تقرير خاص

كيف تعزز الحلول الرقمية العمل الإنساني لمفوضية اللاجئين؟

3 دقائق
الحلول الرقمية والعمل الإنساني
shutterstock.com/Iryna Imago

مع تنامي الاحتياجات الإنسانية للأشخاص الذين تُعنى بهم المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، والذين وصل عددهم إلى قرابة 80 مليون شخص من اللاجئين والنازحين داخلياً، أي 1% من تعداد السكان في العالم، كان لا بد للمفوضية من توسيع نطاق عملها في مجال الشراكات ليشمل كافة أطياف المجتمع من المؤسسات والشركات والأفراد. وعليه باتت الابتكارات الرقمية خياراً أساسياً في عملية إشراك الأفراد خاصة الراغبين منهم في دعم العائلات اللاجئة والنازحة داخلياً الأكثر عوزاً وحاجة.

وسعياً منها لتنويع مصادر الدعم الإنساني، أطلقت المفوضية عام 2019 صندوق الزكاة للاجئين كأداة شراكة تتمتع بالمصداقية والكفاءة والالتزام بأحكام الزكاة. يهدف صندوق الزكاة إلى تكريس أموال الزكاة والصدقات لتحسين حياة اللاجئين والنازحين داخلياً الأكثر احتياجاً، لا سيما في المناطق التي يصعب الوصول إليها. ومنذ تأسيسه، أصبح الصندوق من الأدوات المهمة والعالمية التي تعزز دور العمل الخيري الإسلامي في تمويل عمليات الاستجابة للاحتياجات الإنسانية المتزايدة الناتجة عن أزمات اللجوء، إذ يأتي أكثر من 50% من اللاجئين والنازحين من دول منظمة التعاون الإسلامي، وعلى رأسها أفغانستان والعراق وسورية واليمن والصومال ونيجيريا ومالي (ولاجئو الروهينغا).

الحلول الرقمية للعمل الإنساني

وقد لمست المفوضية من خلال عملها في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، بما فيها دول مجلس التعاون الخليجي، اهتماماً متزايداً بدعم الأسر اللاجئة والنازحة داخلياً من خلال أدوات العمل الخيري الإسلامي، مثل الزكاة والصدقات والأوقاف وغيرها.

تمكنت مفوضية اللاجئين من خلال هذا التوجه أن تثبت الأثر الإيجابي والفعّال الذي يحدثه العمل الخيري الإسلامي في حياة الملايين من النازحين قسراً، والذي ينضوي تحت مظلته خيارات متنوعة لحلول التمويل الإسلامي وسبل التضامن والتكافل بين المانحين والمحتاجين. ويمتد هذا الأثر الإيجابي ليسهم في توفير المساعدات الإنسانية العاجلة والاحتياجات الأساسية بما فيها المساعدات النقدية والمأوى الآمن والخدمات الصحية والتعليمية، بالإضافة إلى المشاريع التنموية التي تؤمّن مصادر الرزق للاجئين والنازحين.

يتبع صندوق الزكاة للاجئين سياسة توزيع 100% من أموال الزكاة على مستحقيها من العائلات اللاجئة والنازحة داخلياً، وذلك بناءً على توصيات 10 فتاوى من جهات موثوقة محلياً وإقليمياً وعالمياً. وتلتزم المفوضية بمبدأ الشفافية الكاملة حول تبرعات الزكاة والصدقات التي يتلقاها الصندوق وكيفية توزيعها وعدد المستفيدين منها، وذلك من خلال تقارير دورية حول أثر العمل الخيري الإسلامي في حياة اللاجئين والنازحين، تصدرها وتنشرها على الموقع المخصص للصندوق. آخرها تقرير العمل الخيري الإسلامي الذي أطلق قبيل شهر رمضان المبارك من العام الجاري 2021، الذي يبين أثر أموال الزكاة التي تلقتها المفوضية خلال العام 2020، وذلك عبر مساعدة أكثر من 1.6 مليون مستفيد في الأردن ولبنان والعراق واليمن ومصر وموريتانيا والنيجر وباكستان والهند وبنغلاديش، بزيادة بنسبة 59% عن عام 2019.

دور التكنولوجيا في إيصال المساعدات

وفي ظل أزمة جائحة فيروس "كورونا" وما نتج عنها من صعوبات في التنقل وتأمين الإمدادات، يبرز الدور المحوري للحلول الرقمية والتكنولوجية في تمكين المفوضية من إيصال المساعدات النقدية للعائلات الأكثر ضعفاً، وذلك من خلال تقنيات مسح العين والحافظات الإلكترونية وغيرها. ومع تزايد الاعتماد على خدمات الدفع الإلكتروني، أصبح العمل على دمج الحلول الرقمية ضمن آليات العمل الخيري الإسلامي أمراً ضرورياً وحيوياً للاستجابة للاحتياجات الإنسانية المتزايدة بسبب جائحة "كورونا" وما ترتب عليها من تدهور للأوضاع الاقتصادية في الكثير من المناطق حول العالم. لذا، ضاعفت مفوضية اللاجئين مجهوداتها في تطوير إمكانات الوصول إلى الفئات الأكثر عوزاً بما في ذلك المناطق صعبة الوصول.

في هذا الصدد، طوّعت المفوضية إمكاناتها المادية والبشرية لتمكين المتبرعين والداعمين من تقديم تبرعات الزكاة والصدقات بسهولة ويسر من خلال طرق دفع متعددة وآمنة عبر المنصة الخاصة بصندوق الزكاة للاجئين "Zakat.unhcr.org"، كما أطلقت تطبيق "GiveZakat" المتوفر عبر هذا الرابط (onelink.to/givezakat).

يقدّم تطبيق "GiveZakat" العديد من المزايا العملية لمستخدميه من الراغبين في تخصيص زكاتهم وصدقاتهم للاجئين والنازحين، إذ يتيح إمكانية تحديد المبلغ المراد التبرع به لمرة واحدة أو شهرياً ودفعه عن طريق الهاتف المحمول عبر طرق دفع آمنة. كما يمكن للمتبرعين حساب مقدار زكاتهم من خلال حاسبة إلكترونية دقيقة، وفقاً لأحكام الزكاة، وتخصيصها لمستحقيها من اللاجئين أو النازحين داخلياً في أماكن معينة أو توجهيها لهم أينما وجدوا، بالإضافة إلى ميزة تتبع مسار تبرعات الزكاة لحين وصولها للعائلات. يتم توزيع 100% من تبرعات الزكاة وفقاً لتوصيات الفتاوى الشرعية التي يمكن الاطلاع عليها عبر التطبيق في جمع زكاة أي وقت.

اتساقاً مع مبدأ الشفافية الذي تحرص عليه في عملها، تتيح المفوضية أيضاً عبر تطبيق "GiveZakat" تقارير حية توضح عدد العائلات التي تم مساعدتها عبر تبرعات الزكاة منذ بداية العام سواء عن طريق التطبيق أو عبر المنصة الإلكترونية لصندوق الزكاة للاجئين. ويتم تحديث المعلومات المتضمنة فيها كل ساعتين. ويتضمن التطبيق قسماً للإجابة عن الأسئلة الشائعة حول حساب الزكاة وكيفية توزيعها على المستحقين وجواز تخصيصها من خلال صندوق الزكاة للاجئين التابع للمفوضية والفتاوى التي تجيزه.

تدرك مفوضية اللاجئين أن إدماج الحلول الرقمية والأدوات التكنولوجية الحديثة مع إمكانات التمويل والعمل الخيري الإسلامي يمكن أن يحدث أثراً غير مسبوق في حياة اللاجئين والنازحين في كل مكان، خصوصاً في أوقات الأزمات، حين يتعذر الوصول إليها بالطرق التقليدية. لذا، تعمل المفوضية باستمرار على تطويع منصاتها وأدواتها الإلكترونية، بما في ذلك تطبيق "GiveZakat"، لتمكن الراغبين في تقديم الدعم للاجئين عبر أموال الزكاة والصدقات وغيرها، على فعل ذلك بسرعة وكفاءة وسهولة، أينما وجدوا.

وأخيراً، نتطلع لتطوير تطبيق (GiveZakat) ليكون تطبيق "العطاء" الأول والمتكامل والأكثر تقدماً من حيث الشفافية والتقنية لخدمة المحسنين والمستثمرين في الإنسانية في المنطقة والعالم، إذ لا يقتصر فقط على إيصال الزكوات إلى مستحقيها، ولكنه سوف يشمل أيضاً جميع طرق التبرع للاجئين والنازحين حول العالم.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي