كيف تتعامل مع مدير يُلقي عليك كل المسؤوليات ولا يتعاون؟

6 دقائق
مدير لا يتدخل بعملك
shutterstock.com/Vibe Images

من الرائع أن يثق مديرك بك، لكن بعض المدراء يعطيك حرية التصرف لدرجة لا يعرف بها ماذا تفعل ولا يقدم النصائح التي تحتاج إليها. والأسوأ من ذلك أنه من الصعب أن تطلب منه التدخل بتهذيب دون إغضابه. كيف يمكنك التعامل مع مدير لا يتدخل بعملك إلى حد بعيد. وفي حال رفض المدير طلبك، هل من الممكن أن تحصل على ما تحتاج إليه بطرائق أخرى أو عبر شخص آخر؟

ما الذي يقوله الخبراء؟

قد يكون التعامل مع مدير لا يتدخل بعملك ولا يتفاعل مع موظفيه أمراً متعباً. يقول أستاذ الإدارة في المعهد الأوروبي لإدارة الأعمال (إنسياد) ومؤلف كتاب “متلازمة الإعداد للفشل: كيف يتسبب المدراء الرائعون بفشل الموظفين الرائعين” (The Set-Up-to-Fail Syndrome: How Good Managers Cause Great People to Fail)، جان فرانسوا مانزوني: “لا يعرف تفاصيل العمل، ولا يريد أن يعرف، ولا يتابع مجريات العمل”. لا يقدم لك العديد من المدراء التوجيهات الكافية، ولا نصائح أو ملاحظات حول عملك، ولا يبذل جهداً لتأمين الموارد التي تحتاج إليها. تقول المؤسِّسة المشاركة لمعهد تيليوس للقيادة (Teleos Leadership Institute) ومؤلفة العديد من الكتب حول القيادة، بما فيها كتاب “القيادة البدائية” (Primal Leadership)، آني ماكي: “بطبيعة الحال، يحب الموظفون أن يشعروا بالثقة وأن مدراءهم يعتمدون عليهم، ولكن ثمة عيوباً لذلك، منها أنك قد لا تحصل على التقدير الذي تحتاج إليه أو الاعتراف بالجهود التي تبذلها”. قد لا يكون مديرك سيئاً وقد لا تعوزه الكفاءة. تقول ماكي: “الكثير من المدراء مشغول لدرجة لا يتولى بها مهام الإدارة كما ينبغي”. وبصرف النظر عن الأسباب التي تدفع مديرك لعدم التدخل، عليك ألا تقبل ذلك. إليك بعض النصائح للحصول على مبتغاك من مديرك الذي لا يتفاعل معك.

ابدأ بنفسك

سَل نفسك أولاً لماذا لا يقدم لك مديرك الدعم الذي تحتاج إليه. هل أنت الشخص الوحيد الذي يشعر بابتعاد المدير عنه، أم يشعر الفريق برمته بذلك؟ يقول مانزوني: “في حال كنت الوحيد الذي لا يحصل على الدعم المطلوب، فقد تكون أنت السبب”. عندما لا يحصل الموظفون على ما يحتاجون إليه من مدرائهم، يشعرون بخيبة الأمل والاستياء وعدم الرضا، وتلك مشاعر يصعب إخفاؤها. فعندما تستاء من مديرك، سيظهر ذلك عليك سواء عبّرت عن تلك المشاعر أم لم تعبّر. يقول مانزوني: “إذا كنا نعمل معاً بانتظام، سأعرف إن كنت تظنني أحمق، وحينها لن تحظى بمزيد من الاهتمام مني”. حاول أن تنظر إلى الموقف بنظرة واقعية، بحيث لا تضع كامل اللوم على مديرك عندما تكون أنت أحد أسباب المشكلة.

تجنب الألقاب

تُسهم الألقاب السلبية في تغيير طبيعة العلاقة وتؤثر في الطريقة التي تنظر بها إلى العمل مع مديرك. عمل مانزوني مع عميلة كانت سبباً في تفاقم الموقف مع مديرها من خلال وصفه بألقاب مثل “المتهرب” و”المتملق”. لم تنعته مباشرة بتلك الألقاب، لكنها كانت تعبّر عن رأيها به. يقول مانزوني: “كانت تلك السيدة من النوع المجتهد الذي يركز على إنجاز مهامه، بينما كان مديرها يركز على تعزيز العلاقات، وكان يظن أنها تنجز المهام كلها”. ساعدها مانزوني على فهم أن مديرها كان يعمل بطريقة مختلفة؛ فهو كان يستغل شبكة علاقاته الواسعة لمصلحة فريقه. مهما بلغ استياؤك من مديرك، فلا تطلق عليه الألقاب، فهذا سيعزز استياءك منه ويقوّض قدرتك على رؤية إيجابيات عمله. وبدلاً من ذلك، ركز على الجوانب المفيدة من قيادة مديرك. يقول مانزوني: “إذا كان مديرك بارعاً في إدارة العلاقة مع الإدارة العليا، ولديه شبكة علاقات رائعة، وبإمكانه مشاركة هذه الموارد معك، فلم لا تستفيد من ذلك!”. لا يوجد مدير غير متفاعل بالكامل، لذا ثمّن أساليب مديرك المختلفة في القيادة.

تعاطف مع مديرك

بوسعك التحكم باستيائك عبر النظر من منظور مديرك. هل تنبع تصرفاته من ميوله الطبيعية، أم ثمة ما يدفعه للابتعاد أكثر من المعتاد، كضغط العمل مثلاً؟ عندما تضع نفسك في مكانه ستصبح قادراً على فهم أسباب تصرفاته وعلى التجاوب معها.

ثم حاول أن تقدم لمديرك ما تنتظره منه. تقول ماكي: “عندما تشعر بنقص الدعم أو التقدير، استغل أي فرصة للإعراب عن تقديرك لمديرك سراً وعلانية”. لا تتزلف له، بل اعثر على أسباب حقيقية للتعبير عن تقديرك لجهوده وإنجازاته. عبّر عن امتنانك لمساعدته الفريق على الإنجاز. تقول ماكي: “عندما تعامل الناس بهذه الطريقة يبدؤون غالباً بمعاملتك بالمثل”.

ركّز على احتياجاتك

تقول ماكي: “إذا تحدثت مع مديرك بغضب واتخذت منه موقفاً هجومياً، فستضعه في موقف حرج، وبالتالي سيتخذ منك موقفاً دفاعياً وسيغضب وسيشعر أنك لا تحترمه”. أعِد صياغة الموقف قبل نقاشه مع مديرك. يقول مانزوني: “عندما تقول لنفسك إنك تريد التحدث مع المدير لأنه قليل التفاعل، فأنت تطلق أحكاماً مسبّقة عليه”. أعِد صياغة الموقف واعتبره محادثة حول احتياجاتك، وحضّر نفسك لتحديد أنواع الدعم التي تحتاج إليها بدقة. هل تحتاج إلى إجراء محادثة أسبوعية، أم اجتماع شهري، أم ترغب في أن يرد على رسائلك الإلكترونية على نحو أسرع؟ وعندما تتحدث إلى المدير، افسح مجالاً للحوار المتبادل وحاول أن تفهم حاجاته أيضاً. أكد له أنك ملتزم بالتعاون معه وأخبره بما يعجبك في أسلوب إدارته. يقول مانزوني: “وعندها سيعرف أنك تفهم الجانب الإيجابي من أسلوبه وأنك تطلب إضافة بسيطة في مجال محدد”. وذلك سيدفع مديرك للانفتاح على طلبك، وتصبح المسألة هنا هل هو قادر على تلبيته أم لا.

اعرف الوقت المناسب للتحرك

ثمة خيط دقيق بين الإصرار والعناد. يقول مانزوني: “اطلب مرة، مرتين؛ وفي حال شعرت أن لا أمل في التغيير، فتقبّل أسلوب قيادته”. واعلم أننا لا نحصل دائماً على كل ما نطلبه مهما فعلنا. تقول ماكي: “في هذه الحالة لديك 3 خيارات؛ تقبّل الأمر أو احصل على احتياجاتك من جهة أخرى أو ابحث عن عمل ومدير جديدين إن كنت مستاء بشدة”. ابحث عن شخص آخر داخل مؤسستك يمكنه إرشادك ودعمك.

تولَّ القيادة

في بعض الحالات يكون الوقت قد حان للتحرك وتولي القيادة. تقول ماكي: “في أحسن الأحوال، سيحدد لك مديرك المسار ويقدم لك رؤية مُلهمة على أقل تقدير قبل أن يتنحى جانباً، وتلك خطوة قوية ومحفزة للعديد من الأشخاص”. ابحث عن طرق لتحمّل المسؤولية من شأنها أن تخفف العبء عن مديرك وتقدم الدعم لزملائك، وبخاصة إذا كانوا يواجهون الصعوبات بسبب ضعف القيادة مثلك. ورب ضارة نافعة، فوجود مدير لا يتدخل بعمل موظفيه يفسح لك المجال لملء الفراغ في القيادة. وعندما يدرك مديرك ومن حولك بأنك تتولى القيادة، ستكافأ جهودك على نحو يرضيك.

التزم بالمبادئ الآتية

ما يجب أن تفعله

  • تحقق من دورك في الفجوة بينك وبين قائدك.
  • تعاطف مع مديرك وحاول فهم الموقف من وجهة نظره.
  • اغتنم الفرصة للتحرك وتحمّل المسؤولية.

ما يجب ألا تفعله

  • إطلاق الألقاب السلبية على مديرك، فقد تكون هناك أسباب لسلوكه.
  • كيل الاتهامات عندما تتحدث مع المدير؛ افسح مجالاً للحوار المتبادل حول الدعم المتبادل.
  • التذمر من الوضع الراهن؛ اعرف متى يجب عليك التحرك وطلب الدعم من جهة أخرى.

دراسة حالة رقم 1: عدّل أسلوبك لتحصل على ما تحتاج إليه

يعمل وليام باورز مسؤولاً عن زيادة رأس مال المستثمرين في شركة مختصة بعملة البيتكوين الرقمية. ويعمل وليام والرئيس التنفيذي للشركة عن بُعد ويتواصلان غالباً عبر البريد الإلكتروني. في بداية عملهما معاً، أرسل وليام إلى جون رسائل إلكترونية طويلة مليئة بالمعلومات التفصيلية والأسئلة حول تطوير التطبيقات البرمجية. يقول وليام: “كان جون يرد على تلك الرسائل، لكنه لا يقدم لي إجابات عن أسئلتي”. كان وليام يشعر بالإحباط كلما اختصر جون الردود. كان من الصعب عليه إخفاء استيائه، وبدأ يلمّح إلى عدم امتلاك مديره رؤية واضحة وإخفاقه في التواصل. توقف جون عن الرد على رسائله في نهاية المطاف.

انتبه وليام إلى سلوكه وأدرك أنه بحاجة إلى تعديل طريقته بالتواصل. فهم أن مديره كان مشغولاً ولم يتسن له الوقت لقراءة رسائله الطويلة والرد عليها بأكملها. لذا قرر التوقف عن التذمر من نقص التوجيهات والتحديثات وتعديل رسائله الإلكترونية لتشمل إجراء واحداً فقط. ثم وضع قائمة بأسئلته بحيث لا يتجاوز عددها اثنين في كل رسالة. يقول وليام مازحاً: “بسّطت رسائلي إلى أبعد مدى بحيث تكون الإجابة عن أسئلتي عملية سهلة. في الحقيقة، كنت أحاول أن أقنعه بالرد على رسائلي”.

بعدما غيّر وليام أسلوبه بالتواصل، لم يعد يشكل أسلوب قيادة جون تلك المشكلة الكبيرة له. يقول وليام: “بدأ يجيب عن أسئلتي بسرعة، واستطعت استغلال المعلومات التي قدمها لزيادة رأس مال المستثمرين وجذب انتباه وسائل الإعلام”. وتحسنت علاقتهما أيضاً، “لم يكن تغييراً شاملاً بالعلاقة، لكنه كان تحسناً كبيراً”.

دراسة حالة رقم 2: املأ فراغ القيادة

عمل كايل سيفرت رقيباً أولَ في الشرطة العسكرية التابعة للجيش الأميركي في إحدى الدول. وكان مسؤولاً عن قيادة 11 جندياً، وكان يتوجه إلى قائدة الفصيلة ناتالي (اسم مستعار)، لأخذ التوجيهات عند الاستعداد لتنفيذ المهام. لكنه لم يكن يحصل على التوجيهات التي كان يطلبها. يقول كايل: “كلفتني بمهمة، لكنها لم تقدم أي ملاحظة حول المشكلات المحتملة أو كيفية إتمام المهمة”. لم تلبِ طلباته في الحصول على المزيد من المعلومات، وكان يشعر في كثير من الأحيان بأنه غير مستعد. وما زاد الطين بلة أنها كانت تنتقد كل قراراته عند تقديمه تقارير ما بعد المهمة. بدأ فريقه يواجه الصعوبات بسبب ضعف القيادة، وبدأت تنخفض روحه المعنوية، وفقد أعضاء فريقه الثقة بالقدرة على إنجاز المهام.

أدرك كايل أنه حان وقت ليتحرك. وبدلاً من طلب التوجيهات من ناتالي للتحضير للمهام، قرر أن يتصرف بنفسه. يقول كايل: “لقد بدأت بإجراء أكبر قدر ممكن من الأبحاث حول كل مهمة، وبعدها كنت أتبادل نتائج هذه الأبحاث مع قادة المجموعات الآخرين”. ونتيجة لذلك، أصبح مستعداً على نحو أفضل لتأدية المهام وبدأ يبرز كقائد؛ وكان يلجأ إليه رقباء آخرون للحصول على التوجيهات بشأن مهامهم الخاصة.

لم تكن ناتالي راضية عن مبادرة كايل في بادئ الأمر، لكنهما سرعان ما توصلا إلى مرحلة من الاحترام المتبادل. يقول كايل: “كان الأمر صعباً في بعض الأحيان، لكنها أدركت في النهاية أنني تصرفت كقائد وأثنت على هذه المبادرة”. أوصت به ناتالي في كلية الضباط، وأصبح ضابطاً. يقول كايل: “لم يغير ذلك سلوكها، لكنه مهّد لي الطريق لأصبح قائداً أفضل”.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .