لكن، ماذا لو كنت لا ترى نفسك مبدعاً؟ هل أنت بالفعل غير مبدع؟

يجب أن نطرح هذا السؤال المهم لأن الكثير منكم، ربما نصفكم، لا يعتقد أنه مبدع. نسأل مجموعات تتكون من 100 إلى ألف مدير ومسؤول تنفيذي على نحو منتظم في جميع أنحاء العالم: “هل أنت مبدع؟” ودائماً ترتفع أيادي نصف الجمهور في أحسن الأحوال بخجل. لا تعد هذه المجموعات عيّنة علمية ولا الطريقة منهجية علمية أيضاً، ولكنها بيانات مباشرة كافية لمعرفة أن معظم المدراء لا يرون أنفسهم مبدعين (وللفائدة، سيلاقي السؤال الأكثر قبولاً اجتماعياً “هل أنت مبتكر؟” تجاوباً ضعيفاً أيضاً).

النبأ السيئ هو أن بيانات الاستقصاء تشير إلى أنك إذا لم تعتقد بأنك مبدع فلن تكون مبدعاً. لكن هناك ما يدعو للتفاؤل؛ فبوسعك أن تصبح أكثر إبداعاً من خلال تغيير طريقة تفكيرك، وبوسع الجميع الابتكار إن أرادوا ذلك. فالمبتكرون المزعزِعون لا يصنعون ابتكاراتهم صدفة، بل يقررون ذلك، وتحوّل أفعالهم اليومية عقلية “أنا لست مبدعاً” إلى عقلية “أنا مبدع”، وحينها تنكشف قدراتهم السحرية (وهي ليست غامضة).

تبدأ الروعة عندما يستعمل المبتكرون يومياً مهارات الابتكار الفريدة التي نطلق عليها “جينات المبتكر” (innovator’s DNA)؛ إذ يحطم المبتكرون حاجز “أنا لست مبدعاً” في أذهانهم من خلال طرح الأسئلة الاستفزازية، والمراقبة من منظور علم الإنسان، والتواصل مع الذين يرون العالم بشكل مختلف كلياً، وإجراء التجارب بكثافة، وفي كثير من الأحيان الخروج عن المألوف.

استفاد مخترع تطبيق إيفرنوت (Evernote)، وهو تطبيق شخصي يذكّرك بأي نوع من المعلومات متى احتجت إليها، ستيبان باتشيكوف من جينات المبتكر فيه لتطوير منتج مع أحد أكثر المستخدمين ولاءً، وكان مشغولاً على الدوام بسؤال وحيد: “ما نوع قاعدة البيانات التي ستساعدني على تذكر المعلومات؟” فبنى على هذا السؤال البسيط عملاً رائعاً، ليس لنفسه فحسب بل للملايين، إذ لاحظ بنفسه كيف يحاول الناس بالفعل تذكر المعلومات، وتحدث إلى مجموعة من الناس تناولوا مشكلة الذاكرة من زوايا مختلفة (العثور على ما تريد عندما تريد). وأنجز سريعاً نماذج أولية للتطبيق لكي ينجح.

والنتيجة؟ منتج قادر على تغيير حياة الناس من خلال تمكين كثيري النسيان من تذكّر المعلومات بطريقة لم يشهدوا لها مثيلاً. وبالفعل، إنه يغير حياة الناس. فعندما نذكر تطبيق إيفرنوت للجمهور، يؤكد 20% على الأقل من مستخدمي التطبيق أنه غيّر حياتهم فعلاً، ومن خلال الاستفادة من مجموعة مهاراته الابتكارية الشخصية، تعاون باتشيكوف مع زملائه في شركة إيفرنوت (Evernote) ومنهم الرئيس التنفيذي، فيل ليبلين، لتصميم منتج ناجح ذي تأثير إيجابي قوي.

إن كنت تظن أن حاجز “أنا لست مبدعاً” في ذهنك يحجب قدراتك الابتكارية، فجرّب هذا الاختبار التشخيصي السريع المكون من 5 أسئلة (مأخوذ من تقييمنا المكون من 60 سؤالاً يكشف مهارات جينات المبتكر بدرجة أكبر)، أو أرسلها إلى شخص يبدو أنه عالق في دوامة تمنعه من الإبداع. هل تنطبق عليك العبارات الآتية؟ الإجابة بـ “نعم” أو “لا” كافية لكل سؤال.

التفكير الترابطي: أحلُّ المشكلات الصعبة بطريقة إبداعية بالاعتماد على الأفكار أو المعارف المتنوعة.

التشكيك: أطرحُ غالباً أسئلة تشكك بمسلّمات الآخرين.

الملاحظة: تتبادر إلى ذهني أفكار مبتكرة عبر الملاحظة المباشرة لطرق تفاعل الناس مع المنتجات والخدمات.

بناء شبكة الأفكار: أتحدثُ بانتظام مع مجموعة متنوعة من الأشخاص (من مختلف التخصصات والقطاعات والمناطق الجغرافية) للعثور على أفكار تجارية جديدة وتحسينها.

التجريب: أجربُ باستمرار ابتكار طرق جديدة لتنفيذ المهام.

إن أجبت بـ “لا” على 3 أسئلة على الأقل، فأنت تصطدم بحاجز “أنا لست مبدعاً”.

لتزيد قدرتك على الإبداع عليك أن تتصرف يومياً على نحو أكثر إبداعاً للتغلب على أعقد المشكلات التي تواجهها في حياتك الشخصية أو المهنية. الأمر سهل ممتنع، لكن التصرف والتفكير على نحو مختلف يجعلنا مختلفين. عليك البحث عن الأشياء التي تحتاج إلى تغيير، ويجب أن تقضي وقتاً طويلاً جداً في البحث. المشكلة هي أنك إن لم تؤمن بقدرتك على الإبداع فلن تتمكن من الإبداع، تذكّر القول المأثور: “سواء كنت تعتقد أنك تستطيع أو تعتقد أنك لا تستطيع، فأنت على حق”. عندما نقتنع أننا مبدعون، سنغير سلوكياتنا وسنغدو أكثر إبداعاً. وذلك هو الأهم للحفاظ على الميزة الإبداعية أو استعادتها.