تقرير خاص

الخدمات الحكومية الرقمية في منطقة الخليج العربي: اغتنام الفرص لتعزيز موثوقية المستخدمين

5 دقائق
الخدمات الحكومية الرقمية
shutterstock.com/MiniStocker

شهدت الأشهر الأخيرة توجهاً ملحوظاً من قبل الحكومات لتبني استراتيجيات شاملة ومتسارعة وموجهة للاستفادة من إمكانات التحول الرقمي في تقديم الخدمات الحكومية الرقمية، مدفوعة بمجموعة واسعة من الاحتمالات والتأثيرات المنتظرة في العالم المتصل الجديد. وقد أدى التأثير المستمر والإيجابي للتقنيات الناشئة إلى التأكيد على أهمية ريادة التغيير وضرورتها، التي أصبحت أكثر وضوحاً من أي وقت مضى – بالتزامن مع اتخاذ إجراءات حاسمة دون التخلي عن الأولويات. وبالفعل، أقر القادة والمسؤولون الحكوميون بهذه الضرورة، حيث وسعت الحكومات عبر المنطقة نطاق وقدرات خدماتها الرقمية على كافة الأصعدة، ما يفرض بالتالي ضرورة استمرارية البناء على هذا الزخم، وتعزيز ثقة المواطن إلى مستويات أعلى عبر الاستفادة من الفرص والإمكانات القائمة.

وينطبق هذا على دول مجلس التعاون الخليجي، حيث أدى انتشار جائحة "كوفيد–19" إلى زيادة الطلب للحصول على خدمات حكومية رقمية فعالة. وقد أدى تمكين السكان عبر توفير الخدمات الرقمية في مناطق جغرافية مختلفة، إلى تعزيز مكانتهم كدعامة أساسية لفترة ما بعد الأزمة. وبينما يتمتع مواطنو المنطقة والمقيمون فيها بقدرات الراحة والمرونة المكتشفة حديثاً، استطاعت الحكومات تحقيق إنجازات استثنائية، مع تسخير أطر الخدمة الرقمية ورؤى المستخدم النهائي لتحسين أنماط الحياة والرفاهية وتعزيز العلاقات بين المجتمعات، وبين الحكومات والمواطنين.

التوسع في الخدمات الرقمية

على سبيل المثال، وسّعت دولة الإمارات العربية المتحدة محفظة الخدمات التي يوفرها تطبيق "UAE PASS"، بالإضافة إلى تخصيص هذه الخدمات بما يتوافق مع احتياجات المستخدمين، فضلاً عن تحسين حلول الهوية الرقمية الوطنية وميزة التوقيع الرقمي. وقد تم توفير تجارب رقمية قيّمة لمواطني دولة الإمارات العربية المتحدة في جميع النواحي من خلال الترقيات التكنولوجية، مع مجموعة واسعة من الخدمات الرقمية المتكاملة. على صعيد آخر، شهدت المنطقة مجموعة من حالات النجاح الأخرى على مستوى الخدمات الحكومية، لا سيما التطبيقات المخصصة لتتبع حالات الإصابة بوباء "كوفيد -19"، فعلى سبيل المثال، وفر تطبيق "توكلنا"، (وهو التطبيق الرسمي المعتمد من وزارة "الصحة" بالمملكة العربية السعودية للحد من انتشار فيروس كورونا)، القدرة على تتبع حالات العدوى في كافة أنحاء المملكة وأهم المستجدات بخصوص الجائحة. وعلى صعيد موازٍ، أسهمت منصة "شلونك"، وهو تطبيق تفاعلي مقدم من وزارة "الصحة" بدولة الكويت، في توفير الحماية والرعاية الصحية للمواطنين والمقيمين المحالين إلى العزل المنزلي أو الحجر الصحي.

وقد أثبتت هذه الحلول فعاليتها، مساهمة في تعزيز مكانة حكومات دول مجلس التعاون الخليجي، باعتبارها رائدة في مجال توفير الخدمات الرقمية من المستوى العالمي، بعدما رسخت مكانتها الفاعلة لناحية تقديم وتبني مثل هذه الخدمات. وقد تم إثبات هذه التوقعات في استبيان الخدمات الحكومية الرقمية للمواطنين (DGCS) لعام 2020، الذي يستعرض بوضوح النتائج البارزة في هذا المجال. ومن بين 36 دولة مشاركة، حققت المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ودولة قطر تقدماً كبيراً في هذا الصدد، حيث احتلت هذه الدول المرتبة الثانية والثالثة والرابعة على التوالي من حيث عدد الخدمات الرقمية التي تقدمها. على صعيد آخر، شهدت الخدمات الرقمية إقبالاً واسع النطاق في جميع أنحاء دول مجلس التعاون الخليجي، حيث تفخر البلدان التي تقع ضمن هذا المعيار بمعدلات اعتماد تبلغ 61.3%، أي أعلى بنسبة تزيد على 30% من المتوسط ​​العالمي.

وأظهر الاستطلاع رضا المشاركين عن الخدمات الحكومية الرقمية المقدم، حيث احتلت الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية المراتب الأولى في درجات الرضا بمعدل 76% و73% على التوالي مقارنة بالمتوسطات العالمية. وبالمثل، سجلت قطر درجة رضا متوافقة مع متوسط البلدان النامية البالغ 58%.

ومن المؤكد أن المزايا التي وفرها اتباع هذا النهج، قد أسهمت في تعزيز رضا وموثوقية المستخدمين والحكومات على حد سواء، لا سيما من ناحية قدرات الاتصال المباشر، وتوفير المنصات المتعددة، وإمكانية الوصول إلى المعلومات. ومن المعلوم أن الخدمات الرقمية تواجه مجموعة من التحديات، مثلها مثل كافة الخدمات التي تؤدي إلى إحداث تغيير جذري، كجزء طبيعي وملحّ من مسيرة التحول، الأمر الذي يفترض ضرورة الاهتمام بها وإيجاد الحلول المناسبة لما فيه مصلحة الجميع. وبالنسبة لحكومات دول مجلس التعاون الخليجي، تمثل فجوة الثقة المستمرة تحديات مستقبلية، حيث يظهر المستخدمون مخاوفهم فيما يتعلق بالشفافية وجمع وتخزين البيانات الشخصية وخوارزميات الذكاء الاصطناعي ذات الصلة.

أبرز اتجاهات الاستفادة من التحول الرقمي

بشكل عام، يحرص المستخدمون على سلامة بياناتهم الشخصية، ويظهرون حاجتهم إلى الحصول على ضمانات بعدم تعرض هذه البيانات للانتهاكات وعدم استخدامها على نحو غير ملائم. ويؤدي انخفاض موثوقية المستخدمين، إلى تراجع تبني هذه التطبيقات في الوقت الحالي، مع إمكانية زيادة التأثير على مستقبل الخدمات الرقمية. من ناحية أخرى، أدى تبني الذكاء الاصطناعي على نطاق واسع إلى إحداث تناقضات مختلفة يصعب على الكثيرين فهمها دون التعرف بشكل واضح ومفصل على طابعها العملي. على هذا النحو، يقع العبء على الحكومات لتنفيذ إطار عمل يسهم في تمكين المواطنين والمقيمين، عبر تنمية معرفتهم بكيفية استخدام البيانات والذكاء الاصطناعي كقوة من أجل الخير. ومن المؤكد أن تسهم مثل هذه الخطوات في دول مجلس التعاون الخليجي في تسريع التقدم نحو عدة اتجاهات أبرزها:

إعطاء الأولوية لتحسين الخدمات الرقمية المستدامة: مع تمكن معظم الحكومات من تأسيس خدماتها وتطوير حلولها، فإن المسار الأكثر حكمة للعمل الحالي، يتمثل في السعي إلى تحقيق إنجازات أكبر. ويجب على القيادات في هذا الإطار، تحديد الخدمات الأكثر قيمة للمواطنين والارتقاء بمستوى الراحة عبر كافة العمليات، مع تعزيز القدرات وإمكانيات الوصول.

تمكين المواطنين والاستمرار عبر تعزيز مستويات الخصوصية والتحكم: بالنظر إلى أن حماية البيانات الشخصية تمثل أهمية بالغة للمستخدمين، فيمكن للحكومات اتباع استراتيجية تسهم في تسهيل عملية التحول النموذجي، على نحو يتوافق مع توقعات المستخدمين، عبر تمكينهم من التحكم ببياناتهم. وستساعد الخصوصية وسهولة الاستخدام في تبديد المخاوف وتعزيز اعتماد البيانات الأخلاقية ومشاركتها. ويستلزم هذا الواقع ضرورة نشر فوائد مشاركة البيانات بشكل فعال عبر تسليط الضوء بدقة على كيفية استخدام هذه البيانات وحمايتها وكيفية الوصول إليها من قبل الآخرين. كما يمكن للحكومات إطلاع المواطنين على الخطوات التي يتم اتخاذها لدعمهم وحمايتهم.

الإشراف على عمليات الاستثمار في أمن البيانات: على الرغم من أن حكومات دول مجلس التعاون الخليجي تتمتع بمستويات عالية ومتطورة من الأمن الإلكتروني، فإن التحديات المستمرة في العصر الرقمي الجديد لا مفر منها. ومن المؤكد أن الخدمات الرقمية ستصبح أكثر انتشاراً مع الوقت، ما يعزز ضرورة الاستفادة من الخبرات في مجال أمن البيانات وترجمتها عبر تنفيذ مجموعة من السياسات على أرض الواقع، عبر مستويات متعددة من الخدمات الرقمية.

إعادة تصور بيانات القطاع العام وممارسات الذكاء الاصطناعي: يعتبر النظر في أهمية البيانات وأدوات الذكاء الاصطناعي، والاستخدام المسؤول والشفافية مع جميع الأطراف المعنية تدابير غاية في الأهمية. ويجب على الحكومات في سبيل الاستفادة من فوائدها والحد من المخاطر الاجتماعية المحتملة ضمان تنفيذ معايير أخلاقية قوية عبر عمليات القطاع العام من خلال تنفيذ المبادئ التوجيهية، وتقديم دورات التدريب، ووضع لوائح تنظيمية مناسبة، ونشرها على أكبر قدر ممكن لتسليط الضوء على أهمية هذه النقطة ووضوحها في مجال الخدمات الحكومية.

To ensure the delivery of exceptional value digital government services in the next decade, GCC governments must build trust in data governance, develop data governance policies that provide clarity and protection, interact with end users to ensure they are constantly informed, and drive service development and improvement. sustainable digital. This critical work will enhance the ability of governments to guide progress and take continuous steps in this regard, and test a long period of prosperity for digital services with the communities they oversee.

For more information on this topic, please see the Boston Consulting Group study on “ Digital Government in the GCC: Accelerating Citizen Trust .” For government clients' expectations, please read the Boston Consulting Group and Salesforce research on " Inevitable Trust ."

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي