تدخلين إلى جناحك الراقي في الفندق بسعر 1,000 دولار لليلة الواحدة. الحمام رائع، مليء بالشامبو، وسائل الاستحمام، والمستحضرات، والصابون. المناشف فخمة، ووفيرة، ومطوية بعناية. رائع. لكن لديك اجتماع بعد ساعة واحدة، وأنتِ بحاجة إلى مثبت للشعر، أين هو؟
تتصلين بمكتب الاستقبال، فيأتيك الجواب: "تستطيعين شراء مثبت الشعر من محل بيع الهدايا، سيدتي".
هذا الأمر مزعج للغاية. لماذا لا يوجد مثبت شعر في حمامك؟
لا يوجد بسبب:
أ) أنه لم يكن على الأرجح في قائمة الأغراض التي بحث عنها المتسوق السري من وكالة التصنيف (مثل وكالة "AAA" أو دليل فوربس للسفر) والتي استعان بها الفندق لمساعدته على ضمان اتساق خدماته.
ب) لم يطور الفندق أو يستفد من بيانات المستهلك للمستوى الذي يمكّنه من معرفة:
1) أنكِ امرأة.
2) أنكِ جئت إلى المدينة في رحلة عمل.
للقيام بذلك، يحتاج الفندق إلى معلومات على مستوى أعمق بكثير من خلال الاستفادة من البيانات وتحويلها إلى معلومات يمكن استخدامها لتقديم تجربة مخصصة. لا يمكنه الاعتماد على قوائم التحقق فحسب.
لا تستخدم قوائم المتسوق السري فقط في قطاع الضيافة، ولكن أيضاً في قطاع السيارات، والمطاعم، والبيع بالتجزئة، وغيرها. تصمم الشركات إجراءات قياسية لضمان الحصول على تصنيفات جيدة عن طريق توفير جميع المتطلبات في قوائم وكالات التصنيف، ومن ثم تستخدم هذه التصنيفات من قبل إدارات شركة التسويق لإثارة انطباع لدى العميل ومن ثم زيادة حجم الإيرادات. هذه التصنيفات لا يمكن تجاهلها. حيث إن الحصول على تصنيف سيئ كفيل باستخدامه ضدك من قبل منافسك.
ومع ذلك، ففي محاولة لتقديم خدمة فاخرة من خلال تنفيذ عمليات موحدة من شأنها أن تضمن الامتثال، مع قوائم مصممة من قبل أطراف ثالثة لا تعرف عن عملك بمقدار ما تفعل، بالطبع ستفشل في تلبية احتياجات العملاء الفردية. تتناول هذه القوائم أساسيات الخدمة الجيدة - لكن تلبية متطلبات وكالات التصنيف باستخدام إجراءات قياسية كفيل بتخييب أمل الأفراد الذين أنت بحاجة لهم كمزود للخدمات الراقية.
تخصيص الخدمة هو التعريف للخدمات الراقية ويعتبر الفارق الأساسي في المنافسة. التحدي الذي يواجه أي عمل يسعى إلى تقديم تجربة راقية هو أن يكون على دراية بما فيه الكفاية لتجاوز المستوى، وأن يكون لديه رذاذ مثبت للشعر للشخص الذي يحتاج إليه سواء كان على قائمة أم لا.
قد لا يكون الأمر سهلاً، وقد لا يناسب أعمال الضيافة التي تهتم بجمهور الناس. ومع ذلك، فإن ذلك هو التحدي الذي وضعته مجموعة "دورتشستر" لنفسها بصفتها شركة خدمات فاخرة، وبصفتي مديراً عالمياً لتجربة الضيافة والابتكار لجميع فنادقنا الأيقونة، إنه مضمار التحدي.
ولا مناص عن التصنيفات بالطبع.
من المقدر أن تتجاوز صناعة "المتسوق السري" ما يقرب من مليار دولار في الولايات المتحدة، حيث تساعد الشركات على تقييم أدائها ومعرفة نظرة العملاء لها.
ما يجري تقييمه وتصنيفه من قبل المتسوقين السريين هو الأساسيات: يجب أن تكون الأغطية محبوكة بعدد معين من الدرزات، يجب أن يكون هناك زهور في غرف الطعام، يجب تحية الضيوف خلال مدة زمنية محددة، يجب أن تصل خدمة الغرف خلال دقائق معلومة. جميع هذه الأمور جيدة وضرورية، لكن نفس البروتوكولات التي تهدف إلى جعل تجربة العميل متسقة، قد تعرّض للخطر العناصر الموضوعية في تلك التجربة.
من معايير الصناعة أن يشرح "حامل الحقائب" مزايا ووظائف الغرفة عند تسليم الحقائب. من المتطلبات أن يشير الموظف إلى جهاز التلفزيون، قائلاً: "هنا يوجد التلفزيون".
للزائر الذي يقيم لأول مرة في الفندق، قد يكون هذا مفيداً، أما بالنسبة للمسافر الخبير، فقد يتحول ذلك إلى مجرد إزعاج، ولكن إذا تجاهل الموظف الحساس هذه المعلومة، فقد يدوِّن المتسوق السري ملاحظة تقول إنه لم يتم الإشارة إلى "مزايا ووظائف" الغرفة، مما يؤدي بدوره إلى تخفيض تصنيف الفندق من قبل وكالة التصنيف. يعني هذا التخفيض الشيء الكثير لوكيل السفر أو مخطط الاجتماعات، وقد يؤدي ذلك إلى خسارة الفندق لإيرادات مستقبلية.
هذه هي معضلة شركات الخدمات الراقية: يجب عليها الامتثال كي تنجح، لكن هذا النجاح قد يحمل بطياته إخفاقات مستقبلية لدى أهم عُملائها.
كيف يمكن الجمع بين هذه المتناقضات
مفاتيح الخدمة الفردية - الشرط الذي لا غنى عنه في خدمات الرفاهية - مع الإبقاء على اتساق الخدمات: البحوث، وتصنيف العملاء، والاتصالات، والمراقبة.
البحوث
فور إجراء الحجز لدى فندق من مجموعة "دورتشستر" نشرع في تجميع ملف حول اهتمامات وتفضيلات العميل الشخصية، بالاعتماد على نظام إدارة علاقات العملاء للفندق (للنزلاء المتكررين)، والبحث عبر "جوجل" عن اسم العميل، وتفقد صفحات التواصل الاجتماعي، وتحليل البيانات التي جاءت مع الحجز: المتطلبات (إن وجدت)، هدف الزيارة، وغيرها.
في كل يوم يجتمع فريق مؤلف من مختلف وظائف الفندق (خدمة الغرف، الطعام والشراب، مكتب الاستقبال، وغيرها) لمراجعة هذه الملفات لتوقع الخدمة التي قد يتطلبها العميل. يتم مشاركة هذا الملف مع الموظفين الذين سيكون لهم اتصال مع الضيف فقط، لن تعرف خدمة الغرف عن تفضيلات المنتجع للضيف.
تصنيف العملاء
نرفق بعد ذلك الملف مع صنف العميل - والذي يتضمن أشياء مثل رجال، نساء، رجال أعمال، عائلات.. إلخ - لتخصيص تجربة العميل وفقاً لذلك.
على سبيل المثال، لا يحتاج المسافرون من رجال الأعمال إلى موظف ليخبرهم بمكان التلفزيون، ويريدون الحصول على حقائبهم بأسرع وقت، وتركهم وشأنهم.
نحن نقدم خدمة المنتجع في غضون 30 دقيقة بدلاً من 60 (وذلك لأنهم مشغولون)، وإذا كانوا يودون إتمام أعمالهم في المطعم (حيث يتم توقيع العديد من الصفقات)، فإننا نعمل على التأكد من عدم مقاطعتهم في أثناء ذلك. بالنسبة للمسافرين من رجال الأعمال، فإن الخدمة الفاخرة تعني أن تكون غير مرئية، فهم يبحثون عن خدمة سلسة دون ضجة.
الاتصالات
الفضول هو نوع من الجودة التي نبحث عنها - ونعمل على توظيفها - ضمن العاملين لدينا. دون وجود موظف فضولي يطرح الأسئلة ويستمع إلى الضيوف، لن نستطيع الحصول على معلومات لبناء الملفات المستقبلية: "ما الذي أتى بك إلى فندقنا؟"، "ما الذي يمكننا فعله لجعل إقامتك أكثر متعة؟"، نحن نكافئ الموظفين الذين يتواصلون مع العملاء، ونجعل نجاحاتهم جزءاً من ثقافة الفندق المحكية.
المراقبة
حجز لدينا أحد المعدين الموسيقيين (DJ) تحت اسم مستعار، ولم يكن لدينا ملف عنه، ولكننا لاحظنا أنه يلتقط المئات من الصور. أخطرت خبيرة التواصل الاجتماعي لدينا الموظفين، وأدركنا أنه كان ينشر هذه الصور لملايين المتابعين على "إنستغرام"، فتابعت منشوراته، وأعادت نشر تغريداته، ونشرتها على صفحتنا على "فيسبوك". كان من الواضح بالنسبة لنا (من الاسم المستعار) أنه لم يكن يرغب بكشف اسمه كي لا يتعرض للإزعاج، لكن كان من الواضح (من مشاركاته الاجتماعية مع ملايين المتابعين) أنه كان يرغب بالحصول على مشاركة رقمية.
بالرغم من أهمية وكالات التصنيف، هناك الآن ملايين "المتسوقين السريين" الذين يضيفون تقييماً موضوعياً على موقع "تريب أدفايزر" (Trip Advisor) وغيره. توصف قنوات التواصل الاجتماعي بأنها على قدر من التعقيد، لكنها ليست كذلك. المسألة أبسط من هذا: هل تقوم بتوسيع قاعدة جمهورك؟ هل تشرك الآخرين معك؟ وبالنسبة لقطاع الخدمات الراقية، هل تتواصل معهم كأفراد - وليس كبنود على قوائم التحقق.