كل مورّد يعرف ما عليه فعله عند الحديث عن موضوع التفاوض مع العملاء: يتضمن جزء من عمله تحديد أكثر عملائه قيمة وتصنيفهم على أنهم "عملاء استراتيجيون". وهذا النوع من العملاء هو الذي لا يمكنك تحمل خسارته، فتسعى لتنفيذ كل مطالبهم، باستخدام أفضل فريق لديك وبتطبيق أفضل ممارسات التغيير، حتى لو كانت تلك المطالب غير منطقية أو غير مربحة. ومن ناحيتهم، فهم يعلمون أنهم عملاء استراتيجيون، لذلك سيبذلون كل جهدهم لانتزاع وفورات التكلفة. وحتى العملاء الذين يجرون تحليلاً مستفيضاً وعمليات تأهيل صارمة لتحديد المورِّد المثالي، تعلّموا أنهم سيحصلون على تخفيضات هائلة عند اختبار المورِّد بالسعر الذي يحدده فريق المشتريات. إنها ليست بالعملية السهلة. وعليه، لا عجب من النتائج التي أظهرتها دراسة حول قلق مندوبي المبيعات بشأن المحادثة التي تناقش السعر أكثر من أي طرف آخر في دورة المبيعات.
كيفية التفاوض مع العملاء بطريقة صحيحة
ولكن يمكنك تغيير مسار المحادثة بعيداً عن التخفيضات وآثارها المدمرة والعودة إلى أساس أكثر صلابة، من خلال إدخال كلمة جديدة إلى قاموسك: "المفضّل". بعبارة أخرى، لا تنسَ أنك "المورِّد المفضل" لعملائك الاستراتيجيين، حتى إن لم تحصل على هذه المكانة إلا بعد عملية غربلة، فهم لا يزالون بحاجة إليك، فقد اختاروك لاعتقادهم بأنك قادر على توفير أفضل الحلول التي تناسب احتياجاتهم. ولذلك، يميّز البائعون الأذكياء الحالات التي يكونون فيها في موقع المورِّد المفضّل، ولا يستسلمون لطلبات العملاء للحصول على تخفيضات عن طريق تقليل أسعارهم. ففي النهاية، كلما حصل العملاء على تنازلات في السعر، طمِعوا في المزيد من هذه التنازلات مستقبلاً. وفيما يلي ثلاث طرق لتغيير مسار المحادثة.
ركز على القيمة التي تخلقها لعملائك
لا بد من وجود سبب يجعلك المورِّد المفضّل بالنسبة لهم. وكل ما عليك هو التركيز على هذا السبب، والتوقف عن هدر الطاقة بالقلق حيال خسارة العمل معهم. بل حري بك القلق بشأن إفراطك في التنازل خلال عملية التفاوض، لأنك لن تحصل على فرصة ثانية لتغيير موقفك. لقد صُممت الأساليب المتبعة في مجال المشتريات تحديداً لهزّ ثقة مندوبي المبيعات والمسؤولين التنفيذيين، لإبرام الاتفاقات في خضم اللحظة التي يهددون فيها بالتأثير على أعمالهم. باختصار، يعلم العملاء أنه إذا كنت قلقاً بشأن خسارة عملك التجاري، فستكون مستعداً لمنح تخفيضات أكبر.
حاول الحد من مشاركة كبار المسؤولين التنفيذيين في المفاوضات
نعم، أنا أعني ذلك تماماً. يدرَّب العاملون في مجال المشتريات تدريباً خاصاً على إحضار كبار المسؤولين التنفيذيين إلى طاولة المفاوضات لقدرة هؤلاء المسؤولين على منح تخفيضات أكبر بكثير، وغالباً ما يفعلون ذلك. ولكن الدور الأفضل الذي ينبغي أن يؤديه كبار المسؤولين التنفيذيين هو دعم مندوبي المبيعات والمدراء للمحافظة على سعرهم وحماية قيمتهم. وإذا كان المسؤولون التنفيذيون يرغبون بتحسين العلاقة مع العملاء، فينبغي لهم القيام بذلك قبل حلول موعد التفاوض.
لكن إذا ألحّ العميل بشدة للحصول على تخفيض، فتحدث معه عن المزايا أو الخدمات التي سيكون على استعداد للتخلي عنها مقابل التخفيض، ما يعني تطبيق مبدأ "أعطِ لتأخذ". إذ تسهم هذه الحوارات الصغيرة في جعل المشترين يدركون أنهم إذا استطاعوا خفض التكاليف، فسيحصلون في المقابل على حل بديل أقل قيمة. كما يساعد التحدث وفقاً لمبدأ الأخذ والعطاء على توجيه النقاش إلى موضوعه الأصلي، أي القيمة. ويؤدي كل هذا إلى توجيه المحادثة بعيداً عن المساومات نحو نقاش بنّاء ومثمر حول الأشياء التي يقدّرها العميل فعلاً. فإذا نجحت في اتباع هذه الطريقة، فستظهر نوايا العملاء عندما يقولون للمندوب "انتظر لحظة...".
وأخيراً، لا تقلق بسبب التباطؤ الذي قد يحصل في هذه المفاوضات
لا تنزعج إن اختفى العميل ورفض الرد على مكالماتك وبدأ يتجاهلك. وتذكر أنك المورِّد المفضّل له لسبب ما، ومن المرجح أنه سيتحمل تكاليف تحويل ضخمة إن أراد تغيير المورِّد. وفي حين أن الصمت من أساليب التفاوض القوية، لا تدعه يجبرك على منح تخفيض مدمر لإيراداتك.
قد يكون التفاوض مع كبار العملاء مثيراً للتوتر، ولكن إدراك قيمة الشيء الذي تقدمه واستخدام أسلوب الأخذ والعطاء وعدم الانخداع بأساليب معينة، مثل الصمت، يمكن أن يدفع العلاقة إلى شكلها الذي ينبغي أن تكون عليه: علاقة تعاونية وتعاضدية ومبنية على الثقة.