ملخص: من أكثر المواضيع التي يخشى الموظفون الخوض فيها وفقاً لدراسات جمعية إدارة الموارد البشرية هي مناقشة الراتب مع مدرائهم، فالأمر يبعث على عدم الارتياح بسبب عدم الإلمام بتقنيات التفاوض. تقدم المؤلفة 4 خطوات عملية يمكن اتّباعها عند إجراء محادثة مع مديرك تطلب فيها زيادة في الراتب أو أي نوع آخر من الخدمات: 1. اطرح الأسئلة الصحيحة لتتجنّب وضع الافتراضات، 2. اجمع السياق في أثناء الحوار المفتوح، 3. استخدم ردود "ماذا لو؟"، 4. دع المحادثة تتطور تطوراً طبيعياً.
الشخص الوحيد الذي يقرر إن كنت ستحصل على زيادة في مرتّبك أو ترقية في منصبك هو مديرك، وقد يكون لأعضاء فريق القيادة الآخرين أو لزملائك بعض التأثير في مستقبل مسارك المهني، لكن الكلمة النهائية ستكون لمشرفك المباشر. وفوق كلّ ذلك إذا أردتَ الحصول على ما تريد فعليك أن تطلبه!
وقد وجدت الأبحاث الحديثة التي أجرتها جمعية إدارة الموارد البشرية أن أكثر الموظفين (80%) يشعرون بعدم الارتياح عند مناقشة رواتبهم وشروط التوظيف الأخرى مع مدرائهم.
وفي مؤتمر ألقيتُ فيه خطاباً في نيويورك، أجريتُ محادثة مع مسؤولة تنفيذية طلبت نصيحتي في هذا الأمر؛ فأخبرتني أنها بينما كانت على وشك الترقية إلى أحد المناصب التنفيذية العليا، كان لديها مخاوف بشأن مسؤولياتها العائلية التي تتضمن العناية بـ 3 أطفال، وأنها لم تكن واثقة من قدرتها على تحمل أعباء المنصب الأعلى والتمتع بالقوة في حياتها المهنية وأمومتها في الوقت نفسه. ولثقتها بي أخبرتني أنها تخطط للاستقالة من منصبها وشركتها في وقت لاحق من ذلك الشهر. ثمّ سألتها: "هل فكرتِ في التواصل مباشرة مع مديرك والتعبير عن احتياجاتك؟ يمكنك أن تطلبي إجازة إضافية أو العمل بدوام جزئي لحين تحقيق التوازن بين المسؤوليات التي تأتي مع الترقية وتخصيص المزيد من الوقت لعائلتكِ في الوقت نفسه. وقد استندتْ وجهة نظري إلى فكرة أن القرارات المهنية -سواء كانت بشأن ترقية أو زيادة راتب أو هدف آخر- ليس بالضرورة أن تكون مسألة ربح أو خسارة إذا تعلمتَ كيفية تحديد ما تريد وطلبه بثقة.
إنك قد تشعر بالضعف عندما تطلب من مديرك شيئاً مهماً لتقدمك الوظيفي، ولكن امتلاك الشجاعة لفعل ذلك يدل في الواقع على القوة والتصميم. وسواء كنت تسعى إلى زيادة راتب أو منصب أعلى أو الظهور أكثر أو موارد أو إجازة إضافية، فمن غير المرجح أن تحصل عليها ما لم تعبّر بوضوح عن طلبك لمديرك. وفوق كلّ ذلك عندما يتعلق الأمر بالتقدم الوظيفي (مثل الحصول على زيادة راتب أو ترقية أو تغيير التفضيلات) يتوقع العديد من المدراء أن تطلب منهم ذلك مباشرة. بل إن طلبك ما تريد مباشرة من المدير يُظهر ثقتك بنفسك واحترامك لمديرك بإقرارك بأنك لا تتوقع المساعدة فحسب، بل تطلبها أيضاً.
ومع افتراض أنك أجريت بعض التحضير، مثل البحث في حالتك وسياسات شركتك ووضعها المالي، إليك بعض النصائح حول إجراء هذه المحادثة مع مديرك.
اطرح الأسئلة الصحيحة لتتجنّب وضع الافتراضات
لا يقتصر التفاوض الناجح على الرغبة في طلب ما تريد فحسب، بل على معاملة ما تطلب على نحو استراتيجي أيضاً. وتكون الاستراتيجية ضعيفةً حين تُعامل المفاوضات من زاوية واحدة مع التركيز على ما تريده فقط. لذا بدلاً من ذلك يجب عليك اتباع نهج تعاوني ومحاولة إيجاد أرضية مشتركة بين ما تريده ومخاوف مديرك. وتتمثل إحدى أفضل الطرق لاتباع نهج تعاوني في طرح أسئلة مفتوحة تتيح لمديرك مشاركة وجهة نظره. وعند صياغتك لهذه الأسئلة يجب أن تحاول إيجاد طرق تجعل النتيجة مفيدة لك ولمديرك. فمثلاً يمكنك استخدام عبارات تشير إلى نجاح مشترك، مثل:
- كيف يمكننا تحقيق نتائج إيجابية لكلينا؟
- ما هو النجاح من وجهة نظرك؟
- كيف يمكننا تحويل هذا الإنجاز إلى ربح لك أيضاً؟
ومع مراعاة وجهة نظر مديرك في أثناء المحادثة، احرص على عدم قضاء الكثير من الوقت في الاستماع فقط من دون المشاركة الفعالة أو طرح الكثير من الأسئلة؛ لأن النقطة الحاسمة هي في تحقيق التوازن الصحيح بين استماعك الفعال إلى وجهة نظر مديرك وطرحك الأسئلة من أجل توجيه المناقشة في نهاية المطاف نحو التوصل إلى حل.
اجمع السياق في أثناء الحوار المفتوح
إنه بتحدثك مباشرة إلى مديرك وفهم وجهة نظره، يمكنك فهم الموقف بوجه أفضل وصياغة استراتيجية أكثر فاعلية لطلب ما تريد؛ لذا ابدأ مناقشة صريحة تتناول الجوانب المحددة التي تنوي التفاوض بشأنها قريباً؛ فمثلاً إذا كان هدفك هو الحصول على ترقية، فيمكنك طرح السؤال بهذه الطريقة:
- بعد مرور عامين لي في هذا الدور، ما الإجراءات التي يجب اتخاذها لأترقّى من وجهة نظرك؟
يمكن لطرح هذا النوع من الأسئلة أن يوفر فرصة لمديرك لمشاركة رؤى قيّمة يمكن أن تساعد على توجيه مفاوضاتك المستقبلية. فمثلاً قد يخبرك رئيسك أن منح الترقيات متوقف حالياً، ولكن قد يكون من الممكن النظر في خيار الترقية في غضون ستة أشهر. في هذه الحالة ستدرك أن الوقت الحالي ليس مناسباً لطلب الترقية، وعليه يمكنك تغيير نهجك وطلب شيء آخر أو طرح أسئلة إضافية لجمع المزيد من المعلومات التي تحتاج إليها لتعزيز فرصك في تحقيق ما تريد في المستقبل. وإليك بعض الأسئلة التي قد تطرحها بعد ذلك:
- بافتراض اختلاف الحال بعد ستة أشهر عما هي عليه الآن، ما فرصي في الحصول على ترقية؟
- ما الذي يجب أن أفعله على وجه التحديد لتحقيق هذا الهدف؟
- هل من مهمات إنمائية يمكنني أداؤها في الأشهر الستة المقبلة لإعداد نفسي للترقية؟
ثم اتبعْ إرشادات مديرك وخطّط لإعادة النظر في موضوع الترقية في غضون ستة أشهر لترى إن كان التوقيت مناسباً لتقديم طلبك.
استخدم ردود "ماذا لو؟"
إن إحدى طرائق البناء على ردود مديرك في مرحلة النقاش المفتوح هي استباق ذلك بإعداد بعض ردود "ماذا لو؟"؛ إذ توفر إجابات "ماذا لو؟" طريقة لتوسيع المناقشة باقتراح إجراءات محددة يمكنك اتخاذها رداً على اقتراحٍ عامّ يقدمه مديرك. فمثلاً إذا قال مديرك إنك بحاجة إلى المزيد من الخبرة المتعددة الوظائف قبل أن تتمكن من التقدم، فيمكنك الرد باقتراح استراتيجية دقيقة يمكنك تنفيذها للحصول على هذه الخبرة مثل:
- ماذا لو تعاونتُ مباشرة مع إدارة التسويق في الحملة الفلانيّة؟
- ماذا لو قدتُ عملية مشاركة استراتيجيتنا في التواصل مع فريق المبيعات؟
- ماذا لو تابعتُ قيادة فريق التوزيع لمدة أسبوع، أو شاركتُ في تبادل الأدوار لمدة يوم واحد مع زميل في إدارة الماليات؟
سيسهم إشراكك مديرك في طلبك باستخدام تقنية ردود "ماذا لو؟" في كسب دعمه والتزامه بخطة ملموسة يمكن تتبعها ومراقبتها.
دع المحادثة تتطور تطوراً طبيعياً
إنك وإنْ قدمت طلباً مثالياً، قد تكون هناك عوامل خارجة عن إرادتك تؤدي إلى رفض مديرك لطلبك؛ لذا تجَنب الإفراط في التركيز على تحقيق هدفك النهائي من أجل ألّا تفوتك الفرص أو الخيارات الأخرى التي قد تنشأ في أثناء المحادثة. فانتبه للخيارات أو الخطط الاحتياطية الأخرى القابلة للتطبيق التي قد تتكشف مع تطور المحادثة، حتى لو رفض مديرك طلبك الأصلي في البداية تظل قادراً على تحقيق مكسب صغير يمكن أن يساعدك على نيل موافقة مديرك في نهاية المطاف. لذا يجب أن يكون هدفك هو تجنب أن تصل إلى نقطة يكون عندها رفض المدير لطلبك نهائياً وقاطعاً.
فمثلاً إذا طلبت زيادة راتب، وقدمت دليلاً يبين سبب استحقاقك لهذه الزيادة بواسطة أبحاث السوقَين الداخلية والخارجية، ولكنّ مديرك رفض ذلك مبرراً بأنه لا توجد ميزانية للزيادات في الإدارة حالياً، فيمكنك تغيير محور المحادثة وطلب شيء آخر بدلاً من ذلك، مثل أسبوع إجازة إضافي أو المزيد من المرونة في عملك أو مزايا جديدة أو فرصة للتعليم المستمر المدفوع الأجر في مجال يوافق أهدافك المهنية.
وإن كان عليك قبول خطة احتياطية أو خيار بديل في أثناء تفاوضك مع مديرك، فهذا لا يعني أنه يجب عليك التخلي عن هدفك الأصلي. فإذا رفض مديرك طلبك في المرة الأولى، فهذا لا يعني بالضرورة أن الرفض هو قراره النهائي وأنه لا توجد فرصة للحصول على ما تريد في المستقبل.
وبغض النظر عن مدى مهارتك في التفاوض أو النهج الذي تتبعه، تبقى قوتك الحقيقية كامنةً في تجاوزك مخاوفك وبدء مناقشة مع مديرك حول أهدافك. وباتخاذك هذه الخطوة ستعزز كفاءتك وثقتك بنفسك تدريجياً، وستُعد نفسك جيداً للتفاوض في المستقبل. واعلم أنك ربما لن تحصل دائماً على ما تريد عندما تطلبه، ولكن إذا لم تطلبه مطلقاً فلن تعرف أبداً إن كان يمكن الحصول عليه!