لماذا يُعد التكلم وارتكاب الأخطاء في العمل أفضل من التزام الصمت؟

2 دقيقة
ارتكاب الأخطاء في العمل
shutterstock.com/patpitchaya
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

تنتابني الدهشة دائماً عندما أسمع عن أشخاص ذوي ذكاء وموهبة يطلبون الإرشاد من مشرفيهم باستخدام عبارات مثل: “ما الذي عليّ فعله من وجهة نظرك؟” أو “كيف يمكنني أداء هذه المهمة؟”.

لنفترض أنك وصلت إلى مكانتك الحالية في العمل بفضل ذكائك وتعليمك الجيد وخبرتك الواسعة في مجال عملك، أو أنك شاب طموح وحلّال جيد للمشكلات؛ في كلتا الحالتين، يجب ألا تنطق شفتاك بهذا السؤال: “كيف يمكنني أداء هذه المهمة؟

ليس غريباً بصفتك مهنياً شاباً أو مسؤولاً تنفيذياً مبتدئاً أن تعتقد أنك تجهل كيفية التصرف طوال الوقت؛ فامتلاك معلومات محدودة أو خاطئة هو واقع يعترض العديد منا بانتظام. واستجابتنا لذلك الوضع تعتمد على القرارات التي نتخذها.

عندما تكون غير واثق من كيفية التصرف أو التقدم، فلا تبدأ من الصفر وتطلب المساعدة، بل ركز على المعلومات المتاحة لديك، وحدد الاتجاه المقصود الذي تنوي اتباعه (والتفسير المنطقي الذي يدعمه)، ثم التمس قبول مديرك أو ملاحظاته. اقترحتُ هذه الفكرة من قبل، لكن هذا مثال على كيفية تطبيقها:

لنتعرّف على جمال، وهو محلّل شاب في شركة محاسبة. كان جمال يعمل على وضع توقعات مالية لشركة ناشئة، لكنه وقع في حيرة من أمره؛ إذ لم يمتلك معلومات كافية لوضع افتراضات بشأن نمو الإيرادات أو هامش الربح. كان من السهل أن يشعر جمال بالإحباط وأن يتواصل مع مديره مباشرة لطلب المساعدة أو التوجيه.

لكن لو كنت مدير جمال، لرفضت بذل الجهد اللازم لمساعدته في التفكير في الخطوات التي يجب اتخاذها، ولرغبت بدلاً من ذلك في أن يقدّم لي رأياً وقراراً ثابتاً وواضحاً حول الإجراءات التي يجب اتخاذها من وجهة نظره، ولوددت أن يعرض عليّ حججاً مؤيدة أو معارضة نحو اتجاه معين أو يستخدم مجموعة معينة من الافتراضات، ثم أمنحهُ رأيي أو ملاحظاتي حول مدى صحة الاتجاه المقترح وملاءمته.

لنفترض أن جمالاً تواصل مع مديره قائلاً:

“أريد مناقشة موضوع التوقعات المالية لمشروع شركة زيلر (Zeller) معك. لا تتوافر معلومات كافية من جانب شركة زيلر لمساعدتنا في إعداد معدلات نمو الإيرادات وهوامش الربح. ومع ذلك، أجريت تحليلاً على بعض الشركات المماثلة، وأعتقد أن معدل نمو الإيرادات بنسبة 4% سنوياً هو معدل معقول، وأن هامش الربح بنسبة 25% هو رقم تقديري جيد، وأعتقد أنه يمكننا استخدام هذه البيانات بمثابة نقطة انطلاق. ما رأيك؟”.

إذا كانت توقعات جمال صحيحة وأبديتُ موافقتي عليها، فسيكون أظهر لي بذلك مدى ذكائه وفطنته.

أما إذا اختلفتُ معه، فسيكون مارس سلوكاً يعود عليه بالنفع من خلال استعراض عملية تفكيره والتعبير عن رأيه.

وقد أجيبه بما يلي:

في الواقع، أعتقد أن نسبة الـ 4% منخفضة جداً. وأعتقد استناداً إلى جهود تطوير المنتجات في الشركة أنه ينبغي لك اعتماد معدل نمو أكثر قوة بنسبة 7% تقريباً والاحتفاظ بالهوامش عند نسبة 22%.

كيف سيبدو حال جمال الآن؟ هل يبدو غبياً لأنني اختلفت معه؟ هذا غير صحيح. تبين أن تحليل جمال كان خاطئاً، لكنه ينطوي على بعض القيمة، فقد كان مدروساً جيداً ومستنداً إلى بحوث أجراها.

وعلى الرغم من أنني لم أتفق مع رأي جمال، أدركت على الأقل أنه بذل جهداً في التفكير في حل للمشكلة. ولعلّ اقتراحه ساعدني أيضاً على الرد وتقديم النصيحة بسهولة. لم أضطر إلى حساب الأرقام الأولية بنفسي؛ وكان بإمكاني ببساطة دمج المعلومات الإضافية التي كانت متاحة لدي لابتكار إجابة أفضل. وساعدني رأيه بالفعل على التوصل إلى الإجابة الصحيحة.

قارن هذه المحادثة مع تلك التي يحدّثني فيها جمال قائلاً:

“أحتاج إلى بعض المساعدة في وضع توقعات الأداء المالي لشركة زيلر. ثمة معلومات محدودة متاحة ولا يسعني تحديد الافتراضات المناسبة التي يمكن استخدامها لتقرير معدلات نمو الإيرادات وهوامش الربح”.

ما الانطباعات التي سأكوّنها حول جمال في هذه المحادثة؟ هل هو شخص ذكي؟ ليس لدي أي فكرة. هل هو شخص كسول؟ ربما. هل هو حلّال جيد للمشكلات؟ تقديرك مماثل لتقديري.

في الواقع، أفضّل العمل مع الشخص الذي يرتكب الأخطاء على الشخص الذي لا يبذل أي جهد على الإطلاق ويطلب مني أداء عمله بالنيابة عنه. لذلك، لا تلتزم الصمت، بل أظهِر قدراتك. فكّر في مشكلتك، وابتكر بعض الأفكار أو الآراء حول ما يجب فعله، ثم اتخذ قراراً نهائياً. ارتكاب الأخطاء ليس أمراً سيئاً، بل السيئ هو تبنّي موقف سلبي.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .