نُفذ يوم خدمة المجتمع في النهاية دون أي مشكلات، وبالإضافة إلى تقديم خدمة رائعة للمجتمع، فقد حظيت هي وزملاؤها بالتقدير على نطاق واسع.
- وجدت مديرة إدارة تقنية نفسها في موقف حيث كانت ترى أن الأشخاص الذين تدربهم ينتقلون إلى مناصب ممتازة خارج القسم، في حين أن مهاراتها الفنية المتقدمة وإنتاجيتها العالية أديتا إلى صعوبة الاستغناء عنها في دورها الحالي. بمبادرة منها، أعادت تنظيم وظيفتها بالكامل وأتمتتها، ما أدى إلى توفير كبير في الوقت والتكلفة. ثم شاركت أساليبها مع الإدارات الأخرى المماثلة، ما عزز أهميتها داخل المؤسسة بصفتها أحد الموارد القيمة.
- كانت مسيرة نائب الرئيس المهنية في حالة ركود عندما قررت الشركة التي يعمل بها، وهي شركة عالمية كبرى، التوسع في دول البريكس النامية. وبما أنه كان مواطناً برازيلياً في الأصل، كان نائب الرئيس يدرك مدى أهمية فهم الثقافات المتنوعة للبلدان التي كانت الشركة تغامر بالدخول إليها. مستغلاً علاقاته الشخصية مع زملائه الآخرين الذين وُلدوا أو عاشوا في دول البريكس، عمل على إعداد مهرجان للطعام بعد ساعات العمل لعرض الأطعمة من كل دولة من هذه الدول. حقق المهرجان نجاحاً باهراً، ما فتح المجال لإطلاق سلسلة من البرامج التي تلقي الضوء على ثقافات كل دولة من دول البريكس. وهكذا، وبعد أن لفت انتباه الإدارة بقدرته على تنظيم المشاريع المعقدة وقيادتها، أُتيحت له خيارات مهنية جديدة.
يجد بعض الأشخاص صعوبة في أخذ زمام المبادرة. يتساءلون "لماذا لا يقدّر أحد قيمتي؟" لكن الحقيقة هي أن الآخرين لن يدركوا قيمتك ما دمت تنتظر منهم أن يلاحظوا ذلك دون أن تفعل شيئاً. بدلاً من ذلك، أثبت جدارتك من خلال التطوع واتخاذ المبادرات التي تظهر قدراتك. ماذا ستخسر؟ لا شيء، لكنك ستخرج من تحت ظل مديرك.