كيف تجعل التعلّم جزءاً من عملك اليومي؟

9 دقائق

مع إعادة تشكّل عالم الأعمال بفضل الأتمتة والذكاء الاصطناعي ونماذج الوظائف الجديدة، بات نهج "التعلم مدى الحياة" من الضرورات الاقتصادية في عصرنا هذا. واليوم يعتقد 80% من الرؤساء التنفيذيين أنّ حاجتهم للمهارات الجديدة تمثل أكبر تحد يواجهونه في عملهم. وبالنسبة للموظفين، أظهرت الأبحاث أنّ فرص التطور تأتي في المرتبة الثانية من حيث أهميتها في ضمان رضا وسرور الموظفين في عملهم (بعد طبيعة العمل بحد ذاته). ولعلنا بطبيعتنا كائنات لم تصل بعد إلى مرحلة البلوغ، نولد مزوّدين بغريزة التعلم مدى الحياة. ولذلك من المنطقي أن نسعى أثناء عملنا إلى تطوير أسلوب عملنا وتحسينه باستمرار؛ وفي الواقع فإن حركة ذهنية النمو إنما تقوم على هذه الحاجة الأساسية لدى الإنسان. وفي حين أن توظيف المهارات هو عملية مكلفة ولعبة محصلتها صفر (فإذا ما وظفت شركة ما أحد النجوم المهرة، تُحرم منه بقية الشركات)، فإن نهج التعلّم هو بمثابة مد متعاظم يرفع جميع الزوارق.   

غير أنّ الطابع العاجل للمهام والأعمال على أرض الواقع يضعها على الدوام أعلى من "ترف" التعلم من حيث الأولوية. وقد خلصت إحدى دراساتنا التي أجريناها بالتعاون مع موقع "لينكد إن" إلى أنّ الموظفين يضيعون ثلث وقت يومهم على رسائل إلكترونية ضعيفة الصلة بعملهم أو لا علاقة لها به إطلاقاً. كما وجدنا أنّ بوابات التعلم التقليدية في الشركات (أنظمة إدارة التعلم) نادراً ما يجري استخدامها (إلا امتثالاً للتدريبات الإجبارية)، وغالباً ما يضطر الموظف للضغط على الكثير من المفاتيح قبل أن يجد ما يحتاجه. وهكذا يجري تحييد التعلم – في الوعي واللاوعي – إلى مربع الأعمال المهمة ولكن غير الملحة في مصفوفة آيزنهاور المؤلفة من صفين اثنين وعمودين اثنين. وبالمتوسط يحجز العاملون في مجال المعرفة 5 دقائق لمهام التعلم الرسمي كل يوم. وعلى العموم فإننا جميعاً أسرى في دفق العمل اليومي الذي لا مفر منه.

وهكذا يغدو السؤال المهم: كيف يمكننا جعل التعلم جزءاً من سيل العمل اليومي المتدفق بقوة؟ نعتقد أن هنالك نهج عمل جديد يطلق عليه "جوش" اسم "التعلم في دفق العمل".

فما هو دفق العمل بالضبط؟

بالطبع لكل منا خبرته الخاصة في العمل، ولكن هنالك مشتركات واسعة فيما بين العاملين في مجال المعرفة: وهنالك 780 مليوناً منهم في العالم، يجلسون وسطياً 6.5 ساعات يومياً أمام حواسيبهم. وبالتفصيل يقضي أولئك الموظفون وسطياً 28% من يوم عملهم في معالجة بريدهم الإلكتروني، و19% منه في جمع المعلومات (البحث عن البيانات)، و14% منه في التواصل داخل الشركة (في اجتماعات رسمية وغير رسمية). وتشكل تلك الأنشطة الثلاثة مجتمعة 61% من يوم العمل الكلي لذلك الكم الهائل من الناس.

من المنطقي أن يقضي العاملون في مجال المعرفة هذا الوقت الطويل في تلقي المعلومات واستيعابها ونشرها؛ حيث إنّ إيجاد المعطيات والحقائق والمعلومات والأفكار ومشاركتها مع الآخرين يمثل جوهر النشاط اليومي لغالبيتنا. وفي الواقع فإن 38% من المحتوى الذي تتم مشاركته عبر شبكة الإنترنت له طابع إما تعليمي وإما إعلامي.

ويشكل نهج التعلم في دفق العمل فكرة جديدة تقوم على حقيقة أن التعلم لا يمكن أن يحدث في الواقع إلا إذا كان ملائماً لما حوله وأمكن توفيقه مع تفاصيل أيام العمل وحياة العاملين. وبدلاً من النظر إلى التعلم في الشركات بوصفه وجهة، بات ينظر إليه وفق النهج الجديد بوصفه حدثاً يأتي إلينا ونتلقاه. فبفضل التفكير التصميمي الجيد والتكنولوجيا المتقدمة جداً يمكننا بناء حلول وتجارب تحول التعلم إلى جزء مخفي لا يمكن فصله عن عملنا اليومي. وربما يمثل موقعا جوجل ويوتيوب أقدم منصتين "للتعلم في دفق العملوقد اعتدنا عليهما وبات وجودهما أمراً بديهياً.

فكيف باستطاعتنا إذاً استخدام دفق العمل لتحفيز التعلم؟ سنعالج هذا الأمر أولاً من المنظور الفردي (من القاعدة صعوداً إلى القمة) ومن ثم من المنظور المؤسسي (من القمة هبوطاً إلى القاعدة).

التعلم من القاعدة صعوداً إلى القمة؟

ما الذي يمكنك فعله كشخص راغب في التعلم لكي تتعلم في دفق العمل؟ إليك بعض الإجراءات العملية التي يمكنك تطبيقها مباشرة:

مارس نهج "ما وراء المعرفة" و"اليقظة الذهنية". كن يقظاً وحاضر الذهن وأنت تزاول أعمالك اليومية. فلذلك فوائد كثيرة، من أهمها تعزيز مقدرتك على التعلم والتطور. فلا تكتف على سبيل المثال بالتفاوض مع خبيرة المشتريات، بل لاحظ تكتيكاتها وتقنياتها وتعلم منها فيما أنت تفاوضها؛ واطرح الأسئلة على مدراء المنتجات حول مواصفات منتجاتهم؛ واستفسر من عملاء البيع حول توجهات القطاع الذي تعمل فيه؛ واطلب من زملائك تزويدك بآرائهم وملاحظاتهم حول مهاراتك في تقديم المحاضرات. فهذا النوع من الأسئلة يعلمك الكثير؛ ولا تنس أنّ غالبية الزملاء يسرهم أن يفضوا إليك بما يعلمون.

احتفظ بقائمة "ما يتعين عليك تعلمه". لا شك أنك تصادف الكثير من فرص التعلم كل يوم؛ وإذا كنت تطبق درجة ما من نهج "ما وراء المعرفة"، فإنك ستكتشف المزيد من تلك الفرص. لكنك تضطر عادة إلى ترك تلك الفرص تمر من دون أن تستفيد منها بسبب انشغالك بأمر آخر في تلك اللحظة. بيد أن ذلك لا يعني أن تفوت على نفسك حق الاستفادة من تلك الفرص لاحقاً. ولذلك يتعين عليك إنشاء قائمة بالمفاهيم والأفكار والممارسات والمصطلحات التي ترغب في استكشافها ووسم مواقعها في محرك البحث الذي تستخدمه وإضافتها إلى قائمة بحثك. وبمقدورك استكشافها لاحقاً عندما يسمح وقتك بذلك. وفي حالتي أنا (جوش)، أجد نفسي أثناء عملي دائم الإشارة إلى أمور أرغب في تعلمها، وبمجرد أن أجد برهة من وقت الفراغ (وغالباً ما يكون ذلك في أواخر اليوم عندما أكون متعباً) أسارع إلى قراءة الصفحة المعنية أو مشاهدة مقطع الفيديو ذا الصلة أو التحري وتجريب أمر ما لطالما أردت تحسين أدائي فيه. وبالتأكيد فإن ذلك النشاط يشكل تجربة شخصية ومجزية، ولا شك في أننا جميعاً نمر بأوقات (بما فيها أوقات السفر من وإلى الوظيفة) تكون فيها تلك الأنشط البسيطة هي أفضل ما يمكننا فعله.  

استفد من النصائح التكنولوجية أثناء عملك. قد تساعدك النصائح التقنية التي تقترحها عليك ميزة "إكسبلور" ضمن تطبيق "جوجل دوكس" في إيجاد أبحاث ذات صلة بموضوع عملك أو مقترحات مفيدة في التنسيق أو التحليل. ولقد تطور هذا الشكل من النصائح المدمجة في البرمجيات كثيراً منذ الأيام الأولى لطرح تطبيق "مساعد مايكروسوفت أوفيس" سيئ السمعة والذي اشتهر من خلال مشبك الورق المتحرك "كليبي". ولكن يتعين عليك الانفتاح على مثل تلك النصائح حتى تتعلم منها أي شيء له قيمة. ولعل المستقبل سيكون حافلاً بالمزيد من تلك التطبيقات والأدوات مثل "مايكروسوفت تيمز" و"سلاك" التي ستنتشر على نحو متزايد في مكان العمل.

احجز وقتاً محدداً للتعلم في مفكرة أعمالك اليومية. ليعلم زملاؤك مدى أهمية التعلم بالنسبة لك. اتفق مع مديرك على حجز مدة زمنية مقبولة من ساعات عملك الأسبوعية (ولنقل ساعة واحدة) للتعلم. ثم احجز هذه المدة في مفكرتك والتزم بها التزاماً صارماً.

اشترك بعدد قليل من النشرات الإخبارية عالية الجودة وذات الصلة الوثيقة بعملك. واختر تلك النشرات بعناية كبيرة بما يناسب وظيفتك وقطاع عملك وشخصيتك. ولن يكون هنالك عدد كبير من تلك النشرات التي تمتاز بالجودة العالية والصلة الوثيقة بعملك. ومن ثم ألغ اشتراكك بباقي النشرات.

ساهم بفعالية وحرفية ولطف في إحدى قنوات التعلم المتاحة في مكان عملك الفعلي. قد لا يكون عملك الفعلي محصوراً في مكان محدد أو شركة بعينها، بيد أن غالبية الموظفين يذكرون القنوات التعليمية التي توفرها منصات مثل "شير بوينت" و"سلاك"، و"تيمز" بوصفها الأفضل. وإذا لم يكن لدى شركتك قناة تعليمية، أنشئ واحدة. وعندما تشارك زملاءك بمحتوى أو بمعلومة جديدة ومثيرة للاهتمام على تلك المنصات، لا تكتف فقط بالإشارة إلى الرابط؛ بل اشرح لهم سبب اختيارك لهذا المحتوى، وصف لهم بعض جوانبه ومدى أهميته. والأهم هو تحديد الشريحة الأكثر استفادة منه. ومن الأفضل حصر مشاركة المحتوى بأولئك الذين من المرجح أن يستفيدوا منه حقاً. ولا تقتصر فوائد هذا الإجراء على الغير بل من شأنه أن يسرع عملية تعلّمك الذاتي ويعززه.

التعلم من القمة هبوطاً إلى القاعدة؟

عندما تسأل قادة الموارد البشرية في الشركات عن خططهم حول بناء المهارات الجديدة للمستقبل، يجيب حوالي ثلثيهم بأنهم سيبحثون عن المهارات الجديدة ويوظفونها متى احتاجوا إليها. بيد أن هذا الحل مكلف جداً إذ قدّر أحد زبائننا أن توظيف المهارات التقنية من سوق العمل يكلف أكثر بست مرات من تطويرها داخلياً.

فكيف بإمكان الشركات الاستفادة من دفق العمل وتوظيفه لتطوير مهارات قواها العاملة؟ بالطبع يؤدي العدد الأكبر من السمات المميزة للشركات الكبرى إلى إعاقة التعلم وتعطيله، لكن هنالك سمات أخرى يمكن الاستفادة منها لتسريع التعلم وتحفيزه. ويتوجه هذا الجزء من المقالة إلى قادة الأعمال الراغبين بتغيير نظم شركاتهم وعملياتها وثقافتها من أجل تعزيز مقدرات قواها العاملة.

احرص على أن تكون نظم المعلومات والمعرفة في شركتك دقيقة وسهلة الاستخدام. لا شك أن موظفيك بحاجة دائماً إلى معلومات وهم سيلجؤون في الغالب لموقعي جوجل ويوتيوب لإيجاد مبتغاهم. اعترف بهذه الحقيقة، ولكن كرس بعض الوقت لترتيب محتوى نظم معلوماتك الداخلية وإصلاحها بما يجعلها أسرع وأكثر فائدة. فإذا كانت صفحة شركتك على الإنترنت مكتظة وقديمة ومعلوماتها سيئة التنظيم، لا فائدة منها، بل إنها تكلفك مالاً يمكنك استثماره بشكل أفضل، مع العلم أن إنشاء بوابة إلكترونية متطورة وحديثة للشركة بات اليوم أسهل من أي وقت مضى. ومن الضروري أن تكون نتائج البحث مفيدة – وهو شيء بديهي ولكن نادر الحدوث – الأمر الذي يتطلب أن يكون المحتوى مبوباً وموسوماً ومعتنى به بشكل جيد. فلمَ لا تطلق بمساعدة فريق تكنولوجيا المعلومات مبادرة لتنظيف وتحديث صفحتك على الإنترنت. وستفاجأ بسرعة وسهولة تحويلها إلى صفحة حديثة ومفيدة.

شارك المحتوى والمعلومات مع زملائك داخل الشركة. لقد بات اليوم بالإمكان استخدام التكنولوجيا لتعميم ما يتم تعلمه من معلومات في أحد أقسام الشركة والاستفادة منه في تحقيق الفائدة على نطاق أوسع في بقية الأقسام. فإذا ما شارك مثلاً أحد مدراء الحسابات مقالة ما حول التفاوض لإبرام عقود تجارية معقدة مع مدير آخر على إحدى المنصات، يمكن رصد تلك المقالة برمجياً ووسمها وتوزيعها إلى شريحة أكبر من موظفي المبيعات.

وظّف واجهات برمجة التطبيقات بهدف توفير المحتوى والمعلومات في مكان العمل. لقد بات إدماج المعلومات والتعلم في دفق العمل أسهل من أي وقت مضى، وذلك بفضل ظهور ما يعرف باقتصاد واجهة برمجة التطبيقات (API economy)، حيث يجري تطوير غالبية البرمجيات مع مراعاة إمكانية تشغيلها بالترابط مع برمجيات أخرى، وذلك ما يتم تحقيقه غالباً باستخدام واجهات برمجة التطبيقات. ما يعني إمكانية تطعيم يوم عمل الموظف بالمحتوى التعليمي المناسب من خلال استخدام التكنولوجيات المتكاملة والاندماجية مثل "زابير" و"آي إف تي تي تي" وواجهات برمجة التطبيقات الموجهة نحو التعلم.

خصص إحدى قنوات برمجيات التواصل داخل شركتك للتعلم. اخلق فضاء مخصصاً للتعلم على الشبكة وعززه وادعمه بإسهامات قيمة ومفيدة من قادة الشركة. وشجع أولئك الميالين بطبعهم لتقديم الإسهامات والمشاركات على نشر المعلومات والمحتويات الجديدة. وإذا ما جاء أولئك المساهمون من أعلى سوية في إدارة الشركة، فإن الرسالة التي مفادها أنّ التعلم أمر لا بد منه ستصل بشكل واضح وقوي إلى جميع الموظفين.

فكر في إنشاء واجهة تحادث أو دردشة. إن إضافة سوية للدردشة إلى واجهة برمجية دفق العمل يعد طريقة مباشرة وفعالة لإدماج التعلم بالعمل. وكلما كانت برمجية الدردشة أذكى – أي كلما كانت أقرب إلى مجريات العمل اليومي الحقيقي -  كانت أقل إزعاجاً وأكثر فائدة.

حاول إدخال التعلم إلى صندوق البريد الإلكتروني الوارد. لا يزال التعامل مع البريد الإلكتروني يشكل إحدى المركبات الأساسية ليوم عمل العاملين في مجال المعرفة. ومع أن استخدام البريد الإلكتروني الخاص لأغراض التعلم أمر غير جذاب وغير مثالي، إلا أنه حل واقعي وفعال لإدخال التعلم في دفق العمل اليومي للموظفين. وبما أن 94% من الموظفين التنفيذيين يحصلون على الأخبار عبر بريدهم الإلكتروني – أكثر من أي وسيلة أخرى – فلمَ لا يتعلمون أيضاً عبر البريد الإلكتروني! ومع تشديد القوانين الناظمة لمسألة الخصوصية مثل تطبيق التشريعات العامة لحماية البيانات في الاتحاد الأوروبي، باتت صناديق البريد الإلكتروني الوارد غير مكتظة كما كانت في السابق، ما يسمح للبريد الإلكتروني الخاص بأن يغدو أكثر قيمة وفائدة للاستخدام في التعلم.

ما رأي قادة التعلم في الشركات؟    

لقد لاقى نهج التعلم في دفق العمل صدى كبيراً لدى مدراء التعلّم في الشركات حول العالم. وقد كان قطاع التعلّم في الشركات، والذي بلغت قيمته 360 مليار دولار، يسير في ظل الجوانب الأخرى الأكثر ألقاً لعالم الأعمال، وذلك بسبب صعوبة إثبات أثر كل من برامج التعلم المختلفة (مع أن فوائد التدريب والتعليم عموماً بالنسبة للأفراد كما للمجتمع ككل خارج نطاق الشكوك). بيد أن ذلك في طور التغير الآن مع شروع الشركات في أخذ موضوع رفاه الموظفين وانخراطهم في العمل على محمل الجد. وفيما يلي آراء ثلاث مديرات من قادة التعلم اللاتي كسرن القوالب السائدة وخرجن عن المألوف:

تشرح "آن شولتي"، مديرة التعلم في شركة "بروكتر آند غامبل"، تزايد أهمية التعلم في العام 2019 وكيفية تجسيد ذلك في استراتيجية الشركة قائلة: "نعتقد في شركة بروكتر آند غامبل أن من يتعلم أسرع، هو الذي يربح؛ لأننا ندرك أن التجريب وتقديم الملاحظات والآراء بسرعة والقدرة على التأقلم – وكلها أمور تتطلب التعلم – باتت تمثل اليوم ضرورات تنافسية في هذه الأسواق المتغيرة وغير الآمنة. ولمساعدة موظفينا على التعلم بسرعة، أحدثنا ثورة في إدارتنا لممارسات التعلم والتطور، وذلك بهدف التركيز أكثر على سياق العمل الراهن والحاجات الخاصة لكل موظف من خلال توفير الولوج السريع إلى المعلومات، وتوفير المساعدات الداعمة للأداء، وأنشطة التدريب المنتقاة بعناية بما يلبي حاجة كل موظف وبحيث يمكن تطبيقها مباشرة في الأعمال اليومية".

وتؤكد هيلين سميث، مديرة التعلم الرقمي الجماعي والتصميم في شركة سينسبري، على أهمية التفكير التصميمي في صياغة حلول التعلم المناسبة ضمن الشركات، وتقول: "كثيراً ما يجري تطوير فرص التعلم ونشر التكنولوجيا بناء على قرارات وأفكار مجموعات مركزية أو بناء على ما هو متاح، لا على ما يمكن أن يمكّن الموظفين من أداء أعمالهم بشكل أفضل أو بشكل مختلف. ولتجاوز هذا الواقع، من المهم تكريس جزء أكبر من وقتنا بوصفنا احترافيي تعلّم لفهم التفاصيل العملية لما يقوم به الموظفون خلال أيام عملهم على أرض الواقع، وضمان اتساق ذلك مع جودة منتجاتنا وخدماتنا".

أما إليزابيتا غالي، المديرة العامة لإدارة المعرفة والتطوير والمواهب في بنك سانتاندر، فترى أن على الشركات أن تتعلم وتستلهم حلولها من برمجيات المستهلكين ذات الانتشار الواسع، وتقول: "يستخدم الموظفون وسائل التواصل الاجتماعي في وقت فراغهم لإشباع فضولهم والحصول على المعلومات التي تهمهم مباشرة ومن دون تأخير. وهكذا بالضبط يجب أن تجري الأمور أثناء العمل. فعلينا أن نوفر لموظفينا خبرة تعلم داخل الشركة على درجة عالية من الجودة والسهولة تضاهي السوية التي توفرها وسائل التواصل الاجتماعي. إن رؤيتنا تتمثل في خلق نظام إيكولوجي للتعلم في دفق العمل لكي نغدو مؤسسة تعلم بحق، توفر كل ما يلزم لتطوير مهارات قوة عملها على نحو فعال ومستدام".

يمثل نهج التعلم في دفق العمل أحد أقوى المحركات المتاحة أمام قادة الشركات اليوم. ونعتقد بأن جميع الشركات والمؤسسات تستطيع الاستفادة من هذا النهج الجديد، الذي طال انتظاره والذي يأتينا على شكل موجة كبيرة وجديدة ومثيرة من الإبداع والابتكار. فلا تفوت الفرصة على نفسك وعلى شركتك في أن تركب مقدمة تلك الموجة وتكون من السباقين.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي