لماذا تسبق الجرأة الذكاء؟ ولماذا يسبق الفضول الصمت؟
هذه ليست فقط نتائج دراسات علمية على عينات متعددة ومتنوعة اليوم وأمس وعبر التاريخ، بل هي حالات نشاهدها ونقرأ عنها كل يوم؛ فالجرأة وحب الاستطلاع وكثرة التساؤل والمبادرة غالباً ما تغلب الذكاء الصامت الخجول غير المبادر. هذه حقيقة تعني أمراً محدداً فقط، هو أن صانعي التغيير عبر التاريخ ربما لم يكونوا أكثر الناس ذكاءً، لكنهم كانوا بالضرورة الأشخاص الأكثر "فضولاً" وتساؤلاً عن كيفية حدوث كل شيء؛ فهم الذين يتساءلون: كيف تسير الكواكب وكيف تدور الأرض، وكيف تسير الأسواق بشكل عام وكيف تعمل في قطاع محدد؟ وكيف تدور الآلة؟ وكيف يمكننا حل هذه المشكلة أو سد هذه الثغرة أو تلبية هذه الحاجة؟
وهكذا، فإنك عبر حب الاستطلاع أو "الفضول" يمكن أن تكون رائد أعمال ناجحاً، وعبر "حب الاستطلاع" يمكن أن تصبح رئيساً تنفيذياً، وهذا ما أكدته إحدى مقالات هارفارد بزنس ريفيو التي نشرناها في عام 2016، وما تؤكده المقالة التي ننشرها اليوم بين دفتي هذا العدد. وفي دراسة نشرت عام 2015، أجرتها شركة برايس "ووتر هاوس كوبرز" (PwC)، للاستشارات العالمية، والتي شملت ألف رئيس تنفيذي لشركات كبرى حول العالم، أن الصفة المشتركة التي تجمع هؤلاء القياديين هي "حب الاستطلاع". بمعنى آخر؛ التفكير خارج الصندوق وخارج المألوف والمبادرة للتنفيذ واتخاذ خطوات عملية بدلاً من الصمت السلبي.
لا شك أن العديد من قادة الشركات والمؤسسات الخاصة والحكومية، قد لا يرحبون كثيراً بمن يعبر عن فضوله وكثرة تساؤلاته في العمل، برغم أن بعضهم وصل إلى منصبه بفضل هذه المهارة، لكن هذه المقاومة التي يواجهها "محبو الاستطلاع في الشركات" هي نفسها التي واجهها ويواجهها كل من فكّر في التغيير أو عمل عليه عبر التاريخ.