كنت منهمكة بالعمل في مكتبي عندما رن الهاتف. كان المتصل الرئيس التنفيذي لإحدى المؤسسات المالية الصغيرة، يطلب المساعدة بشأن فريقه التنفيذي "السام" كما وصفه. أخبرته عن برنامجنا المصمم لتحسين ديناميكيات الفريق، الذي نحب أن نطلق عليه مجازاً "لقاح الإنفلوانزا للفرق".
رد الرئيس التنفيذي قائلاً: "هل لديكم إذاً لقاح ضد داء الكلب؟" مشيراً إلى مدى سوء الموقف في فريقه.
في الواقع، فوجئت بتعليقه، وتساءلت عما إذا كان الوضع بهذه الخطورة حقاً؟ لقد تخيلت غرفة مليئة بالمسؤولين التنفيذيين في حالة من العداء الشديد.
لم يكن الأمر بهذا السوء كما تصورته في البداية، لكنه كان فظيعاً جداً. لقد فقد أعضاء الفريق الثقة فيما بينهم وانهار التواصل بينهم تماماً. كانت المؤسسة مصنفة من بين أفضل شركات العمل في البلاد، لكنها تواجه حالياً انهياراً في مشاركة الموظفين. لم تكن أعمال الشركة تسير على ما يرام أيضاً. كانت النزاعات الداخلية تمنع الفريق من توفير الأدوات التي يحتاج إليها فريق المبيعات لمواكبة المنافسة الصعبة التي زادت حدتها في السوق. كانت المبيعات في اتجاه هبوطي منذ 3 سنوات، لذلك كان من الضروري معالجة هذه المشكلات على الفور واستعادة صحة هذا الفريق بسرعة.
عندما بدأنا العمل مع هذا الفريق التنفيذي، كان الجميع يركزون على مظالمهم. لقد شعر كل واحد منهم بالظلم، وأراد أن يُحاسب زملاءه الذين يعتقد أنهم ألحقوا الأذى به علناً. كانت الاتهامات متنوعة. انتقد بعض أعضاء الفريق زملاءهم الآخرين علانية لعدم كفاءتهم، وطلبت إحدى نائبات الرئيس من مرؤوسيها المباشرين تجاهل تعليمات نظيرتها؛ المسؤولة التنفيذية الأخرى في الفريق، ورفضت أخرى مشاركة وثيقة مهمة مع إحدى زميلاتها لأنها لم تكن تأتمنها على المعلومات الحساسة الواردة فيها. حتى الرئيس التنفيذي كان متورطاً في الصراعات الداخلية، إذ طلب موافقة مجلس الإدارة على إقالة الرئيس التنفيذي للشؤون المالية دون معالجة المشكلات مباشرة معه.
لم نبدأ رؤية التحسّن إلا بعد اجتماعنا الثالث معهم. أقر أحد أعضاء الفريق، وهو الرئيس التنفيذي للشؤون المالية، أن أفعاله كانت تسهم في المشكلة. لقد أخذ زمام المبادرة وقال: "يجب أن أتحمل مسؤولية دوري في ذلك. أدرك أنني كنت أسيطر على زمام الأمور أكثر من اللازم ولم أتح الفرصة لكم لإظهار كفاءتكم. من جهتي، أتعهد بتغيير سلوكي ومنحكم المزيد من الاستقلالية في تنفيذ أعمالكم". لقد كانت لحظة فارقة. دخل الفريق إلى الغرفة متوقعاً حدوث مواجهة شرسة، لكن الرئيس التنفيذي للشؤون المالية، الذي كان يُنظر إليه على أنه متنمر، استبق المواجهة واعترف بصدق بدوره في المشكلة، ما أدى إلى تهدئة التوتر.
بدلاً من إلقاء المزيد من اللوم على الرئيس التنفيذي للشؤون المالية، اعترفت المتحدثة التالية بدورها في المسؤولية عن الخلل الذي يعانيه الفريق. كان الشخص الذي تحدث نائبة رئيس الموارد البشرية، التي كانت واحدة من الأشخاص التي تأثرت بشدة بانعدام ثقة الرئيس التنفيذي للشؤون المالية بها. وقالت: "آلمني عدم ثقتك بي لأداء ذلك العمل، لكن لم يكن عليّ أن أرد باستبعادك. أعتذر عن ذلك". عند هذه النقطة، كان زخم التغيير داخل الفريق قوياً ولا يمكن إيقافه. واحداً تلو الآخر، تقدّم كل عضو في الفريق وتحمل مسؤولية دوره في المشكلات والتزم تغيير سلوكه.
عندما تسوء ديناميكيات الفريق، يميل غالبية الأفراد إلى توجيه أصابع الاتهام إلى الآخرين بشأن مآزقهم. غالباً ما يكون لديهم العديد من الاقتراحات حول كيفية تحسين سلوك مدرائهم أو زملائهم (الذين ينظرون إليهم بطريقة سلبية). من النادر أن تجد شخصاً يعترف بأن سلوكه أو عدم اتخاذه أي إجراء كان عاملاً أسهم في مشاكل الفريق. بدلاً من أخذ زمام المبادرة، ينتظر هؤلاء الأفراد شخصاً آخر لبدء التغيير في فريقهم. إذا كنت تعتمد على الآخرين لإحداث تغيير في فريقك، فستصاب بخيبة أمل غالباً.
يجب عليك تحمل المسؤولية عن فعالية فريقك.
ابدأ بالاعتراف بدورك في المشكلة. لا يتمتع سوى عدد قليل من الأفراد بالوعي الذاتي والصدق الكافيين لرؤية دورهم في تشكيل ديناميكيات الفريق. بدلاً من ذلك، يركزون على السلوكيات العدوانية لأحد زملائهم أو السلوكيات الغريبة غير المتسقة لقادتهم غير الملهمين. مثل أي علاقة، لا يمكن أن تُعزى ديناميكية الفريق المختلة إلى سلوك فرد واحد، لذلك يجب أن تفكر ملياً في كيفية تأثير أقوالك وأفعالك في فريقك. تذكر أنه حتى السلوكيات السلبية، مثل التزام الصمت عند تعرض زميلك للإهانة من زميل آخر، يمكن أن تسهم في الوضع الحالي للفريق.
لكن يمكنك أيضاً أن تسهم في الحل. كل شخص لديه القدرة على الإسهام في تغيير ديناميكية الفريق غير الصحية. حدد الدور الذي كنت تؤديه وابدأ إجراء التعديلات اللازمة:
المعطلون
يدمر بعض أعضاء الفريق ديناميكية الفريق بفعالية. يمكن أن تكون أساليبهم صريحة، مثل الصراخ في وجه زملائهم أو تحقيرهم أو مقاطعتهم. ويمكن أن تكون مخفية، مثل نشر الإشاعات أو التلاعب خلف الكواليس أو تجاهل الآخرين عمداً. كن صادقاً مع نفسك؛ هل ألحقت الأذى بفريقك؟ يمكن إصلاح الأمر. يمكن للأفراد تغيير سلوكهم من خلال زيادة الوعي الذاتي وبعضٍ من التدريب المهني. من واقع خبرتي، أرى أن أعضاء الفريق "المعطلين" غالباً ما يكونون الأكثر تقبلاً للتغيير، لأنهم أذكياء عادة ويريدون أن يكون لهم تأثير إيجابي. إذا أُتيحت لهم الفرصة لتقديم إسهاماتهم بطريقة إيجابية ومؤثرة، فستجدهم مستعدين وقادرين على تغيير سلوكهم.
المظلومون
عندما يكون هناك عضو معطّل في الفريق، سيكون هناك دائماً أعضاء يتأثرون سلباً بسلوكياتهم. يمكنك التعرف إلى هؤلاء المظلومين من خلال سلوكهم في استجداء التعاطف وعدم قدرتهم أو ترددهم في الدفاع عن أنفسهم. قد يتراكم إحباطهم بمرور الوقت، وفي مرحلة ما، يبدؤون بالانتقام. هل تشعر بالعجز؟ هل سمحت لأحد أعضاء الفريق بتهميشك؟ هل تتذبذب بين الخضوع وبين تأكيد نفسك بقوة؟ حان الوقت إذاً لتغيير سلوكك ونهجك داخل الفريق. قد تُدهش إذا ما علمت أن المظلومين أكثر عرضة للإقصاء من الفريق مقارنة بالمعطلين، وهذا ما لاحظته بالفعل خلال تجربتي، وسبب ذلك افتقارهم في كثير من الأحيان إلى الطاقة والقدرة على التحمل لبذل جهد صادق آخر لتحسين الفريق. لقد أنهكتهم التجربة وغالباً ما يصلون إلى مرحلة يبدو فيها التحسن أو التعافي مستحيلاً.
المراقبون
لا يشارك الأعضاء جميعهم بفعالية في ديناميكيات الفريق المختل. مع تبادل التعليقات القاسية والطائشة، يكتفي بعض الأعضاء بالمراقبة، على أمل أن يهدأ الموقف في النهاية. غالباً ما يكون المراقبون أول من يعبّر عن إحباطهم ويعلنون أن الخلل الوظيفي الذي يعانيه الفريق لا يُطاق. للأسف، لا يحدث تعاطفهم مع الموقف أي تغيير في مجرى الأمور، في المقابل يضر انفصالهم بالفريق أيضاً. هل تكتفي بالمراقبة في حين يغرق فريقك في حالة من الفوضى؟ لقد حان الوقت لتبادر وتشارك بفعالية لتحسين فريقك.
تخيل فريقاً يقرر فيه أيٌّ من هذه الشخصيات التغير نحو الأفضل، مثلما فعل الرئيس التنفيذي للشؤون المالية في المؤسسة المالية الصغيرة التي ذكرناها سابقاً. تخيل أن يعبّر المعطّل عن ندمه، ويصحح المظلوم أسلوبه، ويبادر المراقب السلبي للمشاركة بفعالية أكبر. سيختلف الحال في هذا الفريق على الفور. تذكّر أن فرداً واحداً يمكنه إحداث تغيير كبير في الفريق. إذاً، ما الإجراءات التي ستتخذها اليوم لتغيير فريقك نحو الأفضل؟