ملخص: ثمة أسباب وجيهة كثيرة لحضور مؤتمرات القطاع والمعارض التجارية والفعاليات الأخرى، لكن حضورها يفرض مخاطر أيضاً تتمثّل في الإفصاح العرضي عن معلومات حساسة عن الشركة أو كشف إجراءات أخرى تتعارض مع قوانين المنافسة العادلة. عمل مؤلفا المقالة في تدريب القادة التنفيذيين ضمن منظومات التكنولوجيا الناشئة والتقليدية، وتعاونا مع المؤسسات على معالجة تحديات الآداب المهنية والامتثال، وبناءً على خبرتهما يكشفان عن عدة استراتيجيات لتجهيز فريق الشركة لحضور فعاليات القطاع دون تعريض نفسه أو مؤسسته للمخاطر القانونية.
من الشائع أن تقابل المنافسين في المؤتمرات والمعارض التجارية، وهو لقاء إيجابي يتيح لك تحديد العملاء والمورّدين المحتملين، ومقارنة أفضل الممارسات في القطاع، أو جمع رؤى ثاقبة جديدة. لكنه لقاء خطير أيضاً، فقد يتسبب في إفصاح عرضي عن معلومات حساسة، إضافة إلى مجموعة واسعة من المعلومات التي تثبت مخالفتك قوانين المنافسة العادلة. فممارسات تثبيت السعر أو الاحتكار المتعلقة بمنتج أو خدمة أو عملية استحواذ أو هيكلية التسعير هي منطقة خطر تعرّضك للمشكلات، وقد تمثّل خطراً تنظيمياً وتهدد سمعة القادة والفِرق والمؤسسات.
على سبيل المثال، عاد أحد عملاء المؤلفة كارولين من اجتماع جمعية تجارية مضطرباً بعد أن طُلب منه التصويت فجأة على موضوع لم يُناقش خلال الاجتماع. ولحرصه على عدم اتخاذ قرار متسرّع، امتنع عن التصويت على القرار بسبب عدم إجراء دراسات كافية حوله أو لعدم فهم الممثّلين الحاضرين له بما يكفي، ورأى أن التصويت دون الحصول على إشعار مسبّق وإجراء الاستقصاء اللازم قد يؤثر سلباً على المستهلكين والسوق والشركات الأخرى، ما قد يؤدي إلى عواقب قانونية وعقوبات.
كشفنا خلال عملنا في تدريب القادة التنفيذيين ضمن منظومات التكنولوجيا الناشئة والتقليدية (كارولين) والعمل مع المؤسسات على معالجة تحديات الآداب المهنية والامتثال (ريتشارد) عن عدة استراتيجيات لتجهيز فريق الشركة لحضور فعاليات القطاع دون تعريض نفسه ومؤسسته للمخاطر القانونية.
تجنّب المزالق
نسمع كثيراً عن تنفيذ قوانين مكافحة الاحتكار في سياق قطاعات التكنولوجيا الفائقة، لكن قد تؤثر ممارسات مثل تثبيت السعر والتكتلات على قطاعات عدة تتراوح بين قطاع الصناعات الدوائية وقطاع صناعة التونة، لكن ليس من الضروري أن نتهرّب من المنافسين في الفعاليات لتجنب المشكلات.
لذلك من المهم قبل المشاركة في فعاليات القطاع التي سيحضرها المنافسون إجراء مناقشة مع فريقك حول الأحاديث والتفاعلات التي ينبغي لهم تجنبها تماماً، وإليك بعض المزالق التي يجب على موظفيك الحذر منها:
- المحادثات الجانبية البريئة: ما الذي تأمل تحقيقه من خلال خوض أي محادثة مع منافس؟ على سبيل المثال، ربما سمعت إشاعة عن مشكلة ما في القطاع وشعرت برغبة في سماع رأي منافسك حولها؛ لكن تناقل الأحاديث الذي قد تعتبره بريئاً قد يُفسره شخص آخر بالسلوك المعادي للمنافسة، لذا من الأفضل تجنب المحادثات غير الضرورية مع المنافسين قدر الإمكان.
- الإساءة إلى المنافسين: من المهم تجنب التحدث سلباً عن المنافسين. تشارك إحدى عميلاتنا هذه الرسالة دائماً مع فريقها قبل أي مؤتمر أو فعالية تجارية: "لدينا ثقافة عمل رائعة، والحديث السلبي عن الآخرين يتعارض مع قيمنا، وقد يؤدي إلى تفسيرات خاطئة على أنه سلوك معادٍ للمنافسة".
- وسائل التواصل الاجتماعي: لا تقتبس أي معلومة من منشورات وسائل التواصل الاجتماعي أو تشاركها ما لم تعرف مصدرها، ولا تُشر إلى أي معلومة أو تذكرها ما لم تصدر عنها بيانات صحفية أو تقارير عامة، إذ قد تسبب المنشورات غير الدقيقة أو المضللة على وسائل التواصل الاجتماعي مشكلات تنظيمية كبيرة.
تجنّب المواضيع الحساسة
قد يشعر الموظفون برغبة في مناقشة بعض المواضيع مع المنافسين الذين يفهمون التحديات التي تواجه شركاتهم، كالمعاناة من منافس مشترك أو الضجيج حول منتج جديد. لكن قد تفرض مناقشة بعض القضايا مخاطر قانونية أو تنظيمية، في حين قد تكون مناقشة بعضها الآخر أمراً مقبولاً قانونياً ولكنه غير محبّذ. استشر قسم الشؤون القانونية في شركتك بشأن أي قضايا مرتبطة بالقطاع يحظر مناقشتها قبل وقت كافٍ من الفعالية. تشمل المواضيع العامة التي يجب تجنّب الحديث عنها:
- نمو الأعمال: لا تشارك بيانات حول العقود أو حقوق الامتياز أو نمو السوق الجديدة أو تغيير الاستراتيجية أو فشل التجارب أو خطط التوسع أو تقليص حجم الشركة، إذ لاحظت كارولين أن المنافسين الذين يحصلون على هذا النوع من الرؤى يغيّرون مسارات شركاتهم أو إجراءاتها بناءً عليها، بغض النظر عن نواياك الطيبة في الإفصاح عنها أو حتى لو كانت تلك المعلومات ثانوية في نظرك.
- البيانات التي قد تؤثر على القطاع أو السوق: لا تشارك معلومات حول طاقة شركتك الإنتاجية أو مخزونها أو الأعمال المتراكمة أو مستويات الإمداد أو تحوّلات الأسعار أو التوقعات. على سبيل المثال، اشتكى أحد عملاء ريتشارد إلى منافس حول الهوامش التي تؤثر في أداء الشركة، وعلى الرغم من اعتراف الموظف بخطئه للشركة، فقد أجرت الإدارة سلسلة من التحقيقات الطويلة والمكلفة للتأكد من عدم مشاركته معلومات سرية أو تنتهك قوانين مكافحة الاحتكار.
- استراتيجية إدارة المواهب: لا تشارك بيانات حول سياسة التوظيف أو تقليص حجم الشركة أو إعادة هيكلتها أو أنشطة القيادة العليا، إذ تُجرى عمليات البحث عن مسؤولين تنفيذيين أو الاندماج والاستحواذ بسرية غالباً لتجنب ردود فعل المنافسين أو القطاع.
- استراتيجية الأعمال: لا تناقش معلومات حول المنتجات الجديدة أو تطوير المنتجات أو الطرح المحتمل للمنتجات.
تجنب المحادثات الحساسة على الملأ
عندما عملت كارولين وزملاؤها لصالح شركة تكنولوجيا في أوروبا، وقّعت على اتفاقية سرية تحظر مناقشة أي مسائل تتعلق بالعملاء أو الابتكارات أو المفاوضات أو إطلاق المنتجات أو المبادرات التسويقية أو التغييرات التي تجريها الشركة على الطائرات أو في المطارات أو ردهات الفنادق أو في أي مكان عام، وعلى أنظمة المراسلة الخاصة المشفرة أيضاً. كان التحذير واضحاً: آذان وسائل الإعلام والمنافسين والمستثمرين في كل مكان. وقد يستغل أي شخص يبحث عن معلومات حول الاستثمار أو التكنولوجيا أو السوق أي بيان أو مناقشة مسموعة، ما يؤدي إلى انتهاك محتمل لقوانين المنافسة العادلة.
لكن مدونة قواعد سلوك الشركة لا تشمل كل التفاعلات الممكنة، وتحذّر الرئيسة التنفيذية لشبكة مكافحة الفساد البحري (Maritime Anti-Corruption Network)، سيسيليا مولر توربراند قائلة: "قد تكون المحادثة مع المنافس عفوية وبريئة، ولكن إذا بلغت مسامع وسائل الإعلام أو وسائل التواصل الاجتماعي مثلاً فقد تثير إشكالية وتضر بسمعة كل من المؤسسة وعلامتها التجارية". بعبارة أخرى، يجب أن يكون الموظفون حذرين عند التحدث على مسمع من المنافسين.
انسحب من المحادثات الخطرة
قد يجد الموظفون أنفسهم في مواقف خطيرة تستدعي الحذر مهما اتخذوا من تدابير ضد انتهاك قوانين مكافحة الاحتكار. لكن كيف يمكنهم الحفاظ على أمانهم وأمان مؤسساتهم في أثناء الحديث وتصحيح المسار بعده إذا لزم الأمر؟
يمكن للموظف في أي سياق رسمي رفع يده والاعتراض على عدم ملاءمة الموضوع والمطالبة بتسجيل رفضه المشاركة في النقاش في محضر الاجتماع أو الملاحظات، وينبغي له الإشارة إلى عزمه المغادرة إذا لم يُقبَل اعتراضه على الموضوع.
أما إذا كانت المحادثة تجري في سياق غير رسمي فيمكن للموظف الاعتذار بلطف وتوضيح السبب، كأن يقول مثلاً: "لا أشعر بالراحة في الحديث عن هذا الموضوع لأنه غير ملائم بالنسبة إلى المنافسة"، أو "لا أريد إقحام نفسي أو إقحامك في أي مشكلة، لذا سأبحث عن فريقي وأتمنى لك قضاء وقت ممتع حتى نهاية الفعالية".
وينبغي للموظف أن يكتب مذكّرة لنفسه على الفور ويشاركها مع الفريق القانوني ومشرفه بمجرد أن يغادر المكان.
ابقَ على اطلاع وتواصل عند الشك
اكتسب ريتشارد خبرة في عمله مسؤولاً تنفيذياً للمبيعات على مستوى عالمي على مدى عقدين منحته رؤية فريدة ومباشرة حول عواقب تجاهل القوانين الدولية، وخبرته هذه دعمتها تجربته الشخصية بعد إدانته بانتهاك قوانين مكافحة الارتشاء والتجارة في الولايات المتحدة، ما يُظهر أن جهل الموظفين أو تحايلهم على مسائل مكافحة الاحتكار وقوانين المنافسة لا يعفيهم من المسؤولية الشخصية أو العواقب التنظيمية.
يمكن للمؤسسات تجنب الغرامات المحتملة وتحقيقات القطاع أو حتى عقوبات السجن بحق موظفيها عند التفاعل مع المنافسين من خلال تبنّي سلوكيات أخلاقية والامتثال للقوانين المتعلقة بمكافحة الاحتكار العالمية وقوانين المنافسة العادلة، وسيضمن غرس حسّ المسؤولية الأخلاقية داخل مؤسستك ألا يُلحق أي تفاعل تنافسي الضرر بأصحاب المصلحة داخل المؤسسة أو خارجها.
لا تتوقع بصفتك قائداً أن يكون كل شخص في فريقك على دراية بالمسائل المعقدة والمتعددة الجوانب في مجال مكافحة الاحتكار، لذلك من المهم تشجيع الجميع على التواصل مع مدرائهم أو قسم الشؤون القانونية لفهم التوقعات المتعلقة بالآداب المهنية عندما يساورهم الشك خلال هذه الأحداث الصعبة والمعقدة.
ثمة أسباب وجيهة كثيرة لحضور مؤتمرات القطاع والمعارض التجارية والفعاليات الأخرى، لكن قد تحمل هذه الأنشطة معها مخاطر أيضاً. ويمكنك من خلال اتباع هذه الاستراتيجيات ضمان أن يركّز فريقك على قيم المؤسسة والعروض التي تقدمها، وأن يجري أي تفاعل مع المنافسين ضمن الإطار القانوني والسمعة المهنية.