كيف تُدير مشاعر الإحراج والغضب في حال تم تسريحك من العمل؟

5 دقيقة
الإحراج
أنتون فيريتين/ غيتي إميدجيز

بصفتي مدربة تنفيذية، فقد ساعدتُ آلاف الأشخاص على إيجاد وظيفة جديدة بعد تسريحهم من عملهم السابق، وخلال أكثر من 10 سنوات من العمل في هذا المجال، لاحظتُ أن أكثر من 95% من هؤلاء قد أُنهيت عقودهم لأسباب لا تتعلق بضعف أدائهم الشخصي، بل تتعلق بالشركات، مثل الاندماج أو الاستحواذ، أو زيادة المنافسة في قطاع معين، أو تدهور الاقتصاد، أو إعادة هيكلة الشركات، ما يؤدي إلى تقليص حجمها.

يُظهر البحث الذي أجرته منصة زيبيا (Zippia) مدى انتشار تجربة تسريح العمال في الشركات الأميركية. في عام 2021 فقط، بلغ عدد حالات التسريح 17 مليون حالة. أشارت الدراسات أيضاً إلى ما يلي:

  • تعرّض 40% من الأميركيين إلى التسريح أو إنهاء عقود عملهم مرة واحدة على الأقل في مسيرتهم المهنية.
  • يعاني نحو نصف الأميركيين (48%) ما يسمى بـ "قلق التسريح من العمل" (layoff anxiety).
  • تعرّض 28% من الأميركيين للتسريح من وظائفهم خلال العامين الماضيين.

أظهر استطلاع أجرته شركة كيه بي إم جي (KPMG) في عام 2022 شمل أكثر من 1,300 رئيس تنفيذي في الشركات الكبرى حول العالم، منهم 400 في الولايات المتحدة، أن 91% من المشاركين في الاستطلاع يتوقعون حدوث ركود اقتصادي في العام المقبل، ما سيؤدي على الأرجح إلى مزيد من عمليات تخفيض عدد الموظفين واسعة النطاق.

على الرغم من أن معظم حالات التسريح ترجع إلى عوامل خارجة عن سيطرة أي موظف، فإن معظم الأشخاص الذين أدرّبهم يفترضون عن طريق الخطأ أنهم يتحملون المسؤولية ويلقون اللوم على أنفسهم. يفترض الموظفون المُسرّحون، بمجرد توقفهم المفاجئ عن العمل، أن زملاءهم الذين احتفظوا بمناصبهم كانوا أفضل منهم وأكثر قيمة بالنسبة للمؤسسة. من الطبيعي أن تبدأ بالتفكير في العديد من التفسيرات المحتملة، مثل: "لا بدّ أنني ارتكبت خطأً ما أدى إلى تسريحي"، أو "لو أنني كنت أكثر تفانياً، لما تعرضت للتسريح"، أو "كان يجب عليّ أن أركز أكثر على علاقاتي مع الإدارة".

يُعد فقدان الوظيفة تجربة قاسية على المستوى الشخصي ويمكن أن يؤثر سلباً على الصحة النفسية. بالإضافة إلى التأثيرات السلبية المتعددة الناجمة عن التسريح، مثل فقدان الدخل والمكانة الاجتماعية والروتين والأنشطة اليومية والدعم الاجتماعي من شبكة العلاقات والمعارف وتقدير الذات والهوية، يمكن أن يعاني الشخص حالة عدم اليقين التي ترافق غالباً عملية تحديد الخطوة المهنية التالية. لا تُبلغ مؤسسات عديدة عن خطط تقليص حجمها وتسريح الموظفين بطريقة محترمة ومسؤولة تليق بالموظفين، ما يؤدي إلى تفاقم هذه المشكلة.

إليك 5 استراتيجيات يمكن أن تساعدك على التعامل مع التوتر والضغوط الهائلة الناجمة عن التسريح من العمل دون تحميل نفسك المسؤولية:

حدد مشاعرك واعترف بها

تشير المدربة التنفيذية، ديبورا غريسون ريغل، إلى أنه من الشائع أن يلجأ الفرد إلى لوم نفسه والتفكير السلبي المستمر وتوقع أسوأ الاحتمالات عند التعرض إلى تهديدات أو الضغوط، لكنها تؤكد أن هذه الاستجابات ليست مفيدة ولا تسهم في إيجاد حلول مُجدية. تقول ريغل: "في المقابل، فإن ملاحظة مشاعرك ووصفها بدقة وموضوعية ووضعها في السياق الصحيح والتركيز على الإيجابيات ووضع خطة مناسبة للتعامل مع الموقف تُعد استراتيجيات أكثر فائدة وتساعدك على التكيف مع الوضع الجديد".

يؤدي تحديد مشاعرك الحقيقية إلى إنشاء مسافة بينك وبين هذه المشاعر، ما يساعدك على الشعور بالراحة والهدوء. عندما تقلّل مستوى التوتر والضغط لديك، فإن اللوزة الدماغية، وهي جزء من الدماغ مسؤول عن استجابة الجسم للخطر واستعداده للقتال أو الهروب أو التجمّد في مكانه، تتيح لك المجال للتفكير بطريقة أفضل وابتكار حلول مدروسة. بناءً على ذلك، خذ وقتاً كافياً لاستيعاب ما حدث والاعتراف به وفكر في حجم الخسارة وحدد مشاعرك الحقيقية، سواء كانت قلقاً أو غضباً أو توتراً أو خجلاً أو إحراجاً أو حزناً. يُعد الحزن جزءاً طبيعياً من عملية التعافي من أي نوع من أنواع الخسارة، لذلك، يعاني الأشخاص غالباً ردود فعل نموذجية عندما يحزنون بعد تسريحهم من العمل، ويشمل ذلك الإنكار والغضب والاكتئاب.

اطلب من زملائك تقديم ملاحظات حول نقاط قوتك ومهاراتك 

بعد فقدان الوظيفة، قد تزداد درجة وعيك بنقاط ضعفك وتركز عليها بشدة، لكن يجب عليك التخلص من هذا الشعور؛ إذ يجب عليك تحديد نقاط قوتك وإبرازها عند السعي نحو خطوتك المهنية التالية. لإبراز قدراتك ومهاراتك على نحو أكبر، اطرح على زملائك السابقين الأسئلة الآتية للمساعدة في تقييم قدراتك:

  • ما هي الأنشطة أو المهام التي كنت أنفذها عندما رأيتني في أوج عطائي؟
  • ما هي الجوانب التي كانت مهمة ومفيدة بالنسبة لك خلال الفترة الزمنية التي قضيتُها في العمل؟
  • ما هو الأثر الذي تركتُه؟
  • ما هي نقاط قوتي ومهاراتي التي لاحظتَها؟

عندما تتلقى إجاباتهم، احرص على تصنيفها بحسب الموضوعات، مثل بناء فِرق العمل والنزاهة والمثابرة وحب الاستطلاع. أخيراً، اكتب وصفاً لنفسك يلخص هذه المعلومات. يمكن أن يساعدك هذا التمرين على تذكّر نقاط قوتك، بالإضافة إلى بناء خطة عملية للاستفادة منها خلال بحثك عن وظيفة جديدة.

حدد أولويات خطواتك التالية

على الرغم من أن ثقتك بنفسك قد تكون ضعيفة ومتزعزعة إلى حد ما، فإنه يجب عليك التغلب على الشك الذاتي وانعدام الثقة بالنفس واتخاذ الإجراءات اللازمة للمضي قدماً في مسيرتك المهنية. من خلال تحديد هدف مهني والمثابرة على مواجهة التحديات وتجاوزها، تمكنك استعادة إيمانك وثقتك بقدرتك على تحقيق النجاح.

الأمر الأساسي المهم هو الالتزام باتخاذ خطوات ملموسة تدعم تطلعاتك المهنية، على سبيل المثال، يمكنك توثيق إنجازاتك وتحديث سيرتك الذاتية وطلب الملاحظات من الأشخاص الموثوقين في شبكة علاقاتك المهنية والتواصل الاستراتيجي مع الأشخاص في شبكة معارفك وعلاقاتك ممن يمكنهم تقديم رؤى حول مجالات مهنية محتملة. قد تتضمن الإجراءات الأخرى مراجعة ملفك الشخصي على منصة لينكد إن وإعداد قائمة بالمؤسسات المستهدفة.

فكر في البدء بعمل إضافي

يمكنك اتخاذ خطوة إضافية تتمثل في التفكير بتحقيق بعض الدخل من خلال مشروع ريادي، على سبيل المثال، عن طريق تنويع محفظتك الاستثمارية من المشاريع الاستشارية أو الإرشادية في أثناء البحث عن وظيفة أو تطوير فكرة تجارية لطالما كنت ترغب في تنفيذها. نصح الرئيس التنفيذي للموارد البشرية والمستشار، يوري كرومان، عميله الذي سُرّح من عمله في شركة ناشئة في مجال التكنولوجيا المالية بتنويع محفظته الاستثمارية من المشاريع الاستشارية أو الإرشادية إلى جانب وظيفته الجديدة بدوام كامل. عندما أُنهيت خدمات إحدى عميلاته التي كانت تعمل في شركة قانونية، نصحها يورمان باستثمار وقتها وجهدها في التركيز على تطوير مهارتها في تقديم الاستشارات الصحية، التي لطالما كانت ترغب في تنميتها، لكنها لم تكن تجد وقتاً كافياً لذلك حينما كانت تعمل محامية بدوام كامل.

يُعد البدء بعمل إضافي طريقة رائعة لاكتشاف قدراتك ومهاراتك، بالإضافة إلى ذلك، فهو يوفر أرضية مثالية لتجربة مسار وظيفي جديد أو تحويل مواهبك وهواياتك إلى مصادر دخل.

إذا كان لديك وقت فراغ نتيجة تسريحك من العمل، فقد تكون هذه هي الفرصة المثالية للاستفادة من عمل إضافي للمساعدة في عملية البحث عن وظيفة جديدة. يحمل بعض الأعمال الإضافية ميزة أخرى تتمثل في تحقيق دخل يعادل دخل الوظيفة بدوام كامل، أو حتى يفوق ذلك. إنها أيضاً طريقة رائعة لبناء "التأمين الوظيفي" الذي يمكن الاعتماد عليه بوصفه خياراً احتياطياً في حالات البطالة أو عدم الاستقرار الاقتصادي.

غيّر طريقة تفكيرك

تعرّضت الصحفية الاقتصادية، ناتاشا دسوزا، للتسريح من عملها مرتين. تشير دسوزا إلى أن لوم نفسك وتحميلها المسؤولية عمّا حدث يمنعك من توفير مساحة ذهنية وطاقة عاطفية لإعادة توجيه نفسك نحو هوية جديدة وشق طريقك للتكيف مع هذه المرحلة الاستكشافية الجديدة في مسيرتك المهنية. وتقترح أنه بدلاً من التفكير المفرط والانغماس في المشاعر السلبية التي تنجم عن تحميل نفسك مسؤولية فقدان الوظيفة، فإنه من الأفضل توجيه تلك القوة العاطفية للبحث عن فرص جديدة للتطور والنمو المستقبلي".

تقول مدربة القيادة، راشمير بالاسوبرامانيام: "يمكن أن يكون التسريح من العمل في كثير من الأحيان أمراً جيداً وإيجابياً؛ إذ يمكن أن يكون حافزاً للنمو الشخصي وفرصة للتوجه نحو مسار مهني أكثر فائدة ومتعة ورضا. عندما تكون مستعداً لتبنّي هذه العقلية، يمكن أن تصبح عملية التسريح هدية وفرصة لاتخاذ خطوات لم تجرؤ على اتخاذها سابقاً".

من الطبيعي أن تشعر بالإحراج أو الذنب أو الإحباط أو الغضب بعد فقدان وظيفتك. لكن إذا أدركتَ أن العديد من حالات التسريح لا تحمل أي طابع شخصي أبداً، فقد يساعدك ذلك في التركيز على مستقبلك بدلاً من التركيز على الماضي. احرص على إحاطة نفسك بالأشخاص الإيجابيين والداعمين وتذكّر العقبات التي تجاوزتها والإنجازات التي حققتها في مسيرتك المهنية، تجنب إلقاء اللوم على نفسك وركز بدلاً من ذلك على بناء ثقتك بنفسك، وستنتبه الشركات لك.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي