دراسة حديثة: التفاوض على راتبك لن يُقوض فرص الحصول على وظيفة

4 دقيقة
التفاوض على العروض الوظيفية
فريق عمل هارفارد بزنس ريفيو/بيكسلز/أنسبلاش

ملخص: يشعر الباحثون عن عمل بالقلق عند التفاوض على العروض الوظيفية لأسباب عديدة، ربما أهمها السيناريو الأسوأ الذي يتمثّل في فسخ الالتزام. ووجد الباحثون عبر سلسلة من 7 دراسات أن المرشحين يبالغون دائماً في التفكير في تلك المخاوف؛ إذ يعتقدون أن التفاوض سيقوّض احتمالات حصولهم على الصفقة، على عكس تقديرات مدرائهم. لكن قد يدفعهم هذا الخوف إلى تجنب عملية التفاوض تماماً. وتستكشف المؤلفات سببين لتلك المخاوف، ويقدمن للمرشحين القلقين نصائح مدعومة بالبحوث حول كيفية التعامل مع عمليات التفاوض على الوظائف.

تخيّل أنك حصلت على عرض عمل لمنصب يُثير شغفك. فماذا تفعل؟ قد تفكر في التفاوض على راتب أعلى، أو مستوى أكبر من المرونة في العمل، أو مزايا أخرى، ومع ذلك، تواصل الشعور بالقلق، ولا تفلح في منع عقلك من التفكير: ماذا لو لم أحصل على ما أطلبه خلال عملية التفاوض؟ أو ماذا لو قرر مدير التوظيف إلغاء العرض، وهو أسوأ سيناريو؟

درسنا في بحثنا الجديد الذي نُشر في مجلة السلوك التنظيمي وعمليات القرار الإنساني (Organizational Behavior and Human Decision Processes)، مدى دقة فهم المرشحين لاحتمالية خسارتهم فرص العمل في حال خوضهم عملية التفاوض. وطلبنا من المرشحين والمدراء في دراساتنا تقدير احتمالية فسخ الالتزام في حال خوض المرشح عملية التفاوض.

أجرينا 7 دراسات شارك فيها إجمالي 3,338 مشاركاً يعمل معظمهم بدوام كامل في الولايات المتحدة (ويمتلك العديد منهم خبرة في الإدارة)، ووجدنا أن اعتقادات المرشحين حول هذا التصور السائد مبالغ فيها دائماً؛ إذ يعتقدون أن التفاوض سيقوّض احتمالات حصولهم على الصفقة، على عكس تقديرات مدرائهم. تضمنت بعض الدراسات إجراء عمليات استقصاء ومقارنات بين ردود المرشحين للوظائف ومدراء التوظيف؛ في حين عمدنا في دراسات أخرى إلى توزيع الأشخاص عشوائياً ليتولّوا دور المرشحين أو مدراء التوظيف، وطلبنا منهم خوض عمليات التفاوض، سواء كانت وجهاً لوجه أو من خلال محادثات عبر الإنترنت. حفزنا هؤلاء المشاركين من خلال منحهم مكافآت مالية استناداً إلى النتيجة النهائية ونجاح عملية التوصل إلى اتفاق.

وطلبنا من المرشحين ومدراء التوظيف في 5 من الدراسات تقدير احتمالية فشل الحصول على العرض الوظيفي بسبب عملية التفاوض، وذلك باستخدام مقياس من 1 إلى 7 درجات. وعلى وجه التحديد، قيّم المرشحون مدى احتمالية أن "يتخلى المدير عن الصفقة" و"أن يخسروا الصفقة مع المدير" إذا خاضوا عملية التفاوض مع المدراء؛ في حين قيّم المدراء مدى احتمالية أن "يتخلّوا عن الصفقة" وأن "يخسر المرشح الصفقة معهم" إذا خاضوا عملية التفاوض مع المرشحين. عموماً، وجد المرشحون أن احتمالية فشل الصفقة نتيجة عملية التفاوض أعلى بنسبة 33% مقارنة بتقديرات المدراء (4.6 مقابل 3.5 تقريباً). وكانت النتائج متماثلة بين الرجال والنساء على حد سواء وفي مختلف المناصب.

وأظهرت نتائج البحث أيضاً أن المرشحين قد يتجنبون عملية التفاوض تماماً لاعتقادهم أنها قد تعوق فرصة حصولهم على العمل. أما في الدراسات التجريبية، فسألنا المرشحين عن رغبتهم في خوض عملية التفاوض بشأن العرض الوظيفي. اختارت نسبة 46% منهم تقريباً قبول العرض كما هو.

قد يكون هذا التردد في التفاوض مبرراً في حال كانت تصورات المرشحين السائدة دقيقة. وعندما سألناهم عن تجاربهم الفعلية، وجدنا أن احتمالية فشل الصفقة نتيجة عمليات التفاوض منخفضة. أجرينا في إحدى الدراسات استقصاءً على 1,496 مديراً حول العروض الوظيفية المُقدمة (والمُلغاة) خلال حياتهم المهنية. ووجدنا أن المدراء التزموا بنسبة 94% من العروض المقدّمة، وأن معظمهم لم يلغوا أي عرض وظيفي على الإطلاق.

لماذا يبالغ المرشحون بتقدير هذه الاحتمالية إذاً؟ وثّقنا سببين: أولاً، يعتقد المرشحون أن نتيجة هذا التفاعل صفرية وتنافسية، وكان هذا الاعتقاد أعلى عند المرشحين منه عند المدراء. ويعتقد المرشحون أيضاً أن أي مزايا يحصلون عليها ستكون على حساب المدير، وأن أي صفقة جيدة للمؤسسة ستكون سيئة لهم. على سبيل المثال، وجدنا في إحدى الدراسات أن المرشحين يعتبرون التفاوض عملية تنافسية ونتيجتها صفرية، وكانت تقديراتهم أعلى بنسبة 9% من تقديرات المدراء (4.4 مقابل 4.0 تقريباً باستخدام مقياس من 1 إلى 7 درجات). ثانياً، يعتقد المرشحون أن لديهم تأثيراً أو قدرة ضئيلة جداً في هذا التفاعل، مقارنة بقدرة المدراء على التأثير فيه. وفي الدراسة نفسها، اعتبر المرشحون تأثيرهم أو سلطتهم في عملية التفاوض أقل بنسبة 20% من سلطة المدراء (4.0 مقابل 4.8 تقريباً على مقياس من 1 إلى 7 درجات).

تجدر الإشارة إلى أن المرشحين كانوا أدق في تقدير احتمالية فشل الصفقة عندما تخلّوا عن فكرة أن التفاوض عملية تنافسية أو صفرية المحصلة (على سبيل المثال، عندما توصلوا إلى صفقة رابحة للطرفين)، أو عند حصولهم على عرض آخر بديل (ما منح المرشحين المزيد من القوة والتأثير في التفاوض مع المدير). لكن حتى في تلك الحالات، بالغ معظم المرشحين في تقدير مخاطر التفاوض.

وتوصلنا في بحوثنا إلى ضرورة أن يقلل المرشحون من قلقهم بشأن احتمالية فشل الصفقة بسبب عملية التفاوض. وإذا انتابهم القلق بشأن تلك العملية بالفعل، فينبغي لهم:

  • تذكّر أن عدداً قليلاً جداً من المدراء ألغوا العرض الوظيفي.
  • إعادة النظر في عقلية المحصلة الصفرية عن طريق التوصل إلى صفقة رابحة للطرفين في عملية التفاوض. على سبيل المثال، قد يهتم المرشح بالعمل عن بُعد أكثر من اهتمامه في الحصول على مكافأة إبرام العقد. وقد يقدّر المدير حرصه على توفير المال ويكون مرناً بشأن موقع عمله. وقد يساعد النظر في مثل هذه الحلول على التقليل من القلق المبالغ فيه بشأن احتمال خسارة الصفقة.
  • دراسة الأعراف المتعلقة بعمليات التفاوض في قطاعك أو مؤسستك. هل يوجد زملاء أو مرشدون يمكنك الاستفسار منهم عن الممارسات الشائعة؟
  • التفاوض بطريقة احترافية. يمكنك تقليل احتمالية فشل الصفقة عن طريق طلب تنازلات معقولة، وإظهار الاهتمام والتعاون خلال العملية.
  • تذكّر أن عملية التفاوض تؤثر في كلا الطرفين. ولا يرغب المدراء عادة (ومن غير صلاحياتهم أحياناً) في إلغاء الصفقة، فإرضاء الموظفين مهم للمؤسسات أيضاً.

باختصار، التفاوض على العرض الوظيفي عملية صعبة وشاقة. وعلى الرغم من أن احتمال إلغاء المدراء العرض الوظيفي المقدّم للمرشحين قائم بالفعل إذا خاضوا عملية التفاوض، تشير البحوث إلى أن المرشحين يبالغون في تقدير هذا الاحتمال، وأن بإمكانهم الحصول على نتائج أفضل من خلال التفاوض على العرض الوظيفي.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .