ملخص: تظهر البحوث أن للتلاعب العاطفي أثراً سلبياً في رفاهة الموظفين وإنتاجيتهم؛ فهو يؤثر على السيطرة المعرفية ذات الأهمية الحاسمة في فعالية عمليتَي صناعة القرار وحل المشكلات، ويؤدي أيضاً إلى تدهور العلاقات الشخصية وصحة الموظفين النفسية العامة، ما يقلل من إنتاجيتهم ورضاهم في مكان العمل. إذا كنت تعتقد أنك تتعرض للتلاعب العاطفي في العمل، فجرّب هذه الاستراتيجيات الخمس لحماية نفسك والحفاظ على مكان عملك.
سارة هي إحدى عميلاتي السابقات، وهي محترفة متمرسة ومعروفة بتفانيها وأخلاقياتها المهنية العالية؛ شارك مديرها قصة شخصية عن التحديات التي يواجهها في التعامل مع عبء العمل، وأشار إلى أن توّلي سارة عملاً إضافياً سيمثّل تعبيراً عن ولائها وتفانيها الحقيقيين للفريق، وسيترك انطباعاً جيداً عنها لدى القيادة. شعرت سارة بضغط نفسي بعد هذا الاقتراح وانتابها إحساس بالذنب والتوتر، وأحسّت بأن مديرها تلاعب بها لقبول المسؤوليات الإضافية، وبدا لها أن رفضها هذه المسؤوليات بدا خيانة للثقة ونقصاً في التزامها تجاه الفريق، على الرغم من أن عبء العمل أثّر في رفاهتها ومنجزاتها.
وعندما ناقشت سارة مشكلتها معي، أدركتُ أن الذكاء العاطفي العالي قد يكون سيفاً ذا حدين أحياناً، إذ إنه جعلها قائدة متعاطفة وفريسة عرضة لتلاعب الآخرين على حد سواء.
مكان العمل مليء بالتفاعلات العاطفية مثل أي جانب آخر من جوانب الحياة، وقد يكون الذكاء العاطفي، أو القدرة على فهم مشاعرنا ومشاعر الآخرين وإدارتها، قوة إيجابية لتوجيه المحادثات بطريقة تعبّر عن التعاطف والتفهّم. ومع ذلك، فالسمات التي تجعل الذكاء العاطفي ميزة لا تقدّر بثمن قد تُستخدم سلاحاً للتلاعب، وسنتناول في هذا المقال كيفية التعرف على التلاعب العاطفي في مكان العمل وطرق الوقاية منه والتعامل معه عند وقوعه.
تحديد حالات التلاعب العاطفي
قد يكون الأشخاص الذين يتمتعون بمستوى عالٍ من الذكاء العاطفي قادرين على التعرف على نقاط ضعف الآخرين ومخاوفهم واستغلالها، وعلى الرغم من أن غالبية الأفراد يستخدمون هذه القدرة لدعم الآخرين، فقد يستخدمها المتلاعبون سلاحاً لإثارة مشاعر الذنب أو الخوف لدى الآخرين أو إلزامهم بأمر ما، وقد يُبدون مشاركة وجدانية حتى تحقيقاً لمصالحهم الشخصية، ما يخلق جواً من التفهم والتعاطف وشعوراً زائفاً بالأمان النفسي، كما فعل مدير سارة.
تظهر البحوث أن للتلاعب العاطفي أثراً سلبياً في رفاهة الموظفين وإنتاجيتهم؛ فهو يؤثر على السيطرة المعرفية ذات الأهمية الحاسمة في فعالية عمليتَي صناعة القرار وحل المشكلات، ويؤدي أيضاً إلى تدهور العلاقات الشخصية وصحة الموظفين النفسية العامة، ما يقلل من إنتاجيتهم ورضاهم في مكان العمل. وفيما يلي الأنواع الأكثر شيوعاً من التلاعب العاطفي:
العروض العاطفية الاستراتيجية
قد يستخدم المتلاعبون عروضهم العاطفية للتأثير في القرارات أو ديناميكية المجموعة، أو لخلق انطباع ما عن أنفسهم؛ مثل إظهار الغضب لجذب الدعم أو إظهار الحزن لتجنب تحمّل المسؤولية.
على سبيل المثال، واجهت طبيبة التزامات عمل فاقت طاقتها، إذ قدّم رئيس المستشفى خطاباً مؤثراً حول أهمية رعاية المرضى والإسهام في تحقيق رسالة المستشفى، على الرغم من أنه يدرك الأعباء التي يتحملها الأطباء بالفعل. كانت النوايا المستترة لدى رئيس المستشفى إغراء الأطباء لزيادة ساعات عملهم على حساب رفاهتهم.
العروض العاطفية الاستراتيجية
الأسلوب | التعريف | مثال من مكان العمل |
---|---|---|
الغضب والسلوك العدواني | استخدام الترهيب والسلوك العدواني للتلاعب | استخدام المدير أو الزميل السلوك العدواني أو التهديدات خلال المناقشات لإجبار الآخرين على الامتثال. |
إثارة الشعور بالذنب | تمثيل دور الضحية لإثارة الشعور بالذنب وتحفيز الامتثال | عضو في فريق يذكّر زملاءه بتضحياته المتكررة من أجلهم، ما يثير شعورهم بالذنب ويزيد إحساسهم بالضغط لتقديم مزيد من التضحيات. |
التشاؤم | إبداء مشاعر الحزن المفاجئة لجذب الانتباه وكسب العطف | إظهار الموظف مشاعر سلبية بهدف كسب العطف أو التلاعب بمزاج أعضاء الفريق. |
الابتزاز العاطفي | التهديد بإيذاء النفس أو إحداث مشاهد درامية لتحفيز الامتثال | أحد الموظفين يهدد بالاستقالة في حال عدم تلبية مطالبه أو توقعاته. |
تمثيل دور الضحية | التظاهر بالتضحية من أجل الآخرين دائماً | مدير يدّعي أنه يؤدي أعمالاً إضافية أو أنه يساعد الآخرين باستمرار بهدف كسب العطف أو تقليل الرقابة عليه. |
تمويه المشاعر الحقيقية
يُخفي الأشخاص المتلاعبون مشاعرهم ونواياهم الحقيقية غالباً، فيُظهرون أنفسهم أشخاصاً يستحقون الثقة أو يُبدون تأييدهم لميول الأغلبية؛ من الممكن أن يشاركوا قصصاً شخصية أو يُظهروا ضعفهم الإنساني ليثبتوا أن لهم تجارب مشتركة مع الآخرين في حين يهدفون في الحقيقة إلى السيطرة عليهم، أو أن يعبّروا عن مخاوفهم أو تعاطفهم لخلق انطباع زائف يستخدمونه لاستغلال مشاعر الآخرين.
على سبيل المثال، يعبّر كبير المدراء، جمال، دائماً عن دعمه لتحقيق التوازن بين العمل والحياة الشخصية في اجتماعات الفريق مؤكداً أهميته للرفاهة العامة، لكنه خلف الكواليس يضغط على أفراد فريقه ليعملوا حتى أوقات متأخرة ويهدد مَن لا يمتثل منهم بالعواقب خلال مراجعات الأداء.
تمويه المشاعر الحقيقية
الأسلوب | التعريف | مثال من مكان العمل |
---|---|---|
تجنّب التواصل الشفهي | ممارسة سلوك عدواني سلبي بدلاً من التواصل المباشر | زميل لا يتحدث بأسلوب مباشر ويستخدم أسلوب السخرية أو يختار التزام الصمت بدلاً من مواجهة المشكلات صراحة. |
التظاهر بالجهل | التظاهر بعدم الفهم لتجنب تحمّل المسؤولية | تظاهر أحد الموظفين بعدم فهم التعليمات أو السياسات لتجنب أداء بعض المهام أو تفادي تحمّل المسؤولية. |
المجاملات الساخرة | المجاملات التي تحمل في طياتها نقداً مستتراً | مشرف يدلي بإشادة مبطنة فيها ما يقوّض ثقة الموظف أو يسلّط الضوء على عيب فيه. |
الدوافع الخفية
من السمات المميزة للتلاعب العاطفي القدرة على توجيه الأفراد نحو اتخاذ قرارات قد لا تصبّ في مصلحتهم، تتجلى هذه الظاهرة في العمل عادة في نمطين: مدير يرغم موظفيه على حمل عبء عمل هائل بمواعيد نهائية لا يمكن الالتزام بها تحت ذريعة تحفيزهم للتفوق، ما يؤدي في النهاية إلى فشلهم؛ أو مدير يقدم ملاحظات غامضة أو متناقضة تُبقي الموظفين في حالة من عدم اليقين، ما يُصعب عليهم تقييم أدائهم بفعالية.
على سبيل المثال، تقترح قائدة فريق، ولنسمها ريما، على الموظف ماهر أن يتولى مشروعاً محدداً ترى فيه فرصة لتطوير مساره المهني، لكن ما يجهله ماهر أن المشروع فيه الكثير من المشكلات السابقة ومن المعروف بأنه يسبب المتاعب وليس مجدياً. كان دافع ريما هو تخليص نفسها من عبء المشروع الذي يُثير الإشكاليات، لكنها جعلته يبدو فرصة إيجابية لماهر.
الدوافع الخفية
الأسلوب | التعريف | مثال من مكان العمل |
---|---|---|
تفادي تحمّل المسؤولية | تجنّب تحمّل المسؤولية، ولوم الآخرين | قائد فريق يحمّل أعضاء فريقه المسؤولية، ويرفض أن يحمل مسؤولية الأخطاء أو الفشل. |
إنكار الوعود | إطلاق الوعود دون الوفاء بها، ما يدفع الموظف للشك في نفسه | مدير يعد بترقية أو زيادة في الراتب لكنه يُنكرها في وقت لاحق، ما يجعل الموظف يشك في ذاكرته أو فهمه. |
التلاعب النفسي | جعل الشخص يشك في واقعه أو تصوراته | قائد يُنكر الحقائق أو يحرّفها باستمرار، ما يدفع الموظفين للشك في قدراتهم على التذكّر أو تقييم الوضع. |
تغيير الأهداف | تغيير المتطلبات أو التوقعات باستمرار | إدراك الموظفين أن معايير النجاح أو الأهداف تتغير باستمرار، ما يُحدث حالة من الارتباك وصعوبة في تحديد التوقعات. |
الانتباه الانتقائي | تجاهل الطلبات أو تفادي التواصل مع الآخرين من أجل ممارسة السيطرة | مدير أو زميل يتعمّد تجاهل الرسائل الإلكترونية أو النصية أو الطلبات المباشرة، ما يسبب الإحباط ويعوق التقدم. |
كيفية مواجهة التلاعب العاطفي
إذا كنت تعتقد أنك تتعرض للتلاعب العاطفي في العمل، فجرّب هذه الاستراتيجيات الخمس لحماية نفسك والحفاظ على مكان عملك.
ثق بحدسك
الحدس هو أول آلية يستخدمها الشخص للدفاع عن نفسه؛ وهو حاسة تتطور مع الوقت من خلال التجارب والمراقبة. وإذا شعرت بالانزعاج أو تركتْ تفاعلاتك مع الآخرين لديك شعوراً مستمراً بالاستياء، فلا تتجاهل ذلك. ثمة عوامل غير ملموسة يتأثر بها عقلك اللاواعي، مثل الدلائل الخفية أو التناقضات التي لم يعالجها عقلك الواعي بعد.
يصنّف آدم غرانت الأفراد في كتابه "الأخذ والعطاء" (Give and Take) إلى فئات المانحين والمتلقّين والموازنين. يضع المتلقّون مصالحهم الشخصية في المقدمة غالباً ويشكلون مصدراً للتلاعب العاطفي؛ في المقابل يتحّلى المانحون بالإيثار، في حين يهدف الموازنون إلى تحقيق توازن بين الأخذ والعطاء. قد تساعدك الثقة بحدسك على التمييز بين هذه الأنواع، ولا سيما تمييز الشخص المتلقّي الذين يميل إلى استخدام أساليب التلاعب.
على سبيل المثال، قد يلجأ زميلك خلال اجتماع الفريق إلى المبالغة في الثناء عليك، ثم يأتي في وقت لاحق لطلب خدمة تخالف سياسات الشركة تعويضاً عن الثناء الذي قدمه لك سابقاً.
اسأل نفسك: لماذا ترك هذا التفاعل شعوراً بالاستياء داخلي؟ هل يُبدي سلوكه أو طلبه عدم اتساق أو عدم توافق مع التفاعلات السابقة؟ هل سلوكه يتوافق مع نمط المانح أم المتلقّي أم الموازِن؟
بدلاً من أن تستجيب لطلبه على الفور، تمهل وامنح نفسك بعض الوقت لتقيّم الوضع وتتخذ القرار المناسب.
التمس وجهات نظر خارجية
قد يعوقنا الانخراط في العمل أحياناً عن اتخاذ قرارات سليمة أو تقدير الظروف بموضوعية، لذلك التمس نصيحة زملاء العمل أو الموجهين أو الأصدقاء الذين تثق بهم عندما تشعر بالشك أو الحيرة؛ فمشاركة التجارب والتماس الملاحظات يوفران لك وجهة نظر جديدة تساعدك على التمييز بين النوايا الصادقة وأساليب التلاعب.
على سبيل المثال، قد يلتمس أحد أفراد الفريق مساعدتك ويُبدي مشاعر جامحة في طلبه؛ كأن يتواصل معك في وقت متأخر يوم الخميس للمرة الثانية أو الثالثة ربما، ويتحدث عن عبء عمله ويطلب منك حمل جزء منه خلال عطلة نهاية الأسبوع، ما يوحي بأنك آخر أمل له ليحصل على قسط من الراحة.
اسأل نفسك: هل طلبه مبني على حاجة حقيقية للمساعدة أم أنه مجرد استغلال للعواطف؟ ما مدى تكرار هذا الطلب؟ كيف سيقيّم طرف آخر ليست لديه مصلحة شخصية هذا الوضع؟
تحدث إلى موجّه أو زميل تثق به، فهي فرصة للتعبير عن أفكارك علناً، واستراتيجية تأمّل تساعدك على معالجة الوضع بوضوح.
ركز على الحقائق
يعتمد الأشخاص المتلاعبون على المشاعر لتحجيم القدرة على الاستدلال وممارسة التفكير النقدي؛ وهو أسلوب يستند إلى ردود أفعالنا العاطفية الطبيعية، ما يعوق قدرتنا على تقييم الظروف بموضوعية. وعندما يؤثر التلاعب العاطفي في قدرتك على اتخاذ القرارات، فمن الضروري أن تعيد توجيه اهتمامك إلى الحقائق والأدلة، وذلك يتضمن إجراء تحليل نقدي للوضع استناداً إلى البيانات الموثقة والأدلة الملموسة والتطابق في الحقائق؛ يساعدك الاعتماد على الحقائق على ضمان أن تكون ردود فعلك مرتكزة على الواقع، ما يجعلك أقل عرضة للوقوع في فخ التلاعب العاطفي.
على سبيل المثال، تخيّل أن أحد أعضاء الفريق يقدم تفسيراً صادقاً ومؤثراً لتأخير تسليم جزء معين من مشروعه، وعلى الرغم من أنه يبدو صادقاً في البداية، تلاحظ أن بعض التفاصيل في قصته تبدو مبالغاً فيها أو متناقضة. ثم يعرض زميلك قصة معقدة تتناول التحديات الشخصية التي واجهها، ويشير بأسلوب مبطن إلى إمكانية تفادي هذه المشكلات في حال تلقى دعماً أكبر منك أو من أفراد الفريق. ويحاول كسب عطفك لتجنب تحمّل المسؤولية عن التأخير.
اسأل نفسك: ما البراهين التي تدعم ادعاءه؟ هل ثمة تناقضات أو تضاربات في تفسيره؟ هل قراري مبني على وقائع يمكن التحقق من صحتها، أم على استجابتي العاطفية لتفسيره؟
قاوم استجابتك العاطفية الفورية تجاه عضو الفريق، سواء كانت تعاطفاً أو إطلاق حكم، وراجع الجدول الزمني للمشروع بأسلوب منهجي وتحقق من تواصلاتك السابقة معه وقيّم أداءه في مواقف مماثلة في السابق. يُتيح لك هذا النهج المبني على الحقائق تطوير وجهة نظر متوازنة وموضوعية تفصل بين المشاعر والتقييم المهني.
مارس الانفصال العاطفي
على الرغم من أن المشاعر تؤدي دوراً مهماً في التفاعلات البشرية، توجد لحظات تكون فيها القدرة على ممارسة الانفصال العاطفي مفيدة لفهم الأمور بوضوح، وهو يتطلب جهداً مستمراً منا للتحكم في ردود فعلنا العاطفية تجاه أي ظرف. لا يعني ذلك أن نصبح متلبدي المشاعر أو غير مبالين، بل يعني أن نقيّم الوضع من وجهة نظر محايدة، فالهدف هو الانفصال عن المشاعر لنتمكن من صناعة قرارات لا تتأثر بالنداءات العاطفية.
على سبيل المثال، تخيّل أنك تُجري مفاوضات مع زميل يستخدم علاقته الشخصية للتأثير في النتيجة، ربما من خلال مشاركة قصة شخصية مؤثرة. قد يشارك تفاصيل دقيقة عن أزمة عائلية يواجهها، مؤكداً أنه من الممكن أن تخفف نتيجة هذه المفاوضات بعض الضغط عنه، ساعياً بذلك إلى التأثير في النتيجة لصالحه.
اسأل نفسك: هل رد فعلي يستند إلى المحتوى العاطفي للقصة الشخصية التي يشاركها، أم أنني أحافظ على التركيز على الشروط الحقيقية والأهداف المحددة للمفاوضات؟ هل تتغير استجابتي إذا تجاهلت هذه التأثيرات العاطفية وركّزت فقط على الجوانب الموضوعية للسيناريو؟
مارس اليقظة الذهنية. خذ نفساً عميقاً ولا تفكر في الوضع، واعترف بأثر المشاعر بالفعل لكن اختر التركيز بوعي على الغاية الرئيسية من المفاوضات؛ إذ ليس الهدف منها تخفيف الضغط عن زميلك، لذا يجب ألا تأخذ هذه النتيجة في الاعتبار. يساعدك هذا التحوّل الذهني على الاستجابة بحيادية بدلاً من الاستجابة بناءً على رد فعل عاطفي.
ضع حدوداً
يعدّ وضع حدود صارمة وواضحة مسبّقاً من أكثر الوسائل فعالية لحماية نفسك من التلاعب العاطفي، فعندما تحدد السلوكيات والتفاعلات التي تعتبرها مقبولة ومعقولة بالنسبة لك (وتلك التي لا تعتبرها مقبولة أيضاً) وتشاركها مع الآخرين، فأنت تضع بذلك معياراً لكيفية التعامل معك. يُسهم الوضوح في حمايتك من التلاعب العاطفي المحتمل ويعزز أيضاً بيئة مهنية تشجع على الشفافية والاحترام، وإذا فهم الآخرون حدودك فلن يتوقعوا منك تجاوزها من أجل مصالحهم الشخصية.
على سبيل المثال، تخيّل أن مديرك يشارك مشاكله الشخصية معك بانتظام، ملمحاً بأسلوب غير مباشر إلى أنه يتوقع منك تمديد ساعات عملك لتلبية احتياجاته الشخصية.
اسأل نفسك: هل ينتهك هذا الطلب حدودي المهنية؟ هل أتعرض لضغوط غير مباشرة تُرغمني على تجاوز دوري الوظيفي؟
بادر إلى إجراء محادثة صريحة ومحترمة مع مديرك، وأبدِ تفهّمك لوضعه وعبّر في الوقت نفسه عن حدودك المهنية، كأن تقول مثلاً: "على الرغم من أنني أتفهم التحديات التي تواجهك وأتعاطف معها، أحتاج في الوقت نفسه إلى تحقيق توازن بين واجباتي المهنية ووقتي الشخصي. لنستكشف حلولاً بديلة تلبي احتياجات كلينا، مثل توفير موارد إضافية أو الحصول على دعم".
قد يكون التلاعب العاطفي غير ملحوظ بالفعل، لكنه يقوّض الثقة بالنفس ويضعف معنويات الفريق التي عملتَ بجد لتعزيزها، ويتطلب تمييز التلاعب العاطفي في مكان العمل ومنعه والتعامل معه أن تتحلى باليقظة والشجاعة وتتخذ قرارات حازمة. وعندما تعزز قدرتك على التحمّل في مواجهة هذه التحديات الخفية، فستحافظ على رفاهتك الشخصية وتعزز بيئة العمل الداعمة والآمنة في الوقت نفسه.