ملخص: في خضم حالة عدم اليقين العالمية والاقتصادية التي تحيط بنا، يبقى التعامل مع الأسئلة الصعبة جزءاً لا يتجزأ من دورنا كقادة. يعرض المؤلف في هذه المقالة استراتيجيات يمكن استخدامها للإجابة عن الأسئلة الصعبة تتيح لك الحفاظ على ثقة عملائك وزملائك وسلامة علاقاتك والصمود في وجه أي عاصفة.
لا بد أن معظمنا قد مرَّ بذلك الموقف الذي يفاجئنا فيه شخص ما بسؤال لا نكون مستعدين للإجابة عنه. ربما يثير أحد المرؤوسين المباشرين في اجتماع عام سؤالاً صعباً حول تسريح العمال، أو قد يتصل بك أحد العملاء فجأة ويريد استشارتك حول اتجاه الأسواق. فإذا لم تكن لديك الإجابة الشافية التي يبحث عنها الناس، فكيف تحافظ على علاقتهم وثقتهم بك إذاً؟
لقد واجهتني هذه المشكلة في السابق وعانيت منها كثيراً. في بداية مسيرتي المهنية، شغلت منصب مديرة الدبلوماسية العامة في القنصلية العامة لإحدى دول الشرق الأوسط في نيو إنغلاند، وبصفتي مواطنة أميركية، كنت مسؤولةً عن شرح سياسة حكومتنا الخارجية خلال فترةٍ تصاعد فيها العنف كثيراً في الشرق الأوسط. كانت إحدى أصعب المهام في وظيفتي الإجابة عن أسئلة غاضبة من كلا طرفي الصراع من قبيل: لماذا اتخذت الحكومة مثل هذه الإجراءات الصارمة، أو لماذا لا تتخذ إجراءات أكثر قسوة؟
شكّل ما تعلمته خلال تلك الوظيفة أساساً منهجياً في التعامل مع الأسئلة الصعبة. يمكنك استخدام هذه الاستراتيجيات سواء كنت مصرفياً استثمارياً يخاطب الرئيس التنفيذي لشركة تبلغ قيمتها مليار دولار أو موظفاً في مطار يطمئن الركاب القلقين، أو حتى صاحب عمل تجاري صغير يجيب على أسئلة فريقه.
كيف تتعامل مع الأسئلة الصعبة؟
1. استعد مقدماً
يمكنك عادة توقّع العديد من الأسئلة الصعبة التي ستواجهها. على سبيل المثال، ألقِ نظرة على جدول الأعمال قبل اجتماع إطلاع العاملين على التطورات وفكر في الأسئلة التي قد يتم طرحها خلاله. اطلب من بعض زملائك في العمل مساعدتك على ذلك من خلال لعب دور الجمهور وطرح أسئلة صعبة عليك، ثم قم بصياغة أجوبة تشعر أنها مناسبة وصادقة. ضع نفسك مكان من يستمعون إليك وفكر كيف يمكن أن يتفاعلوا مع هذه الإجابات.
يمكنك اتباع الطريقة نفسها عند التحضر للإجابة عن الأسئلة الصعبة التي قد يطرحها العملاء. ابحث عن شخص في مؤسستك على دراية باتجاهات عملائك يمكنه طرح أسئلة صعبة عليك لمحاكاة محادثةٍ مع أحدهم. سيكون هذا النشاط مفيداً لأي عضو في فريقك مكلّف بالإجابة عن الأسئلة عموماً. لا ضرورة لحفظ الإجابات، لأنك ستكون قادراً على تذكرها بسهولة من خلال الممارسة.
2. توقف قليلاً وخذ نفساً عميقاً
غالباً ما نشعر برغبة شديدة في القفز إلى الإجابة فوراً عندما نجيب عن أسئلة صعبة، ولكن إذا لم يكن لدينا إحاطة كاملة بالموضوع، فإننا نميل إلى استخدام كلمات حشو (على الرغم من أنها قد تكون مفيدة بالفعل في مواقف معينة) ونرتبك ونكرر ما قلناه. ونظراً لأن الوضوح هو إحدى أهم الوسائل لبناء الثقة، فإن تقديم إجابات مرتبكة مبهمة يمكن أن يضر بالمصداقية.
لذلك، توقف قليلاً لتجميع أفكارك قبل الإجابة. أوصي بأن تغلق فمك وتتنفس من أنفك -الأمر الذي من شأنه إجبارك على التوقف عن الكلام- أو خذ رشفة ماء بهدوء كنت قد أحضرته معك لهذا الغرض على وجه التحديد. هذه فترة توقف مقبولة تمنحك بضع ثوانٍ ضرورية جداً للتفكير في إجابتك والتأكد من أن عواطفك لا تسيطر عليك.
3. عبّر عن التعاطف والصدق
ما ستقوله مهم جداً، لا سيما في المواقف الصعبة. ابدأ بتقدير السؤال من خلال عبارة انتقالية من قبيل "هذا سؤال مهم حقاً، شكراً لأنك طرحته"، ثم استخدم عبارة تعاطف مثل "لو كنت مكانك، كنت سأطرح السؤال نفسه بالضبط".
لا أحبذ القول "هذا سؤال رائع لأنه شكوى شائعة بين عملائنا"، إذ عادة ما يُفهم هذا الجواب على أنك لا تعلم الإجابة، وأنك بحاجة إلى بعض الوقت للتفكير في الأمر. في حين أن البعض قد تلقوا تدريباً إعلامياً تعلموا من خلاله كيفية التملص من الإجابة عن أسئلة معينة أو الالتفاف حولها، كن حذراً عندما تستخدم هذا الأسلوب، إذ سيعرف مستمعوك متى تقوم بذلك، وكلما كررت استخدامه، قلّت ثقتهم بك أكثر. ولكن ماذا يمكنك أن تفعل بدلاً من ذلك؟
4. اعترف بعدم اليقين
عندما لا تتوافر لديك معلومات كافية، يمكنك الاعتراف بعدم اليقين وقول عبارات مثل "إليك ما نعرفه في هذه المرحلة"، أو في المواقف الأكثر حساسية، "هذا كل ما يمكنني قوله" أو "هذا كل ما أعرفه" لمشاركة المعلومات التي لديك.
يمكنك التعبير عن عدم اليقين بثقة، فلا تخف من قول "لا أعرف" أو "لا أحد لديه إجابة في هذه المرحلة، لكننا نبذل قصارى جهدنا لحل المشكلة". كما يمكنك أيضاً توصيف الموقف بثقة وموضوعية. قدِّم نظرة عامة غير متحيزة بالقول مثلاً: "أفضل التريث قليلاً والتركيز على المحادثة التي نجريها الآن. هذا بالضبط ما نحتاج إليه من أجل فهم جميع وجهات النظر والتوصل إلى أفضل مسار للعمل"، ثم قل "هل هناك أي أسئلة أخرى؟" للانتقال دون تردد إلى السؤال التالي.
متى تتخذ موقفاً؟
يجب عليك أحياناً اتخاذ موقف وعدم الاكتفاء بالاعتراف بعدم اليقين. لن تفعل ذلك لأنك متأكد من أن هذا التصرف سينجح حتماً، بل لأنك متأكد من أن التردد أكثر في الإجابة قد يتسبب في ضرر لا يمكن إصلاحه.
عندما تُضطر إلى اتخاذ موقف سريعاً، جرب استخدام إطار عمل "بريب" (PREP) الذي يتكون من 4 أجزاء:
- النقطة: اذكر نقطة رئيسية واحدة.
- السبب: إبداء سبب وراء ذلك.
- مثال: أعطِ مثالاً يدعم وجهة نظرك.
- النقطة: قبل أن تبدأ الكلام بشكلٍ مشتت ومرتبك، أعِد صياغة وجهة نظرك الرئيسية بطريقة أخرى.
فيما يلي مثال عملي على إطار عمل "بريب":
السؤال: لماذا لم تمنحنا الشركة مكافآت إضافية في نهاية العام؟
اعترف وتعاطف: أعلم أن هذا سؤال يدور في أذهان الجميع، وأنا أقدّر طرحك له.
النقطة: نعتقد أنه يجب ربط المكافآت بأداء الشركة.
السبب: من المهم أن يتقبل الجميع هذا القرار دون الخوف من أن يؤثر ذلك على أجورهم السنوية.
مثال: في أثناء الجائحة، انخفضت عائداتنا بشكل حاد، واستمرينا بدفع الرواتب ولكننا لم نمنح مكافآت إضافية. كان هذا العام عاماً مليئاً بالتحديات لأسباب أخرى (اذكر سبباً واحداً).
النقطة: وهذا هو سبب عدم قدرتنا على دفع مكافآت نهاية العام الإضافية.
كما ترى، هناك قدر كبير من الدقة في صياغة هذه الإجابات. في الواقع، قد يستغرق التحضير للإجابة عن الأسئلة قبل الخطاب نفس الوقت الذي تستغرقه صياغة الخطاب نفسه. ومع ذلك، إنه استغلال حاسم للوقت.
. . .
في خضم حالة عدم اليقين الاقتصادية والعالمية التي تحيط بنا، فإن التعامل مع الأسئلة الصعبة سيكون جزءاً لا يتجزأ من دورنا كقادة. يمكنك استخدام الاستراتيجيات الموضحة أعلاه للحفاظ على ثقة عملائك وزملائك وسلامة علاقاتك والصمود في وجه أي عاصفة.