لماذا ينبغي أن يحدث تطوير قيادي في الوظيفة؟

3 دقائق
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

في أثناء قمة للقيادة عقدناها في شركة “تويتر”، وبحضور 100 من صفوة قياديينا العالميين، كان جدول أعمالنا يدور حول التحدث عن وجهتنا الاستراتيجية، وتنسيق جهودنا كفريق قيادي. وقبل يوم من انعقاد القمة، تسرّبت أنباء عن انسحاب مدراء تنفيذيين عدة، وتغيّر سياق مناقشاتنا.

بوصفك قيادياً، لا بد أن تكون اختبرت تغيرات مماثلة في سياق المناقشات. شاهدنا خلال الأعوام العشرة الماضية أن أسلوب “الإيعاز والتحكم” في القيادة يفسح الطريق لنهج أكثر إطراء وتعاوناً. وأنا الآن شاهد على تغيّر جديد نحو مناقشة القيادة السياقية. وكما قال طوني مايو، مدير “مبادرة القيادة” في كلية “هارفارد للأعمال”: “سيتطلب النجاح في القرن الحادي والعشرين الانتباه إلى السياق المتجدد، الذي تعمل فيه شركة ما”. ويسهّل القياديون السياقيون التأقلم مع التغيير الحاصل، بمساعدة فريقهم في العمل، على فهم طبيعة التحديات والفرص الجديدة وكيفية التعامل معها حال وجودها.

لماذا بتنا الآن نسمع أكثر فأكثر عن أهمية “السياق”؟ يبدو أن السياق المحيط بنا يتغيّر بسرعة أكبر، جزئياً بسبب التغيرات التكنولوجية، وهذا سبب من أسباب سماعنا عن أهميته أكثر. ويعني ذلك أن عدداً أكبر منا يعملون في مزيد من السياقات، لوقت أطول. من الأمثلة البسيطة تواصلك مع زملائك عبر تطبيقي “سلاك” (Slack) و”جوجل هانغاوتس” (Google Hangouts) خارج ساعات الدوام العادية. أنت بذلك تعمل في سياقات متعددة، مهنية وشخصية، في الوقت نفسه، مع أن السياقات، في العمل وحده، تكاثرت وتغيّرت أيضاً. على سبيل المثال، بات عدد أكبر منا يعمل مع عدد أكبر من الأشخاص، نظراً لأن التكنولوجيا أتاحت التعاون لمزيد من الأشخاص، والدوائر، ووحدات العمل. كما ازداد عدد العاملين منا على فرق متداخلة وظيفياً، أو عبر نطاقات زمنية مختلفة. وأظهرت دراسة بحثية أجرتها شركة “سي إي بي” (CEB)، أن 60% من العاملين يُنسقون مع 10 أشخاص على الأقل يومياً في عملهم.

يعني ذلك أن على القياديين التنبه إلى جميع هذه السياقات، وإلى أكثر منها، فيما يحاولون المضي قدماً بالمشاريع. على سبيل المثال، أردنا في “تويتر” تغيير إجراءاتنا للتقييم وإدارة المواهب، وأردنا إشراك فرق متداخلة وظيفياً من جميع أقسام الشركة في هذا التغيير، بمن فيهم المصممون، والمهندسون، وعلماء البيانات. وبالرغم من أن هؤلاء في مبانٍ مختلفة، ونطاقات زمنية مختلفة، وحتى بلدان مختلفة، كان الجميع طوال الوقت مطلّع على وضع المشروع، والقرارت المتاحة للمناقشة، ومتى كنا نحقق إنجازات مهمة في العمل. وهذا إنجاز يُسجل للقيادة السياقية، إلى جانب أنه استخدام ذكي للأدوات التكنولوجية.

للمساعدة في تطوير مهارات القيادة السياقية لدى القوى العاملة، على المسؤولين منا عن إعداد الجيل القادم من قياديي الشركات تغيير موقفهم بعض الشيء من التعلم. وينبغي أن يخف تركيز التعلم التنظيمي على نوع التعلم الحاصل في الدورات التدريبية، أو التدريس الخاص عبر الإنترنت، ويُعزّز تركيزه على التعلم المتواصل في الوظيفة. ويستلزم ذلك إنشاء بيئة عمل تدعم التعلم وتشجع عليه، وهي بيئة أقل اعتماداً على تعلم الأفراد مهارات جديدة بمفردهم، وأكثر اعتماداً على استخدامهم بيئتهم للتعلم الفردي والتعلم من أحدهم الآخر.

وفي حال طُبّق هذا النوع من التعلم بالطريقة الصحيحة، فإنه يكسب الموظفين مهارات جديدة ويؤدي إلى تقاسم المعرفة عبر الشركة. ولعل الأهم من ذلك أنه يشبع الرغبة الشديدة التي يعبّر عنها كثير من الموظفين في أن يكونوا جزءاً من شيء أكبر. في الماضي، فضّل الأشخاص الذين كنت أديرهم تركيز وقتهم وطاقتهم على عمل يستطيعون أن ينسبوه لأنفسهم فقط، أما اليوم، فيشدد الناس على رغبتهم في العمل على مشاريع يمكنهم أن يتنبؤوا بأنها ستُحدث فرقاً كبيراً، لنموهم الشخصي ونمو الشركة.

بتغيّر سياق المناقشات في قمتنا، كنا لنتابع دراسة جدول الأعمال كما خططنا، إلا أننا بدلاً من ذلك اخترنا مناقشة الانسحابات التي جرت وجميع المسائل التي أثارتها. وكانت المحادثات الناجمة عن هذا الاختيار أكثر صراحة من أي محادثات سبق أن عشتها في حياتي المهنية، حيث ناقشنا بشكل مباشر التحديات الناشئة عن الوضع الجديد، وخضنا في مناقشات صحية وازنت بين “التفاؤل والواقع المحزن”، على حد قول أحد القياديين. وبانقضاء اليومين المخصصين للقمة، كنا قد اتفقنا على مجموعة واضحة من الأولويات، وتشكلت لدينا رؤية للمستقبل. كما أصبحنا أكثر استعداداً لإمداد فرق عملنا بسياق عن التحديات والفرص القادمة، وإلهامهم هذه المرة.

تشهد الأدوات التكنولوجية تطوراً، ويجب أن تتطور طريقتنا في العمل والتعلم أيضاً. وتتطلب رغبة الناس في مزيد من الاحتواء والتفويض من جهة، والتطور المتسارع لمشهد الأعمال من جهة ثانية، أن نعثر على طرق لتشكيل فرق أكثر تعاوناً، وتسهيل تعلم أغنى وأكثر استمرارية، وإشراك جميع الموظفين في سعيهم إلى التأقلم واغتنام الفرص الوفيرة التي يقدّمها عالمنا سريع التغيّر.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .