أسهمت وسائل التواصل الاجتماعي في سهولة ملاحظة الإنجازات التي يحققها الجميع، ولكن إذا كنت تمر بفترة تشعر فيها بأنك تكدح دون طائل وبأنك لم تحقق إنجازاً ملموساً منذ وقت طويل، فإن رؤية منشورات أصدقائك وزملائك على موقع “لينكد إن” التي يعبرون فيها عن سعادتهم بإنجازاتهم قد تجعلك تشعر بالحسرة والألم. ربما تكون قد نجحت في الماضي في الوصول إلى ما وصلت إليه، ولكنك تراوح مكانك الآن. إذا كنت تشعر بأنك تقف محلك سر في عملك، فقد حان الوقت لإعادة النظر في عقليتك ومراجعتها، بالإضافة إلى التركيز على الأنشطة التي تخلق فيك الشعور بالسعادة بدلاً من مقارنة نفسك بالآخرين. وإليك بعض النصائح للمضي قدماً عندما تحتاج إلى تحقيق إنجاز ملموس.

تذكر أن هذا موسم بذل الجهد

من المؤكد أنك ستمر في العمل بأوقات تحقق فيها نجاحات وأخرى تتعرّض فيها للإخفاقات؛ فلا يوجد شيء دائم، حتى إن بدا لك الأمر كذلك. أحياناً تعتلي القمة وتسير الأمور بسلاسة؛ وفي أحيان أخرى تعاني مشاقَّ ومصاعب جمة من أجل البقاء واقفاً على قدميك. وليس بالإمكان اعتبار إحدى هاتين الفترتين أفضل من الأخرى. تذكر أن هذه الفترة مجرد عثرة ولن تدوم إلى الأبد. وإذا وصلتَ إلى مرحلة لا تستطيع فيها تصديق أن الأزمة ستنتهي يوماً ما وتريد أن يؤكد لك شخص آخر هذه الحقيقة، فما عليك إلا أن تتصل بصديق أو موجّه يستطيع أن يدلَّك على الصواب. وتذكر أن الأحوال ستتغيّر تماماً، حتى لو لم تكن متأكداً من توقيت حدوث هذا التغيُّر.

استمرت إحدى عميلاتي في طرح الأفكار على عميلها، ولكن بدا لها أن أياً منها لن ينال استحسانه مهما فعلت؛ إذ رفض كل الأفكار التي عرضتها عليه. شعرت عميلتي بالإحباط لأنها أحست بأنه لن يوافق على أي فكرة؛ لكنها واصلت اتخاذ الإجراءات اللازمة. قررت عميلتي أن هذا “موسم بذل الجهد” وعليها أن تنتظر موسم الحصاد؛ فقد تعلمت أن تنفصل عن النتائج المرحلية وتواصل المضي قدماً في سبيل تحقيق ما ترنو إليه.

احتفل بالإنجازات الصغيرة

ربما تكون قد سمعت هذه النصيحة من قبل: “احتفل بالإنجازات الصغيرة”، لكن ماذا لو شعرت بأنك لا تحقق أي إنجازات، حتى لو صغيرة؟ يقول كلٌّ من تيريزا آمابيل وستيفن كرايمر في مقالهما “دراسة: إحراز تقدُم بسيط يومياً أفضل طريقة لتحفيز نفسك ومن حولك“: “عندما نفكّر في التقدم، نتخيل غالباً روعة الشعور بتحقيق هدف بعيد الأجل أو تحقيق نجاح غير مسبوق”. لا شك في أن هذه الإنجازات الكبيرة عظيمة، لكنها نادرة نسبياً. إذا كنت تبحث عن إنجاز صغير وفشلت في العثور عليه، فجرّب البحث عن إنجاز أصغر حتى تعثر على أحدها. اكتب قائمة بالتفاصيل كلها ذات الصلة بمشروع عمل حديث. أيٌّ منها سار دون عوائق؟ وأيها سار أفضل مما كان متوقعاً؟ قد يؤدي اكتشاف إنجاز مهما بدا صغيراً إلى تغيير مسار العمل ورفع معنوياتك. قرر أحد الزملاء السابقين تتبع إنجازاته الصغيرة. ولاحظ بمرور الوقت كيف تراكمت الإنجازات الصغيرة. وكانت النتيجة النهائية أنه شعر بأنه أكثر قوة وقدرة على أداء دوره.

ضع حدوداً ثابتة حول الأشخاص المسموح لهم بالدخول إلى حيّزك الشخصي

حتى الزملاء والأصدقاء ذوو النوايا الحسنة قد يجعلونك تشك في نفسك. اطرح على نفسك السؤالين التاليين: مَنْ يجعلني أشعر بالسعادة من بين زملائي؟ ومَنْ يزعزع ثقتي في نفسي؟ ضع حدوداً صارمة ولا تتردد بحال من الأحوال في تجنب الأشخاص الذين يحبطونك. في مقالته “الحدود العاطفية التي تحتاجها في العمل” (The Emotional Boundaries You Need at Work)، استعرض غريغ ماكيون مصفوفة تساعد المرء على تحديد حدوده. يقول ماكيون: “إذا أردنا تكوين علاقات هادفة وناضجة في العمل أو في المنزل، فعلينا أن نستخدم مِصفاتين. تتمثل وظيفة المصفاة الأولى في حمايتك من الآخرين، بينما تتمثل وظيفة المصفاة الثانية في حماية الآخرين منك”. هذا لا يعني أن تتقوقع على نفسك وتنعزل عن الآخرين، بل يعني بدلاً من ذلك ألا تمضي وقتك إلا مع الأشخاص الذين يجعلونك تشعر بالسعادة (حتى لو كان شخصاً واحداً فقط). وتذكر أنك لست مطالباً بوضع مثل هذه الحدود الصارمة إلى الأبد، لكن في أثناء محاولاتك المبذولة للوقوف على قدميك مجدداً، لا تتردد بحال من الأحوال في تجنب الأشخاص الذين يحاولون إحباطك أو التسخيف من شأنك. قد يعني هذا أيضاً الابتعاد عن وسائل التواصل الاجتماعي بعض الوقت.

دعك من فكرة الشعور بالامتنان، وانظر إلى مَواطن قوتك

يجعلك الشعور بالامتنان تشعر بأنك أحسن حالاً، ويسهم في توسيع زاوية رؤيتك لمجريات الأمور ووضعها في نصابها الصحيح؛ لكن إذا كانت معنوياتك منهارة، فقد تبدو محاولات “الشعور بالامتنان” أقرب إلى المستحيل. وبدلاً من إعداد قوائم الامتنان، جرّب ما يلي: في نهاية اليوم، راجع أفعالك وأعرب عن تقديرك لما أحسنت فعله. قد يتمثَّل هذا في أشياء بسيطة مثل: “ابتسمتُ اليوم في وجه عامل تقديم المشروبات”، أو “طرحتُ فكرة قيّمة في اجتماع القيادة العليا”. اكتب 3 أشياء على الأقل في اليوم. ستؤدي رؤية أفعالك الإيجابية تتراكم بمرور الوقت إلى تعزيز إحساسك بالثقة بالنفس وتساعد على رفع معنوياتك.

عبِّر عن تقديرك لما يجري على ما يرام

إذا شعرت بأنك عديم الفعالية، فقد تعتقد أنك بحاجة إلى فعل شيء ما. لكنك لستَ مطالباً باتخاذ إجراء من أي نوع في كثير من الأحيان. وإذا شعرت بأن ثمة ما يدفعك لفعل شيء، فعليك أن تراجع دوافعك؛ حاول بدلاً من ذلك أن تكتفي بالجلوس وعدم فعل أي شيء. أدرِّب الكثير من العملاء على تخصيص وقت محدَّد في جداول مواعيدهم لعدم فعل أي شيء. وقد يعني “عدم فعل أي شيء” الجلوس وتصفُّح مجلة أزياء لتصفية ذهنهم، أو قد يعني الجلوس والتفكير في اجتماع مثمر سار على خير ما يرام الأسبوع الماضي.

يكمن السر في السماح لعقلك بالهدوء ومحاولة ملاحظة شيء واحد على الأقل يسير على ما يرام. إذا كنت لا تبحث عن الإيجابيات، فلن تراها أبداً وسيظل الاعتقاد السلبي بأن “كل شيء يعمل ضدك” ملازماً لك كظلك. من السهل أن تلاحظ “أجراس الإنذار” المزعجة على مدار اليوم أو الأشياء التي يبدو أنها تسير في الاتجاه الخطأ. وبالمثل، من السهل أن تغض الطرف عن الأصوات اللطيفة الدالة على الأشياء التي تسير كما ينبغي. تدرَّب على ملاحظة 3 أشياء تسير في الوجهة الصحيحة واكتبها كل يوم.

انظر إلى إنجازات الآخرين، ولكن لا تشعر بالخزي من نفسك أبداً

يتعين عليك في بعض الأحيان أن تخرج من قوقعتك الشخصية وتلقي نظرة على إنجازات الآخرين، لكنك لست مضطراً إلى مقارنة نفسك بالآخرين وأن تتخذ منهم مقياساً للنجاح الذي تريد الوصول إليه؛ بل عليك أن تستخدم إنجازات الآخرين لتحفيز نفسك على المضي قدماً في سبيل تحقيق الإنجازات التي تصبو إليها. احرص على تبني العقلية التالية: “إذا كان بمقدور هذا الشخص أن يفعل ذلك الشيء على أحسن ما يكون، فيمكنني أن أفعل ذلك أنا أيضاً”.

سبق لي أن عملت مع عميل يحب مشاهدة مقاطع الفيديو التحفيزية على يوتيوب؛ حيث يشاهد مقتطفات مُمنتَجة للاعب كرة القدم الأميركية الشهير، توم برادي، على يوتيوب عندما يحتاج إلى تحقيق “إنجاز” (أي إتمام صفقة مبيعات). يستخدم عميلي الحافز المستمدَّ من أعمال توم برادي البطولية وجهوده الجبّارة لرفع معنوياته ومخاطبة نفسه قائلاً: “يمكنني الفوز أنا أيضاً”.

وسّع آفاقك

إذا شعرتَ بضعف معنوياتك، فقد تميل إلى التقوقع على نفسك وبذل أقل جهد ممكن، لكن ثمة فكرة أفضل وتتمثّل في تحدي نفسك من خلال البحث عن طرق تسهم في تحوُّل النموذج الفكري. ويستعرض ناثان وسوزانا فير، مؤلفا كتاب “مزايا عدم اليقين” (The Upside of Uncertainty)، في كتابهما أهم النجاحات والإخفاقات التي مرا بها لدى انتقالهما إلى فرنسا وتعلما كيفية تحقيق الازدهار في سياق جديد، وأوضحا أهمية التوقف عن محاولة السيطرة على المخاطر. احرص بدلاً من ذلك على التفكير في كيفية تهيئة الظروف الملائمة لإحداث تغيير إيجابي. فعندما واجه ناثان وسوزانا فير تحديات بدا قهرها من ضروب المستحيل، استمرا في المضي قدماً والبحث عن فرص جديدة.

وإذا شعرتَ بأنك لا تستطيع تحقيق إنجاز ملموس أو المضي قدماً في مشروع ما، فقد حان الوقت لتغيير عقليتك وطريقة تفكيرك. تذكر أن أصغر إنجاز بمقدوره أن يعطيك دفعة للأمام. اعتمد على موجّهيك وزملائك وابتعد عن المشككين الذين يصيبونك بجرعة من الإحباط. وبمرور الوقت، سيقودك التأثير التراكمي لهذه الإجراءات الإيجابية إلى إحراز التقدُّم، وستؤدي هذه الإنجازات الصغيرة إلى تحقيق إنجازات كبيرة.