تعلم الحفاظ على المهنية في الأعمال العائلية

6 دقائق
مهنية العمل
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

قد يكون العمل في الأعمال العائلية مشحوناً. فعندما يكون مديرك هو أحد والديك أو أخوك أو قريب آخر، كيف يمكنك الحفاظ على مهنية العمل؟ هل ستطلب أن تُعامل كباقي الموظفين؟ أم ستتقبل فكرة أنك ستحظى بمعاملة خاصة؟ هل ستنادي والدتك بـ “أمي”، أو والدك بـ “أبي”، أمام الملأ؟ وماذا عن تقبل الملاحظات الصريحة فيما يتعلق بتطورك ونموك المهني؟

رأي الخبراء

يقول الأشخاص الناجحون في عملهم مع عائلاتهم أن عملهم هو الأكثر إرضاء وإثراء، بحسب قول كلاوديو فرنانديز أراوز، وهو مستشار كبير في إيغون زيندر، الشركة العالمية للبحث عن المسؤولين التنفيذيين، وخبير في مجال الأعمال العائلية. ويقول أيضاً “يشعر هؤلاء الأشخاص بقدر كبير من الهدف والمعنى في حياتهم”. إلا أن الأضرار قد تكون وخيمة في حال وقوع أخطاء. فقد تؤدي الخلافات العائلية حول العمل إلى قدر كبير من الغضب والحزن والخزي، بحسب ما يقوله روب لاشينور، الشريك المؤسس والرئيس التنفيذي في شركة بانيان فاميلي بزنس أدفايزرز، ويقول بهذا الخصوص: “يمكن للأشخاص العاديين الحصول على وظيفة جديدة عندما يُطردون من العمل”. “ولكن عندما يطرد فرد من العائلة من الشركة العائلية، يشعر وكأنه طرد من الوظيفة التي كان معنِياً للقيام بها”. لذلك، إليكم بعض النصائح التي تساعدكم في العمل بصورة فاعلة مع الأقارب.

احصل على وظيفة في مكان آخر أولاً

يقول لاشينور أنه ينبغي أن يكون العمل خارج الشركة من متطلبات شروعك في تأسيس مسيرة مهنية في العمل العائلي. إذ ستكون تلك الوظيفة بمثابة تدريب قيم جداً يتيح لك تحسين حسّك العملي وتعزيز ثقتك بنفسك. كما ستكوّن من خلالها المنظور الذي تحتاج إليه لتحديد مسار مسيرتك المهنية الذي ترغب به. يقول فرنانديز أراوز: أن أهمية العمل أولاً في مكان آخر “لا تقتصر على ما يمكنك تعلمه من ناحية الإمكانات وحسب، بل ما يمكنك تعلمه عن نفسك في المقام الأول”، وفهم “طبيعة العمل الذي ترغب بالاستمرار به عندما تتقدم بالعمر”.

حاول فصل المجالين على الفور

في اليوم الأول الذي تعود فيه للعمل مع العائلة، ينبغي عليك رسم حدود فاصلة بين وقت العائلة ووقت العمل. إذ يسهل اختلاط الأمرين ظهور النزاعات، بحسب لاشينور. فليس من المقبول الحديث عن العملاء أثناء تناول العشاء مساء يوم العطلة، كما هو الأمر عند الحديث عن المشاكل العائلية في المكتب. ويقول: “من المفيد جداً أن تفكر في المكان الذي توجد فيه حالياً”. “عندما تكونون في المكتب، ما أنتم إلا أصحاب عمل يتناقشون فيه. ولكن عندما تجتمعون في المزرعة، تتعاملون مع بعضكم البعض كعائلة”. ولا بأس بوضع قواعد حول المواضيع العائلية التي يُسمح بالتكلم بها في المكتب، والعكس كذلك. وربما قد يساعدكم تحديد الصفة التي تتحدثون بها قبل بدء أي محادثة. على سبيل المثال، يمكنك أن تستهل النقاش بقولك “أتحدث إليك الآن بصفتي ابنك، لا بصفتي موظفاً لديك”. وإذا شعرت أن أحد أفراد العائلة لا يحترم هذه الحدود، يقترح لاشينور “أن تفاتحه بالموضوع على انفراد وبصورة عاجلة”.

حدد دورك ومسارك المهني

تأكد من فهمك التام لتوصيفك الوظيفي، ومن معرفة الآخرين للعمل الذي تقوم به. وبهذه الطريقة، ستتجنب التعدي على عمل زملائك أو إعطائهم الانطباع بأنك تستند إلى أمجادك. لذلك من الأفضل أن تتحلى بالشفافية الاستباقية في الإفصاح عن توقعاتك وأهدافك المستقبلية، وخاصة إن كنت ترغب بشَغل أفضل الوظائف مستقبلاً. يقول فرنانديز أراوز: “يعد تعاقب العمل عبر الأجيال مهمة صعبة جداً”، ولهذا السبب من الضروري جداً التحدث بصراحة وفي وقت مبكر حول قواعد التقدم وآلية تسليم السلطة. يقول لاشينور: “عليك أن تدرك أنه ربما ستتمكن من الحصول على فرص أكثر مقارنة بالآخرين”. “بعد أن تدرك ذلك، لا بد لك من بذل قصارى جهدك”.

اعتمد أسلوباً خاصاً بالمكتب

انتبه إلى تفاصيل تفاعلاتك مع العائلة، إذ يقول لاشينور: “تعد اللغة أمراً بالغ الأهمية”. احرصوا على الإصغاء واستخدام أسلوب مهني مع بعضكم البعض، إذ يحول هذا دون شعور الآخرين بالإقصاء الناتج عن قرابتكم، أو التسبب بمشاحنات غير ضرورية في حال اُنتهكت الحدود. ويقترح لاشينور عدم استخدام الأسماء المستعارة لمناداة أفراد العائلة في العمل، فهذا قد “يشير إلى أن العلاقات العائلية تحتل الأولوية في العمل”. ولكن من الضروري أن تسعى لتحقيق التوازن المناسب بالنسبة لك. يقول فرنانديز أراوز: “لا تحاول التصنع”. فإن كانت مناداتك لوالدتك باسمها الأول أمراً محرجاً جداً مثلاً، لا تُجهد نفسك للقيام بذلك، ولكن حاول استخدامه عندما مناقشة قراراتها مع زملائك.

احرص على الحصول على تقييم من خارج العائلة

يعد الحصول على آراء صريحة عندما تكون ابن/ابنة المدير أمراً صعباً، إن لم يكن مستحيلاً. وفي هذا الخصوص يقول لاشينور: “افترض أنك لن تحصل على تقييم جيد”. ولهذا فهو يقترح المشاركة في عملية مراجعة الأداء العادية، ولكن مع دعمها بتقييمات خارجية للتأكد من تعلمك ونموك في العمل. ويقول: “اطب الحصول على تقييم شامل أو حاول الاستعانة بمدرب خارجي”. ويضيف قائلاً “مفتاح النجاح في هذا الأمر هو الاستباقية”. “إذ لا يمكن انتظار التوجيه ليأتي من قمة الهرم إلى قاعدته”. كما تتمثل إحدى الاستراتيجيات الذكية في الاستفادة من أحد أعضاء مجلس الإدارة المستقلين في عملية تقييم تقدمك وأدائك لتحصل على نصائح وتقييمات ذكية حول سيرتك المهنية.

لتكن لديك خطة بديلة

عندما تتداخل حياتك المهنية والشخصية، قد تطغى المطالب العائلية والعملية على هويتك الخاصة. لذلك من المهم جداً أن تحافظ على مصالحك الخارجية ومعارفك في سبيل المحافظة على عقليتك ونجاحك المستقبلي. وقد يعني هذا تخصيص الوقت للعلاقات المهنية ومجموعات الإثراء للمحافظة على معارفك في المهنة وتطوير مهارات جديدة. كما قد يتطلب الأمر اقتطاع بعض الوقت لممارسة الهوايات الشخصية أو الذهاب في عطلة دون وجود العائلة الموسّعة لتحصل على فترات استراحة من العمل. وبقدر ما قد يؤلمك التفكير في هذا الأمر، ولكن عليك التفكير باستمرار بخطة بديلة في حال مرور العمل العائلي، أو منصبك الذي تشغله فيه، بأوقات عصيبة. يقول لاشينور: “عليك أن تضع خطة للخروج”. “وعند وجود هذه الخطة، لن تشعر أنها نهاية العالم في حال حدوث مشاكل”.

مبادئ يجب تذكرها

الأمور التي يُنصح بفعلها

  • الحصول على خبرة بالعمل في شركة خارجية أولاً لتحسين قدرتك على محاكمة الأمور وتعزيز ثقتك بنفسك.
  • الاستباقية في طلب رأي صريح من شخص خارج العائلة.
  • وضع خطة بديلة.

الأمور التي لا ينصح بفعلها:

  • استخدام الأسماء المستعارة لمناداة أفراد العائلة في المكتب. استخدام الأسلوب المهني كلما أمكن.
  • الخلط بين المسائل العائلية والعملية تماماً. الفصل بين العالمين تماماً.
  • السماح لأفراد عائلتك بتدليلك في العمل.
  • السماح بأن تكون نهاية العمل العائلي سيئة، كما لو أنها دائماً يفترض أن تكون كذلك.

دراسة حال رقم 1: العمل في أي مكان آخر قبل البدء بتسلق سلم العمل العائلي.

لم يحدث أن سأل والد توبي بوزوتو، توم (Tom)، عما إن كان يرغب بالعمل في شركة العائلة المختصة بإدارة العقارات. ولكن بعد بضع سنوات مخيبة للآمال في مجال الموسيقى، أراد توبي القيام بذلك. وعلى الرغم من أن توم تفاجأ من طلب ابنه، فقد وافق على طلبه ولكن بثلاثة شروط: يقول توبي: “كان لا بد لي من العمل في شركة أخرى أولاً”. “والحصول على شهادة ماجستير في التطوير العقاري. وكان علي أيضاً أن أبدأ من الصفر”.

نفذ توبي كل ما طلبه منه والده، لينضم بعد ذلك إلى شركة ذا بوزوتو غروب، عام 2001، كمساعد في قسم التطوير. ثم شيئاً فشيئاً، ترأس قسم التطوير في الشركة قبل أن يصبح رئيسها في عام 2013. يقول توبي: “كنت قلقاً جداً لفكرة أن الناس قد يعتقدون أني ترأست الشركة لاستحقاقي لها أو أن المحسوبية أوصلتني إلى هذا المنصب، وهذا جعلني أعمل لا شعورياً بجهد مضاعف”.

وقد حرص كل من توم وتوبي على التركيز على العمل أثناء ساعات العمل. يقول توبي: “لم يكن لدي خط تواصل مباشر معه، كما أنه لم يكن يتفقدني”. “وقد كانت المرات التي تحدثنا فيها عن حياتنا العائلية في العمل نادرة جداً وبعيدة عن مسامع الجميع”.

كما حضر كلاهما، في مرحلة سابقة، سلسلة محاضرات مدتها أسبوع كامل في جامعة هارفارد تركز على موضوع تعاقب القيادة. يقول توبي: “أحد الأشياء التي تعلمناها أنه لا ينبغي أن يكون والدي هو المسؤول المباشر عني، وأن التعامل معي ينبغي أن يكون مماثلاً للتعامل مع باقي الموظفين”.

ويضيف قائلاً “عندما تبدأ العمل مع عائلتك، يتغير مسار علاقتكم”. “وبالنسبة لنا، كان هذا العمل مجزياً ومثرياً جداً. ولكنه صعب أيضاً لأن الحياة العملية والشخصية متداخلتان جداً”.

كما يقول توبي أنه سيكون سعيداً إذا أبدى له أحد أبنائه الرغبة بالعمل في الشركة. ولكن إلى أن يحدث ذلك “سأفعل ما فعله والدي ولن أفاتحهم بالموضوع أبداً”.

دراسة حالة رقم 2: تحديد توقعات واضحة منذ اليوم الأول

عندما أصبح من الواضح للجميع أن تيدي وينثروب غير راض عن حياته المهنية في شركة مختصة بالبحث عن المسؤولين التنفيذيين، قدم له أخوه، بايارد، بعض النصائح. يقول تيدي متذكراً نصائح أخيه: “قال لي أن علي اكتشاف شغفي، وأن أبدأ بتعلم شيء حول ذلك المجال، وأن أحقق ما يجذب انتباه الأشخاص الذين قد يرغبون بتوظيفي”.

كانت هذه النصيحة بمثابة الإلهام. فقد افتتح بايارد مؤخراً شركة أميركان غينت (American Giant)، وهي شركة أميركية لتصنيع سترات ذات قلنسوة عالية الجودة، تُباع مباشرة إلى المستهلكين. ما حدث هو أن تيدي أعجب بمهمة المؤسسة وفكرة تجديد سلسلة توريد التجزئة، ما دفعه إلى العودة إلى أخيه قائلاً له “أريد أن أعمل في شركتك”. وبعد التفكير في الأمر لأسبوع، وافق بايارد على توظيف تيدي بصفته منسق عمليات في شركته الناشئة سريعة النمو.

يقول تيدي: “كنت قلقاً منذ البداية من مسألة التفضيل”. ولكن بايارد كان واضحاً عندما قال أنني لن أُعامل معاملة خاصة. ويشرح تيدي ما حصل في يوم عمله الأول عندما جلس كلاهما لتحديد توقعات واضحة بقوله: “قال لي بايارد ‘بصفتي أخاك، أريدك أن تتعلم من هذه التجربة. وبصفتي مديرك في العمل، أريدك أن تفعل المستحيل من أجلي’. وبهذا كان الفصل بين الأمرين واضحاً منذ البداية”.

كما طلب بايارد من المشرف على تيدي أن يعطيه تقييماً مباشراً. يقول تيدي: “سمح لي هذا الصدق بالتفوق في العمل”. “فقد كنت أعرف متى كنت أقوم بعمل جيد أو سيء”. وقد استفاد أيضاً من عمليات التقييم الشهرية، حيث كان يقيّم أداءه بنفسه ويقدم زملاؤه ملاحظات مجهولة المصدر.

وقد ظهرت قيمة تجربة تيدي في أميركان غينت عندما قرر أن يشق طريقه الخاص وينفذ فكرة جديدة. ففي عام 2015، افتتح تيدي شركته الخاصة، “إدوارد فيلد Edward Field”، والتي تبيع أيضاً منتجات أميركية وهي عبارة عن: محافظ مبتكرة لحماية الهواتف الذكية. وهو ينسب الفضل إلى أخيه بايارد وأسلوب قيادته الجدي ونصائحه التي ساعدت في إلهامه.

يقول: “يعد تحديد التوقعات في مرحلة مبكرة من أهم الأشياء لنجاح العمل مع العائلة”. “أما مفتاح النجاح فهو فصل العمل عن الحياة الشخصية لتكوّن منظوراً سليماً تجاه الأمور”.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .