كيف تحافظ على الحافز الذاتي ضمن بيئة العمل؟

5 دقائق
الحافز الذاتي ضمن بيئة العمل

من الطبيعي أن تشعر بحالة من الإرهاق بين الفينة والأخرى حتى لو كنت تحب عملك. فقد تكون استكملت للتو العمل على مشروع كبير وتجد صعوبة في إيجاد الحافز الذاتي ضمن بيئة العمل الذي يساعدك على العمل على مشروع آخر. أو ربما حياتك المهنية تأخذ من طاقتك في هذه المرحلة قدراً أكبر مما هو معتاد. أو تشعر بالملل وحسب. فما هي الطريقة الفضلى لتعيد شحن بطاريتك؟ هل بعض الطرق التي يستعملها المرء لتجديد نفسه أفضل من الطرق الأخرى؟ كيف تعلم ما إذا كان الإنهاك الذي تشعر به مجرد إنهاك عادي أم أنه شيء آخر؟

ما الذي يقوله الخبراء عن كيفية الحفاظ على الحافز الذاتي ضمن بيئة العمل

إنّ الإنهاك التام (حالة التعب الذهني والبدني) الذي تشعر بها عندما تتجاوز المطالب المفروضة عليك كمية الطاقة المتوفرة لديك يُعتبر "الجائحة المرضية لمكان العمل في العصر الحديث". وفي هذا الصدد، يقول رون فريدمان، مؤسس شركة الاستشارات (ignite80)، ومؤلف كتاب "أفضل مكان للعمل: الفن والعلم اللذان يساعدان في خلق مكان عمل استثنائي" (The Best Place to Work: The Art and Science of Creating an Extraordinary Workplace): "لا شك أبداً بأننا معرضون اليوم لخطر الإصابة بالإنهاك التام في مكان العمل مقارنة مع ما كنا عليه قبل 10 سنوات. ومردّ ذلك إلى حد كبير يعود إلى أننا محاطون بالأجهزة المصممة للفت انتباهنا وجعل كل شيء يبدو وكأنه ملح وعاجل". أما هايدي غرانت هالفورسون، المتخصصة في علم النفس الاجتماعي، ومؤلفة كتاب "لا أحد يفهمك وما الذي بوسعك فعله تجاه ذلك" (No One Understands You and What to Do About It) فتتفق في الرأي مع فريدمان وتقول: "نواجه الكثير من الضغوط في هذه الدورة المستمرة على مدار 24 ساعة يومياً وسبعة أيام في الأسبوع. وهي قد تقودك إلى الشعور باللامبالاة والتوتر والاستنزاف، بحيث تشعر بالإجهاد الكامل". لذلك تقترح هالفورسون إيجاد طرق "لملء خزان الوقود الشخصي". وفيما يلي بعض الأفكار التي يمكن أن تساعدك في تحقيق ذلك:

خذ عدداً من الاستراحات خلال يوم العمل

يقول فريدمان: "تحصل حالة الإنهاك التام غالباً نتيجة عدم فهم الناس لما هو مطلوب منهم من أجل تحقيق ذروة الأداء في مكان العمل"، والذي يضيف: "نحن نميل إلى الاعتقاد أنّ تحقيق ذروة الأداء يتطلب محاولة بذل جهد أكبر أو التفوق على الآخرين في العمل، وهو أمر ربما يقود إلى تحقيق النتائج على المدى القصير لكنه غير مستدام نفسياً". ولكي تقدم أفضل أداء ممكن على المدى البعيد، تحتاج إلى "فرص دورية لإعادة شحن ذهنك بالطاقة" بحسب فريدمان. حاول أن تخرج في استراحة قصيرة لممارسة المشي أو الجري. تناول طعام الغداء بعيداً عن مكتبك. ويوجه فريدمان نصائحه قائلاً: "الابتعاد عن الكمبيوتر يُخرجك من بحر التفاصيل ويدفعك إلى إعادة النظر في الصورة الكبرى. وغالباً ما تتضح الحلول وتخرج إلى حيز الوجود خلال الفترات الزمنية الفاصلة بين التفكير الجدي في مشكلة ما، ومن ثم الابتعاد عن المكتب". لكن استراحاتك يجب أن تأتي في الوقت الصحيح، حسبما تقول هالفورسون. فعندما تكون طاقتك في حدها الأقصى (غالباً في الفترة الصباحية) يجب التركيز على العمل وعلى الوصول بإنتاجيتك إلى الحد الأقصى. تقول هالفورسون: "خلال تلك الأوقات، حاول أن تتعامل مع أصعب التحديات التي تواجهك". بعد ذلك خذ استراحة بعيداً عن المكتب.

اقرأ أيضاً: 3 نصائح لتجنب الاحتراق الوظيفي خلال العمل من المنزل

ضع أجهزتك الرقمية جانباً من أجل تعزيز الحافز الذاتي ضمن بيئة العمل

قبل حقبة البلاكبيري، كان المعيار الطبيعي هو ترك العمل في المكتب. يقول فريدمان: "لو كنت تريد أخذ جزء من عملك معك إلى المنزل، فإنّ ذلك كان يتطلب الجهد والتخطيط". لكن لم يعد هذا هو الحال. "فنحن جميعاً نحمل اليوم مكتباً متنقلاً في جيوبنا على شكل هاتف ذكي"، لذلك نظل متصلين مع عملنا نفسياً وجسدياً. ويكمن العلاج من ذلك حسب رأيه، في الحد من استعمال الأجهزة الرقمية ضمن ساعات ما بعد الدوام. ضع هاتفك الذكي في سلة أو في الدرج عندما تصل إلى المنزل بحيث لا تشعر بإغراء يدفعك إلى التقاط الجهاز لتفقد بريدك الإلكتروني، أو بوسعك وضع قاعدة خاصة بك بحيث تُطفئ الجهاز بعد الساعة الثامنة مساء. تقول هالفورسون: "ابعدوا هواتفكم عنكم. مهما كان الأمر عاجلاً، بإمكانه الانتظار حتى الغد".

افعل شيئاً مثيراً بالنسبة لك من أجل زيادة الحافز الذاتي ضمن بيئة العمل

عوضاً عن التركيز على الحد من العمل أو تحاشي العمل خارج أوقات الدوام الرسمي، ينصحك فريدمان بالتخطيط للقيام بأنشطة تحبها لتروح عن نفسك. فوضع خطط للعب التنس مع صديق أو طهي وجبة طعام مع الزوج أو الزوجة يجبرك على التركيز في هدف تود تحقيقه، أي فعل شيء يدخل المتعة إلى قلبك، عوضاً عن التركيز في هدف ترغب بتحاشيه، مثل عدم تفقد البريد الإلكتروني. يقول فريدمان أيضاً: "تُظهر الأبحاث أنّ التركيز على الأهداف التي يرغب المرء في تحقيقها أسهل وينطوي إنجازها على متعة أكبر مقارنة مع الأهداف التي يرغب المرء في تحاشيها. كما تُشير الدراسات إلى أنّ القيام بنشاط تعتبره مثيراً لك، حتى لو كان ذلك النشاط يحتاج إلى بذل جهد كبير، أفضل من مجرد الاسترخاء. وبحسب هالفورسون، "من المهم جداً الانتباه إلى النشاطات التي تمارسونها في أوقات الراحة". بالتأكيد ربما يكون من المغري أن يستلقي المرء على الكنبة في غرفة الجلوس ويأكل المكسرات وهو يشاهد قناته التلفزيونية المفضلة، لكن هالفورسون توصيك بالانخراط في نشاط يجعلك تشعر بقدر أكبر من التحدي، مثل حل الكلمات المتقاطعة أو لعب الشطرنج. "على الرغم من أنّ هذا النشاط أصعب، إلا أنه سيمنحكم طاقة أكبر".

اقرأ أيضاً: كيف تفصل بين وقت العمل والوقت الشخصي في المنزل؟

خذ إجازة نهاية أسبوع طويلة

ربما يكون الشعور بالتعب الذهني والجسدي علامة على "أنك بحاجة إلى أخذ استراحة معيّنة" كما تقول هالفورسون. ولا ينبغي أن تكون الاستراحة بالضرورة عطلة لأسبوعين، إنما عندما يتعلق الأمر بالتقليل من التوتر تقول هالفورسون: "أنت تحصل على فائدة أكبر بكثير عندما تأخذ إجازة نهاية أسبوع طويلة لمدة ثلاثة أو أربعة أيام". لكن عندما تكون بعيداً عن مكان العمل، لا تحاول الاتصال بالمكتب أو تفقد البريد الإلكتروني. كما تنصحك بترك كل ما له علاقة بالعمل والتخلي عنه إذ تقول: "كل واحد منّا أقل حيوية بقليل مما يرغب في الاعتقاد به".

ركز على المعنى والمغزى من عملك

إذا كانت مسؤولياتك الوظيفية تمنعك من أخذ عطلة فورية، تقترح هالفورسون التركيز على السبب الذي يجعل العمل مهمّاً بالنسبة لك. فالربط بين المهمة الحالية التي بين يديك وهدف شخصي أكبر، مثل القول بأنّ إتمام هذا المشروع سيساعدك في ضمان الترقية القادمة سيساعدك بمحاربة الإغراء الذي يشدك نحو التراخي والكسل وسيقدّم لك دفعة من الطاقة التي ستمدّك بما تحتاج إليه لإنجاز أعمالك خلال ذلك اليوم أو اليومين التاليين، بحسب هالفورسون. لكن حذار، فقد لا يمنحك ذلك إلا راحة مؤقتة. وإذا كنت منهكاً تماماً من العمل الشديد، فإنك بحاجة إلى التوقف لأخذ استراحة حقيقية".

تأكد من أنك في حالة إنهاك تام فعلاً ولست أمام شيء آخر

إذا لم تنفعك أي من هذه الاستراتيجيات، لعلّك تواجه أمراً أكثر خطورة. فإذا كنت متعباً ومجهداً لكنك تشعر أنك تعمل بفعالية في المجمل، فإنّ الأمر لا يعدو كونه حالة إنهاك. تقول هالفورسون: "إذا شعرت أنك لا تحرز التقدم المنشود وأن العمل الذي تؤديه لا يبدو مهماً بالنسبة لك فإنك أمام مشكلة مختلفة". هل يعطيك مديرك ما تحتاج إليه لكي تقدم أفضل أداء ممكن لديك؟، إذا لم يكن الأمر كذلك، فإنك بحاجة إلى منصب وظيفي مختلف. هل طبيعة عملك هي بحد ذاتها المصدر الأساسي الذي يستنزف طاقتك؟، إذا كان الأمر كذلك، فإنك تحتاج إلى إعادة النظر بحياتك المهنية بأكملها.

مبادئ يجب أن تذكرها من أجل تعزيز الحافز الذاتي ضمن بيئة العمل

ما يجب أن تفعل:

  • ضع حدوداً لاستعمالك الأجهزة الرقمية خارج أوقات الدوام وساعات العمل.
  • خذ استراحات منتظمة ضمن يوم عملك العادي.
  • ركّز على السبب الذي يجعل عملك مهماً بالنسبة لك إذا كانت التزاماتكم المهنية تمنعك من أخذ إجازة.

اقرأ أيضاً: 5 نصائح لتقليل الوقت الذي تقضيه أمام شاشة الكمبيوتر أثناء فترة العمل من المنزل

ما يجب عدم فعله:

  • لا تتفقد بريدك الإلكتروني إذا كنت في إجازة أو في عطلة نهاية أسبوع طويلة.
  • لا تقض كل وقت راحتك خارج ساعات العمل في الاستلقاء دون فعل شيء، بل حاول الانخراط في نشاطات تثير اهتمامك وتشكّل تحدّياً بالنسبة لك.
  • لا تخلط بين حالة الإجهاد الدائم واللامبالاة وحالة الإنهاك المؤقت، فإذا كنت تشعر كل يوم بأنك غير فعّال في العمل، فلربما يكون الوقت قد حان للبحث عن وظيفة أُخرى من أجل الحفاظ على الحافز الذاتي ضمن بيئة العمل الجديدة.

اقرأ أيضاً: هل تعيقكِ الخلافات حول الأعمال المنزلية عن أداء عملك؟

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي