سؤال من قارئ: أعاني من كيفية التعامل مع المضايقات التي تحدث بين فئتين مختلفتين من العاملين في المؤسسة التي أعمل بها. إذ يتكون فريق العمل لدينا من فئتين، وهما العاملون الفاعلون، والعاملون المُمكِنون. بالنسبة للفاعلين، فهم يتعاملون مباشرة مع متطلبات العملاء في أرض الميدان، أما المُمكِنون، فهم موظفون لا يتولون مناصب قيادية، لكن رتبهم في السلم الوظيفي معادلة أو تفوق رتب المدراء، ويعملون في المقر الرئيس للشركة. وفي حين يتولى الفاعلون حضور الاجتماعات رفيعة المستوى مع العملاء، والسفر، وتنفيذ مهام مشابهة، يحصل المُمكِنون على مزيد من الوقت والفرص للمقابلات الشخصية مع مدراء شركتنا، لذلك فهم أكثر عرضة للحصول على الترقيات، والفوز بالمكافآت، والظفر بمزايا أخرى. هذا الأمر أدى إلى الاصطدام بين الفريقين، وظهور عقلية "نحن مقابل هم". وبالفعل، اخترقت هذه العقلية بيئة العمل لدينا، وتتغلغلت فيها. علاوة على هذا، حتى الجهود التنظيمية التي تقوم بها الشركة لإصلاح هذه المشكلة لا تجدي نفعاً. فعلى سبيل المثال، نعقد الآن المزيد من الاجتماعات الشاملة والشفافة، ولكن بما أنها تتطرق بطبيعة الحال إلى الترقيات والجوائز، والتي تميل إلى الذهاب بشكل غير متكافئ إلى فريق المُمكِنين، فإنها لا تؤدي إلا إلى إبراز هذا الانقسام بشكل أوضح. لقد عملت سابقاً في إحدى الجامعات، ورأيت هذه المعضلة مع أعضاء هيئة التدريس ضد الموظفين. وكذلك أمضيت وقتاً في الجيش، حيث تمثل الانقسام حينها بين الضباط والمجندين. لكن الفرق هذه المرة يكمن في أن المناخ السائد في شركتي الحالية يتسبب في دفع العاملين بعضهم البعض إلى لفشل والتخطيط لذلك عن قصد. وهو ما يتسبب بالضرورة في إلحاق الأذى بالمؤسسة، ولهذا فسؤالي هو:
كيف تستطيع القيادات معالجة الانقسام بين زملاء العمل؟ وهل هناك شيء يمكنني القيام به من منصبي؟
يجيب عن هذه الأسئلة:
دان ماغين: مقدم برنامج "ديير آتش بي آر" من هارفارد بزنس ريفيو.
أليسون بيرد: مقدمة برنامج "ديير آتش بي آر" من هارفارد بزنس ريفيو.
أليشيا تيلمان: الرئيسة التنفيذية لقسم التسويق في شركة البرمجيات الشهيرة "إس أيه بي".
أليشيا تيلمان: من الناحية التنظيمية أولاً، ولو أنني كنت أودّ معرفة ما هي المدة التي يقضيها العاملون في كل دور من هذه الأدوار؟ فمن الواضح أن هناك أدواراً واضحة منوطة بفئة الفاعلين، وأدواراً واضحة أخرى منوطة بفئة المُمكِنين. وكنت أود فهم إن كانوا قد أخبروهم أنه سيكون لديهم مدة أقصاها عامين مثلاً في كل دور من هذه الأدوار؟ وبعد ذلك، يأتي وقت تبديل الأدوار بينهم.
أليسون بيرد: يبدو أنك تقولين إن جميع الموظفين بحاجة إلى فهم أفضل لما يفعله بعضهم البعض، وكيف يخلق ذلك فائدة متبادلة.
أليشيا تيلمان: أعني أن ذلك بالفعل ينبغي أن يحدث. فكنت على وشك قول إن إدراك مرسلة السؤال أنه يجب عليها أن تفعل شيئاً ما، هو أمر لا مفر منه، ومن الضروري أن يحدث. إذ إنني أكتشف في كثير من الأحيان أن الكثير من الصراعات التي تحدث في مكان العمل بين موظفين منتمين إلى مناصب مختلفة تُعزى إلى عدم فهم مسؤوليات بعضهم البعض. لذلك فبعض الأسئلة تساعد في فهم أفضل لهذه المسؤوليات، مثل ما الذي تتم محاسبتك عليه؟ أو على أي أساس يتم تقييم أدائك؟ أعتقد إنها طريقة سهلة لفهم شيئ عن مسؤوليات منصب كل فرد. وأعتقد أن تصميم الهيكل التنظيمي يمكن أن يساهم في التأكد من أن الموظفين لديهم خبرة في أدوار مختلفة، بحيث لا يقتصر الأمر على الفهم النظري، وإنما يحظون بالتجربة العملية. فيحصل الجميع على مستويات مختلفة من التجارب في مختلف أنواع الأدوار الموجودة، كما يمكن أن يدعم ذلك أيضاً كيفية عمل الموظفين مع بعضهم البعض.
دان ماغين: في بعض الأحيان، قد توضع أهداف المؤسسة بشكل منعزل عن بعضها، مما قد يوحي بأنّ أهداف المُمكِنين توضع على حساب أهداف الفاعلين. فهل تعتقدين أن جزءاً من هذه العملية يجب أن يُعنى بالنظر إلى الأهداف، سواء بمحاولة مواءمتها مع بعضها بطرق معينة، أو بوجود أهداف يشترك فيها الفريقان من العاملين بدلاً من أن يكون لكل فريق منهما أهدافه الخاصة؟
أليشيا تيلمان: يمكن أن يستمر أعضاء فرق العمل، إلى الأبد، في مناقشة كيفية عملهم مع بعض بشكل أوثق، ولكنهم لن يصلوا إلى أي نتيجة ما لم تتم مواءمة الأهداف بشكل صحيح، يمّكنهم من التعايش مع بعضهم البعض بشكل شبه متساوٍ، حتى أنه يمكنني القول، إنه إذا تعمقت أكثر في أمر التعايش، فإنّ الاعتماد المتبادل أمر ضروري. وهنا، لن يستطيع أحد الفريقين تحقيق أهدافه إلا بالعمل مع الفريق الآخر، والحصول منه على الخدمات التي تمكنه من تحقيق أهدافه، والعكس. لذلك، فإن إقحام هذا الاعتماد المتبادل ضمن عملية وضع الأهداف، والتأكد من أنهم لا يتعارضون بأي شكل من الأشكال، يُعتبر أمراً يجب أن تعيره قيادة المؤسسة اهتماماً بالغاً.
أليسون بيرد: هناك أيضاً مشكلة محددة ذكرتها كاتبة السؤال هنا، والتي تدور حول فكرة ذهاب جميع الترقيات والجوائز إلى فريق المُمكِنين الذين يقضون وقتاً أطول في المقابلات الشخصية بالمقر الرئيس للشركة. كيف يمكن أن تتغلب على هذه المشكلة؟ أي أنّ العاملين لا يريدون اختيار فئة الفاعلين إذا كان ذلك يعني تخليهم عن الامتيازات المذكورة.
أليشيا تيلمان: هذه أهم الأشياء التي يجب أن تصل بوضوح للقادة. لذا، عليك أن تكون على دراية كافية بأفعالك، وكذلك بردود الأفعال والتعليقات التي تعبّر عما يشعر به الفريق. ومن ثم ستحتاج إلى بناء برامج عمل من شأنها تقدير، على قدم المساواة، العمل الذي يمّكن من تحقيق المهام الأخرى، لأن التعاون المتبادل هو أساس نشاط الشركات. فلدينا جميعاً تلك المهام التي يعمل فيها الجميع معاً عند مستوى معين، ولكن عندما يأتي الدور لإظهار تقدير خاص بمشروع ما، يتعين علينا كقادة أن نتأكد من أننا نحيط بما يلزم لنجاح هذا المشروع، وأن نكافئ بشكل مناسب العاملين الذين ساهموا في ذلك.
دان ماغين: الآن، أنتِ تتحدثين على مستوى التصميم التنظيمي، إذ إن كل هذه الحلول من صلاحيات المستوى الأعلى في الشركة. ولكننا لا نعرف بالضبط المنصب الذي تشغله كاتبة هذا السؤال. لكن، لنفترض أنها أحد مدراء الإدارة الوسطى.
أليسون بيرد: ونعرف أنها امرأة أيضاً.
دان ماغين: ما الذي يمكن أن يفعله الفرد في مثل هذا الموقف؟
أليشيا تيلمان: إذا كانت فئة المُمكِنين هي التي تحصل على المكافأة، واستمر الأمر على هذا الحال، فأود أن أرى الموقف الذي يتسلم فيه المُمَكِّن الجائزة، ويُقدَر فيه عمل فئة الفاعلين الذين ساعدوه للوصول إلى النتيجة النهائية للمشروع.
أليسون بيرد: كيف يمكن لكاتبة السؤال أن تفعل ذلك؟
أليشيا تيلمان: من خلال التأكد من وضوح مساهمة المُمكِنين جيداً، شريطة أن يساهم الفاعلون أيضاً بفعالية في نتائج المشروع، فإذا تحقق هذان الشرطان، يمكن أن نقول نعم، هذه إحدى الطرق التي يمكن أن تعالج المشكلة. أما إذا كان العمل ليس على أساس كل مشروع على حدة، فستجري الأمور بشكل طبيعي أكثر بسبب طبيعة العمل اليومي، لأنه ربما يُقال إنني قلت إن الأمر يتعلق أكثر بالعمل اليومي من المبادرات والمشاريع الفردية التي يكون فيها الملاّك محددين، والمسؤوليات المرتبطة بهذه المبادرات واضحة. وبالتالي نحن بحاجة إلى تحويلها إلى مسألة قيادة، لكن هذا لا يعني أن تستخدم أسلوباً عدوانياً يجعل القيادة تنفر نوعاً ما من الطريقة التي تسعى لشرحها، بل يكون الأمر أقرب إلى لفت الانتباه لوجود مشكلة. وأعتقد أن إحدى الطرق التي قد تمكننا من الاعتراف بمجهودات العاملين هي التأكد أنه إذا كان هناك عمل واضح يتم تقدير المُمكِنين عليه، فحتماً يوجد قدر هائل من العمل الناجح الذي يقوم به الفاعلون أيضاً. لذلك، هل يمكننا أيضا تقديرهم معاً أو هل يمكننا إنشاء برنامج تقدير منفصل آخر يركز بشكل أساسي على فئة الفاعلين؟ وأعتقد أن المجيء إلى الطاولة بأفكار مثل هذه أفضل من الاكتفاء بقول جمل على شاكلة: لن ينجح هذا، ولا يتم تقديرنا أبداً، ونحن مجرد كومة من العمل، وهذا ليس عدلاً. إذ أن القادة يميلون لسماع الحلول. ويريدون سماع عبارات مثل نعم، لدينا مشكلة، وسيشكرونك حينها على لفت انتباههم. وثانياً، سيريدون منك منحهم أفكاراً عن كيفية حل هذه المعضلة. لذلك، أعتقد أنه كلما كانت التوصيات متاحة، يجب أن يوصى هذا القارئ بكيفية ما لحل مشكلة المساواة في التقدير، وهو ما يؤدي به لقطع شوط طويل في حل هذه المشكة.
أليسون بيرد: قبل أن تفعل كاتبة السؤال ذلك، أود أن أراها تضم إلى صفها عدداً من الداعمين. فلقد نشرنا مقالة رائعة عن كيفية خلق تغيير تدريجي داخل شركتك، واستندت هذه المقالة إلى دراسة حول الحركات الاجتماعية. وكانت التوصية هي أنك بحاجة إلى البدء بمجموعة صغيرة من المتحمسين الشغوفين، وتحقيق بعض الانتصارات المبكرة. لذلك، أود أن أراها تتواصل مع الزملاء، وتكتشف من يعاني أيضاً من هذه المشكلة، أو تعثر على من يشاطرها نفس الانشغال بالأمر، حتى ولو كانت رتبته الوظيفية أعلى بقليل منها. وأتساءل هنا عن كيفية إيجادها لهؤلاء الأشخاص.
أليشيا تيلمان: لدي يقين أنه في غالب الأحيان سيكون من السهل عليها البحث واكتشاف إذا ما كان يمكنها العثور على ثلاثة أو أربعة أفراد وتخبرهم: "أنا لا أشعر أن هذا منصف تماماً، وأريد أن أطرح وُجهة نظري عليكم لمعرفة ما إذا كنتم تشاركونني إياها أم لا". وما أحبذه في هذا النوع من النقاشات هو أنه يتعين عليهم التفكير الجماعي في الكيفية التي يمكنهم بها إيجاد حل للمشكلة القائمة، ورسم خطة تمكنهم من ذلك. ويمكن أن تتمثل الخطة، على سبيل المثال، في تحديد المهام التي يمكنهم كفاعلين تنفيذها خلال العمل مع المُمكِنين، ثم على الأرجح التفكير في كيفية تقديم توصية مشتركة تمثل مجموعات أو أصناف العمال.
أليسون بيرد: الأمر بحاجة إلى مشاركة الأفراد من كلا الفريقين.
أليشيا تيلمان: أعتقد أنه ينبغي أن يجتمع واحد من فريق الفاعلين مع آخر من فريق المُمكِنين، ويجرون محادثة مع قائد المجموعة، أو مع قادة المجموعة ليخبروهم ما يرونه بقول مثلاً: "نعتقد أنّ التوزيع غير المنصف للتقدير يؤثر في عوامل مثل الروح المعنوية والفعالية الشاملة فيما يتعلق بالعمل المشترك بين الفرق، ونعتقد أنه إذا عالجنا هذه المشكلة، ستتغير الأمور إلى الأفضل. ويمكن حلها عن طريق الخطوات التالية". أعتقد أنه في نهاية المطاف، فإن الأشخاص وحدهم قادرون على حل المشكلات في الشركات. إذ لا توجد وسيلة قادرة على حل المشاكل البشرية دون إدراج العامل البشري فيها، وإذا كنا قادرين على تبني سياستي الانفتاح والشفافية، فسنقطع شوطًا طويلاً في خلق أماكن عمل نشعر فيها بالراحة.
دان ماغين: يذكرني هذا قليلاً بالفريق الرياضي الذي يصبح فيه اللاعبون مهتمين جداً بمن يحصل بينهم على أكبر عدد من دقائق اللعب، ومن يسجل أكبر عدد من النقاط، ومن يصنع أبرز الحركات. ولكن من الناحية التنظيمية، يتعين على القادة التركيز بشكل أكبر على الخصوم الذين يلعبون ضدهم، فهل يفوزون في المباريات؟ ويبدو أن هذا كله نوع من المناوشات الداخلية، وإنما يحتاج الفريق إلى التركيز أكثر على البيئة الخارجية، أي التركيز على ما إذا كانوا، كمؤسسة، يتغلبون على المنافسين الآخرين الذين من المفترض أن يتغلبوا عليهم.
أليشيا تيلمان: إننا كثيراً ما ننسى في النهاية من الذي نعمل على خدمتهم، إنهم زبائننا. كما أننا نقضي، أحياناً، الكثير من الوقت داخلياً في التوفيق بين عمليات الفرق المختلفة. كما نحتاج إلى التأكد من أنه عندما نتحدث عن عملياتنا من أن الطريقة التي نعمل بها ليس لها تأثير سلبي على زبائننا؟ وأرى أن هذه الطريقة دائماً ما تكون فعالة في تأطير تحديات مكان العمل. وهناك تساؤل مهم، هل يضعنا هذا في موقف مناسب يمّكننا من المنافسة بفعالية؟ فعلى سبيل المثال، إذا تعلق الأمر بالتسويق، وأدركنا أن منافسينا بارعون في التسويق، ولكن في فريق التسويق الخاص بنا، لدينا نوع من التحديات التشغيلية عبر مختلف وظائف التسويق. فإن ذلك سيُؤثر دون شك في قدرتنا على المنافسة على المستوى التسويقي مع هذا المنافس. لذلك يجب أن نأخذ هذا البُعد في الحسبان أيضاً.
أليسون بيرد: إذاً، هناك بعض الحلول التنظيمية. أولاً، يتعين على الشركة بذل جهد أكبر لضمان فهم الفاعلين لأدوار المُمكنين، والعكس. كما يُفضل أن يحدث تبادل في الأدوار لكلا الفريقين. ونود أن نرى أيضاً المزيد من الزيارات المتبادلة حتى يتعرف الجميع على بعضهم البعض على المستوى الشخصي. ونعتقد أنه يتعين على قادة الشركات بدورهم ضمان أن تتوافق أدوار ومهام الجميع مع الأهداف، والتركيز على المنافسين الخارجيين، لا على الانقسامات الداخلية. فضلاً عن توزيع الترقيات وتوزيع الجوائز وفقاً لتتبع مساهمات كل فرد والاعتراف بها، وهو ما يجعل هذا التوزيع أكثر عدلاً. ثم، يأتي الدور على ما الذي يمكن أن تفعله كاتبة السؤال انطلاقاً من منصبها؟ نعتقد أنه يتعين عليها إعلام المسؤولين بما يجول في خاطرها عن هذه المعضلة، وعدم الاكتفاء بمجرد الإشارة لوجود المعضلة، وإنما اقتراح الحلول أيضاً. كما نرى أنه من المفيد أن تستطيع ضم عدد قليل من الزملاء الذين يشاركونها نفس الاهتمام إلى صفها، وإشراكهم في حركة التغيير الثقافي هذه، بما في ذلك التواصل على المستوى الفردي بين الأطراف التي تمثل جزءاً من المعضلة.