كيف تدعم فريقك دون أن تتحمل عبء حل المشكلات مكانهم؟

4 دقيقة
مشكلات فريقك
shutterstock.com/TinnaPong

تلقى قائد المبيعات في إحدى الشركات، سليم، مكالمة من عميل مهم كان غاضباً لأن طلبه وصل متأخراً والمنتج كان تالفاً، ولأن تخفيضات حجم الطلب في الفاتورة لم تتوافق مع ما وعدت به الشركة في نشرتها البريدية ربع السنوية.

لم يكن سليم متأكداً تماماً مما عليه فعله؛ إذ إنه كان بحاجة إلى طلب المساعدة من أقسام أخرى لحل هذه المشكلات، ولكن ذلك يتطلب الكثير من الإجراءات الروتينية المؤسسية. بالإضافة إلى ذلك، كان قلقاً من ارتكاب أي خطأ بسبب موجة التسريحات الحديثة وحالة عدم اليقين الاقتصادي. لذلك، قرر أن يعرض المشكلة على عميلتي، ليلى، وهي مديرته ومديرة الإيرادات في المؤسسة.

أصغت ليلى جيداً لسليم وهو يشرح تفاصيل المشكلة، ثم سألته: "ما هي سبل الدعم التي تريد مني تقديمها؟"

سأل سليم: "هل يمكنك التواصل مع العميل؟"

كانت ليلى تعرف أنه قادر على التعامل مع هذه المشكلة، لكنها لم ترغب في صده وجعله يشعر بأنها ترفض دعمه؛ لذلك وافقت ليلى على المساعدة، لكنها أضافت بذلك المهمة رقم 143 إلى قائمة مهامها اليومية.

في تلك اللحظة شعر سليم بالارتياح لأن ليلى ستحل المشكلة، بينما شعرت هي بالارتياح لأنها قدمت له الدعم في مشكلة صعبة. لكن ارتياحهما هذا كان مؤقتاً؛ فبمرور الوقت، تكررت الدينامية نفسها وتلاشى الارتياح، ودخلت ليلى بسرعة في حالة من الاحتراق الوظيفي، بينما أصيب سليم بالعجز في التعامل مع عملائه وبدأت النتائج بالتراجع.

ألاحظ هذه الدينامية على نحو متكرر في مهنتي بصفتي مدربة، كما أنها موثقة جيداً في الأبحاث حول العجز المكتسب وإجهاد القرار؛ فمن المعروف أنها تعوق عملية صناعة القرار وتضعف شعور الفريق بامتلاك زمام الأمور وتزيد خطر تعرض المدراء للاحتراق الوظيفي.

يواجه العديد من القادة اليوم صعوبة في الموازنة بين رغبتهم في دعم فرقهم وأعباء مهامهم المنهكة. إذا لاحظت أنك تتمنى أن يتوقف الموظفون عن طلب مساعدتك لحل مشكلاتهم، على الرغم من اهتمامك الشديد بهم، فأنت لست وحيداً.

التصرف بطريقة لا تعاطف فيها ليس هو الحل. لست مضطراً لرفض تقديم المساعدة وتكريس القول المأثور (البغيض) "لا تعرض علي المشكلات، بل الحلول".

خلال السنوات التي قضيتها في تدريب القادة على التعامل مع عبء اتخاذ القرارات الزائد واعتماد الفرق عليهم، توصلت إلى 5 أسئلة يستطيع القادة طرحها حتى يظلوا متاحين لتقديم المساعدة لكن مع تدريب أعضاء فرقهم على حل المشكلات على نحو مستقل وحماية وقتهم من الضياع. أبلغ عملائي في مختلف القطاعات عن نتائج متسقة؛ إذ اكتسب أعضاء فرقهم القدرة على حل المشكلات بأنفسهم بعد أن امتنع عملائي عن حل المشكلات جميعها وطرحوا هذه الأسئلة.

ما هي الطرق التي جربتها لحل المشكلة؟

لا يعني طرح هذا السؤال أنك غير مستعد لتقديم الدعم، بل يبين أنك تتوقع من الموظف أن يبذل الجهد أولاً أو يفكر قليلاً بحل للمشكلة قبل عرضها عليك. هذا السؤال هو تذكير لطيف للموظفين بأنهم يتمتعون بصلاحية التصرف.

قد يفاجئ هذا السؤال الموظف أول مرة، وقد يجاوب بأنه لم يجرب أي طريقة بعد وهو مرتبك. لكن بعد طرحه عدة مرات، سيتوقعه أعضاء الفريق وسيفكرون في الحلول مسبقاً ويمتنعون عن عرض المشكلات لمن هم أعلى رتبة منهم.

كان مدير العمليات التقنية الذي دربته، تامر، محبطاً لأن جلساته الإفرادية مع موظفيه تحولت إلى جلسات أسبوعية للشكوى من الخلل المؤسسي. وما زاد الطين بلة هو أن أغلبية هذه الاجتماعات تطلبت إجراء العديد من جلسات المتابعة وولدت عدداً كبيراً من مهام حل المشكلات التي وقعت على عاتقه.

عندما بدأ تامر بطرح السؤال "ما هي الطرق التي جربتها؟" على نحو مستمر، تغير طابع الاجتماعات وتحسنت النتائج. في غضون شهر، بدأ فريقه بتقديم الحلول الجزئية بدلاً من المشكلات فقط. أصبحت المحادثات مركزة أكثر، وتابع الموظفون حل المشكلات بكفاءة أكبر، كما بدأ الفريق بحل المشكلات البسيطة بنفسه دون عرضها على تامر تلقائياً.

من الشخص أو العامل الذي يعوق حل المشكلة؟

إذا لم يتمكن موظف في فريقك من حل مشكلة ما، فيجب أن يكون قادراً على تحديد السبب على الأقل. سواء كان متعلقاً بالميزانية أو الوقت أو الحصول على إذن، فاحرص على تحديده بدقة. إزالة المعوق عادة هو حل أكثر كفاءة مقارنة بتولي مسؤولية حل المشكلة بأكملها.

يساعدك هذا السؤال أيضاً على تصنيف المعوقات؛ هل تتعلق المعوقات عادة بإذن يجب الحصول عليه أم أن ثمة قسماً لا يتعاون أو مورداً يسبب المشكلات؟ يتيح لك تحديد المعوقات المتكررة التوصل إلى حلول مستدامة لا يعتمد تطبيقها على تدخلك الدائم.

ما هي طرق الدعم التي تحتاج إليها؟

يبين السؤال المعتاد "ما هي طرق الدعم التي تريد أن أقدمها؟" (الذي طرحته ليلى على سليم) النية الطيبة للقائد، لكنه قد يحد من سبل الدعم المتاحة عن غير قصد. الدعم عام، وليس بالضرورة أن تقدمه أنت بصفتك قائداً؛ إذ يمكن أن يقدمه قائد آخر أو زميل في الفريق أو قسم مجاور أو مصدر خارجي.

عندما يشعر الموظفون بأن طلب المساعدة من أكثر من جهة متاح، فسيتمكنون من حل المشكلات بسرعة أكبر، كما أن ذلك يساعد على بناء روابط بين الفرق دون الاعتماد على التدخل المباشر للمدير. شجع فريقك على توسيع نطاق الدعم الذي يمكن أن يحصل عليه.

ماذا كنت ستفعل لو كنت مكاني؟

عندما تحل مشكلات فريقك بنفسك، لن يلاحظ أعضاؤه الجهد الذي تبذله (مثل التأخر في العمل وإرسال رسائل المتابعة عبر البريد الإلكتروني ومراعاة السياسات وتقييم التنازلات). وينتج عن ذلك ما يلي:

  • غياب التقدير للشخص الذي يحل المشكلة.
  • تفويت الموظف الذي عرض المشكلة فرصة بناء المهارات.

يحث طرح هذا السؤال الموظف على تحمل جزء من العبء الفكري الذي يفرضه حل المشكلة؛ إذ تطلب منه تقديم رؤاه وتدعوه للمشاركة في عملية صناعة القرار.

دربت مؤخراً قائدة فريق نجاح تجربة العملاء كانت منهكة بسبب عبء العمل، واضطرت لمعالجة العديد من المسائل الطارئة في أثناء عملها. عندما طرحت على فريقها السؤال "ماذا كنتم ستفعلون لو كنتم مكاني؟"، لاحظت العديد من الفوائد؛ إذ بدأ فريقها بتقديم أفكار أعمق وأبدا صبراً أكبر عند تأخر حل المشكلات وامتنع عن عرض المشكلة نفسها عليها أكثر من مرة. لاحظ أعضاء الفريق مباشرة ما يتطلبه حل المشكلات، وبدؤوا بتعلم هذه المهارة بأنفسهم.

اكتشف الباحثون في دراسة طولية شملت أكثر من 1,000 موظف في 90 فريقاً أن القادة الذين أشركوا فرقهم في عمليتي صناعة القرار وحل المشكلات لاحظوا زيادة في فعالية الفريق والمشاركة الفردية في العمل بمرور الوقت.

هل ثمة شيء آخر يجب أن أعرفه؟

أحياناً، السبب الوحيد الذي يدفع موظفاً لعرض مشكلة عليك هو أنه يريد أن يطلعك عليها فقط.

يؤكد توجيه الشكر للموظف ثم طرح السؤال "هل ثمة شيء آخر يجب أن أعرفه؟" أنك مستعد للتواصل معه في أي وقت مع تحميله مسؤولية حل المشكلة بنفسه. يظل الموظف قادراً على طلب المساعدة منك، ولكن عليه أن يطلبها بأسلوب مباشر.

التمييز بين الوعي بالمشكلة وتولي مسؤولية حلها مهم جداً. تجنب حل المشكلة بنفسك ما لم يطلب منك أعضاء فريقك ذلك على وجه التحديد، ولا تفترض أنك مضطر لاتخاذ أي إجراء فردي.

لا توجد قائمة مراجعة للرعاية الذاتية أو طريقة تأمل أو حيلة ذهنية تحل مشكلة الإرهاق الإداري المزمن. إذا أردت أن تقدم أداءً جيداً في المهام الأهم، فلا مهرب من خفض عبء العمل.

كلما استخدمت هذه الأسئلة الخمسة أكثر، قلت الحاجة لطرحها، وسيعود تمكين فريقك لتولي دوره بالفائدة على الجميع. اعلم أنك لن تتمكن من أن تكون قائداً متعاطفاً تماماً دون أن توفر لنفسك مساحة كافية، ولن يتمكن فريقك من إحراز النتائج الجيدة على نحو مستقل إلا إذا شعر أعضاؤه بالتمكين.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2025.

المحتوى محمي