الرجاء تفعيل الجافاسكربت في متصفحك ليعمل الموقع بشكل صحيح.

كيف تهيئ فريقك للتعاون الناجح مع الذكاء الاصطناعي؟

10 دقيقة
الصعود السريع للذكاء الاصطناعي
مصدر الصورة: فريق عمل هارفارد بزنس ريفيو/فاسيلينا/غيتي إميدجيز

تمر المؤسسات حالياً بمرحلة تحوّلية حيث يَعد الصعود السريع للذكاء الاصطناعي -خصوصاً الذكاء الاصطناعي التوليدي (gen AI)- بإحداث زعزعة تطول عالم الأعمال والأدوار الوظيفية وأولويات تطوير الموظفين، وإعادة تشكيل هذه الأصعدة الثلاثة.

بطبيعة الحال، لا أحد يعرف أحد يعرف إن كان الذكاء الاصطناعي قادراً على تحقيق هذه الآمال الكبيرة الموعودة، أو إن كنا قد وصلنا إلى "ذروة التوقعات المتضخمة"، لكن العديد من الخبراء يزعمون أن هذه ليست سوى بداية ثورة تكنولوجية كبيرة. على سبيل المثال، تتنبأ شركة مايكروسوفت، التي تجاوزت مؤخراً توقعات الإيرادات المكتسبة لأحدث مبيعاتها من منتجات الذكاء الاصطناعي، أن إجمالي سوق الذكاء الاصطناعي سيبلغ 738 مليار دولار خلال الأعوام الخمسة المقبلة. ووفقاً لتقديرات مجلة ذي إيكونومست (The Economist)، فإن نسبة 80% من المؤسسات في الولايات المتحدة والصين تعتمد على الذكاء الاصطناعي يومياً. وعلى الرغم من المخاوف الشائعة المتعلقة بالأتمتة فإن المؤسسات متفائلة عموماً؛ إذ تشير بيانات شركتنا، مان باور غروب (ManpowerGroup)، إلى أن نسبة 55% من المؤسسات تخطط لزيادة عدد موظفيها بسبب الذكاء الاصطناعي.

من السهل أن نشعر بالحماسة إزاء قدرة الذكاء الاصطناعي على إحداث تحولات جذرية، ولكن ثمة أمر واحد واضح: لكي تستفيد المؤسسات من الفوائد المحتملة للذكاء الاصطناعي على صعيد الإنتاجية، وتجعل العمل أكثر إثارة للتحفيز الفكري والشعور بالإنجاز، يجب أن تصقل مهارات موظفيها ومدرائها وقادتها وتحسّن مهاراتهم وتطورهم. يفرض هذا النهج ضغوطاً على الشركات لترقية قواها العاملة وتعزيز جاهزيتها وصمودها للمستقبل، حتى تتمكن الكفاءات البشرية من تعزيز الذكاء الاصطناعي وزيادة قدراتها الذاتية بالاعتماد على الذكاء الاصطناعي في الوقت نفسه. وبناءً على ذلك، إليكم 5 اعتبارات يجب على العاملين في مجال الموارد البشرية والمدراء وقادة المؤسسات أن يأخذوها في الحسبان:

5 وسائل تتيح للقادة تمهيد الطريق للتعاون الناجح بين البشر والذكاء الاصطناعي:

5 خطوات من أجل تهيئة المؤسسات للتعاون المثمر بين البشر والذكاء الاصطناعي

1. طور استراتيجيتك لتعزيز القدرات بالذكاء الاصطناعي.

السؤال الأساسي الذي يجب أن نتعامل معه هو تحديد الوسائل الجديدة التي يستطيع الموظفون من خلالها إضافة القيمة بعد الاستفادة من الوفر في الوقت والكفاءة الذي يمكن توقعه من الذكاء الاصطناعي. من الواضح أنه يجب استخدام الذكاء الاصطناعي في أتمتة –وهذا أمر يدعو إلى السرور والاحتفاء به- لكن كل ما يتولى الذكاء الاصطناعي أتمتته سيفقد قيمته ويتحول إلى سلعة، ما يضع العبء على ما يمكن للبشر إنتاجه بفضل مواهبهم ومهاراتهم وإبداعهم حتى، حتى لو فعلوا ذلك من خلال التعاون مع الذكاء الاصطناعي.

على سبيل المثال، قد يوفر مختصو التوظيف ما يصل إلى 40% من وقتهم من خلال تعهيد النشاطات المتكررة والقابلة للتنبؤ إلى الذكاء الاصطناعي، مثل البحث السريع ضمن السيرة الذاتية عن كلمات مفتاحية معينة، أو تعديل الأوصاف الوظيفية التي تفتقر إلى الجاذبية، أو تصحيح الأخطاء الإملائية في طلبات التوظيف الخاصة بالمرشحين، غير أن تعهيد هذه النشاطات إلى الذكاء الاصطناعي لا يخلق قيمة جوهرية كبيرة. في الواقع، فإن القيمة الفعلية تنشأ من جعل مختصي التوظيف يقضون وقتاً أطول مخصصاً فعلياً للتعامل مع البشر والأنشطة البشرية، مثل مساعدة المرشحين على فهم كيفية توافق إمكاناتهم مع الخيارات المهنية المتاحة، ومساعدة العملاء على فهم الفرق بين المتطلبات التي يرغبون فيها والمتطلبات التي يحتاجون إليها في المرشح.

ينطبق هذا المنطق على أي دور وظيفي أو وظيفة، أو أي قطاع من قطاع الأعمال، فمن غير المرجح أن يفقد جميع العاملين في المجالات المعرفية وظائفهم لصالح الذكاء الاصطناعي بلمقارنة بفقدانهم وظائفهم لصالح إنسان آخر يستخدم الذكاء الاصطناعي، وسيتعين عليهم إعادة التفكير في كيفية إضافة القيمة إلى دورهم الحالي بعد تفويض أكبر قدر ممكن من المهام إلى الذكاء الاصطناعي. وبذلك نرى الضرورة المؤسسية واضحة: تقييم كيفية تغير الأدوار الوظيفية والمهام، وتحديد المهارات الجديدة التي يجب أن يستخدمها الموظفون، لا من أجل إضافة قيمة تراكمية تتجاوز قدرات الذكاء الاصطناعي فحسب، بل من أجل تعظيم القيمة التي يمكن أن يضيفها الذكاء الاصطناعي.

لنعد إلى مثال مختصي التوظيف: إذا تمكنا من مساعدة مختصي التوظيف على تسخير ما لديهم من الذكاء العاطفي، ومهارات التعامل مع الأشخاص، والتعاطف، وإظهار ذلك كله، فسوف يضفون طابعاً بشرياً على عملية التوظيف من خلال جعلها أكثر تركيزاً على المرشحين والعملاء. ثمة قاعدة عامة تنطبق على معظم الوظائف، إن لم يكن جميعها، وهي أنه مع تولي الذكاء الاصطناعي مهام الأتمتة شيئاً فشيئاً والتعامل بصورة فعالة مع مجموعة محددة من المهام، فإن الضرورة البشرية تقتضي التصرف بطرق تراعي النواحي البشرية والإنسانية بدرجة أكبر. وكما أوضحت في كتابي الجديد: "نحن البشر: الذكاء الاصطناعي والأتمتة والسعي إلى استعادة ما يميزنا" (I, Human: AI, Automation, and the Quest to Reclaim What Makes Us Unique) كلما اكتسب الذكاء الاصطناعي المزيد من القدرات الشبيهة بقدرات البشر بتنا مجبرين أكثر على أن نظهر المزيد من الإنسانية.

2. تأكد من أن أنظمة تقييم الأداء وإدارته تركز على النتائج بدلاً من المدخلات.

بما أن الوعد الرئيسي للذكاء الاصطناعي هو تعزيز الإنتاجية، التي يمكن تعريفها بأنها حاصل قسمة المخرجات على المدخلات، يجب على المؤسسات أن تتأكد من قياس المخرجات ومكافأتها بدلاً من المدخلات سيفضي الإخفاق في هذه المهمة إلى السيناريو الذي بات مألوفاً اليوم مع الأسف، وهو أن الموظفين يستخدمون الذكاء الاصطناعي على نحو سري لتحقيق المخرجات نفسها مع مدخلات (جهد، وقت، مهارة) أقل بنسبة تتراوح من 30% إلى 40%، دون أن يبلغوا مدراءهم بهذا.

ففي نهاية المطاف، ما الذي سيدفع بالموظف إلى إعلام مديره بأنه وفر كل هذا الوقت، وأنه مستعد لإنجاز المزيد من المهام، في حين يمكنه أن "يمضي" ذلك الوقت في التسكع الإلكتروني عبر وسائل التواصل الاجتماعي؟ وكما أشار ساتيا ناديلا، فإن نسبة 85% من المدراء يعتقدون أن موظفيهم يتراخون في العمل، في حين يقول 85% من الموظفين في الوقت نفسه إنهم مرهقون من العمل ولديهم الكثير من المهام. من المؤكد أننا على مر التاريخ البشري لم نخترع أي تكنولوجيا (بدءاً من العجلة والنار وصولاً إلى الكهرباء وغسالة الأطباق والميكروويف) حتى نزيد على أنفسنا مشقة العمل. فالتكنولوجيا، على غرار الإنتاجية، تتمحور حول زيادة الإنجاز بموارد أقل، وهذا يتضمن تحقيق المخرجات نفسها بجهد أقل.

لكن المؤسسات لم تتوصل بعد إلى طريقة من أجل "إعادة تدوير" الوقت الفائض الناجم عن استخدام الموظفين للذكاء الاصطناعي (بالعودة إلى النقطة الأولى)، وحتى ذلك الحين، يجب على المؤسسات ألا تعاقب الموظفين على زيادة إنتاجيتهم، والاستفادة من الذكاء الاصطناعي بصورة صحيحة لتحقيق أهدافهم بمجهود أقل. لدى المؤسسات خياران: إما زيادة النتائج المتوقعة، وإما مكافأة الموظفين على تحقيق النتائج الحالية. أما مراقبة المدخلات، أو معاقبة الموظفين على تقديم النتائج نفسها بجهد أقل، فلن تؤدي إلا إلى دفع الموظفين إلى تزييف انشغالهم أو التظاهر بالعمل، حتى يتمكنوا من تجنب العمل الإضافي.

من الجدير بالملاحظة أنه يمكن تكييف مقاييس الأداء بحيث تكافئ الذين يستخدمون الذكاء الاصطناعي لزيادة إنتاجيتهم، ما يؤدي إلى سيناريو مربح للجميع.

فمن خلال تحقيق فائض في الوقت، تتاح للموظفين فرص أكبر للانخراط في نشاطات مفيدة في صقل المهارات وتحسينها، وهو أمر بالغ الأهمية مع تطور الأدوار الوظيفية جنباً إلى جنب مع تطور قدرات الذكاء الاصطناعي. ولتعزيز هذا التوجه، يمكن للشركات أن تقدم حوافز مباشرة للموظفين الذين يحققون إنتاجية أعلى من خلال الذكاء الاصطناعي، مثل الأرصدة الزمنية، أو المِنَح التعليمية. هذه الحوافز تشجع الموظفين على أن ينظروا إلى الذكاء الاصطناعي بوصفه أداة تدعم مسارهم المهني، لا خطراً يهدده، ما يجعله عاملاً مساعداً في تمكينهم من اكتساب مهارات جديدة وفتح الآفاق أمام فرص النمو.

3. ساعد القوى العاملة لديك على تسخير المهارات التي من المرجح ألا يتمكن الذكاء الاصطناعي من إتقانها.

من المرجح أن تكون المهارات البشرية الأساسية في المستقبل هي المهارات التي من المستبعد أن يحل الذكاء الاصطناعي محلها. ويجب علينا، منذ الآن، ألا نكتفي بتصنيف مهاراتنا الخاصة قياساً إلى مدى وجودها لدى البشر الآخرين (منافسونا التقليديون في ظل التنافس الحاد لاستقطاب المواهب)، بل لدى الذكاء الاصطناعي أيضاً.

على الرغم من أن الذكاء الاصطناعي، كما يزعم البعض، فاز في معركة معدل الذكاء (يستطيع أن يحل أي معضلة معرّفة بصورة وافية ودقيقة، كما أن معرفته تتخطى معرفة معظم البشر في معظم المجالات)، فإن معركة الذكاء العاطفي ما زالت غير محسومة. في الواقع، حتى لو تمكن الذكاء الاصطناعي في نهاية المطاف من محاكاة المهارات الشخصية، مثل الذكاء العاطفي، فلن يكون هناك بديل اصطناعي للصفات البشرية، مثل التعاطف واللطف ومراعاة المواقف والقدرة على الفهم والاستيعاب، بما في ذلك فهم البشر الآخرين.

يبرع الذكاء الاصطناعي (على غرار بعض البشر) في شرح كل شيء دون فهم أي شيء. إذا انتهى المطاف بنا إلى مستقبل ينجز فيه معظم الأشخاص أغلبية أعمالهم من خلال التفاعل مع الذكاء الاصطناعي، ويصعب أن نحدد فيه إن كنا نتفاعل مع بشر آخرين أو كيانات اصطناعية فمن المزيفات العميقة، فسوف يزيد هذا المستقبل من أهمية المهارات البشرية التي تجعل التفاعلات مع الأشخاص الآخرين إنسانية، لا بشرية فحسب.

ولهذا، يجب على المؤسسات (والمدراء) السعي إلى الاستفادة من فضول الموظفين، خصوصاً رغبتهم العميقة في التعلم والاطلاع. من المؤسف أن مصطلح "التعلم العميق" (deep learning) يقترن عادة بالذكاء الاصطناعي، لا بالذكاء البشري. لقد أدى الذكاء الاصطناعي إلى تغيير معنى الخبرة، فقد كانت تعني معرفة الإجابات عن الكثير من الأسئلة، غير أنها تعني الآن القدرة على توجيه الأسئلة الصحيحة، ومعرفة كيفية تدقيق المعلومات التي يقدمها الذكاء الاصطناعي وتقييمها، واتخاذ القرارات الذكية بناءً هذه المعلومات، وقد تتضمن هذه القرارات تجاهل هذه المعلومات وتصنيفها تصنيفاً صحيحاً على أنها مجرد هلوسات.

لحسن الحظ، تُظهر الدراسات العلمية وجود الكثير من الحيل الفعالة لتعزيز الفضول لدى الآخرين، مثل التعمد في إحداث فجوات معرفية وإثارة الاهتمام، ومكافأة الموظفين على التشكيك بالأشياء وطرح الاستفسارات، وتشجيع السلوكيات التي تعبّر عن حب الاستطلاع لدى المدراء والقادة، وهذه الحيل كلها كفيلة بزيادة الفضول لدى الموظفين.

عندما يتمكن الذكاء الاصطناعي من محاكاة مهارة معينة، تصبح هذه المهارة سلعة، وما يميز هذه السلعة ليس نسخة الذكاء الاصطناعي من هذه المهارة، بل قدرة الإنسان على التفاعل مع الذكاء الاصطناعي على نحو أفضل من غيره من البشر. على سبيل المثال، يمكن للخبرة العميقة في مجال معين أن تساعدك على تلقيم الذكاء الاصطناعي بالأوامر النصية على نحو أفضل من أقرانك، والاستفادة على نحو أفضل من المعلومات التي تحصل عليها من الذكاء الاصطناعي، أما نسخ مخرجات الذكاء الاصطناعي ولصقها بلا مبالاة، أو إسناد المهام العالية المستوى إلى الذكاء الاصطناعي، فسوف يقلل من جودة إنتاجك. يمكنك أن تنظر إلى الذكاء الاصطناعي التوليدي بوصفه المكافئ الفكري لصناعة الأغذية، وإلى "تشات جي بي تي" (ChatGPT) والأدوات المتعلقة به بوصفها أفران مايكروويف لطهو الأفكار؛ سنستخدم جميعاً هذه الأدوات، بل ربما نسيء استخدامها، لكن عندما تريد أن تثير إعجاب شخص ما، يجب أن تضمن أنك قادر على تقديم شيء أفضل مما يستطيع الذكاء الاصطناعي تقديمه بمفرده أو من خلال تفاعلاته مع أقرانك، تماماً كما هو الحال عندما تريد أن تثير إعجاب ضيوفك على العشاء، حيث لن تكتفي بتقديم وجبة مُحَضّرة مسبقاً بعد تسخينها في المايكروويف، بل ستقدم وجبة مطهوة في المنزل وتحمل لمستك الإبداعية الفريدة.

تدفعنا نهضة الذكاء الاصطناعي إلى بناء المكافئ الفكري لما يسمى "الطعام البطيء" (slow food) أو حركة "من المزرعة إلى المائدة" (farm-to-table movement).

4. استثمر في مدراء الإدارة الوسطى (الذين غالباً ما يكونون عرضة للتجاهل).

يمثل مدراء الإدارة الوسطى أهم مجموعة من الموظفين الأفراد الذين يعملون ترجمة الاستراتيجية إلى مهام تنفيذية. ويتوقف نجاح كل شيء أو فشله على أدائهم، سواء على صعيد المشاركة أو المعنويات أو الإنتاجية أو سلوكيات العمل ذات المفعول المعاكس للإنتاجية.

تاريخياً، لا تملك المؤسسات سجلاً مميزاً من الإنجازات فيما يخص تعيين الأشخاص المناسبين في المناصب الإدارية، فقد كانت تبالغ في التركيز على الأداء السابق للموظف المرشح بوصفه يعبّر عن المساهمة الفردية (وهي مسألة يوضحها مبدأ بيتر الشهير)، وتكافئ الأفراد الواثقين بأنفسهم والبارعين في الترويج لأنفسهم والتأثير في مدرائهم لتحقيق الأهداف المرجوة (الإدارة نحو الأعلى)، بدلاً من تعيين قادة أكفاء فعلياً.

والأسوأ من هذا التحديات الحديثة التي تجعل الإدارة مهمة معقدة إلى حد ما. في الواقع، لا يكفي أن يكون المدراء بارعين في عملهم، وأن يتمتعوا بالخبرات الفنية، وأن يجيدوا تخصيص الموارد وإدارتها؛ فنحن نتوقع منهم الآن أيضاً أن يفهموا الذكاء الاصطناعي، والذكاء الاصطناعي التوليدي، وأخلاقيات الذكاء الاصطناعي، ومسائل التنوع والمساواة والشمول الاجتماعي والانتماء، والمسؤولية الاجتماعية للشركات، والتغير المناخي، كما يجب أن يكونوا مدربين رائعين.

هذا كم هائل من المهام إلى درجة مرهقة، غير أننا نادراً ما نقدّر أهمية التأثير الجوهري الذي يحدثه المدراء أو نعترف به، حيث نركز بدلاً من ذلك على الموظفين أو القادة الأكثر خبرة.

باختصار، فإن أكبر وحدة للاستثمار لتعظيم لعائد على الاستثمار من الذكاء الاصطناعي التوليدي والذكاء الاصطناعي يجب أن تضم مدراء الإدارة الوسطى. ولن تستطيع المؤسسات أن تحقق النجاح إلا إذا زودنا هؤلاء المدراء بالقدرة على اكتساب المهارات الشخصية المطلوبة للازدهار في عصر الذكاء الاصطناعي (كما ورد في النقطة الثالثة)، والخبرة الفنية اللازمة للتعامل مع تعقيدات العصر الذي يجمع بين البشر والذكاء الاصطناعي.

5. شجع على إجراء قدر مناسب من التجارب المدروسة المتعلقة بالذكاء الاصطناعي.

لقد حسم عدد كبير من الأشخاص موقفهم من الذكاء الاصطناعي دون أن يجربوه حتى، خصوصاً الذكاء الاصطناعي التوليدي. وبما أن قيم كبار القادة في المؤسسة ومعتقداتهم وسلوكياتهم يمكن أن تؤثر كلها في آراء الآخرين إلى حد كبير، فقد يكون من المخيب للآمال أن يفرض القادة مثل هذه الأحكام المسبقة على الآخرين.

وفي الوقت نفسه، حتى إذا كان القادة من أشد المؤيدين حماسةً للذكاء الاصطناعي، فيجب أن يبذلوا الجهود اللازمة لإقناع الموظفين بمشاركتهم هذه الرحلة. يمكن أن تتضمن هذه الجهود التشجيع على تشارك المعرفة والتعلم من النجاحات والإخفاقات على حد سواء، كما وضحت إيمي إدموندسن من كلية هارفارد للأعمال في أحدث كتبها. يمثل بناء ثقافة تشدد على النمو والقدرة على تكيف أمراً بالغ الأهمية في العصر الذي يجمع بين البشر والذكاء الاصطناعي.

يتسم التجريب أيضاً بأهمية كبرى في عصر الذكاء الاصطناعي، حيث يتطلب تبنّي التكنولوجيات الجديدة التحلي بالقدرة على التكيف وتكرار المحاولات. تشير الأبحاث حول الابتكار والتعلم إلى أن الثقافات التي تتسامح مع المخاطرة وتنظر إلى الإخفاق على أنه فرصة للتعلم تنتج فرق عمل أكثر قدرة على التكيف والابتكار. يمكن أن يؤدي تشجيع الموظفين على إجراء التجارب باستخدام أدوات الذكاء الاصطناعي وعملياته إلى إطلاق العنان أمام الاستخدامات الإبداعية للتكنولوجيا على نحو يتجاوز التطبيقات الأولية.

ولتشجيع ثقافة تقدّر التجريب، يمكن للمؤسسات أن تطرح حوافز مثل "مِنح الابتكار" لمشاريع الذكاء الاصطناعي التي يقودها الموظفون، بهذه الطريقة، يتشجع الموظفون على خوض مخاطرات محسوبة دون الخوف من العواقب إذا لم ينجح المشروع. من خلال تعزيز ثقافة تشجع على التجريب، تستطيع المؤسسات أن تستفيد من فضول الموظفين وتحوله إلى دافع قوي لتبنّي الذكاء الاصطناعي وتطوير المهارات المتعلقة به.

إن التعلم من الإخفاقات جزء لا يتجزأ من إطلاق العنان للإمكانات الكاملة للذكاء الاصطناعي.

وإذا وفرت المؤسسات بيئة آمنة تتيح للموظفين إمكانية التعلم من الإخفاق دون الشعور بالخزي فسوف تشجع على المزيد من التجريب والابتكار. وفي سياق الذكاء الاصطناعي، غالباً ما تتمخض عن الإخفاقات رؤى ثاقبة يمكن أن تؤدي إلى تطبيقات للذكاء الاصطناعي أكثر فعالية. تُظهر الأبحاث أن الشركات التي تتسامح مع الإخفاق بوصفه جزءاً من عملية التعلم تستطيع إنتاج موظفين أكثر مرونة ويتمتعون بقدرة أكبر على التفكير الاستشرافي.

وتستطيع الشركات، من خلال إعادة صياغة الإخفاقات باعتبارها فرصاً للتعلم، أن تلهم الموظفين للتعامل مع أدوات الذكاء الاصطناعي بثقة وفضول ورغبة في التحسن.

باختصار، أصبح التركيز الاستراتيجي على إطلاق العنان لإمكانات الموظفين مهماً للغاية في ظل سعي الشركات إلى تسخير إمكانات الذكاء الاصطناعي ورعاية قوى عاملة ناجحة ومزدهرة في الوقت نفسه. لا يمثّل تطوير الموظفين للاستفادة من أدوات الذكاء الاصطناعي بفعالية ميزة تنافسية فحسب، بل هو وسيلة للحفاظ على مشاركة القوى العاملة وقدرتها على التكيف والابتكار. والقادة الذين يستثمرون في إطلاق العنان لإمكانات الموظفين وخلق ثقافة التعلم المستمر، لن يتمكنوا من التعامل مع التحول إلى استخدام الذكاء الاصطناعي بفعالية أكبر فحسب، بل سيعملون أيضاً على تعزيز القوى العاملة المنخرطة والمستعدة للمستقبل والقادرة على قيادة المؤسسة نحو مستقبل مزدهر فيه البشر والذكاء الاصطناعي.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي