متى ولماذا يتسبب التنوع في تحسين أداء مجلس إدارتك؟

7 دقائق

ينص قانون ولاية كاليفورنيا، الصادر في بداية شهر يناير/كانون الثاني، على ضرورة أن تعيّن جميع الشركات، التي يجري تداول أسهمها في سوق الأوراق المالية، عضو مجلس إدارة أنثى واحدة على الأقل بحلول عام 2020، وذلك بهدف زيادة التنوع في مجالس إدارة الشركات. وربما يكون هذا الأمر جديداً على الولايات المتحدة، ولكنه يُعد أمراً شائعاً في مناطق أخرى حول العالم، فعلى سبيل المثال، توجد في كل من النرويج وإسبانيا وفرنسا وآيسلندا قوانين تنص على وجوب أن تشكل النساء 40% على الأقل من مجالس إدارة الشركات التي يجري تداول أسهمها في الأسواق المالية.

ذلك أن أدلة كثيرة برهنت على الفوائد الكبيرة التي يسببها التنوع في مجالس إدارة الشركات، ولكن مقدار هذا التنوع نفسه تفاوت بين حالة وأخرى، إذ لاحظ تحليل ميتا، الذي طُبّق عام 2015 على حوالي 140 بحثاً درست العلاقة بين الأداء وتمثيل الإناث في مجالس الإدارة، وجود علاقة إيجابية لهذا التمثيل مع التقارير المحاسبية، لكن مع عدم وجود أي علاقة مهمة في الوقت نفسه مع أداء السوق. في حين استنتجت أبحاث أخرى أنه لا يوجد علاقة لذلك بالأداء على الإطلاق.

وأجرينا بدورنا مقابلات مع 19 شخصاً يشغلون مناصب أعضاء مجالس إدارة (15 امرأة و4 رجال) لمعرفة ما إذا كانت مجالس إدارة الشركات تستفيد من التنوع وكيفية تحقيق هذه الاستفادة. ويشغل أعضاء مجالس الإدارة هؤلاء مجتمعين، مقاعد في مجالس إدارة 47 شركة في الولايات المتحدة تعمل ضمن قطاعات متنوعة. وقد أظهرت الأبحاث أن التنوع لا يضمن تحقيق مجلس الإدارة والشركة أداء أفضل، لكن يمكن لثقافة المجلس أن تؤثر في مدى جودة أداء المجلس فيما يتعلق بواجباته وإشرافه على الشركة. لذا عملنا، بناء على هذه النتائج، مع مايك فيوتشي، رئيس مجلس إدارة شركة "ديلويت" (Deloitte)، على وضع توصيات حول كيف يمكن لمجالس الإدارة ورؤسائها إنشاء ثقافات تتسم بأكبر قدر ممكن من المساواة وتحسين حوكمتها.

توسيع نطاق الرؤية للتنوع

لن يكفي التركيز على نموذج واحد للتنوع ضمن مجالس الإدارة، على الرغم من أهمية التنوع في تلك المجالس، إذ أشار من أجرينا مقابلتهم إلى أن التنوع الاجتماعي (مثل نوع الجنس والعرق والتنوع في الفئات العمرية) والتنوع المهني هما أمران مهمان بالقدر ذاته لزيادة تنوع وجهات النظر التي تكون ممثَّلة في المجلس.

كما أشار العديد ممن قابلناهم إلى أن مجالس إدارتهم أحرزت تقدماً في التنوع الجنساني، لكنها بقيت متأخرة في أشكال التنوع الاجتماعي الأخرى مثل العِرق والجنسية والعمر. وعبروا أيضاً عن مخاوفهم تجاه ما أشاروا إليه على أنه مبادرات "استكمال المتطلبات" و"التمثيل الرمزي" في المجلس بهدف ضمان وجود تنوع فيه، إذ ذكرت إحدى العضوات التي قابلناها، كيف أنها رفضت تولي منصب في مجلس إدارة إحدى الشركات لأنها شعرت أن أعضاء المجلس الذين كانوا يجرون المقابلة معها غير قادرين على ملاحظة خبراتها، بل كانوا فقط يرغبون في إضافة تنوع جنساني إلى مجلس إدارتهم، وتضيف، "أفهم ما يعنيه أن تكون موجوداً لمجرد التمثيل الرمزي. ولا أحب أن أكون كذلك. ولذا قلت لهم (إذا كنتم تعتقدون أن قيمتي الوحيدة تتمثل في حقيقة كوني أنثى، فلن أكون قادرة على إضافة قيمة إلى مجلس إدارتكم)".

كما أشار آخرون ممن قابلناهم إلى فكرة التمثيل الرمزي هذه، بأنْ قال أحدهم: "أظن أن المحادثة تتركز الآن في أغلبها على فكرة إضافة مزيد من الإناث إلى المجالس مع قول كل شخص لنفسه: (حسناً. إذا كان لدينا عشرة أعضاء في المجلس، علينا تعيين ثلاث نساء). ولكن أعتقد أننا بحاجة إلى التأكد من أن لديهن المهارات المناسبة. فالتنوع الفكري مهم أيضاً".

ذلك أن بعض مجالس الإدارة تأكدت من تمثيل المهارات والخبرة والتركيبة السكانية في قلب ومحور عمليات التعيين الخاصة بها بهدف معالجة تلك القضايا، وعبّر لنا عن ذلك عضو مجلس إدارة آخر، بقوله: "نحن ننظر إلى التنوع عبر منظورات مختلفة مثل تنوع الخبرة والعمر والعرق ونوع الجنس وما إلى ذلك".

وقد وسّعت عديد من المجالس أيضاً نطاق الخلفيات المهنية خلال بحثها عمن يصلح لتولي منصب في مجلس الإدارة، الأمر الذي جعلها تجذب أعضاء أكثر تنوعاً من الناحية الاجتماعية ممن يقدمون بدورهم "تنوعاً في التفكير" على حد تعبير واحد ممن قابلناهم. كان ذلك أسهل تحقيقاً عندما تجنبت المجالس ملء المقاعد الشاغرة من بين أشخاص يعرفونهم في شبكاتهم الشخصية والمهنية. ووصف أحد أعضاء مجالس الإدارة ممن له باع طويل في هذا الأمر الموضوع قائلاً: "تكمن المشكلة الحقيقية في كيفية تشكيل المجالس وكيفية ملء الشواغر. فربما يحدث تحيز غير مقصود، يكون سببه في بعض الأحيان الكسل. من خلال قول الشخص مثلاً لدائرته المحيطة به: (هل تعلم! بات لدينا منصب شاغر. من نعرف؟)". وقد تابع بالقول إن أعضاء مجالس الإدارة يعرفون في كثير من الأحيان أشخاصاً يشبهونهم بشكل كامل.

بدأت مجالس الإدارة التي ينتمي إليها ذاك الشخص حالياً باتباع آليات مختلفة تعتمد على إجراء: "عملية تقييم ننظر فيها دورياً في مجموعات المهارات التي تريد أن تكون لدينا في مجلس إدارتنا من الناحية المثالية بحسب مجال الأعمال الذي تنشط فيه الشركة، ثم النظر في مجموعة المهارات التي لدينا بالفعل في مقابل تلك المفقودة. ويتيح لنا هذا الأمر أن تكون العبارة التي سنقولها لاحقاً شيئاً من قبيل (هل تعلم، نحن نبحث عن شخص يفهم عمليات التصنيع في الخارج). من أجل ذلك، طالما نحاول البحث عن شخص ما يملأ ذاك الشاغر، فلنستغل ذلك كفرصة لتحقيق بعض التنوع".

وتستمر مجالس إدارة عادة في تعيين مدراء من الدائرة المحيطة للرئيس التنفيذي أو المدير المالي الحالي أو السابق للشركة، وقد يؤدي تغيير طريقة التعيين هذه إلى استقطاب أعضاء أكثر تنوعاً. فعلى سبيل المثال، كشف من أجرينا معهم مقابلات في مجالس إدارة الشركات الناشئة التي تعمل في مجالات التقنيات المتطورة والأمن السيبراني أنه غالباً ما تشغل النساء والأقليات والفئات الأصغر عمراً الأدوار المطلوبة في مجالس الإدارة في تلك الشركات والصناعات.

ومن المهم أيضاً النظر في استقطاب أشخاص من خارج الدائرة المحيطة بالرئيس التنفيذي والمدير المالي لزيادة التنوع في المجلس، إذ علّقت إحدى من قابلناهم على فكرة أن التنوع الاجتماعي لن يكون جيداً بدرجة كافية إذا كان جميع أعضاء المجلس السابق رؤساء تنفيذيين أو مدراء ماليين سابقين، وأضافت: "لا يعني وجود تنوع في المجلس وجود مجموعة قليلة من الرؤساء التنفيذيين أو الرأسماليين، إن وجود أعضاء مجلس إدارة بأدوار تختلف عن دور كبير موظفي المعلومات أو كبير موظفي التكنولوجيا أو وجود أعضاء مجالس إدارة مستقلين قادمين من خلفيات مختلفة، هو أمر جيد حقاً. فقد يكون لديك شخص ما قادماً من الموارد البشرية في المجلس. وأعتقد أن الأشخاص القادمين من هذه الخلفيات المتنوعة قادرون على مساعدة المجلس في الوصول على نتائج أفضل".

الاستفادة من التنوع

ليس من المهم مجرد وجود التنوع بقدر ما يهم احترام وإبراز قيمة وجهات نظر أعضاء مجلس الإدارة بشكل مستمر ومتواصل. فمن أجل زيادة فاعلية التنوع في مجالس الإدارة، على تلك المجالس إيجاد ثقافة عادلة قادرة على تحفيز الأصوات المختلفة للكلام، ودمج الأفكار المتناقضة، والترحيب بالمحادثات حول التنوع.

ويبدو بعض المجالس أبرز في مفهوم التسلسل الهرمي من حيث عمليات التواصل الخاصة بها مقارنة بأخرى يكون فيها التواصل مستوياً بشكل أكبر. ويظهر أن هذه الديناميات تؤثر بدورها في قيمة التنوع في المجلس وتزيد منه. ففي المجالس التي يغلب فيها الطابع الهرمي، يميل الرئيس التنفيذي أو المدير المستقل إلى الهيمنة على اجتماعات المجلس، إذ قال لنا واحد من الذين تحدثنا معهم كيف كان ذلك أمراً مثيراً للتحدي في مجلس الإدارة، الأمر الذي جعله مقاوماً لأي مداخلات سواء كانت من المساهمين أم من أعضاء المجلس، حيث قال: "لم يكن هناك الكثير من عمليات التواصل المفتوحة، إذ كان الرئيس التنفيذي للشركة يميل إلى السيطرة على المحادثة، ذلك أنه كان يتحدث مدة تصل إلى ساعتين دون توقف".

ولكن حتى في الثقافات ذات التسلسل الهرمي، يمكن للرئيس أو المدير المساعدة في خلق بيئة تواصل أكثر انفتاحاً، وتعلق على ذلك إحدى عضوات مجالس الإدارة، التي تحدثت عن تجربتها في أحد المجالس، بالقول: "أشعر بالفعل بأنهم أصغوا إليّ، إن للرئيس التنفيذي دوراً كبيراً فيما يتعلق بانفتاح المجلس".

وبالمثل، ذكر شخص آخر كيف سهّل الرئيس التنفيذي على أعضاء المجلس الوصول إلى فريق الإدارة، ويضيف: "يبدأ الأمر، مرة أخرى، مع الرئيس التنفيذي لإحدى الشركات يحاول ألا يكون متسلطاً بعدم التقيد بالتسلسل الهرمي ويقول للآخرين: (لا يمكنك التحدث مع أحد نوابي إلا من خلالي...) وهو الأمر الذي جعلنا قادرين على الوصول إلى أي مستوى إداري نريده، وكان هذا الرئيس التنفيذي يتناول الهاتف في كثير من الأحيان، ويربطنا بالشخص الذي نريده.

كما أن على من يترأس المجلس، أياً كان، مسؤولية ضمان أن أعضاء المجلس الصامتين في العادة، يتحدثون أيضاً في اجتماعات المجلس، حيث قال واحد ممن قابلناهم: "يؤدي رئيس المجلس دوراً في هذا الصدد يتمثل في التأكد من دعوة الأعضاء للتحدث، وإذا لاحظ بالفعل أحد الأعضاء صامتاً، يجب أن يتوجه بالحديث إليه والتأكد من جعله يشعر بالراحة والقدرة على قول أي شيء يريده".

وعلى عكس المجالس الهرمية، تمثل المجالس الأكثر مساواة ثقافة مجلس أكثر "جماعية"، حيث شرح من قابلناهم ممن شعروا بأن مجالسهم تعكس هذا الأمر كيف أن جميع أعضاء مجلس الإدارة قادرون على التحدث علناً وطرح الأسئلة في الاجتماعات، ويشعرون بأن جميع الآراء تُحترم بهذه الطريقة. كما أشار أحدهم إلى أن ثقافة المجلس الجماعية أدت إلى تشارك المعلومات علناً، مع ندرة تشارك المعلومات عبر "قنوات خلفية" أو خارج الاجتماعات الرسمية لمجلس الإدارة.

وتكون المجالس الجماعية أكثر احتمالاً لقبول الاختلافات في الرأي والعمل على توحيد الآراء، على اعتبار أن أعضاء هذه المجالس يؤمنون بأن كلاً من الخبرة والاستعداد للتعلم هما من الأمور التي لها تقدير وموجودة في أساسيات عمل المجلس. وقد ذكر واحد ممن قابلناهم أيضاً أهمية احترام الاختلاف، مشيراً إلى أنه قد تقع أحياناً بعض الحوادث المؤسفة نتيجة لسوء التواصل وبسبب وجود وجهات نظر مختلفة حول الموضوع ذاته، مضيفاً: "لم أطلب قط إسكات أي أحد، ولم يسبق لأي أحد أن طلب إسكاتي. تعرف أن الناس يستمعون. وعندما يتناقشون يكون ذلك بطريقة فيها احترام إلى حد كبير. وكان هناك بضع مرات قليلة لم تحدث كثيراً، وفي إحداها قال فيها أحدهم: (لم يكن هذا محترماً، أنت تدرك الطريقة التي عبرت بها عن ذلك)".

كما قال لنا أشخاص عدة قابلناهم: إن المجالس التي تعطي قيمة للتواصل المفتوح، تكون أكثر احتمالية للمشاركة في المحادثات حول التنوع، حتى تلك التي نعتقد أن أمامها طريقاً طويلاً لقطعه. وعلق أحد المشاركين على كيفية إيمان المجلس ككل بأهمية التنوع، ولكن أعضاء المجلس الأقدم لا يزالون يعانون لفهم قيمة ذلك. "سيكون من الخطأ القول إننا في المكان الواجب علينا أن نكون فيه بنسبة 100%. وأعتقد أننا جميعاً ندرك قيمة ذلك، وعلينا جميعاً احترام التنوع وأهميته. وأعتقد أيضاً أنه من الواضح القول إنه إذا كان لديك أعضاء خدموا منذ فترة طويلة وجاؤوا من مدرسة قديمة كانت فيها المجالس تعمل بطريقة محددة، قد لا يكونون جاهزين تماماً لتقديم الدعم في بعض الحالات".

وذكر الأشخاص الذين أجريت مقابلتهم أيضاً: إنه في مجالس مثل هذه، يجب مناقشة هذه القضايا لأهميتها القصوى بدلاً من تجنبها. وعبّر أحدهم أيضاً عن أهمية إثارة القضايا المتصلة بالتنوع في مسار القيادة، وأبدى رغبته في جعلها أولوية لدى المجلس، قائلاً: "جاءني أحد أعضاء المجلس، وهو أميركي من أصول أفريقية، بعد الاجتماع وقال لي: (شكراً لطرحك هذا الأمر لأنني طرحته منذ سنوات، ولم يحدث شيء). وأضاف (ربما إذا زاد عدد من ينظرون إلى هذه القضية، سيتسبب ذلك في تحريكها)".

كما علّق آخرون بشكل مشابه على الحاجة لأخذ دور البطولة والمناصرة لأجل التنوع والشمول في مجالسهم إذا أرادوا الحفاظ على محورية وتركيز الموضوع، حيث قال أحدهم: "عندي بعض النفوذ وأحاول ممارسته".

لا يمكن أن تتحقق فوائد وجود مجلس متنوع اجتماعياً ومهنياً دون وجود ثقافة مساواة في المجلس. والمجالس التي ترغب في تعظيم فاعليتها هي في حاجة إلى بذل المزيد من الجهود لضمان انتظام إثارة وجهات نظر مختلفة وإدماجها في عمل المجلس.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي