لماذا يتفاعل المستثمرون سلباً مع الشركات التي تعين النساء في مجالس إداراتها؟

5 دقائق
النساء في مجالس الإدارة

رغم الجهود المتواصلة للتصدي لضعف تمثيل النساء في مجالس الإدارات، فلا يزال معظم مجالس الإدارات يتشكل من الرجال. وأدى التقدم البطيء للتنوع بين الجنسين إلى إحباط مقرري السياسات والمجموعات الصناعية ومسؤولي المؤسسات الاستثمارية الذين أعلنوا دفاعهم عن حق المرأة والأقليات في الانضمام إلى صفوف الإدارة العليا.

هل المستثمرون جادون في دعم التنوع في مجالس الإدارات؟

في دراسة حديثة أجرينا فحصاً دقيقاً لتركيبة مجالس الإدارات والبيانات المالية في 1,644 شركة مساهمة في الولايات المتحدة في الفترة ما بين عامي 1998 و2011، مع مراعاة عدد من الخصائص مثل حجم الشركة وهيكلها الإداري. ولقد وجدنا أن الشركات التي تعين النساء في مجالس إداراتها شهدت تراجع قيمتها السوقية لمدة عامين (ولم نلحظ بعدها أي تأثير). بعبارة أخرى، يبدو أن المستثمرين يعاقبون الشركات التي تعمل جاهدة لتكون أكثر إدماجاً للمرأة، بدلاً من مكافأتها.

لماذا تتفاعل سوق الأسهم سلباً مع زيادة التنوع في مجلس الإدارة؟

لا يرجع السبب إلى تدهور أداء الشركات بعد تعيين النساء كأعضاء مجالس إدارة، إذ نجد أن أرباح الشركات لم تقل بعد تعيين النساء أعضاءً في مجالس الإدارات مقارنة بما كانت عليه قبل تعيينهن، إلا أن أرباحها لم ترتفع كذلك. تتفق هذه النتائج مع الكثير من الدراسات الأكاديمية التي لم تجد أي أدلة أو وجدت أدلة ضعيفة تدعم فكرة أن تنوع مجلس الإدارة يؤدي إلى تحسين الأداء المالي.

اقرأ أيضاً: بحث: الخبرة في مجلس الإدارة تساعد النساء في الحصول على منصب الرئيس التنفيذي

أحد التفسيرات المقترحة لهذا الاكتشاف المحير هو أن سوق الأسهم متحيزة، ويرى القائمون عليها أن المرأة ليست ذات كفاءة فيما يتعلق باتخاذ القرارات التجارية. إذا كان الأمر كذلك، فقد لا يكون هناك أثر لتنوع مجلس الإدارة على الأداء التشغيلي، ولكن لا يزال هناك أثر سلبي على عوائد السوق. غير أن ذلك قد يعني أيضاً أن المستثمر يعتقد أنه من الممكن أن يؤدي عنصر نسائي غير كفء في مجلس الإدارة إلى خفض ربحية الشركة، بينما يقف زملاؤها من الرجال مكتوفي الأيدي عاجزين عن فعل شيء، وهذا أمر غير وارد.

ثمة تفسير آخر وهو أن المستثمرين يتفاعلون مع ما يرونه تغييراً في تفضيلات الشركة، فزيادة التنوع في مجلس الإدارة قد يوحي للمستثمرين بأن الشركة مشغولة بأهداف اجتماعية ولا تهتم بتعظيم القيمة المضافة لحاملي الأسهم. وبقدر ما يهتم المستثمرون بالقيمة المضافة لحاملي الأسهم، فسوف يعاقبون هذه الشركات التي يشكون أنها تعطي الأولوية لأهداف أخرى.

ولاختبار هذه النظرية، أجرينا تجربة على 193 من الخريجين والطلبة الحاليين في إحدى كليات إدارة الأعمال المرموقة والمعروفة على المستوى الدولي.

فعرضنا عليهم بياناً صحفياً لشركة خيالية، معلنين فيه تعيين جاك سميث أو ماريلين كلارك عضواً جديداً في مجلس الإدارة، وباستثناء اسم عضو مجلس الإدارة، كانت البيانات الصحفية متطابقة. ثم أعطينا المشاركين قائمة بعشرة أهداف للشركة وسألناهم إلى أي مدى يعتقدون أن الشركة تهتم بتحقيق كل منها، كما طلبنا منهم تقييم كفاءة عضو مجلس الإدارة الجديد.

لم نجد أي اختلاف في الكفاءة المتصورة عن كل من ماريلين وجاك، وهو ما كان متوقعاً نظراً لتطابق سيرتهما الذاتيتين، ولكن الاختلاف كان في الأهداف المتصورة للشركة، حيث اعتقد المشاركون أن الشركة التي عينت ماريلين تهتم بتحسين الأداء الاجتماعي للشركة أكثر من اهتمامها بتعظيم القيمة المضافة لحاملي الأسهم، وذلك مقارنة بالشركة التي عينت جاك.

نعتقد أن ذلك يرجع إلى أن تعيين المرأة في مجالس الإدارات لا يراعي الحياد بين الجنسين من قريب أو بعيد، إذ لا تتورع الشركات عن التصريح بنوع الجنس عند إعلانها عن تعيين أعضاء جدد في مجلس الإدارة - ولكن ذلك لا يحدث إلا إذا كان العضو الجديد امرأة، وبالتالي فإن افتراض أن تعيين الشركات للمرأة في مجالس إداراتها هو جزء من مبادرات التنوع لا يعد نوعاً من المبالغة.

لن تمثل هذه الخطوة مشكلة إذا لم يُنظَر إلى مبادرات التنوع هذه من قبل المستثمرين على أنها مجرد تجارب مكلفة.

على سبيل المثال: صوَّت المساهمون بشركة "آبل" ضد تعيين المزيد من الأقليات في فرق الإدارة العليا منذ عدة سنوات، وذلك بعد أن أشارت الشركة إلى أن إجراءً كهذا من شأنه أن يفرض قيوداً كبيرة على حركة الشركة. وبالمثل، فبعد أن وعدت شركة "سكيتشرز" (Skechers) بالتعاطي مع مسألة التنوع في مجلس الإدارة، فسرت الشركة قرارها بعدم ترشيح عنصر نسائي في مجلس إدارتها بقولها إن "تركيز الشركة الأساسي ينصب على تعظيم القيمة المضافة لحاملي الأسهم". وفي شهر مايو/ أيار من عام 2019 رشحت الشركة أول عنصر نسائي في مجلس الإدارة وذلك تبعاً لتطبيق القانون الذي يلزم شركات كاليفورنيا بوجود عنصر نسائي واحد على الأقل في مجالس إدارتها.

ليس بالضرورة أن يكون المساهمون النشطون بين الجنسين أكثر اقتناعاً بأن التنوع مصدر لخلق القيمة، فوفقاً لتحليل بلومبرغ عام 2016، نجحت خمسة من أكبر الصناديق النشطة بالولايات المتحدة في تعيين أكثر من 100 عضو في مجالس الإدارات خلال السنوات الخمس الماضية. وكم كان عدد النساء من بينهم؟ سبع نساء.

إذا كان المستثمرون يفسرون تعيين المرأة بأنه مؤشر على عدم التزام الشركة بتعظيم عائدات مساهميها، فلا بد أن أثر زيادة التنوع في مجالس الإدارات سيتضاعف لدى الشركات التي تُبدي التزامها بالأهداف الاجتماعية بطرق أخرى، وهذا ما تحققنا منه.

فقد جمعنا معلوماتنا عن تركيبة مجالس الإدارات والبيانات المالية للشركات، بالإضافة إلى معدلات الأداء الاجتماعي من مؤشر "كيه. إل. دي. ستاتس" (KLD STATS) وهو مؤشر للاستثمارات المهتمة بالمسؤولية الاجتماعية، واكتشفنا أن الشركات التي درجت على تنفيذ استثمارات في مبادرات أخرى للتنوع، مثل منافع الموازنة بين الحياتين العملية والشخصية، وسياسات عدم التمييز على أساس الجنس، وبرامج توظيف المعاقين، قد عانت من عقوبات هائلة في سوق الأسهم نظراً لتعيينها عناصر نسائية في مجالس إداراتها أكثر من الشركات التي لم يكن لها أي سجل سابق في تشجيع التنوع.

اقرأ أيضاً: بحث: النساء تسجل نقاطاً أعلى من الرجال في معظم المهارات القيادية

هل يعني ذلك أن نمتنع عن تعيين المرأة في مجالس إدارات الشركات؟ بالطبع لا. إذ يجب أن تستند الشركات إلى الاختيار من بين أكبر شبكة ممكنة للكفاءات لانتقاء أفضل العناصر لعضوية مجالس إداراتها، واستبعاد المرأة لتجنب عقوبات السوق قد يؤدي إلى نتائج عكسية. أما الشركات التي تتوقع تعزيز الأداء المالي ببساطة عن طريق زيادة تمثيل المرأة في مجالس الإدارة، فقد يؤول بها الحال إلى خيبة الأمل.

التنوع المعرفي في مجالس الإدارة

كثيراً ما يدعي مؤيدو التنوع أن مجالس الإدارة التي تراعي التنوع بين الجنسين تتخذ قرارات أفضل من مجالس الإدارة التي تقتصر على الرجال فقط، نظراً لأن المرأة تقدم رؤى وتصورات جديدة كما تزيد من التنوع المعرفي بالمجلس. وكلما ازداد التنوع المعرفي، زادت قدرة المجلس على حل المشكلات المعقدة والوصول إلى حلول مبتكرة. المشكلة أننا لا نمتلك بين أيدينا إلا القليل من الأدلة التي تثبت أن العناصر النسائية تختلف كثيراً عن العناصر الذكورية في مجالس الإدارة من حيث الأساليب والخبرات - خاصة عند تساوي الخلفيات التعليمية والمهنية.

ولتحقيق التنوع المعرفي، يجب التركيز على أبعاد التنوع بغض النظر عن النوع، فبالنسبة إلى مجلس إدارة يتكون من المحامين، قد يعني هذا إضافة مهندس وخبير اجتماعي للمجموعة، وبالنسبة لمجلس إدارة يتكون من الأميركيين، فقد يعني هذا ضم أفراد من دول أخرى، وقد يعني هذا في كثير من الحالات تعيين أعضاء مجلس إدارة من خارج الشبكات الحالية.

اقرأ أيضاً: مجالس الإدارة تغفل عن النساء المؤهلات... وفيما يلي طريقة إصلاح ذلك

أعرب البعض عن قلقهم من توسيع نطاق تعريف التنوع، دون بذل الجهود اللازمة للحد من التحيز في اختيار أعضاء مجالس الإدارات، قد يمنح للشركات "مخرجاً" يسمح لهم باستبعاد الأقليات الديموغرافية غير الممثلة تمثيلاً كافياً من مجلس الإدارة.

ولكن بحثنا يشير إلى أن تغيير خطاب التنوع وتحويله من التركيز على المساواة بين الجنسين إلى التركيز على أبعاد أخرى من الخبرات والمعرفة الفنية قد يساعد في واقع الأمر المرأة والمجموعات الأخرى غير الممثلة بالشكل الكافي - على سبيل المثال، بدلاً من قول: "لقد قمنا بتعيين عنصر نسائي في مجلس الإدارة"، يجب أن يكون التركيز على: "لقد قمنا بتعيين خبير في شؤون الصين".

ومع عدم التركيز على المساواة بين الجنسين، ولا سيما النساء في مجالس الإدارة قد يأتي اليوم الذي لا يُنظر فيه إلى تعيين المرأة على أنه مجرد إجراء لسد خانة الأداء الاجتماعي للشركة، ولا يعني شيئاً بشأن تفضيلاتها سوى التزامها بتعيين أفضل مرشح لهذا المنصب.

اقرأ أيضاً: بعد أتمتة الوظائف.. هل سيتأثر الرجل والمرأة بالقدر نفسه؟

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي