لا شك في أن مديرك يدعمك ويريد الأفضل لك، فهو من وظّفك أساساً، كما أن موظفيك يدعمونك وعملاءك يقدّرون عملك. ولكن ماذا عن أقرانك؟ التقيت مراراً بموظفين ناجحين يبدو أن حاجز الثقة الوحيد لديهم هو علاقتهم مع أقرانهم.
لماذا تتراجع ثقتنا في أنفسنا أمام أقراننا؟ وماذا يمكننا أن نفعل حيال ذلك؟
الأقران هم أفراد المؤسسة الذين يتمتعون بالمستوى نفسه من المعرفة المتخصصة التي نمتلكها، وفي كثير من الأحيان يأتون من خلفية مماثلة ويتمتعون بدرجة الخبرة المهنية نفسها. باختصار، يعرفون ما نعرفه تماماً.
عندما يُظهر أحد الزملاء أسلوباً أكثر حزماً أو جرأة من أسلوبك، أو يتوصل ببساطة إلى استنتاجات مختلفة بناءً على نفس الحقائق والمعلومات، فقد يبدو لك الأمر هجوماً شخصياً على أسلوب عملك. نتيجة لهذا الموقف، يدور في أذهاننا حوار داخلي ما بين حديث النفس السلبي (لماذا لم أفكر في ذلك؟) والحديث الدفاعي (لن ينجح ذلك أبداً على أي حال!). علاوة على ذلك، هناك تنافس طبيعي بين الأفراد في المستوى نفسه ضمن المؤسسة يتجلى غالباً في التنافس على نفس الموارد والترقيات.
الاستسلام لهذه الأفكار المتضاربة قد يتفاقم إلى دوامة من الأفكار السلبية، ما يُخلّف بدوره آثاراً مدمرة تؤدي إلى تآكل ثقتك بنفسك وتقويض محاولاتك للظهور بمظهر الهادئ والكفء. لتعزيز ثقتك بنفسك عند التعامل مع أقرانك:
- تعرّف إلى شكوكك بشأن نياتهم. نميل نحن البشر بطبيعتنا إلى التركيز على أنفسنا فقط عند النظر في التفاوت بين نياتنا وتأثير أفعالنا على الآخرين. نشعر بالسوء عندما ندرك أن تأثيرنا كان سلبياً على الآخرين دون قصد منا، وعندما نقرّ بهذه الفجوة، نمنح أنفسنا دون وعي الإذن بتقبّل وجودها. لنكن لطفاء بما يكفي تجاه الآخرين ولنفترض أن لديهم أيضاً فجوة بين نيتهم تجاهنا والتأثير الذي يحدثونه.
- انخرط في محادثات شجاعة مع أقرانك بدلاً من منافستهم بصمت. يتطلب إجراء محادثة صادقة حول كيفية تفاعلك مع الشخص الذي تشعر بالخوف منه وعلاقتك به قدراً كبيراً من القدرة على إظهار الضعف وتحمل المخاطر الشخصية وامتلاك مهارات قوية للتواصل مع الآخرين. الخيار الأسهل هو تجنُّب إجراء محادثات صعبة معه، لكن المحادثة الشجاعة يمكن أن تعزز العمل التعاوني وتؤدي إلى تحقيق نتائج أفضل. ستشعر بالمزيد من الراحة والثقة في العمل عندما تقلل الشعور بالخوف، وعلاوة على ذلك يمكنك تحقيق نتائج أفضل من حيث الكم والجودة.
- انظر فيما تفكر به. بسبب انشغالنا الدائم، غالباً ما نندفع إلى الاجتماعات دون أن نمنح أنفسنا وقتاً كافياً للتفكير مسبّقاً في الموضوعات التي ستُطرح فيها، فنتخطى إعطاء أنفسنا فسحة للنظر في وجهات نظرنا وآرائنا حول هذه الموضوعات. يشيع هذا الحال خصوصاً في اجتماعات الفريق، إذ نكون جنباً إلى جنب مع أقراننا. أما في اجتماعات العملاء أو الزبائن، فندخل إليها بمنظور واضح لأننا أخذنا الوقت الكافي للتفكير بالموضوعات التي ستطرح وحللنا البيانات ذات الصلة وتوصلنا إلى توصيات بشأنها أيضاً. في الواقع، لا تنبع ثقتنا الأكبر في هذه الاجتماعات من حقيقة أننا نعرف أكثر مما يعرف عملاؤنا وزبائننا بشأن الموضوع الذي يسعون للحصول على المشورة بشأنه، ولكن أيضاً لأننا قضينا وقتاً أطول في التفكير فيه. لذلك اطرح على نفسك الأسئلة التالية قبل الاجتماع التالي مع أقرانك: ما هو رأيي في الموضوع قيد المناقشة؟ ما هي المخاطر المحتملة التي ينطوي عليها؟ هل هناك طرق أخرى يمكننا اتباعها للمضي قُدماً في هذه الحالة؟ وما هي المعلومات الإضافية التي قد تفيدني معرفتها مسبّقاً ومشاركتها؟
- من المهم أن تدرك أنه لا يوجد حل أو نهج واحد صحيح يمكن استخدامه لجميع المشكلات في مجال الأعمال. ساعدَ هذا الإدراك البسيط بعض عملائي، الذين كانوا يشعرون سابقاً بالرهبة، ليشعروا بثقة أكبر عند مشاركة وجهات نظرهم أمام أقرانهم الأقوياء، وبالإضافة إلى ذلك لاحظت أنهم نادراً ما يطرحون أفكار غبية في الاجتماعات. عندما أطلب من هؤلاء الأفراد أن يتذكروا آخر مرة قدموا فيها رأياً سخِر الآخرون منه (علناً أو سراً)، لم يتمكنوا من ذكر أي مثال. تستحق مشاركة وجهة نظرك علناً المخاطرة دائماً.
- لا فائدة من المنافسة مع أقرانك. العمل معهم ليس لعبة يربح فيها الفائز كل شيء؛ فتحقيق أقرانك نتائج جيدة لا يعني خسارتك. لا تظن أن فكرتك ليست ذات قيمة إذا لم يتبناها أحد، لاسيّما إن شكّلت نقطة انطلاق لإسهامات الآخرين، وعلى العكس من ذلك، لا يمنحك قبول اقتراحك ميزة على زملائك.
يجب ألا يكون هدفنا تقليل عدد المحادثات التي نختلف فيها مع الأقران أو يختلفون معنا، بل تغيير نظرتنا إليها. من المفارقات أنه يمكننا تعزيز شعورنا بالراحة والثقة عند التعامل مع أقراننا من خلال التعامل مع أشياء قد تبدو صعبة، مثل إجراء محادثات شجاعة وتخصيص وقت للتفكير بها مسبقاً والاستعداد لسماع وجهات نظر متنوعة والتعبير بثقة عن وجهات نظرنا.