بصفتي مستشاراً بشؤون التوظيف واكتشاف المواهب، كنت على الدوام أواجه الحالة التي يتم فيها تسريح الكثيرين من وظائفهم خلال الأزمات. وعندما أعمل مع أصحاب الأعمال والشركات لإعداد برامج لعودة الموظفين إلى العمل بعد انقطاع أو تسريح، دائماً ما يبرز السؤال المحوري التالي: "أين يمكن أن نجد هؤلاء المهنيين المميزين لمناقشة إمكانية عودتهم للعمل؟" إذاً هل يجب إعادة التواصل مع الموظفين الذين تم تسريحهم ؟
هناك العديد من المصادر التي يستخدمها أصحاب الأعمال من أجل التواصل مع الموظفين الذين تم تسريحهم ويمكن أن يعودوا إلى العمل، حيث يتم ذلك عبر مكاتب خدمات التشغيل للموظفين المسرحين، أو النصائح التي يقدمها بعض العاملين الحاليين، ومؤتمرات العودة إلى العمل والتوظيف، إلا أن هناك مصدراً يجب ألا يغفل عنه الجميع؛ إنهم الموظفون المميزون الذين خسرتهم المؤسسات بسبب بعض الأزمات أو أسباب أخرى.
إياك والشعور بالعجز عند تسريحك من العمل.
هذه "الخسائر المؤسفة" تعتبر مصادر مهمة لأن هؤلاء المهنيين الذي يتقنون العمل يمثلون خبرات أكيدة تعرف أصحاب العمل والعمل بشكل جيد. مع وجود أعداد كبيرة من الموظفين المميزين الذين تم تسريحهم أو قرروا تغيير وظائفهم، أو تلك الفئة التي يمكن أن تساهم في وظائف مميزة لكنهم لم يحصلوا على الفرصة المناسبة، ومنهم على سبيل المثال في عام 2013، كان هناك 2.6 مليون امرأة في الولايات المتحدة الأميركية، أعمارهن بين 25 و54 ولدى كل واحدة منهن طفل واحد على الأقل في البيت، ويمتلكن درجة جامعية أو أكثر، ولسن محسوبات ضمن القوى العاملة، فعلى أصحاب الأعمال النظر إلى هذه الفرص الضائعة بعين الاهتمام.
ومن الأشياء المهمة لزيادة فرص إعادة تشغيل العمال المهرة عندما تحتاجهم المؤسسات مجدداً، ينبغي على الشركات إدارة مقابلات مغادرة العمل بطريقة مدروسة جيداً، والبقاء على اتصال مع الموظفين بعد ترك الوظيفة.
فأصحاب الأعمال الذين يجعلون من مقابلات التسريح أو الانقطاع عن العمل تجربة ذات قيمة، ويقدّمون وسائل مادية للحفاظ على ارتباط وثيق مع الموظف بعد المغادرة، فإنهم يرسلون رسائل قوية للموظفين المغادرين بسبب ظروفهم الخاصة. فالموظف تراوده هواجس بعد ترك العمل ويصبح قلقاً فيما إن كان سيعود أم يقطع الأمل، أم من السهل إيجاد عمل آخر في المستقبل. تعطي مقابلة مغادرة العمل فرصة لتأكيد أن صلة الموظف بالشركة لن تنقطع وأنه لا يزال شخصاً مرغوباً فيه.
إقرأ أيضاً: الرئيس التنفيذي لشركة هانيويل يتحدث عن كيفية تفادي تسريح الموظفين في الأزمات.
والشركات التي لا تولي أهمية لمقابلات مغادرة العمل (سواء بتسريح أو انقطاع مؤقت)، وتوكل هذا الأمر إلى أناس ليسوا خبراء، أو تفشل في وضع برنامج اتصال جيد لما بعد ترك الوظيفة، فإنهم يخسرون الميزة القوية التي يبدؤون بها العلاقة مع الموظف الجديد عندما يقرر الموظف أو الشركة العودة للعمل معاً بعد الانقطاع. مقابلات الخروج المدروسة من العمل بعناية تمثل خطوة أولى لتؤكد للموظف الذي يعاني من تزايد في فقدان الثقة كلما زادت فترة الانقطاع، أن يبقى مرتاحاً بمعاودة الاتصال مع صاحب العمل قبل الانقطاع.
ولجعل مقابلات المغادرة مفيدة مع الموظفين المتقنين للعمل الذين يغادرون لأسبابهم الخاصة، إليكم هذه العناصر الهامة:
1- بيان صريح من صاحب العمل أنه يريد التحدث مع الموظف أولاً عندما يفكر بالعودة للعمل.
2- توثيق أداء الموظف الناجح عند تركه للعمل.
3- تحديد طريقة التواصل مع موظفي الشركة السابقين.
4- استمرار أصحاب الأعمال بتقديم فرص تعليمية ليبقى الموظف المنقطع مؤقتاً على اتصال بالتطورات في المجال الذي ترك العمل فيه.
5- إعطاء دور تطوعي اختياري للموظفين السابقين في مؤسسة صاحب العمل، إن كانت تتيح مثل هذه الفرصة، وجمع ملاحظات عن الموظفين السابقين، وتسجيل ما يفعله الموظفون السابقون، وهو مشابه للملاحظات التي تجمعها الجامعات عن خريجيها أعضاء نوادي الخريجين.
6- سهولة الوصول إلى قاعدة بيانات الموظفين السابقين التي يقدمها مستشارون للحصول على خدمات هؤلاء الموظفين السابقين بطريقة مدفوعة الأجر من أجل تغطية أوقات الإجازات، وقبول مشاريع خاصة قصيرة الأجل وتلبية فرص عمل أخرى تحت الطلب.
7- إتاحة المجال لحضور الموظفين السابقين إلى المكتب لأمور خاصة مرحلية أو لمناسبات خاصة لمشاركة الموظفين الحاليين أو المدراء أو الزملاء الحاضرين في المؤسسة.
8- إعطاء فرصة لتوجيه الموظفين الحاليين، وحل مشكلاتهم المتعلقة باتخاذ قرارات تخص التوقف عن العمل لفترة.
ويجب الحفاظ على برنامج التواصل مع الموظفين السابقين حتى يصبح الموظف السابق قادراً على العودة إلى العمل بعد الانقطاع عنه، إذا أتيحت الظروف.
اقرأ أيضاً: الطريقة الصحيحة لتسريح موظف من العمل.
يحتاج أصحاب الأعمال إلى الحفاظ على التواصل مع الموظفين الذين تم تسريحهم ، خاصة إن كانوا محبطين وغير سعداء لهذه المغادرة. وقد أشارت دراسات إلى أن قلة من الموظفين المغادرين للعمل يريدون العودة إلى أصحاب الأعمال السابقين، وهذا الأمر خاص بمجال الأعمال. فالموظفون الذين لديهم رعاية أسرية اضطرتهم لترك وظائفهم يمرون بظروف تجعل العودة إلى العمل مع مرور الأيام أكثر صعوبة، وأقل إرضاء للرغبات، كلما حاولوا إيجاد توازن بين العمل والمنزل. وهذا يترك الموظف يشعر بمشاعر سلبية، وهذه فرصة أصحاب العمل ليكونوا على تواصل مع أولئك الموظفين بإقامة برامج منهجية عن التدريب الداخلي للعودة، أو بطرق غير رسمية.
نجحت الشركات الاستشارية في الفترات الماضية في إدارة مقابلات ترك العمل ونوادي الموظفين السابقين، وهذه الجهود قدمت أعمالاً جديدة عندما انتقل الموظفون إلى شركات جديدة. وعلى أصحاب الأعمال تحسين حالة "الخسارة المؤسفة" للمهنيين المهرة المغادرين باهتمام، وخاصة لأولئك الذين لا ينتقلون إلى منافسين آخرين، وبدلاً من ذلك يشرعون بترك العمل. فعلى الشركات ألا تضيع فرصة فوائد مقابلات ترك العمل، وتبقى على تواصل مع هذا المصدر الغني بالمهارات المؤكدة.
اقرأ أيضاً: إسكات النقد الذاتي عقب التسريح من العمل.