كيف تعزز شركات صناعة السيارات الثقة في المركبات الذاتية القيادة؟

5 دقيقة
شركات صناعة السيارات
إل في 4260/ غيتي إميدجيز
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

ملخص: تشير الأبحاث التي تضمنت تجارب متعددة إلى تحيز آراء المستهلكين بشأن قدراتهم في القيادة مقارنة بقدرات السائقين الآخرين وقدرات المركبات الذاتية القيادة. تؤثر هذه النتائج على اعتماد المركبات الذاتية القيادة بالكامل أو جزئياً، التي يمكن أن تقلل في المستقبل من الوفيات الناجمة عن حوادث المرور. يناقش هذا المقال النتائج ويقدم 5 طرق يمكن لشركات صناعة السيارات وصانعي السياسات الحكوميين من خلالها مواجهة تحيزات المستهلكين.

على الرغم من قدرة المركبات الذاتية القيادة الواعدة على إنقاذ آلاف الأرواح، فإن مبالغة السائقين في تقدير مهاراتهم في القيادة قد يؤخر اعتماد هذه التقنية.

من الممكن أن تُحدث السيارات الذاتية القيادة نقلة نوعية في مجال السلامة المرورية من خلال منع العديد من حوادث المرور التي تودي بحياة أكثر من 42,000 شخص سنوياً في الولايات المتحدة، والتي تنتج عن الأخطاء البشرية. على الرغم من ذلك، لا يزال معظم السائقين يشعرون بالتردد وعدم الثقة تجاه الاعتماد على السيارات الذاتية القيادة. على الرغم من وجود العديد من المخاوف المنطقية والمبرّرة لدى الناس فيما يتعلق بالأداء والمخاطر والاختبارات المرتبطة بالسيارات الذاتية القيادة، فإن التحيزات النفسية تؤدي دوراً مهماً أيضاً في تأخير اعتمادها.

يكشف بحثنا الجديد، الذي نُشر في مجلة جمعية أبحاث المستهلك (Association of Consumer Research)، عن وجود تحيّز يعوق تبنّي المركبات الذاتية القيادة وهو الغرور البشري. يعتقد المشاركون في البحث أن السيارات الذاتية القيادة ستكون موثوقة وآمنة إلى حد معقول. على الرغم من ذلك، يعتقد المشاركون أنهم يتمتعون بمهارات قيادة تفوق قدرة هذه السيارات وقدرة السائقين الآخرين على القيادة الآمنة والموثوقة، ما يُشير إلى ضرورة إعادة النظر في استراتيجيات التواصل التي تتبعها شركات صناعة السيارات وصانعو السياسات لإبراز فوائد المركبات الذاتية القيادة.

أجرينا سلسلة من التجارب شملت 1,600 أميركي تتراوح أعمارهم بين 18 و86 عاماً، وأظهرت النتائج أن معظم الأشخاص يفضّلون استخدام سيارات أقل اعتماداً على القيادة الآلية بالنسبة لأنفسهم، مقارنة بالسيارات التي يفضّلونها للآخرين.

في إحدى التجارب، أبلغت عيّنة ممثّلة على المستوى الوطني مكوّنة من 1,020 مشاركاً عن مستوى القيادة الآلية المفضّل لديهم عند شراء سيارة، وذلك وفقاً لمقياس من 6 مستويات طورته جمعية مهندسي السيارات (Society of Automotive Engineers). يتراوح المقياس المستخدم من عدم وجود قيادة آلية (المستوى 0) إلى القيادة الآلية الكاملة: أي سيارة لا تتطلب تدخل سائق بشري على الإطلاق (المستوى 5). أبلغ نصف المشاركين عن مستوى القيادة الآلية الذي يفضّلونه، وأبلغ النصف الآخر عن مستوى القيادة الآلية الذي يفضّلونه بالنسبة للسائقين الآخرين. بالإضافة إلى ذلك، أجرى المشاركون تقييماً لمهاراتهم في القيادة مقارنة بالسيارات الذاتية القيادة أو تقييماً لمهارات القيادة لدى السائقين الآخرين مقارنة بالسيارات الذاتية القيادة، على التوالي.

أظهرت النتائج أن المشاركين يفضلون مستويات أعلى من القيادة الآلية في السيارات التي يقودها الآخرون مقارنة بالسيارات التي يفضّلونها لأنفسهم. في المتوسط، فضّل المشاركون السيارات ذات القيادة الآلية الجزئية (المستوى 2)، على غرار سيارات “تيسلا أوتوبايلوت” (Tesla Autopilot) أو “كاديلاك سوبر كروز” (Cadillac Super Cruise)؛ إذ يمكن للسيارة توجيه نفسها والتحكم في التسارع والتباطؤ، مع إمكانية تدخل السائق البشري في أي وقت. في المقابل، فضّل المشاركون أنظمة القيادة الآلية المشروطة بالنسبة للسائقين الآخرين (المستوى 3)، التي تتيح للسيارات كذلك مهمة مراقبة البيئة المحيطة والتفاعل معها، مع إمكانية تدخل السائق البشري عند الضرورة.

عند استطلاع آراء المشاركين حول تفضيلاتهم فيما يتعلق بالمركبات الذاتية القيادة كلياً، لاحظنا الاختلاف نفسه بين تفضيلات الأشخاص لأنفسهم وللسائقين الآخرين. على مقياس مكوّن من 100 نقطة، إذ تشير النقطة 0 إلى مستوى تفضيل منخفض والنقطة 100 إلى مستوى تفضيل مرتفع، صرّح المشاركون بأن معدّل تفضيلهم لاستخدام السيارات الذاتية القيادة بأنفسهم هو 40 نقطة فقط، وبلغ متوسط تفضيلهم لها بالنسبة للسائقين الآخرين 52 نقطة.

أظهرت الدراسة وجود علاقة بين هذه الاختلافات في تفضيلات القيادة الآلية وبين التقييمات الذاتية المتحيزة للمشاركين حول مهاراتهم في القيادة مقارنة بالسائقين الآخرين: صنّف معظمهم (77%) أنفسهم على أنهم سائقون أفضل من السيارات الذاتية القيادة، في المقابل صنّف معظمهم السائقين الآخرين (60%) على أنهم أسوأ من تلك السيارات. كشفت تحليلات إضافية أن اعتقاد المشاركين بأنهم سائقون أفضل وأن السائقين الآخرين أقل مهارة منهم، جعلهم أكثر مقاومة لاستخدام السيارات الذاتية القيادة بالنسبة لأنفسهم، وأقل مقاومة لاستخدامها بالنسبة للآخرين.

إذا اقتصر تقبّل الأفراد للمركبات الذاتية القيادة فقط على استخدام السائقين الآخرين لها وعدم استخدامها بأنفسهم، فقد يؤدي ذلك إلى إعاقة اعتمادها على نطاق واسع، لكن لحسن الحظ، يمكن التغلب على هذه العقبة.

يقترح بحثنا 5 طرق مدعومة بالدلائل يمكن أن تساعد شركات صناعة السيارات وصانعي السياسات الحكوميين على مواجهة مثل هذه التحيزات وتسريع اعتماد المركبات الذاتية القيادة على نطاق واسع:

1. توضيح فوائد السيارات الذاتية القيادة من أجل سلامة الآخرين وليس فقط لتحقيق أهداف الترويج

يجب أن تركز جهود الاتصالات التسويقية والتوعية العامة على إبراز مزايا هذه المركبات بالنسبة للآخرين، وليس مجرد التركيز على الفوائد الشخصية التي تعود على الفرد من استخدامها، وذلك لتعزيز اعتماد السيارات الذاتية القيادة. من المحتمل أن يرحّب الناس باستخدام المركبات الذاتية القيادة والسياسات التي تشجع اعتمادها في حال التركيز على فوائد السلامة التي توفرها هذه المركبات للآخرين، مثل الأطفال والآباء.

2. يجب أن يُنظر إلى المركبات الذاتية القيادة على أنها إضافة مكمّلة للسائقين البشر، وليست بديلاً يحل محلهم بالكامل

يتردد الناس في إنجاز المهام التي يرونها على أنها جزء أساسي من هويتهم بطريقة آلية، وذلك لأن أداء هذه المهام يدوياً على نحو جيد يعزز تقديرهم لذواتهم. على سبيل المثال، يفضّل عشاق القيادة السيارات المزودة بناقل حركة يدوي بدلاً من ناقل حركة أوتوماتيكي، لأن التحكم اليدوي يتيح لهم الشعور بأن مهاراتهم هي سبب جودة القيادة ولا يعود ذلك إلى السيارة نفسها. من المرجح أن يُقبل المستهلكون، الذين ينظرون إلى القيادة بوصفها جزءاً أساسياً من هويتهم، على شراء مركبة ذاتية القيادة في حال تسويقها على أنها تكمّل مهاراتهم في القيادة ولا تحل محلها كلياً.

3. توفير بيانات موثّقة عن الحوادث التي يسببها السائقون البشر مقابل الحوادث التي تسببها المركبات الذاتية القيادة

وجدت الأبحاث أن المستهلكين يُظهرون استعداداً أكبر لقبول استخدام الأدوات الآلية لإنجاز المهام عند تقديم معلومات حول تلك الأدوات بطريقة موضوعية وليست شخصية. قد تؤدي مقارنة البشر بالمركبات الذاتية القيادة بناءً على نتائج ملموسة، مثل إحصاءات الحوادث أو العوامل البيئية (مثل استهلاك الوقود أو الانبعاثات)، إلى زيادة تقبّل الناس لاستخدام هذه السيارات.

4. تثقيف المستهلكين حول تحيزاتهم

يمكن أن يؤدي إطلاع المستهلكين على تقييماتهم الذاتية المتحيزة لمهاراتهم في القيادة إلى تقييم قدرتهم على القيادة بدقة أكبر، وبالتالي، تعزيز اعتماد السيارات الذاتية القيادة. تبيّن أن الإجراءات التدخلية، مثل عرض مقاطع فيديو تعليمية على المشاركين في البحث، تقلّل من التحيزات المماثلة القائمة على المصلحة الذاتية. يمكن أن تقدم شركات صناعة السيارات أيضاً ملاحظات شخصية حول مهارات القيادة، يمكن أن تجمع الكاميرات المثبتة في السيارات وتطبيقات الهواتف الذكية التي تعمل بالذكاء الاصطناعي بيانات قيادة العملاء، مثل الفرملة القوية والسرعة الزائدة، وذلك بعد الحصول على موافقتهم، وتصنِّف مستوى سلامة قيادة كل فرد مقارنة بالمركبات الذاتية القيادة أو السائقين العاديين.

5. تقديم حوافز تشجيعية

يمكن أن يؤدي تقديم الحوافز، مثل خصومات التأمين والإعفاءات الضريبية والمسارات المخصصة للمستخدمين الذين يستخدمون المركبات الذاتية القيادة، إلى تشجيع المستهلكين على تجاهل ما يفقدونه من خلال استخدام سيارة ذاتية القيادة (ولا سيما شعورهم بالتحكم الكامل بالقيادة) والتركيز أكثر على الفوائد التي يحصلون عليها في إطار هذه الحوافز. في نهاية المطاف، قد يكون الناس على استعداد للتخلي عن شعور عدم الارتياح الذي ينتابهم عند استخدام المركبات الذاتية القيادة مقابل الحصول على مزايا مجزية.

توفر هذه الإجراءات التدخلية المستهدفة مسارات تساعد صانعي السياسات وشركات صناعة السيارات على تسريع قبول المجتمع لمستويات أعلى من القيادة الآلية في المركبات، ولا سيما المركبات الذاتية القيادة كلياً، عندما تكون جاهزة للاستخدام العام، بالإضافة إلى تعزيز السلامة المرورية. مع وقوع حالة وفاة واحدة ناجمة عن حادث مروري كل 23 ثانية، فإن تعزيز التوعية يمكن أن يكون مسألة حياة أو موت حقاً.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .