4 خطوات للنجاح في إدارة التغيير مع الحفاظ على ثقافة المؤسسة

5 دقيقة
عملية التحول
فيكوشكا/ غيتي إميدجيز
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

ملخص: يركز القادة في كثير من الأحيان على كيفية تحول مؤسساتهم وثقافتها، لكنهم يواجهون صعوبة في الحفاظ على استقرار تلك الثقافة. عندما تمر الشركات بتغيرات كبيرة، فمن المهم بالنسبة لها الاحتفاظ بأفضل الافتراضات والقيم والسلوكيات المشتركة التي تشكل ثقافتها. استناداً إلى عمل المؤلفة بوصفها متخصصة في علم النفس المؤسسي والاجتماعي ونظراً لخبرتها التي تمتد إلى 20 عاماً في تقديم الاستشارات للشركات والقادة فيما يتعلق بالثقافة والمهارات الشخصية والأداء، فإنها تقدم 4 استراتيجيات للحفاظ على ثقافة المؤسسة: حدد بوضوح ما ترغب في الاحتفاظ به واتخذ الإجراءات اللازمة لتحقيقه، استمع إلى مخاوف الموظفين، اعرف متى تشعر بالحنين إلى الماضي، اجمع البيانات ونظمها واستخدمها بطريقة فعالة.

نُشر الكثير من المقالات حول الخطوات التي يتخذها القادة لبناء ثقافة مؤسسية أفضل، وذلك ليس مفاجئاً؛ ففي نهاية المطاف، الثقافة هي ما يشكّل تجربتنا في العمل وفي مؤسساتنا. ترتبط ثقافة الشركة ارتباطاً وثيقاً بأدائها وقيمتها وبطريقة تعاملها مع التغيير (مثل عمليات الاندماج والاستحواذ) وسعيها لتعزيز بيئة العمل الصحية والمريحة وتبني الممارسات الأخلاقية. يمكن أن يساعد تغيير ثقافة الشركة في تحقيق الأهداف التي لطالما بدت بعيدة المنال.

لكنني لاحظت أنه في ظل التغيرات المتسارعة التي يشهدها العالم، يواجه القادة تحدياً صعباً لا يقل أهمية عن تحدي التغيير، وهو الحفاظ على ثقافة مستقرة في الشركة، على الرغم من أنه لا يحظى بالاهتمام الكافي. مع مرور الشركات بعمليات تحول، مثل عمليات الاندماج والاستحواذ والنمو العضوي، وتبني الاستراتيجيات الرقمية ونماذج العمل الهجين، وانتقالات القادة واختلاف الأجيال، يتعين عليها الحفاظ على أفضل ما في ثقافتها، ويشمل ذلك افتراضاتها وقيمها وسلوكياتها المشتركة. حتى عندما تُدوّن هذه المبادئ في وثائق سياسات الشركة أو بيانات القيمة، فهي قابلة للتآكل أو التغيير عندما تتعارض مع الواقع الفعلي للشركة.

من خلال عملي في مجال علم النفس المؤسسي والاجتماعي وبسبب خبرتي التي تمتد 20 عاماً في تقديم النصائح للشركات والقادة بشأن الثقافة والمهارات الشخصية والأداء، أقدم 4 استراتيجيات للمساعدة في الحفاظ على الثقافة المطلوبة في أثناء عمليات التحول.

حدد بوضوح ما ترغب في الاحتفاظ به واتخذ الإجراءات اللازمة لتحقيقه

أولاً، تجب عليك معرفة الجوانب التي تريد تغييرها في الثقافة، ثم تحديد العناصر التي ترغب في الاحتفاظ بها، ثم اتخذ خطوات فعّالة للحفاظ على تلك الثقافة وتحويلها إلى حقيقة واقعية.

عندما تعاقدت إحدى الشركات الأوروبية الرائدة في الخدمات المالية مع شركتي بهدف تنمية القدرات القيادية، طلبنا من قادتها وصف ثقافتهم، فسارعوا إلى الحديث عن التغييرات الضرورية في مواجهة التحديات المشتركة الناجمة عن نمو الشركة السريع وزيادة تبني نموذج العمل الهجين.

لكنهم واجهوا صعوبة في تحديد الجانب الأساسي من ثقافة الشركة الذي يرغبون في الاحتفاظ به حتى مع نموهم، وهو التعاون. كان العمل المشترك البنّاء جزءاً أساسياً من ثقافة الشركة فترة طويلة، لدرجة أنه أصبح أمراً مفروغاً منه.

وبناءً على مناقشاتنا أدرك قادة الشركة أهمية التعاون للشركة وأعادوا توجيه الجهود وتحديد الأولويات للحفاظ عليه بوصفه عنصراً أساسياً في ثقافتهم حتى مع نموهم وتحولهم السريع. لتحقيق ذلك، عدّلوا وتيرة الاجتماعات وراجعوا برامج إعداد الموظفين الجدد ووضحوا توقعات السلوك التعاوني على مستوى الشركاء، فعززت هذه الجهود الالتزام المشترك والمتجدد بالعمل التعاوني وفقاً للسبل التي وضعت الشركة في موقف جيد في بداية مسيرتها نحو النمو. (في هذه المقالة والقصص الواردة فيها جميعها، غيّرتُ بعض التفاصيل للحفاظ على خصوصية عملائنا).

استمع إلى المخاوف

عندما تمر شركتك بمرحلة تحول، انتبه جيداً لتعليقات زملائك، سواء من الموظفين القدامى أو الجدد، حول ما يخشون فقدانه من ثقافة الشركة؛ في أثناء عملية التحول يجب الانتباه لمخاوف الموظفين بشأن تأثير التغيير في القدرة على تجسيد قيم الشركة، على الرغم من صعوبة التمييز بين هذه المخاوف وبين القلق العام المتزايد الذي نشعر به غالباً خلال عملية التحول، إذ يمكن أن تنبّه هذه المخاوف إلى التغييرات غير المقصودة في الثقافة.

عندما عملنا مع شركة تكنولوجيا من إحدى الدول الإسكندنافية على تحديث ثقافتها، أخبرنا الرئيس التنفيذي ورئيس قسم المنتجات بأن الإبداع جانب قوي ومهم في ثقافة الشركة، لكن عندما سألنا أعضاء الفريق القدامى تحدثوا عن شعورهم بأن قدرتهم على الإبداع تُكبت بسبب زيادة تركيز الشركة على الطابع المهني، الذي عزاه البعض إلى تغير المالكين وزيادة سيطرتهم. بعد اكتشاف هذا الأمر، تواصل قادة الشركة مع المستثمرين لمناقشة القيود التي تفرضها إجراءات المساءلة على القدرة على الإبداع وعدّلوا بعض مقاييس الأداء لحماية الدافع الابتكاري في الشركة.

انتبه للحنين إلى الماضي

أجل، تلك الأيام الجميلة القديمة. من المحتمل أن تشعر أنت وفريقك بالحنين إلى الماضي عند حدوث تغيير في الشركة، فالعديد من الجوانب الجيدة في ثقافة الشركة أسهمت في وصولكم إلى المرحلة الحالية، لكن تأكد من توافق العناصر الثقافية التي ترغب في الاحتفاظ بها مع أهدافك واستراتيجيتك التي تسعى إلى تحقيقها في المستقبل، وإلا فمن المحتمل أن تفقد شركتك قدرتها على التغيير والنمو، أو أن تفرض التغيرات الثقافية نفسها سواء توافقت مع خطتك أو خالفتها.

مرّت شركة خدمات مهنية أخرى بعملية اندماج، تتمتع كلتا الشركتين المشاركتين في عملية الاندماج بثقافة قوية تركز على الأفراد؛ إذ وصف العديد من أعضاء الفريق القيادي في كلتا الشركتين الجو العائلي الذي يسودهما، فالقادة يسهل التواصل معهم بفضل سياسات الأبواب المفتوحة والمكاتب المفتوحة والتفاعلات غير الرسمية التي تنتشر على نطاق واسع في الشركتين. نظراً لأهمية هذه القيمة لكل من الشركتين، توقع القادة استمرار وجودها بطبيعة الحال في الكيان المدمج بعد إتمام عملية الاندماج.

لكنهم لم يتوقعوا التحديات الناجمة عن زيادة حجم الشركة إلى جانب تبنّي نموذج العمل الهجين بدرجة أكبر. أدى ذلك إلى صعوبة التواصل مع القيادة؛ إذ فرغت المكاتب وقلّت التفاعلات غير الرسمية إلى حد كبير واقتصرت على الأمور المتعلقة بالعمل فقط. أبدى أعضاء الفريق حزنهم إزاء تضاؤل الجو العائلي وتساءل القادة عن إمكانية بذل جهود إضافية لإحياء مشاعر الود الدافئة التي يفتقدها الفريق.

ولكن في ظل تزايد اندماج الشركات في السوق، كانت استراتيجية الشركة تتوقع تحقيق نمو كبير يعود جزء منه إلى استمرار نشاط الاندماج والاستحواذ، فأدرك فريق القيادة أن تحقيق هذه الرؤية سيتطلب تغييراً في ثقافة الشركة، وبالتالي لن يكون الحفاظ على الأجواء العائلية ممكناً.

بدلاً من محاولة الحفاظ على الثقافة القديمة، أقرّ قادة الشركة صراحة بالتغييرات التي حدثت والتحديات التي تمثلها، ووضحوا تأثير الاستراتيجية الجديدة على ثقافة الشركة في المستقبل، ثم عملنا معهم لتنظيم ورش عمل مع أعضاء الفريق لتحديد طرق تجسيد قيمة الأفراد في إطار شركة أكبر بكثير. ركزت القيمة الأساسية للشركة في النهاية على تعزيز السلوكيات الإيجابية بين الأفراد، مثل الاحترام والاحتواء والمودة واللطف، بدلاً من التركيز على الشعور العائلي العام، ما يدعم الاتجاه الاستراتيجي للشركة ويتوافق معه.

تنظيم البيانات

تتغير ثقافة المؤسسة أحياناً بطرق غير مرغوب فيها، وربما يستغرق القادة وقتاً طويلاً لملاحظة هذه التغييرات فيعجزون عن معالجتها في الوقت المناسب. بدلاً من الاعتماد على حدسك في فهم ثقافة مؤسستك، يجب عليك إجراء تقييم دوري للثقافة من أجل جمع بيانات دقيقة حول التجارب التي يمر بها موظفو مؤسستك.

بالنسبة للمقاييس الكمية، يجب عليك إجراء استبيان ووضع أسئلة حول تفاصيل الثقافة التي تريد الاحتفاظ بها، على سبيل المثال، إذا كانت المبادرة والروح الريادية أموراً مهمة في ثقافة المؤسسة، فاستفسر عن قدرتكم على توفير بيئة آمنة للتعلم من الأخطاء. ستحتاج أيضاً إلى مزيد من الملاحظات النوعية، لذلك استخدم الأسئلة التي تتطلب أجوبة نصية حرة في الاستبيان إضافة إلى إجراء مقابلات مع عيّنة ممثلة من الموظفين. اسأل الموظفين عما إذا كانوا يلاحظون تغيراً في ثقافة المؤسسة وأسبابه، والأهم من ذلك، التأثير المتوقع لهذا التغيير.

عند تحليل البيانات، يجب تقسيمها بحسب المناطق الجغرافية والفِرق وخطوط الخدمة وما إلى ذلك؛ ربما تلاحظ أن الثقافة تتغير في بعض المجالات دون غيرها. باستخدام هذه المعلومات، يمكنك إجراء التغييرات اللازمة للحفاظ على الثقافة التي ترغب فيها.

أجرينا تقييماً مماثلاً في إحدى شركات الاتصالات؛ إذ استطلعنا آراء أعضاء الشركة جميعهم من خلال استبيان شامل على مستوى الفريق بأكمله، كما جمعنا بيانات نوعية من خلال إجراء مقابلات شبه منظمة مع أصحاب المصلحة الرئيسيين، فكشفت النتائج عن اختلافات كبيرة بين الأقسام. على سبيل المثال، يرى فريق العمليات أنه يلبي معايير التميز والمعايير المهنية باستمرار، وأبلغ فريق الخدمات عن بعض المشكلات في هذا المجال؛ إذ أدى النمو السريع والطلب المتزايد على الخدمات إلى ضغوط كبيرة ومستمرة، وشعر أفراده أن جودة الخدمات التي اعتادوا تقديمها تتراجع وتتفاوت. نتيجة لذلك، تمكّن قادة المؤسسة من توفير مزيد من الموارد والتدريب للحفاظ على هذا الجانب من ثقافتهم مزدهراً.

لا تقتصر الثقافة على قسم معين، بل تشمل أقسام المؤسسة جميعها، ويمكن للقادة جميعهم (وليس قسم الموارد البشرية فقط) أن يتولوا مسؤولية تشكيل الثقافة، ويمكن أن يستدعي ذلك إجراء بعض التغييرات والحفاظ في الوقت نفسه على عناصر الثقافة التي تدعم نجاحك في المستقبل.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .