ملخص: يتطلب التقدم في حياتك المهنية حين تخضع شركتك إلى تخفيض الحجم تغييراً في طريقة تفكيرك وأفعالك. تقدِّم المؤلفة في هذه المقالة 5 استراتيجيات لتحويل الشدائد إلى نقطة انطلاق لنموك المهني: 1) غيِّر منظورك. 2) املأ الفراغ. 3) ابحث عن المكاسب السريعة. 4) تفاوض بشأن وضعك في المستقبل. 5) فكّر في فرص التنقلات الأفقية.
كانت منار مديرة العمليات في شركة تصنيع، وتسير بخطى سريعة على طريق النمو. ففي العام الماضي تضاعف حجم فريقها، ويرجع الفضل في ذلك إلى حد كبير إلى قدرتها على توجيه أعضاء فريقها خلال أوقات التقلبات الصعبة والعمل بجد على تنفيذ عدد من المبادرات المهمة المتعلقة بسلسلة التوريد.
لذلك أدت النتائج التي حققتها منار وتفانيها إلى تأهيلها للحصول على فرصة رائعة؛ شغل دور نائبة الرئيس لتحسين العمليات الذي أُنشئ حديثاً. كان الحصول على ترقية هدفاً وضعته نصب عينيها، وكان هذا الدور فرصة لإحداث تأثير أكبر في أثناء تشكيل مستقبل الشركة.
للأسف، عندما كانت منار على أعتاب هذه الخطوة المهنية الكبيرة، شهدت السوق فترة ركود، ما أدى إلى انخفاض أرباح الشركة بسرعة. وفي مواجهة التحديات الاقتصادية، كان لا بد من اتخاذ قرارات صعبة. انخفض عدد أعضاء فريق منار إلى النصف بعد ازدهاره السابق، وازداد الطين بلة بحل منصب نائب الرئيس الذي كانت تنتظره بفارغ الصبر. وجدت نفسها عند مفترق طرق، تتساءل عن كيفية المضي قُدماً عندما بدا أن طموحاتها تخرج عن مسارها.
يجد العديد من القادة والعاملين أنفسهم في موقف منار، إذ يشعرون بالإحباط وعدم اليقين إزاء كيفية التقدم في حياتهم المهنية حين تخفّض شركاتهم عدد موظفيها. ولا عجب في ذلك بالنظر إلى زيادة عمليات التسريح بمقدار 5 أضعاف تقريباً في عام 2023، ولا نهاية تلوح في الأفق لحالة عدم الاستقرار المالي.
تبحث المؤسسات دائماً عن طرق لخفض التكاليف مع الحفاظ على صافي الأرباح، وفي حين أن هذا يمكن أن يعني حدوث تغييرات مدمرة مثل تجميد الإنفاق وإلغاء وظائف، فليس من الضروري أن يقضي على تطلعاتك المهنية، بل يمكن أن يكون في الواقع نقطة انطلاق للنمو. فيما يلي كيفية التعامل مع الزعزعة التي تترافق مع تدابير خفض التكاليف والخروج من الأزمة أقوى مما كنت.
غيِّر منظورك
في أوقات الأزمات التي تشهدها المؤسسات، من الطبيعي أن تتولد لديك مجموعة من المشاعر، مثل الحزن والغضب وعدم الثقة بالنفس. لكن التوقف عن العمل وتجنب الأزمة والشعور بالأسف على حالك لن يجدي نفعاً وسيؤدي فقط إلى شعورك بالعجز. بدلاً من ذلك، اعتبر التغيير وعدم اليقين جزءاً من الوصف الوظيفي.
سواء بسبب التطورات التكنولوجية أو ديناميات السوق المتغيرة أو توقعات العملاء المتغيرة، تُجري الشركات عمليات إعادة هيكلة بوتيرة سريعة، ويجب أن تكون مستعداً لحدوث تحولات كبيرة وصغيرة على حد سواء في أي لحظة. تكشف الأوقات العصيبة عن شخصيتك والجوانب التي تشتد فيها الحاجة إلى قيادتك، ويمكنك اختيار النظر إلى الاضطرابات على أنها تجربة تحويلية تمثل فرصة لتقديم القيمة والنمو بوصفك قائداً صامداً ومؤثراً يحفز التغيير الإيجابي.
املأ الفراغ
خُذ زمام المبادرة واملأ الفراغ الناجم عن الظروف المتغيرة باستمرار. يمكن أن يكون التغيير مزعجاً، لذلك يصبح تحقيق الاستقرار ضرورياً جداً. احرص على مواءمة جهودك مع الأولويات الجديدة للشركة، التي تتضمن عادة التركيز على العروض الأساسية وترشيد التكاليف والكفاءة التشغيلية، بالإضافة إلى الاحتفاظ بالموظفين والعملاء.
على الرغم من النكسات التي واجهتها منار، سرعان ما أدركت أهمية خفض التكاليف خلال فترة الركود مع التركيز الشديد على جوانب الأعمال الرئيسية، فأعادت تنسيق جهود فريقها ووجهتها نحو العمليات الأساسية فقط. كان طرح العديد من مشاريع الابتكارات قراراً صعباً، لكن حنكة منار لفتت انتباه الإدارة العليا التي أعربت عن تقديرها لما أظهرته من قدرة على ترتيب الأولويات الاستراتيجية.
ابحث عن المكاسب السريعة
يبحث الجميع عمّن ينقذه خلال الأوقات العصيبة، فالجميع عرضة لتثبيط المعنويات وزعزعة الثقة، من الموظفين المبتدئين وحتى أصحاب المناصب التنفيذية العليا. من خلال تحديد الجوانب التي تحتاج إلى تحسين والعمل عليها بسرعة، ستصبح أصلاً ذا قيمة؛ شخصاً يحقق نتائج مع الحرص على مصلحة الشركة.
ابحث عن طرق لإحداث تأثير ملموس في فترة زمنية قصيرة. على سبيل المثال، يمكنك:
- إعادة التفاوض بشأن عقد مع أحد الموردين.
- البحث عن وسيلة للحصول على المواد بتكلفة أقل.
- التعاون مع قسم آخر للحفاظ على الموارد.
- تطبيق الأتمتة لتبسيط عملية ما.
- إطلاق منتجك لشريحة عملاء لم توجه خدماتك إليها من قبل.
- تنظيم حملة لتعزيز عمليات الشراء المتكررة.
تفاوض بشأن وضعك في المستقبل
بعد إلغاء منصب نائب الرئيس، أوضحت منار لمديرها أنها تتفهم القيود المالية التي تواجهها الشركة وسبب إلغاء دور تحسين العمليات الذي كانت تتطلع إلى شغله. ثم اقترحت طريقة للمضي قدماً من خلال تحقيق التوازن بين احتياجات الشركة مع مراعاة أهدافها البعيدة الأجل.
قالت: "أتفهّم أنه قد لا يكون من الممكن إجراء تغييرات كبيرة في الوقت الحالي، ولكني أردت مناقشة إمكانية إعادة النظر في نطاق دوري في المستقبل. يمكنني تحمل مسؤوليات (كذا) الآن، ولكن مع الالتزام باستكشاف الفرص في مجال تحسين العمليات في المستقبل عندما تتحسن السوق".
مثل منار، ستحتاج أيضاً إلى قراءة الموقف؛ قد لا يكون الوقت الحالي مناسباً لطلب إجراء تغيير كبير في دورك أو مسؤولياتك أو تعويضاتك، ولكن يمكنك محاولة الحصول على تعهد بإجراء ذلك في وقت لاحق. على سبيل المثال، "يسعدني الاضطلاع بدور (كذا) في الوقت الحالي، طالما أن هناك تعهداً بإعادة النظر في نطاق دوري في المستقبل" أو "أريد المساعدة، لكن هدفي الأساسي هو السير في الاتجاه المؤدي إلى (كذا)، فمتى تعتقد أنك تستطيع الوفاء بذلك؟".
فكّر في فرص التنقلات الأفقية
في حين أن الترقي الوظيفي إلى المناصب الأعلى قد يكون محدوداً في أثناء تقليص حجم الشركة، فإن التنقلات الأفقية لا تزال توفر فرصاً لتعلم مهارات جديدة واكتساب خبرات جديدة. إذ تسمح لك هذه التنقلات بتوسيع نطاق مهاراتك، ما يعزز خبراتك ويجعلك من الأصول الأعلى قيمة للمؤسسة. افترض أنك تعمل في قسم المبيعات. يمكن أن يمنحك الانتقال الأفقي إلى فريق تطوير المنتجات فهماً عميقاً لعملية تطوير المنتجات وأبحاث السوق وتحليل احتياجات العملاء. وتقديم أفكارك حول المبيعات يعني أنه يمكن للشركة مواءمة عروضها على نحو أفضل مع متطلبات السوق.
يساعدك الانتقال الأفقي أيضاً في التعرف على زملاء جدد وتوسيع شبكة علاقاتك المهنية، ما يمكن أن يفتح لك باب التعاون في المشاريع المستقبلية والحصول على فرص التوجيه والوصول إلى نطاق أوسع من المعارف حول السياسات الداخلية. إضافة إلى أنه يتيح لك التعرف إلى أصحاب المصلحة الجدد وصنّاع القرار وكبار القادة. وكلما زاد عدد الأشخاص الذين تعرفهم، وعدد الأشخاص الذين يعرفونك، ستتاح لك فرص أكثر.
يتطلب التقدم في حياتك المهنية حين تخضع شركتك إلى تخفيض الحجم تغييراً في طريقة تفكيرك وأفعالك، ومن خلال اعتماد هذه الاستراتيجيات، يمكنك تحويل الشدائد إلى نقطة انطلاق للنمو المهني.