ما التوقيت المثالي لجدولة إشعارات التذكير بالمهام والمسؤوليات؟

3 دقيقة
التذكيرات
shutterstock.com/Ilija Erceg

أيّ رجل متزوج عاقل يُدرك جيداً خطورة نسيان تاريخ ميلاد زوجته، والعواقب البعيدة المدى المترتبة على ذلك، على الرغم من ذلك، تُشير الدراسات إلى أن أكثر من 50% ينسون هذه المناسبة، بل إن الدراسات تبيّن أن الإنسان ينسى يومياً 3 أشياء على الأقل، تتراوح بين المهام المنزلية والأرقام السرية (Pin Numbers) والمناسبات السنوية مثل ذكرى الزواج.

في دراسة كلاسيكية مشهورة من عام 1885، بيّن عالم النفس الألماني هيرمان إبينغهاوس مدى سرعة نسيان ما نتعلمه، إذ توصل إلى أننا ننسى نحو نصف المعلومات التي نقرؤها بعد 20 دقيقة فقط و70% بعد 24 ساعة ونحو 80% بعد شهر واحد، ومثّل تطوّر هذه النسب في منحنى أصبح معروفاً باسم "منحنى النسيان". وترتفع وتيرة النسيان بارتفاع عدد المهام والمسؤوليات اليومية، بل إن كل مهمة خارج الروتين اليومي المعتاد أو خارج قائمة المهام احتمال نسيانها أعلى.

هل التذكيرات تكفي؟

الحل المنطقي لمشكلة النسيان هو إنشاء نظام لتذكير الإنسان أو الموظف بالمهام الواجب أداؤها، سواء كانت التذكيرات عبر البريد الإلكتروني أو التطبيقات الذكية أو مكالمة هاتفية أو غير ذلك، وقد أثبت العديد من الدراسات فعالية التذكيرات في مجالات مختلفة، إذ رفعت رسائل البريد الإلكتروني التي أُرسلت إلى المصوتين قبل نحو أسبوع من الانتخابات في بعض المدن الأميركية نسبة التصويت بنحو 8%، وارتفعت نسبة الادخار بمقدار 6% بين عملاء البنوك الذين أُرسلت إليهم رسائل نصية شهرياً تُذكرهم بوقت إيداع أقساط الحساب البنكي. لكن نظام التذكيرات يجب أن يُطبق بطريقة صحيحة وإلا ببساطة لن يكون فعالاً.

من أشهر الدراسات التي سلّطت الضوء على شروط التذكير الفعّال هي دراسة لمجموعة من الباحثين حول تأثير توقيت إرسال التذكير في رفع نسبة استخدام حزام الأمان بين السائقين، ومُلخصها أنه يوجد فرق هائل بين التذكير الذي يسمعه السائق قبل نحو 5 دقائق من ركوب السيارة والتذكير الذي يُسمع في أثناء ركوب السيارة (أي تذكير آني)، ومقدار هذا الفرق هو نحو 25% ما معناه وفقاً للدراسة إنقاذ الكثير من الأرواح.

تخيل نفسك متوجهاً للعمل صباحاً وتُفكر في جدول عملك المزدحم، فتصلك رسالة نصية من أحد أفراد العائلة يطلب منك أن تشتري له شيئاً بسيطاً في طريق عودتك إلى المنزل في المساء بعد العمل. هل ستكون هذه الرسالة فعالة كما لو أنها أُرسلت في المساء بعد تفريغ قائمة مهامك اليومية؟ هل سيكون التذكير الذي يُرسله لك زميلك في العمل على مهمة مجدولة بعد 10 أيام فعالاً بقدر تذكير يُخبرك به شخصياً في أثناء تناول الغداء معاً قبل يومين من تاريخ أداء المهمة؟ أنا شخصياً اختبرتُ فعالية التوقيت المثالي للتذكيرات (دون قصد) حينما وضعت تذكيراً مع إشعار عن تاريخ ميلاد زوجتي قبل 3 أيام، لكني نسيته فعلاً في اليوم الموعود، وشاءت الأقدار أنّ تطبيقاً للمراسلة اسمه فايبر (Viber) يُرسل آلياً إشعاراً في يوم ميلاد كل شخص من قائمة معارفك، فكان تذكيره أكثر فعالية بل إنه أنقذني في "الوقت بدل الضائع!".

ما الحل؟

فيما يلي بعض النصائح العملية لاستخدام نظام التذكيرات على نحو أفضل:

  • من طبع الإنسان أنه ينسى، والشاهد من القرآن الكريم "ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا"، ومُنحنى النسيان الذي صاغه إيبنغهاوس ما يزال صامداً بل حتى الدراسات الأحدث دعمته وأثبتت صحته، لذلك لا تحاول نفي هذه الحقيقة بوضع ثقتك كلها في ذاكرتك، بل استعن بأدوات التذكير وأزل جزءاً كبيراً من العبء عن كاهلك.
  • استخدم أداة التذكير التي تلائمك، فالبعض يفضل تكليف زميل أو قريب بتذكيره صوتياً بمكالمة هاتفية؛ يعني يجب أن يسمع صوت إنسان يُذكّره، والبعض يحبذ الكتابة اليدوية، والبعض الآخر يُفضل الإشعارات الإلكترونية الصامتة، أياً كانت، استخدم الأداة التي تحس أنها أكثر تأثيراً، وإن لم تكن استخدمت واحدة من قبل، فجرّب العديد منها قبل الثبات على الأنسب منها.
  • توقيت التذكير أهم من التذكير نفسه، فالتذكير الآني (إن كانت المهمة تحتمل ذلك) أو الذي يكون مباشرة قبل وقت إنجاز المهمة أكثر فعالية بكثير من التذكير المبكّر الذي غالباً سيُنسى أيضاً.
  • يمكن استخدام أحداث معينة في حياتك كتذكيرات، كأن تقول في كل مرة أحصل فيها على ترقية، سأرفع نسبة إنفاقي في الأعمال الخيرية، أو في كل مرة أمُر بجانب المحل الفلاني في أثناء عودتي من العمل، سأتذكر شراء حاجيات المنزل، لكن لا تُكثر منها حتى لا تقع في متاهة من التذكيرات المرتبطة. ابدأ ببناء عادة تذكير محددة وزد عليها كلما أصبحت روتيناً. 
  • استفد من "أثر البداية الجديدة" لوضع نظام تذكيرات بحسب مقاسك.

توجد قصة مشهورة مفادها أن مكتشف لقاح "داء الكلَب" وتقنية "البسترة"، العالم لويس باستور، نسيَ أن يذهب إلى حفل زفافه، وفي حين كان الجميع بانتظاره لإتمام مراسم الزواج، كان هو منكباً على أبحاثه في مخبره حتى هرع إليه أحد أقربائه وذكّره بالحدث، فانضم إلى الحفلة ولحسن الحظ تقبّلت زوجته الموقف بـ "روح رياضية"، ربما السبب أنه أنقذ حياة ملايين البشر، لذلك إن لم تكن مُرشحاً لنيل جائزة نوبل أو قريباً من اكتشاف دواء خارق، فلا تخاطر بنفسك وضع تذكيراتك في الوقت الصحيح.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .