خلاصة ما تعلّمه 11 رئيساً تنفيذياً عن مناصرة التنوّع في الموظفين

5 دقائق

إن دراسة الجدوى المتعلقة بالتنوع واضحة. فمن شأن التنوع أن يُعزّز الابتكار ويعزز تفاعل الموظفين، كما تتفوّق الشركات التي تتمتع بالتنوع مالياً على نظيراتها. لكن التقدم ضمن المؤسسات في هذا الشأن يسير ببطء، إذ لا تزال ثمّة حاجة إلى النساء والأقليات في المناصب القيادية وتفتقر بضع القطاعات من قبيل قطاعَي التكنولوجيا والتمويل إلى التنوع على جميع المستويات، كما يفشل العديد من برامج التنوع. هناك أدلة تفيد أن مبادرات التنوع تكون أكثر فاعلية في حال بدأت عند مستويات الإدارة العليا، وبناءً عليها أجريتُ مقابلات مع 11 من الرؤساء التنفيذيين الذين أبدوا التزاماً علنيّاً بالتنوع بخصوص طريقة اختيارهم لقوى عاملة أكثر تنوعاً.

طرح الرؤساء التنفيذيون مجموعة متنوعة من الأسباب التي تدعو إلى الاهتمام بالتنوع، وكان أكثرها شيوعاً أنهم اعتقدوا أن زيادة التنوع تُفضي إلى زيادة التنوع في الأفكار والقدرة على جذب أفضل المواهب والحفاظ عليها وفهم قاعدة زبائنهم بشكل أفضل. قالت سوزان وجيتسكي من شركة يوتيوب أن ذاك التنوع ضروري من أجل الحيلولة دون تجانس النوع الواحد والتخلّف عن الركب وخسارة ميزتها التنافسية. كما قال مارك بينيوف من شركة "سيلزفورس" (Salesforce): "يُمثّل التنوع جزءاً مهماً من ثقافة المساواة التي نتّبعها. إذ يخبرنا موظفونا أنهم يريدون أن يعملوا لصالح شركة تهتم بالتنوع، كما يساعدنا ذلك على توظيف أشخاص تتماشى قيمهم مع قيمنا".

تشمل بعض البرامج التي ناقشها الرؤساء التنفيذيون مجموعات موارد الموظفين المموّلة بشكل جيد والتي يرعاها المسؤولون التنفيذيون وبرامج قيادة النساء وإرشادهنّ وفرق العمل متعددة التخصصات والمنافع المنصفة. مثلاً، أوجدت شركة "غاب إنك" (Gap Inc) برنامجاً يدعى النساء والفرص يهدف إلى تطوير النساء من أجل أدوار قيادية مستقبلية في الشركة. جرَت تزكية حوالي 87% من مديراتهم التنفيذيات الراهنات (مقابل 81% من الرجال) من قبل أشخاص في الشركة، حيث بدأت 18% منهنّ العمل في متجر تابع لشركة "غاب إنك". وتقدم شركة يوتيوب لجميع موظفيها إجازة أسريّة مدفوعة في إطار سعيها لإبقاء المزيد من النساء في مجال التكنولوجيا. وتشترط شركة "ستيبلز" (Staples) على النواب الأوائل للرئيس والبالغ عددهم 35 نائباً رعاية المواهب النسائية ذات الإمكانات العالية من أجل الاستعانة بهن في المناصب القيادية.

سلّطت المقابلات التي أجريتها مع الرؤساء التنفيذيين الضوء على أربعة دروس أساسية يتعيّن على القادة الآخرين ألّا ينسوها عندما يحاولون جعل مؤسساتهم أكثر تنوعاً وشمولية.

إعطاء قدوة حسنة عندما يتعلق الأمر بالتنوع. تشير تصرفات الرئيس التنفيذي، سواء كانت أثناء العمل أو خارجه، إلى المدى الذي يكون فيه التنوع موضع تقدير. قال كيفن جونسون من شركة "ستاربكس": "كي يُحرز تقدّماً كبيراً، يتعيّن على الرئيس التنفيذي أن يعتبر هذه المسألة بمثابة إحدى تلك المبادرات الشخصية التي سيشارك فيها ويُحفّزها شخصياً". جسّد مارك بينيوف (من شركة سيلزفورس) مفهوم القيادة هذا من خلال إعطاء قدوة حسنة والإشارة إلى مدى اهتمامه بالمساواة؛ إذ عارض علناً القوانين التمييزية في ولايات مثل إنديانا وجورجيا وسار بجوار موظفيه في مسيرة النساء.

يعني إعطاء قدوة حسنة أحياناً اتخاذ قرارات صعبة. تحدّث كل من كاثرين ماهر (من مؤسسة "ويكيميديا" Wikimedia Foundation) وكيفن جونسون (من شركة ستاربكس) عن رفضهما لتوظيف أحد في منصب قيادي حتى تصبح لديهما قائمة متنوعة بالمرشحين ليختاروا منها. كما وصفت سالي كراوتشيك (من شركة إيلفيست Ellevest) قرارها بتفضيل توظيف أشخاص قادرين على تقديم وجهات نظر جديدة على أولئك الذين تمتعوا بخلفيات مماثلة لتلك التي يتمتع بها الأشخاص الآخرون الموجودون في المؤسسة. وشعرت أنه يتعيّن أن تؤخذ فوائد "الإضافة الثقافية" (مقابل التوافق الثقافي) بعين الاعتبار كجزء من معايير التوظيف.

يتحدث العديد من القادة الذين أجريتُ مقابلات معهم أيضاً في المؤتمرات حول التنوع ويكتبون عن أهميته علانيّة. مثلاً، يستضيف جون روجرز (من شركة "أرييل انفيستمنتس" Ariel Investments) مؤتمرات تركّز على تشجيع النقاشات في مجالس الإدارة حول الحقوق المدنية وتعمل على تشجيع التنوع ضمن شركات الخدمات المهنية التي تتعاون مع مؤسسات من قبيل جامعة شيكاغو. وبالمثل، أطلق ديفيد كوهين مؤسسة "تيك ستارز" Techstars) لتشجيع التنوع في ريادة الأعمال من خلال تمويل شركات تقودها النساء ومشاريع تدعم زيادة عدد النساء في مجال التكنولوجيا.
تحمل المسؤولية عن مبادرات التنوع. تُعدّ البيانات والمواعيد النهائية أيضاً ضرورية لجعل مبادرات التنوع تنجح. إذ قالت كاثرين ماهر (من مؤسسة ويكيميديا): "أن تقول أنه لا يوجد موعد نهائي لهذه المبادرة أو أن الأمور ستسير كما يجب هو طريقة لا تاريخية للنظر إلى أوجه التقدم المنجزة من حيث المساواة والتمثيل". وأضافت: "لقد تطلّب الأمر دوماً من الناس إنجاز العمل، كما تطلّب منهم دوماً أن ينهضوا ويضعوه ضمن أولوياتهم".

بالطبع، أظهرت البحوث أن تحديد أهداف التنوع ومتابعة تنفيذها هو أكثر الوسائل فاعلية لزيادة التمثيل غير الكافي للنساء والأقليات. تُطالب سوزان وجيتسكي (من شركة يوتيوب) المدراء بتحديثات حول تقديراتهم للتنوع. ومن خلال الجهود التي تركّز على دعم نساء أخريات وتقديم إجازات أمومة أطول وتمويل الفرق المؤلفة من النساء، ساهمت في زيادة تمثيل الموظفات من 24% إلى حوالي 30% منذ توليها منصب الرئيس التنفيذي لشركة يوتيوب عام 2014.

يترأس عمر إشراق (من شركة ميدترونيك Medtronic) مجلس التنوع الخاص بالشركة، ويوافق على جميع أهداف التنوع مثل زيادة تنوع مجلس إدارة الشركة وتنوع المراتب التنفيذية والإدارية. وتتطلّع الشركة بحلول عام 2020 إلى وجود قوىً عاملة عالمية حيث تشغل النساء 40% من المناصب الإدارية والمناصب رفيعة المستوى، وقوى عاملة تتخذ من الولايات المتحدة مقرّاً لها حيث تشغل المواهب المتنوعة عرقياً 20% من المناصب الإدارية والمناصب رفيعة المستوى.

لدى شركة ستاربكس هدف يتمثّل في زيادة تمثيل النساء والأقليات في القيادة بنسبة 50% بحلول عام 2020 من خلال توسيع نطاق مسار القيادة وتحميل القيادة مسؤولية التنوع وأهداف الاندماج. وبالمثل، في عام 2015، التزمت مؤسسة "تيك ستارز" بمضاعفة تمثيل النساء والأقليات في برامجها خلال أربع سنوات. ونظراً لمعرفته أن الشركات المتنوعة تدرّ عائدات أفضل على الأسهم، يحثّ جون روجرز (من شركة "أرييل انفيستمنتس") جميع الشركات التي يستثمرون فيها على وجود مجالس إدارة متنوعة.

وفقاً لإحصاءات نهاية عام 2016 التي أجراها تحالف "كايزر بيرمينانتي" (Kaiser Permanente) للخدمات الصحية بولاية كاليفورنيا الأميركية، تمثل الأقليات العرقية والثقافية في الاتحاد نسبة تفوق 60% من القوى العاملة بأكملها (من أصل 186,497 موظفاً)، كما أن أكثر من 73% منهم هم إناث. وتشغل أقليات عرقية وثقافية أكثر من 50% من المناصب الإدارية والمهنية، كما تشغل النساء 75% منها. في عام 2016، كانت نسبة وقدرها 50% من مجموعة مدراء الشؤون الطبية التنفيذية (Executive Medical Directors) من النساء. ومثّلت النساء نسبة 29% من المناصب التنفيذية العليا في منظمة التخطيط الصحي (Health Plan Organization). ووفقاً للرئيس التنفيذي برنارد تايسون، فقد حققوا هذه النتائج من خلال التخطيط المتأني وتطوير المواهب الحالية والتواصل ضمن المجتمعات التي يخدمونها.

توسيع آفاق التنوع. اشتهر العديد من القادة الذين أجريت مقابلات معهم بمناقشة التنوع في شركاتهم، بالإضافة إلى القضايا التي يواجهها المحاربون القدماء والأشخاص ذوي الإعاقة أيضاً. إذ قال مارك بينيوف (من شركة سيلزفورس): "تتخذ المساواة أشكالاً متعددة، من حيث الدخل والتعليم والعرق والقدرة. وثمّة الكثير مما ينبغي إنجازه على نطاق هذه المسائل كافة فيما نكافح من أجل تحقيق المساواة للجميع".

أظهرت شركة "ويكيميديا" إحدى الوسائل لضمان أن يشعر جميع الموظفين بالأمان وهم يتصرفون على سجيتهم في العمل؛ إذ أوجدَت سياسة عدم التمييز أشكال حماية واضحة وتعاريف موسّعة متعلقة بالهوية الجندرية والتعبير والإعاقة والمواطنة والنسب.

تحدّث الرؤساء التنفيذيون عن إدراكهم أن المساواة لا تقتصر على إعطاء الجميع الأشياء ذاتها فحسب، لكنها تشمل أيضاً إعطاء الناس ما يحتاجون إليه. وكما أخبرني بيرنارد تايسون (من تحالف كايزر بيرمينانتي): "لقد تحوّلنا من المساواة إلى الإنصاف. تنصّ المساواة على تساوي الجميع. أما الإنصاف فهو ليس كذلك، إذ يحصل الجميع على ما يحتاجون إليه. ولا يقتصر تهيئة بيئة شاملة للتنوع على طريقتك في تغيير الشخص، بل ينطوي أيضاً على طريقة تغييرك لنفسك والبيئة التي سيتعين على الشخص أن ينجح فيها".

تُشكّل نماذج الشركات المذكورة هنا بعضاً من أنجح الشركات في العالم. وهي تحقق مزيداً من النجاح أثناء عملها على إيجاد قوى عاملة متنوعة والحفاظ عليها. وأوضحت هذه الشركات أن برامج التنوع وحدها ليست كافية لتحسين التنوع في معظم المؤسسات، إذ يجب أن يتمتع الرؤساء التنفيذيون بسلطة مناصرة التنوع من خلال إعطاء قدوة حسنة وتحديد الأهداف والاستفادة من المقاييس وتحميل شركاتهم المسؤولية.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي