في العام 2001، ظهر توجه جديد لتطوير التكنولوجيا على يد مجموعة من المبرمجين وسمّي "أجايل". هذا التوجه وضع العملاء في قلب عملية تطوير المنتج وشجّع على الخروج سريعاً بمنتج أوليّ وزاد من سرعة ورشاقة الشركة بشكل كبير.
بينما بدأ "أجايل" كابتكار لتطوير المنتج، فإنه حرّض على ثورة في استراتيجية ومنهج الشركات. مهّد تطوير "أجايل" للأساس الفكري للحركة الرشيقة (Lean movement) في ريادة الأعمال، والتي دفعت قادة الأعمال قدماً لتنظيم نماذج أعمالهم وتطوير منتجاتهم حول سلسلة من التجارب عبر تجريب احتمالات غير تقليدية باستمرار. نمت شعبية كل من "أجايل" و"الحركة الرشيقة" في البداية ضمن عالم الشركات الناشئة، لكن سرعان ما تبناهما مجتمع قادة الأعمال حول العالم. فقد طبقت شركة جنرال إلكتريك منهجيات "الحركة المرنة" في كل أقسامها بما ساعد على خفض وقت دورة العمل وتحسين مواءمة العمل مع احتياجات العملاء، فكانت النتيجة أن صرّح جيف إيملت،الرئيس التنفيذي للشركة وقتها، بأنّ جنرال إلكتريك قد تحولت من "تكتل كلاسيكي إلى شركة ناشئة عمرها 125 عاماً".
اليوم، تتبنى الشركات الرائدة منهجية عمل جديدة بدأت مرة أخرى داخل الشركات التكنولوجية والشركات الناشئة. ومرة أخرى، يثبت قادة الأعمال أداء حسناً في الانتباه جيداً للتبعات الاستراتيجية.
تتلخص منهجية "الحركة المرنة" في التطوير المستمر. وقد بدأت، مثل "أجايل"، كمنهجية لتطوير البرمجيات. وبدلاً من تحسين البرمجيات في دفعة واحدة كبيرة، فإنّ التحديثات تتم هنا باستمرار خطوة بعد خطوة بما يُمكّن رموز البرمجيات من الوصول للعملاء بمجرد الانتهاء من التحديثات واختبارها. هذه الشركات التي تمارس التطوير المستمر بنجاح في أعمالها ستحصد مزايا استراتيجية كبيرة من بينها:
وقت دخول أسرع للسوق
يستمتع العملاء بميزة قرب إصدار خصائص ووظائف جديدة قريباً. ويحصل المبرمجون على تقييم أسرع لعملهم بما يؤدي لإصدار خصائص أفضل تلبي احتياجات العملاء بشكل أكبر.
إجراء مزيد من التجارب
تسمح الإصدارات المتكررة للشركات بالتجربة المستمرة للخصائص والوظائف الجديدة واختبارها مع جماهير مختلفة. في بعض الحالات، يتم نشر الخصائص الجديدة في الرمز والتحكم فيه بالفتح أو الإغلاق لشريحة معينة من الجمهور باستخدام علم خصائص بسيط.
إصلاح أسرع للأعطال
لأن رمز البرمجيات يصدر على دفعات أصغر، لذا يكون من الأسهل التعرف على مصدر أي مشكلة. يلاحظ برايان ستيفنسون، كبير مسئولي المعلومات لشركة كاتالنت (Catalant) للبرمجيات حسب الطلب أنه "من الأسهل فهم تبعات تغيير ما إذا كنت تحرز العديد من الخطوات الصغيرة".
تعظيم الإنتاجية الهندسية
يحب المهندسون بيئات العمل التي يسود فيها تنفيذ المهمات باستمرار، لأنهم يستطيعون أن يروا كيف يضيف عملهم قيمة للمؤسسة في التو واللحظة. هذا الرضا الذي يتولد لديهم يقود لبيئة عمل أكثر جاذبية في سوق مهارات تنافسي. كما تقول إينيسا لوري، مديرة المنتج السابقة في شركة ماكسويل هيلث (Maxwell Health)، فإنّ "التنفيذ المستمر للمهام هو أحد أكثر الممارسات الهندسية المعاصرة التي تجتذب مهندسين ذوي مهارة عالية".
وتعتبر شركة أثينا هيلث (athenahealth) لتكنولوجية الرعاية الصحية حالة من المفيد دراستها في هذا الصدد. فلسنوات عديدة، قامت الشركة، التي تأسست عام 1997، بنشر دفعات كبيرة من التغييرات في تطبيقها كل شهر لتصل لقاعدة العملاء بالكامل. وفي العام 2016، خاف العملاء من الإصدارات الشهرية المدمرة. أحد هؤلاء العملاء الكبار كان عليه نشر فريق لإدارة الأزمات قوامه 70 شخصاً لإدارة ما تخلّف من كل إصدار شهري. عندما انتقل براكاش كوت من قسم المبيعات ليصبح كبير مسئولي التكنولوجيا، حوّل مسار الشركة لمنهج للتسليم المستمر باختبار التغييرات بشكل أكبر وعلى جماهير أقل. وكانت النتيجة زيادة كبيرة في رضا العملاء ودفعة كبيرة للمعنويات الداخلية.
عندما تأسست فيسبوك في العام 2004، تبنت الشركة منهجية "أجايل" لتسليم البرمجيات لضمان شحن الرمز في أسرع وقت ممكن. تطور العمل إلى إصدار دوري كل أسبوع متجاوباً بسرعة مع السوق ومع المنافسة. لكن بحلول العام 2016، عانى الفريق الهندسي من أجل دعم توسع الإصدارات الأسبوعية التي شملت تغييرات برمجية يتراوح عددها بين 8 إلى 14 ألف تغيير. استغرق تسليم هذه التغييرات للإنتاج 14 ساعة. في العام 2017، تحول فيسبوك إلى نموذج تسليم مستمر للمهام. وفي أغسطس/آب من العام نفسه، استغرق تسليم رمز أحد المهندسين للإنتاج 3.5 ساعات وأملت الشركة أن ينخفض هذا الوقت إلى ساعتين في العام 2018.
يعد التطوير المستمر توجهاً متنامياً في صناعة البرمجيات. ولسبب جيد، فإنه يمثل أسلوباً أكثر فعالية لتطوير البرمجيات من أجل إنجاز كل من الأهداف الداخلية والخارجية. وتذهب تقديرات واستطلاعات مختلفة إلى أنّ 20% من المبرمجين المهنيين يستخدمون أشكالاً معينة من التطوير المستمر. سيُبدي المسئولون التنفيذيون بالشركات الكبيرة والصغيرة على حد سواء حكمة بالغة عند قبول هذه المنهجية الجديدة حتى أنهم سيدفعون مؤسساتهم دفعاً لتبني هذا التكنيك القوي والأكثر مرونة لتطوير منتجات تكنولوجية. تُعد الفائدة هنا بالنسبة للمسئولين التنفيذيين هو أنّ التسليم المستمر يُعتبر أكثر من مجرد منهجية غامضة لتطوير البرمجيات يتم مناقشتها في داخل قسم تكنولوجيا المعلومات الخاص بشركتك. إنه يمثل ميزة تنافسية هامة وسلاحا ثقافياً في معركة المهارات وولاء العملاء.