أسئلة القراء: ماذا أفعل إذا اكتشفت أن أحد مدراء فريقي يتسم بالتسلط وكثرة المطالبات؟

7 دقائق
التعامل مع الموظف كثير المطالبات
shutterstock.com/RA2016

سؤال من قارئ: حصلتُ على ترقية إلى منصب رئيس شركة صغيرة غير ربحية، وأعاني من مشكلة التعامل مع الموظف كثير المطالبات. إذ تضم الشركة حوالي 6 موظفين بدوام كامل، معظمهم من النساء مثلي. لقد عملنا معاً لأكثر من 5 سنوات. وأعتقد أن إدارتي لهن مع تغير مسؤولياتي الوظيفية تمثل مرحلة انتقالية كبيرة بالنسبة إليّ. إذ يجب عليّ التخلي عن بعض الأعمال التي اعتدتُ على القيام بها. فقمت بترقية إحدى كبار الموظفات إلى دور جديد بعد مناقشة منصبها مع الآخرين، ودرّبتها بهدف تولي مهماتها الجديدة. إنها تحظى باحترام كبير وتركز على إنجاز مهماتها وهي جديرة بالثقة. أعتقد أنها مذهلة باتسامها بهذه الصفات، لكن دوافعها وتوقعاتها العالية تجعلها تتسم أحياناً بالتسلط وكثرة المطالبات والاستهانة. كما أن أسلوب إدارتها الجديد يخلق كثيراً من التوترات في فريقنا الصغير. إذ لاحظتُ أنها تستخدم الأساليب نفسها التي تستخدمها مع مرؤوسيها المباشرين للتواصل مع أقرانها ومعي. وبدأ الأمر يزداد تعقيداً. ذلك أنها كانت تمر بأوقات عصيبة جداً في حياتها الشخصية. وعند إدراكي لظروفها هذه، واجهت صعوبات في تقديم ملاحظات لها في الوقت الحالي. أحتاج إلى منع حدوث مزيد من التوترات ضمن الفريق.

هل يجب أن أمنحها حرية التصرف في هذا الدور الجديد، بما في ذلك ارتكاب الأخطاء وتعلم الدروس منها؟ أو يجب أن أتدخل بسرعة وأن أكون أكثر توجيهاً؟

يجيب عن هذا السؤال:

دان ماكجين: مقدم برنامج "ديير آتش بي آر" من هارفارد بزنس ريفيو.

أليسون بيرد: مقدمة برنامج "ديير آتش بي آر" من هارفارد بزنس ريفيو.

جولي تشو: نائبة رئيس التصميم في "فيسبوك". ومؤلفة كتاب "إعداد المدير: ماذا تفعل عندما يتطلّع الجميع إليك". (The making of a manager What to Do When Everyone Looks to You).

جولي تشو: هذا سيناريو شائع جداً، أول شيء أود قوله هنا هو أنه قبل الخوض في مشكلة التقييم وكيفية توجيهه لها أو ماهيته، يجب أن تفكر في النتائج التي تود أن تراها في الفريق.

اقرأ أيضاً: أسئلة القراء: كيف أدير فريقاً تقنياً دون أن أُمنح سلطة رسمية؟

دان ماكجين: هل من المعتاد أن تتغير طباع الأفراد إلى التسلط وكثرة الأوامر والاستهانة عندما يحصلون على ترقية إلى منصب قيادي؟

جولي تشو: من المألوف أن يتصرف الأفراد كذلك، وأعتقد أن سبب ذلك يعود إلى تصوراتنا حول طِباع المدير أو القائد. طورنا هذا التصور نتيجة مشاهدة الأفلام والبرامج التلفزيونية، أو ربما من خلال تجاربنا مع المدراء في الماضي. وأذكر أنني عندما أصبحت مديرة كان لديّ انطباع أن المدير شخص واثق من نفسه جداً، ويعرف الإجابات الصحيحة، وهو من يملي على الأفراد واجباتهم ويفرض رأيه حول كيفية أداء المهمات لأن لديه سلطة اتخاذ القرار، وشعرت شخصياً بضرورة أدائي ذلك أيضاً وأن أتخذ القرارات بنفسي.

دان ماكجين: وهل أدركت أن هذا التصرف كان خاطئاً مع مرور الوقت؟ هل تمكنت من التحكم في تصرفاتك؟

جولي تشو: لقد اتبعت ذلك النهج لفترة طويلة نسبياً إلى حين أدركت أنه لا يؤتي ثماره. كما كنتُ أتلقى تقييمات من الأفراد أيضاً حول اتخاذي قرارات دون التماس المشورة من أحد، ما جعلني أشعر بأنني أشق طريقي وحدي ولم أشعر أن ذلك كان مناسباً حقاً. وأدركت آنذاك أنه لا بدّ من إجراء المحادثات مع الأفراد إذا كنت أرغب في الحصول على أتباع، وأعتقد أن إجراء تلك المحادثات يُعد شرطاً أساسياً من مهمات القائد. ومن ثَم، لا بدّ لنا من اتخاذ القرارات معهم بعد الاستماع إلى آرائهم. وهذا لا يعني اتخاذ القرارات بتوافق الآراء، ولكنه يعني ضرورة أن يفهم الأفراد سبب اتخاذك هذا القرار، وأن يدركوا وجود عملية عادلة تبرر هذه القرارات.

اقرأ أيضاً: إلى المدراء الجدد: لا تحاولوا إنجاز عمل فريقكم نيابةً عنه

أليسون بيرد: عندما ذكرت مناقشة النتائج المرجوة مع الموظفين، هل المقصود أنه يجب على كاتبة الرسالة التحدث مع الموظفة حول أسلوب قيادتها وطريقة تصرفها؟

دان ماكجين: هل المقصود تصرفها بطريقة أقل تسلطاً؟

جولي تشو: بالطبع، وقد تكون إحدى طرق بدء المحادثة هي أن تقول: دعينا نتحدث عن السبل التي تقودنا إلى تحقيق النجاح في منصبك ومنصبي. حصلت مؤخراً على بعض التقييمات حول طريقة تعاملك مع الفريق من مرؤوسيك المباشرين، وأريد أن أعرف مفهومك عن النجاح. ماذا يعني النجاح في وجهة نظرك؟ كيف تريدين أن تكون علاقتكِ مع مرؤوسيك المباشرين؟

أليسون بيرد: الأمر لا يتوقف فقط على علاقتها مع المرؤوسين المباشرين، وإنما مع أقرانها أيضاً. ويبدو أنها تستهين حتى بكاتبة الرسالة التي تشغل منصب الرئيس الجديد لهذه المؤسسة.

جولي تشو: إن أول خطوة تكمن في طرح المشكلة. دعيها تتحدث، واسمحي لها أن تصف العلاقة المثالية التي تريد بناءها مع الأفراد. ويمكنك من خلال ذلك فهم ماهية قيمها وأولوياتها ومواطن الضعف لديها التي لا تفطن إليها.

دان ماكجين: هل تعتقدين أن هذا النوع من أسلوب القيادة قابل للإصلاح أم أنها قد تصل إلى مرحلة تشعر فيها أنهم قد اتخذوا قراراً سيئاً هنا؟ ربما كان من غير المفترض أن تحصل هذه الموظفة على منصب إداري في المقام الأول.

جولي تشو: يعتمد ذلك على أمرين. الأمر الأول هو عدم وعي هؤلاء الأفراد بالتأثير الذي يحدثونه. وعندما تحرص على توعيتهم ومساعدتهم في معرفة ما يحدث بالفعل وسبب حدوثه وعواقبه، سيدركون خطأهم الذي قد يكون دون قصد منهم. ومن الممكن إصلاح هذا الوضع وتجنبه بسهولة. ويتمثل السيناريو الثاني في وعيهم بتصرفاتهم التي قد تكون متعمدة، ويعتقدون بشدة أن هذه هي الطريقة الوحيدة التي تجعلهم فاعلين. وهناك سيناريو ثالث يتمثل في الأفراد الواثقين في أنفسهم وفي تصرفاتهم وليس لديهم أي حافز للتغيير على الإطلاق. وفي تلك الحالات، قد يكون هؤلاء الأفراد غير ملائمين للوظيفة، وقد يكون من الصعب تغيير أسلوبهم في القيادة، ومن ثَم تكون ترقيتهم إلى مناصب إدارية قراراً خاطئاً.

اقرأ أيضاً: 4 طرق لخلق ثقافة تعلّم ضمن فريق عملك

أليسون بيرد: كيف يمكن لصاحبة السؤال دفع هذه الموظفة إلى تغيير نهجها في القيادة دون جعلها تتخذ موقفاً دفاعياً؟

جولي تشو: إذا كان مرؤوسو المديرة المباشرون يعتقدون أنها تهتم بهم حقاً وتدعمهم والعكس صحيح، فمن السهل الخوض في هذه المحادثة. يمكنها أن تقول: أنا أهتم بكم حقاً وأريد أن أراكم ناجحين، أنا موجودة لدعمكم وإعطائكم أي تقييمات أو تقديم أي مشورة تحتاجون إليها، ولكن يجب أن أخبركم بشيء أراه أو أسمعه يجعل طريق نجاحكم صعباً بعض الشيء. عندما يتبع الأفراد أسلوب المحادثة هذا لا يكون هدفهم نقل الأخبار السيئة أو تثبيط عزائم الموظفين، وإنما رغبتهم في أن يحقق هؤلاء الموظفون النجاح. وتمثل هذه الطريقة إحدى أفضل الطرق لجعل الأفراد يثقون فيك ويستمعون إليك ويستوعبون آرائك مقابل شعورهم بأنهم يتعرضون للهجوم وأنهم في حاجة إلى الدفاع عن أنفسهم.

دان ماكجين: يجب ألا ننسى حقيقة أن هذه المؤسسة هي مؤسسة غير ربحية تضم 6 أو 7 أفراد عملوا بعضهم مع بعض مدة 5 سنوات. إذاً، هل السياق مهم هنا؟

جولي تشو: أذكر تجربتي عندما كنت أعمل في فريق صغير جداً يتعامل أعضاؤه بألفة بعضهم مع بعض، وكان وجود تلك التقييمات المباشرة يمثل تحدياً في الواقع. والسؤال الثاني الذي أود من صاحبة السؤال طرحه هو: كيف يمكن للفريق ككل الوصول إلى نقطة من خلالها يشعر أعضاء الفريق جميعاً بالراحة في تقديم هذا النوع من التقييمات بعضهم مع بعض؟ إذ أجد أن أفضل الفرق تميزاً وكفاءة هي تلك الفرق التي تضم أفراداً يمتلكون ذلك الأساس القوي من الثقة بعضهم مع بعض، ويعملون في ثقافة تشجع الأفراد على تقديم التقييمات، بما في ذلك التقييمات النقدية التي تعتبر وسيلة للمساعدة في دعم وتشجيع الأفراد بعضهم لبعض ليكونوا أفضل.

أليسون بيرد: ما مدى الشفافية التي يجب أن تتسم بها هذه المديرة حول حقيقة إدراكها أن سبب هذه التوترات في الفريق يعود إلى حصولها على ترقية وحصول تلك الموظفة على ترقية أيضاً وأسلوب إدارتها؟

جولي تشو: من الأفضل الاعتراف بذلك إذا كان من الواضح وجود توترات بين أعضاء الفريق، أو في حال تفشي الشائعات، أو إن لم يكن الأفراد على وفاق، وخاصة إذا كان ذلك واضحاً، مثل اجتماع متوتر للفريق يبدو فيه الأفراد أنهم على خلاف بعضهم مع بعض. ومع ذلك، إذا كان هناك توتر بين مرؤوستين مباشرتين، ولم يكن بقية أفراد الفريق على دراية بتفاصيل ما يحدث بينهما، فليس من الضروري أن يخبر المدير الجميع أن الموظف "س" والموظف "ص" على خلاف، أو أنهما لا ينسجمان بعضهما مع بعض.

جولي تشو: وأعتقد أنه بمجرد إبداء 4 أو 5 موظفين في الفريق آراءهم أن "س" لا يستحق الترقية، أو أنه لا يؤدي عملاً جيداً، فهم يشجعون، تبعاً لذلك، على نشر تلك الآراء بين الأفراد الآخرين في الفريق.

اقرأ أيضاً: 4 طرق لمساعدة فريقك في تجنب وسائل الإلهاء الرقمية

أليسون بيرد: يجب أن نتناول أيضاً حقيقة أن تلك المديرة تشعر بأن موظفتها تمر بأوقات عصيبة ومتوترة جداً من الناحية الشخصية. ولعل مشكلاتها الشخصية وشعورها بالتوتر هي ما يحفز تصرفاتها المهينة وسلوكها المتسلط. ما الذي يمكن لصاحبة السؤال فعله لمعرفة ماهية الخطأ وإمكانية تقديمها للمساعدة؟

جولي تشو: إذا كان أحد مرؤوسيك المباشرين يمر بتحديات صعبة جداً، فمن الشائع أن يؤثر ذلك في أدائه في العمل. نحن لسنا أشخاصاً مختلفين خارج العمل وفي مكان العمل. وأحد الأشياء التي يجب أن تفكر في فعلها هو أن تتحدث مع موظفتها بصفتها مديرة وأن تقول لها: أعتقد أنك تمرّين بوقت صعب حقاً هذه الأيام. ماذا تحتاجين لتكوني موظفة ناجحة؟ هل تحتاجين إلى إجازة؟ هل تحتاجين إلى تخفيض عبء العمل إلى حين تجاوزك هذه الفترة العصيبة؟ هل هناك أمور يمكنني فعلها لمساعدتك ودعمك؟ ومن ثَم، يجب عليها أن تُشعر الموظفة بوقوفها إلى جانبها.

أليسون بيرد: هل يجب أن تكون هذه المحادثة منفصلة عن محادثة التقييمات والنقد البنّاء حول أسلوب الإدارة الذي تتبعه؟

جولي تشو: ليس من الضروري أن تكون منفصلة. أعتقد أنه من الممكن أن تكون جزءاً من المحادثة نفسها، لكن أعتقد أنه من الأفضل طرح هذه الأسئلة أولاً.

اقرأ أيضاً: إذا لم تفلح جهودك الابتكارية فانظر من يرأس الفريق

أليسون بيرد: إذاً، فيما يتعلق بالوضع الشخصي، نعتقد أنه يجب على صاحبة السؤال التي تشغل منصب المديرة أن تتأكد فقط من اعتناء هذه الموظفة بنفسها، وأنها تمتلك كل ما يلزمها لأداء منصبها الإداري على نحو جيد، وجعلها تشعر بالدعم والمساندة. ويجب عليها أن تتحدث معها أيضاً حول مفهوم النجاح في هذا المنصب الجديد بوصفها قائدة في المؤسسة. كيف تريد أن ينظر إليها الموظفون بصفتها مديرة؟ كيف ستبني علاقات مع كل من مرؤوسيها المباشرين وأقرانها؟ يجب أن تدع هذه الموظفة تصف علاقاتها المثالية، والنتائج التي تأمل في الوصول إليها، وأن تجعلها تدرك أن بعض سلوكياتها قد تعيقها عن تحقيق النجاح الذي تصبو إليه. هل هي على علم بهذه السلوكيات؟ لماذا تعتقد أن من واجبها التصرف بهذه الطريقة؟ هل هي واثقة في نفسها وفي تصرفاتها؟ يجب عليها أن تشرح هدفها الذي يتمثل في رؤية هذه الموظفة وهي تحقق النجاح في هذا الدور القيادي الجديد، وأن تشجعها على تغيير أسلوبها. وبعد ذلك يجب على صاحبة السؤال أن تفكر في كيفية تقديم الفريق في هذه المجموعة المتماسكة لتقييمات بنّاءة بعضهم لبعض، وبهذا ستتمكن من معرفة كيفية التعامل مع الموظف كثير المطالبات.

اقرأ أيضاً: إدارة أصحاب الأنا المتضخمة لضمان نجاح كامل الفريق

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي