ملخص: إذا كنت تبحث عن وظيفة حالياً وتشعر أن تلك المهمة كالمرساة التي تسحبك إلى أعماق اليأس، فقد تساعدك الاستراتيجيات الآتية على التحلي بالواقعية عند البحث عن عمل وتتيح لك أخذ الوقت الكافي لاتخاذ قرارات أكثر ذكاءً بشأن مستقبلك.
- تخيّل الانطباع الذي تريد أن تتركه عنك بدلاً من تخيّل النتيجة. فكّر في الانطباع الذي تريد أن تتركه عنك، وليس الجائزة التي تنتظرك، فذلك مفيد في تخفيف التشوش الذهني الناجم عن التوتر، وفي ضبط الأعصاب والتزام الوضوح الذي سيتيح لك تقديم أفضل أداء.
- خصص وقتاً للتعامل مع مشاعر القلق. عندما يكون عقلك منشغلاً بأمر ما (كوضعك الوظيفي)، فخصص وقتاً للتفكير في تلك المسألة مرة واحدة فقط يومياً. فإن تكرر تفكيرك فيها خلال اليوم، وذلك ما سيحدث بالفعل، فذكر نفسك أنك خصصت وقتاً للتفكير فيها في جدول مواعيدك وحاول نسيانها ومواصلة مهامك.
- امنح نفسك دقيقة للتفكير. لا تتسرع في اتخاذ أي قرار. وكقاعدة عامة، إذا تلقيت أي عرض عمل، ففكر فيه مدة 24 ساعة على الأقل، فذلك سيمنحك الوقت الكافي لتتجاوز غريزتك في الاستجابة الفورية، وتفكر في الخيار المناسب لك ولأهدافك الطويلة المدى.
يقول الناشط الشهير ماثيو فوكس ومؤلف كتاب "إعادة ابتكار العمل" (Reinvention of Work): "عملك هو نعمة وبركة وهِبة، بل حتى هدية وحب غير مشروط تجاه المجتمع". وهو قول عظيم وعاطفي بعض الشيء، وهو حقيقي في جوهره، حتى للباحثين عن عمل غير العاطفيين.
وفي الواقع، أظهر جيل الألفية والجيل زد على وجه الخصوص أنهم لا يرغبون بعيش حياة بسيطة أو قبول وظيفة بسيطة، بل إنهم يريدون العمل في مكان يساعدهم على تقديم خدمة للمجتمع ومكان يختبرون فيه الإحساس بالنعمة ويتيح لهم تحقيق أهدافهم.
ولتحصل على وظيفة كتلك، وتحظى بفرصة التميز عن بقية المرشحين، يجب أن توقد شرارة الشغف داخلك. ولكل شخص منا مثل تلك الشرارة؛ وهي مزيج من الأمل والمواهب والرغبة في إحداث تأثير.
وهي كالنار تماماً، أي أنها تحتاج إلى عنصر مهم لتنتشر، وهو المساحة.
فالمساحة المُشبعة بالأكسجين هي ما يغذي اللهب ويؤججه أو ينشره؛ والأمر نفسه ينطبق على عقولنا، فهي بحاجة إلى وقت للتفكير لأداء عمل جيد أو للحصول على وظيفة تجعلنا نشعر بالشغف تجاهها. قد ينشغل الباحثون عن عمل أحياناً بقلق البحث وينسون أن يوقدوا تلك الشرارة داخلهم، وينسون أن يخصصوا دقيقة واحدة للتفكير أو التنفس العميق والتأمل والتعافي من ضغوط البحث عن عمل هادف.
وقد تضعف قدرتك الذهنية على التحمل المرتبطة بهذا النوع من البحث دون تخصيص ذلك الوقت. وقد يؤدي الضغط إلى أن يختار بعض المرشحين للوظائف وظائف لا يريدونها حقاً، أو يقدمون طلبات ليست فريدة بما يكفي لتميّزهم عن غيرهم، أو أن تنفد قواهم قبل بدء عمليات المقابلة حتى.
إذا كنت تبحث عن وظيفة حالياً وتشعر أن تلك المهمة كالمرساة التي تسحبك إلى أعماق اليأس، فقد تساعدك الاستراتيجيات الآتية على التحلي بالواقعية عند البحث عن عمل وتتيح لك أخذ الوقت الكافي لاتخاذ قرارات أكثر ذكاءً بشأن مستقبلك.
1. تخيّل الانطباع الذي تريد أن تتركه عنك بدلاً من تخيّل النتيجة
عندما شجعني صديقي العزيز وغريب الأطوار جواد على استخدام التخيّل، رفضت فكرته. لم أؤمن آنذاك أن استحضار صورة في العقل قد يؤدي إلى نتيجة في التجربة أو السلوك.
لكن قبل بضعة أشهر من أهم حدث في حياتي، حدث ألقيت فيه عرضاً تقديمياً أمام نصف مليون شخص، بدأت أشعر بالتوتر بشكل غير عادي. فقررت تجربة فكرته. ومنحت نفسي فرصة تخيّل تجربة جيدة على مدى الأسابيع التي سبقت الحدث؛ وتخيّلت نفسي أقدم العرض مراراً وتكراراً وبالتفصيل إما لبضع لحظات خلال اليوم أو في أثناء أداء أنشطة بسيطة (مثل غسل الأطباق أو انتظار خروج الأطفال من المدرسة)؛ ولم أتخيّل نفسي أحقق نتائج محددة، بل تخيّلت نفسي أُبرز أفضل صفاتي على المسرح: الهدوء والقوة والبهجة.
وتخيّلت نفسي في انتظار أن يقرأ المسؤول عن العرض اسمي وأنا أقف بثقة والابتسامة لا تفارقني في أثناء تفاعلي مع الجمهور إلى أن انتهت تلك التجربة وأنا كلي رضاً عنها. كما تخيّلت كل لحظة من العرض وصولاً إلى الحذاء الذي سأرتديه. وعندما حان يوم العرض وصعدت أخيراً إلى المسرح، شعرت أني أعرض فيلماً عن نفسي كنت قد شاهدته بالفعل.
جرب أسلوب ممارسة التخيّل في أي وقت تستعد فيه لموقف ينطوي على مخاطر عالية، كمقابلة عمل، أو أول يوم عمل لك، أو حتى لقاء زميل جديد بعد تعيينك، فتخيّل الانطباع الذي تريد أن تتركه عنك، وليس الجائزة التي تنتظرك قد يساعدك في تخفيف التشوش الذهني الناجم عن التوتر، وفي ضبط الأعصاب والتزام الوضوح الذي سيتيح لك تقديم أفضل أداء.
2. خصص وقتاً للتعامل مع مشاعر القلق
لتحافظ على رفاهتك واتقاد شرارة شغفك خلال الأوقات الصعبة، عليك أن تتعلم كيفية فصل عواطفك عن مخاوفك.
اسمح لنفسك باختبار مشاعرك كاملاً في الوقت الحقيقي وحاول الاستماع إلى الرسائل المهمة التي تخبرك بها. قد يكون ذلك صعباً بالطبع، لا سيّما مع المشاعر الصعبة، كالحزن أو الخوف أو الغضب. لكن حاول عند ظهور تلك المشاعر أن تجلس في مكان هادئ لتفهم طبيعتها، فقد أظهرت البحوث أن تجاوز المشاعر الصعبة يتطلب اختبارها وليس دفنها.
على سبيل المثال، إذا كنت تشعر بالضيق لأنك لم تنتقل إلى الجولة الثانية من مقابلات العمل، فتجنب ممارسة الأنشطة التي تدفن ذلك الشعور، كتصفّح وسائل التواصل الاجتماعي دون وعي أو تناول الطعام اللذيذ، بل اجلس وفكر في خيبة أملك. ولا تخف من إظهار تلك المشاعر. قد يكون الأمر صعباً وقد تشعر بالحزن، لكن ذلك الشعور سيخبو بعد فترة، فالمشاعر لا تدوم إلا أذا حاولنا إخفاءها.
لكن مشاعر القلق مختلفة، فالقلق هو حالة نفسية، على عكس المشاعر التي تتردد حيناً وتختفي حيناً. وهو كقطعة السكر التي ننتظر ذوبانها في أفواهنا، فهي صلبة وتطلب قدراً متساوياً من الوقت والتركيز. ولا بد لنا من إيجاد طرق لإدراك وجود مشاعر القلق وتقبلها (دون تجاهلها)، لأنك إذا تجنبت مخاوفك، فستثقل كاهلك ببطء. من جهة أخرى، إذا منحت مشاعرك مساحة كبيرة للظهور، فقد تتطور إلى عملية اجترار للأفكار وتعطل تركيزك وتجعلك أقل فاعلية في أدائك. ولهذا السبب، من المهم جداً أن تعلم نفسك كيفية تنحية مشاعر القلق وتصفية ذهنك، ولو مؤقتاً.
وتتمثّل إحدى التقنيات الفعالة في تخصيص وقت للتعامل مع مشاعر القلق. عندما يكون عقلك منشغلاً بأمر ما (كوضعك الوظيفي)، فخصص وقتاً للتفكير في تلك المسألة مرة واحدة فقط يومياً. قل لنفسك: "سأخصص لهذا الموضوع خمس دقائق من تركيزي الكامل كل يوم عند تمام الساعة التاسعة صباحاً". وإن تكرر شعورك بالقلق، وهو ما سيحدث بالفعل، فذكر نفسك أنك خصصت وقتاً للتعامل مع تلك المشاعر في جدول مواعيدك وحاول نسيانها ومواصلة عملك.
3. امنح نفسك دقيقة للتفكير
إذا كنت تتعرض لقدر كبير من الضغوط المالية، فقد يكون قبول أي وظيفة، وتأجيل بحثك عن وظيفة ذات هدف أسمى، هو الخيار الأنسب لك، على الأقل في الوقت الحالي. فأنت بحاجة إلى الإنفاق على نفسك أو أحبائك. ويمكنك إيجاد طريقة للنمو والمساهمة في أي منصب تقريباً.
ومع ذلك، تقود الضغوط المحيطة بالبحث عن وظيفة العديد من الأشخاص الذين لديهم خيارات أخرى بالفعل إلى إبداء موافقتهم دون تفكير (إما نتيجة اليأس أو الحماس). وقد تدفعهم إلى التقدّم لكل وظيفة دون التفكير فيما إذا كانت مناسبة لهم بالفعل أم لا. لكن إذا كان لديك عدة خيارات ولا ترغب في تعريض نفسك للخطر، فحاول أن تمنح نفسك بعض الوقت قبل التقدم لوظيفة ما أوعند التفكير في عرض ما.
كن هادئاً وتخيل أنك تعمل في الشركة التي تقدمت إليها (أو تفكر في التقدم إليها). وكقاعدة عامة، إذا تلقيت أي عرض عمل، ففكر فيه مدة 24 ساعة على الأقل، فذلك سيمنحك الوقت الكافي لتتجاوز غريزتك في الاستجابة الفورية، وتفكر في الخيار المناسب لك ولأهدافك الطويلة المدى.
قد يستغرق عثورك على المنصب المناسب عدة أسابيع وأشهر، وكلما تطور تفكيرك، طالت العملية. لا يعد التوتر من صندوق بريد فارغ وهاتف لا يرن ألماً يجب التخفيف من حدّته، لذلك، ابذل قصارى جهدك لتقبل الوضع وأوقد شرارة الشغف داخلك من خلال تخصيص وقت للتفكير في جدول مواعيدك، واجعل حديثك مع نفسك عادة قيّمة وقدم الرعاية الوفيرة لها. وستكون في تلك الحالة أكثر حذراً بشأن كل قرار تتخذه. وقتك ثمين، ففكّر ملياً كيف ستهدره.