يرى الكثير من المسؤولين التنفيذيين أن جائحة فيروس كورونا أزمة لم نشهد لها مثيلاً لها في الآونة الأخيرة. وفي هذا السياق، هناك 5 ممارسات قيادية يمكنها مساعدتك على الاستجابة بفاعلية عند القيادة خلال الأزمات الراهنة.
ألقت جائحة فيروس كورونا بتحديات استثنائية على عاتق القادة في قطاع الأعمال وغيره بشأن القيادة خلال الأزمات الراهنة، فبالإضافة إلى حالة الذعر التي أصابت الموظفين وغيرهم من الأطراف المعنية نتيجة الخسائر البشرية التي تسبب فيها فيروس "كوفيد-19"، فإن اتساع رقعة تفشي الفيروس بمعدلات هائلة وعدم القدرة على التنبؤ بمآلاته يُمثل تحدياً ليس بإمكان المسؤولين التنفيذيين التصدي له. ومن المؤكد أن تفشي الوباء يحتل "مشهد الصدارة" في هذه الأزمة: فقد أسفر هذا الحدث غير المتوقع أو سلسلة الأحداث الهائلة شديدة التسارع عن حالة كبيرة من الشك المؤدي للارتباك، والشعور بفقدان السيطرة على زمام الأمور، والاضطراب العاطفي العنيف.
اقرأ أيضاً: اتخذ القرارات الصحيحة الآن بخصوص موظفيك لتزدهر بعد الأزمة
يتعين على القادة حينئذ إدراك بأن الشركة تواجه أزمة. هذه هي الخطوة الأولى، ولكنها خطوة صعبة، لاسيما في بداية الأزمات التي لا تقع فجأة بل تندلع نتيجة تفاقم ظروف مألوفة تُخفي طبيعتها. ومن أبرز الأمثلة على تلك الأزمات تفشي وباء "سارس" بين عامي 2002-2003، والآن جائحة فيروس كورونا. ومتابعة أزمة بطيئة التطور والتنبؤ بما يمكن أن تؤول إليه يتطلب من القادة التغلب على ما يسمى "التحيز للحالة الطبيعية" (Normalcy Bias) وهي حالة تسفر عن استهانة المرء باحتمال حدوث أزمة والتهوين من عواقبها.
ولن يرقى القادة إلى مستوى التصدي لمثل هذه الأزمة إلا بإقرارهم أولاً بوقوعها، لكنهم سيعجزون عن التصدي لها إذا حاولوا التعامل معها بالطرق المعتادة عند مواجهة الطوارئ الروتينية، من خلال اتباع التدابير المعدة سلفاً؛ ففي ظل الأزمات، التي يسيطر عليها الغموض والالتباس، تأتي الاستجابات الناجحة في صورة إجراءات مرتجلة، والتي قد تشمل حزمة من الإجراءات، دون الاكتفاء ببعض التحركات المؤقتة (مثل وضع سياسات تتيح العمل من المنزل) بالإضافة إلى بعض التعديلات للممارسات الجارية للأعمال (مثل اعتماد أدوات جديدة لدعم سبل التعاون) والتي يمكن الإبقاء عليها بعد تخطي الأزمة نظراً للفوائد المرجوة منها.
القيادة خلال الأزمات
لا يحتاج القادة خلال الأزمات إلى تنفيذ خطة استجابة معدة مسبقاً، وإنما يحتاجون إلى انتهاج سلوكيات وتبني عقليات تمنعهم من المبالغة في رد الفعل تجاه تطورات الأمس وتساعدهم على التطلع إلى المستقبل. ومن هذا المنطلق، سنستعرض في هذه المقالة 5 من هذه السلوكيات والعقليات المصاحبة لها التي يمكن أن تساعد القادة على تجاوز جائحة فيروس كورونا وغيرها من الأزمات المستقبلية.
التنظيم من أجل التصدي للأزمة: قوة التواصل بين فرق العمل
يجب على القادة خلال الأزمات التخلي عن اعتقادهم بأن الاستجابة الصادرة من قمة هرم السلطة وصولاً إلى قاعدته ستولد الاستقرار. ففي حالات الطوارئ المعتادة، يمكن للشركات الاعتيادية الاعتماد على هيكلها القيادي والأساليب التي تتبعها للسيطرة على الأوضاع وإدارة العمليات بنجاح من خلال تنفيذ الاستجابة المنصوص عليها، ولكن في الأزمات المغلفة بالشك، يواجه القادة مشاكل غير مألوفة وغير مفهومة بدقة. وتقف مجموعة صغيرة تضم المسؤولين التنفيذيين ممن يتقلدون أعلى المناصب الإدارية، عاجزة أمام جمع المعلومات أو اتخاذ القرارات بسرعة كافية للاستجابة بفاعلية. ويستطيع القادة خدمة مؤسساتهم بشكل أفضل عن طريق تحديد أولويات واضحة للاستجابة وتمكين الآخرين من اكتشاف وتنفيذ الحلول التي تخدم تلك الأولويات.
لا يحتاج القادة خلال الأزمات إلى تنفيذ خطة استجابة معدة مسبقاً، وإنما يحتاجون إلى انتهاج سلوكيات وتبني عقليات تمنعهم من المبالغة في رد الفعل تجاه تطورات الأمس وتساعدهم على التطلع إلى المستقبل.
ولتعزيز الحلول السريعة للمشكلات وتنفيذ هذه الحلول في ظل تصاعد التوتر والفوضى، يمكن للقادة تنظيم شبكة من فرق العمل. ويجب الإشارة هنا إلى مفهوم شبكة الفرق على الرغم من شيوعه على نطاق واسع، لأن قلة من الشركات تمتلك خبرة فعلية في تطبيق هذا المفهوم. وتتكون شبكة الفرق من مجموعة من الفرق تتمتع بقدرة كبيرة على التكيف مع الظروف الراهنة، ويجمعها تحقيق هدف مشترك وتعمل معاً بالنمط ذاته كما لو كانوا أفراداً ينتمون إلى فريق واحد (رسم توضيحي).
يتابع البعض منهم الجهود المبذولة بعيداً عن العمليات التجارية العادية، ويحدد البعض الآخر آثار الأزمة على الأنشطة التجارية المعتادة ويتولى متابعة إجراء التعديلات، مثل مساعدة الموظفين على التكيف مع معايير العمل الجديدة. ستشمل شبكة الفرق في كثير من الحالات مركزاً عصبياً متكاملاً يغطي أربعة مجالات: حماية القوى العاملة، واستقرار سلاسل التوريد، والتواصل مع الزبائن، واختبار التحمل المالي (للمزيد من المعلومات، يُرجى مطالعة مقال: "الاستجابة لفيروس كورونا: الحد الأدنى من المركز العصبي القابل للحياة" (Responding to coronavirus: The minimum viable nerve center) على موقع McKinsey.com).
وبغض النظر عن نطاقها الوظيفي، فإن شبكات الفرق الفاعلة تتسم بالعديد من الصفات. فهي متعددة التخصصات: ثبت بالتجربة أن الأزمات تتصف بشدة التعقيد، ما يستدعي ضرورة إشراك خبراء من مختلف المجالات. تنطوي الأزمات على درجة من التعقيد تستدعي ضرورة إشراك خبراء من مختلف المجالات. وبما أن هذه الشبكات مصممة للعمل، فإن مجرد التماس أفكار الخبراء ليس كافياً؛ بل يجب على الخبراء جمع المعلومات واستنباط الحلول ووضعها حيز التنفيذ وتطويرها بمرور الوقت. كما أنها تتصف بقدرتها على التكيف، وإعادة التنظيم، والتمدد أو الانكماش بتعلم الفرق للمزيد عن الأزمة ومع تغير الظروف.
وينبغي للقادة تعزيز التعاون والشفافية عبر شبكة الفرق، ويُشكل توزيع السلطة وتبادل المعلومات إحدى الطرق لتحقيق هذه الغاية، أي من خلال توضيح أساليب عمل الفرق بنفسها. قد تكون غريزة القائد خلال الأزمات دافعاً لتعزيز الانفراد بسلطة اتخاذ القرار ومراقبة المعلومات والاحتفاظ بها وعدم الإفصاح عنها إلا عند الضرورة، بيد أن انتهاج هذا السلوك من شأنه أن يشجع الفرق على فعل الشيء ذاته.
اقرأ أيضاً: أزمة كورونا يجب ألّا تؤدي إلى تسريح الموظفين وإليكم السبب
وهنا يبرز جانب مهم آخر لدور القائد، خاصة في الأجواء الانفعالية المتوترة التي تشيع إبان الأزمات، وهو تعزيز الأمان النفسي حتى يتمكن الجميع من مناقشة الأفكار والأسئلة والمخاوف بصراحة دون الخوف من التداعيات؛ لأن ذلك سيتيح لشبكة الفرق الإلمام بالموقف ومعرفة كيفية التعامل معه من خلال مناقشة مفيدة.
رفع مستوى القادة خلال الأزمات: أهمية "الهدوء المدروس" و"التفاؤل الحذر"
كما يجب على كبار المسؤولين التنفيذيين في أي مؤسسة الاستعداد للتخلي مؤقتاً عن بعض المسؤوليات القائمة على التراتبية، كالقيادة والتحكم، وإسنادها إلى شبكة من الفرق، يجب عليهم أيضاً تمكين الآخرين لتمكينهم من إدارة العديد من جوانب استجابة المؤسسة للأزمات. ينطوي هذا المنهج على منحهم السلطة لاتخاذ القرارات وتنفيذها دون الحاجة إلى الحصول على موافقة مسبقة. وتتمثل إحدى الوظائف المهمة لكبار المسؤولين التنفيذيين في سرعة إنشاء هيكل عام لصناعة القرارات، بحيث تُحدد فيها المسؤليات بوضوح تام، وتُسند عملية صناعة القرارات إلى الأشخاص المناسبين على مختلف المستويات.
ويجب أيضاً على كبار القادة التدقيق في اختيار أنسب الأشخاص في شبكة الفرق قبل أن يسندوا إليهم مهمة اتخاذ القرارات الماسة بالاستجابة للأزمات؛ وبما أنه من الوارد أن يرتكب صناع القرار بعض الأخطاء، فيجب أن يكونوا قادرين على التعلم بسرعة وتصحيح أخطائهم دون المبالغة في رد فعل المؤسسة أو شل حركتها. وسيتعين على كبار القادة في بداية الأزمة تعيين صناع القرار لتوجيه الاستجابة للأزمات. ولكن تطور أحداث الأزمة كفيل في حد ذاته بظهور كفاءات بارعة في الاستجابة للأزمات من بين شبكة الفرق، والذين لن يكونوا دائماً من كبار المسؤولين التنفيذيين.
قد تكون الخبرة هي أثمن صفة يتمتع بها القادة في حالات الطوارئ الروتينية، ولكن في الأزمات الجديدة واسعة النطاق، تمثل شخصية القائد أهمية قصوى. فلا بد أن يكون قادة الاستجابة للأزمات قادرين على توحيد الفرق وراء هدف واحد، ويعرضون عليهم المشاكل ويطلبون منهم البحث عن حلول لها. ويتمتع القائد المتميز بالعديد من الصفات، وعلى رأسها "الهدوء المدروس"، فهو يمتلك القدرة على الانفصال من وضع محفوف بالمخاطر والتفكير بوضوح في كيفية الخروج منه. وكثيراً ما نجد الهدوء المدروس مترسخاً في الأفراد المتواضعين ولكنهم ليسوا قليلي الحيلة.
وهناك صفة أخرى مهمة وهي "التفاؤل الحذِر"، أو الثقة المغلفة بالواقعية، فإذا بالغ القادة في إظهار الثقة على الرغم من وضوح تعقيد الظروف في وقت مبكر من الأزمة، فقد يخاطرون بفقدان مصداقيتهم؛ ومن الأفضل أن يظهر القادة ثقتهم في عثور المؤسسة على طريقة لتخطى موقفها الصعب مع اعترافهم في الوقت ذاته بصعوبة الوضع وإدراك أبعاد الأزمة غير المتوقعة والبدء في التعامل مع الأمر من خلال جمع المزيد من المعلومات. وحين تمر الأزمة، سيكون التفاؤل أكثر نفعاً (وقد يكون بقد أقل من الحذر).
صناعة القرارات في ظل التباس الحقائق: التمهل لتقييم الأمر والتنبؤ بالقادم ثم اتخاذ اللازم
ثمة خطأ شائع أيضاً يرتكبه القادة في أثناء الأزمات، ويتمثل في التمهل للحصول على كافة الحقائق قبل تحديد ما يجب فعله؛ لأن الأزمات تنطوي بطبيعتها على العديد من الأمور المجهولة والمفاجآت، وقد لا تتضح لنا الحقائق خلال الوقت اللازم لاتخاذ القرار. ومع ذلك لا يجب على القادة الاكتفاء باتباع حدسهم، إذ يفضّل أن يتعامل القادة مع التباس الرؤية والشعور بعدم تعرضهم لموقف مشابه (بخلاف ظاهرة الديجافو) من خلال جمع المعلومات باستمرار. في ظل تطور الأزمة ومراقبة مدى نجاح الجهود المبذولة استجابة للوضع الراهن.
ومن الناحية العملية في موضوع القيادة خلال الأزمات الراهنة، فهذا يعني التوقف المتكرر عن إدارة الأزمات، وتقييم الموقف من عدة جوانب، وتوقع ما قد يحدث بعد ذلك، ثم اتخاذ اللازم. ولا بد من استمرار دورة "التمهل المؤقت ثم التقييم ثم التوقع"، لأنها تساعد القادة في الحفاظ على حالة من الهدوء المدروس وتجنب المبالغة في رد الفعل تجاه المعلومات الجديدة فور ورودها. بينما تتطلب بعض اللحظات في أثناء الأزمة اتخاذ إجراءات فورية، دون وجود وقت لتقييم أو التوقع، سيجد القادة في نهاية المطاف أوقاتاً للتوقف والتفكير في المستقبل قبل اتخاذ المزيد من الخطوات.
هناك اثنان من السلوكيات الإدراكية حول موضوع القيادة خلال الأزمات المستمرة، بإمكانهما مساعدة القادة في أثناء تقييمهم للموقف وتوقع القادم. أما السلوك الأول فيسمى التحديث، وينطوي على مراجعة الأفكار بناء على المعلومات التي تولت الفرق جمعها، والمعارف التي نمت لديهم. أما الثاني فيسمى التشكيك، وهو يساعد القادة على دراسة الجهود الجارية والمحتملة بصورة نقدية لتحديد ما إذا كانت تلك الجهود بحاجة إلى تعديل أو اعتمادها أو التخلص منها تماماً. وكلاً من التحديث والتشكيك يساعد القادة على التوسط في دوافعهم المتضادة من أجل الوصول لتصور للحلول بناء على ما فعلوه في السابق ووضع حلول جديدة دون الاعتماد على الدروس السابقة. بدلاً من ذلك، يدع القادة تجاربهم جانباً بعض الوقت من أجل قبول رؤى جديدة بمجرد ظهورها.
اقرأ أيضاً: أعد تصورك عن مؤسستك غير الربحية حتى تصمد أمام الأزمة الراهنة
وبمجرد أن يتوصل القادة لقرار، يجب عليهم أن يتصرفوا بعزم. فالحسم الواضح لا يبني فقط ثقة المؤسسة بالقادة؛ بل يحفز أيضاً شبكة الفرق لمواصلة بحثها عن حلول للتحديات التي تواجهها المؤسسة.
إظهار التعاطف: التعامل مع المآسي الإنسانية كأولوية أولى
تتجه عقلية الجميع نحو الرغبة في البقاء على قيد الحياة وتوفير احتياجاتهم الأساسية خلال الأزمات واسعة النطاق، فيبدؤون في طرح أسئلة مثل: هل سأصاب بالمرض أو الضرر؟ هل سيصاب أحد أفراد أسرتي؟ ما الذي سيحدث حينئذ؟ من سيهتم لأمرنا؟ لا ينبغي للقادة ترك التعامل مع مثل هذه الأسئلة لفرق التواصل أو موظفي الشؤون القانونية. فوقت الأزمات هو أهم وقت يظهر فيه القادة جانباً جوهرياً من دورهم كقادة والذي يقتضي منهم إحداث فارق إيجابي في حياة الأفراد.
يتطلب هذا الأمر من القادة الاعتراف بالتحديات الشخصية والمهنية التي يواجهها الموظفون وأحباؤهم خلال الأزمات. وبحلول منتصف مارس/آذار 2020، تسبب فيروس "كوفيد-19" في حدوث مآسي لعدد لا يحصى من الأفراد وحصد أرواح الآلاف. فقد تأكدت إلى اليوم أكثر من 311,988 حالة إصابة. ومن المتوقع ظهور المزيد من الحالات المصابة. كما تسببت الجائحة في أضرار جانبية بالغة، فقد أعلنت الحكومات فرض حظر السفر والحجر الصحي، وهي إجراءات مهمة لحماية الصحة العامة ولكن يمكنها أيضاً منع الأفراد من مساعدة الأقارب والأصدقاء أو التماس المواساة بين الفئات المجتمعية أو أماكن العبادة. كما أدى إغلاق المدارس في العديد من البلدان إلى فرض ضغوط على الآباء العاملين. وبما أن كل أزمة ستؤثر في الأفراد بصورة معينة، ينبغي للقادة أن يولوا اهتماماً دقيقاً لمدى المعاناة التي يلاقيها الأفراد، وأن يتخذوا التدابير المناسبة لدعمهم.
وأخيراً، من المهم ألا يُظهر القادة التعاطف فحسب عند القيادة خلال الأزمات الراهنة، بل لا بد لهم من قبول تعاطف الآخرين والانتباه لرفاهتهم؛ فمع تراكم الإجهاد والتعب والتباس الأمور في أثناء الأزمة، قد يشعر القادة بتلاشي قدرتهم على معالجة المعلومات، والبقاء في مستوى الحدث، وممارسة الحكم الرشيد. أما إذا شجعوا زملاءهم على التعبير عن مخاوفهم، واستجابوا للتحذيرات التي توجه لهم، فستكون لديهم فرصة أفضل لمواجهة الضغوط الوظيفية. فاستثمار الموظفين لأوقاتهم في الحفاظ على رفاهتهم سيمكن القادة من الحفاظ على فاعليتهم على مدى الأسابيع والأشهر التي قد تستغرقها الأزمة.
التواصل الفاعل: الحفاظ على الشفافية وتوفير تحديثات مستمرة للأوضاع
غالباً ما يتم التواصل بين القادة خلال الأزمات بالأسلوب الخاطئ. ونرى مراراً وتكراراً، قادة يتحدثون بلهجة تظهر الثقة المفرطة وروح التفاؤل في المراحل المبكرة للأزمات، لرفع شكوك الأطراف المعنية حول ما يعرفه القادة ومدى حسن تعاملهم مع الأزمة. بينما يميل الأفراد الذين يتولون مقاليد السلطة إلى تعليق البيانات لفترات طويلة في انتظار ظهور المزيد من الحقائق وفي أثناء اتخاذ القرارات.
اقرأ أيضاً: أيها القادة.. هل لديكم رؤية واضحة لمستقبل ما بعد الأزمة؟
ولا يبعث أي من النهجين على الاطمئنان. ونقتبس هنا ما كتبته إيمي إدموندسن مؤخراً، حين قالت: "الشفافية هي "المهمة الوحيدة" للقادة في الأزمات. فكن واضحاً بشأن ما تعرفه وما تجهله. وما الذي تفعله لمعرفة المزيد". ويظهر التواصل المتكرر والمدروس أن القادة يتابعون الموقف ويعدلون ردودهم بمعرفتهم للمزيد من المعلومات، وهذا يساعدهم على طمأنة الطراف المعنية بأنهم قادرون على مواجهة الأزمة. كما يجب على القادة أن يبدوا اهتماماً خاصاً بملاحظة ومعالجة مخاوف الجميع والرد على أسئلتهم ورعاية مصالحهم. وقد يكون من المفيد أن يتم تخصيص أعضاء في فريق الاستجابة للأزمات يتحدثون مباشرة عما يفعلونه.
ولا ينبغي أن ينقطع التواصل بمجرد مرور الأزمة فهذا من أساسيات القيادة خلال الأزمات الراهنة، فتقديم نظرة متفائلة وواقعية يمكن أن يكون ذا أثر قوي على الموظفين وكافة الأطراف المعنية، ويدفعهم لدعم انتعاش الشركة.
إن جائحة فيروس كورونا تضع قادة الشركات والمؤسسات في مختلف القطاع حول العالم موضع اختبار، وقد تستمر عواقبه لفترة أطول، وقد تشكل صعوبات تتجاوز توقعات الجميع. وتعتبر طول فترة التخبط وعدم اليقين أهم سبب يدفع القادة لتبني الممارسات الواردة في هذا المقال. وبمقدور أولئك الذين يتبنونها الإسهام في ترسيخ أو تعزيز السلوكيات والقيم التي يمكن أن تدعم مؤسساتهم ومجتمعاتهم خلال هذه الأزمة، مهما طالت، وتؤهلهم جيداً لأي تحديات أخرى قد تطرأ في المستقبل.
يتوجه المؤلفان بخالص الشكر إلى كلٍّ من: روث إيموس، وآنا ميندي، ومونيكا موراركا، وميهير ميسور، وأوفيليا آشر على مساهماتهم في هذه المقال.
اقرأ أيضاً: الرئيس التنفيذي لشركة "سلاك" يتحدث عن تكيّف شركته استجابة للأزمة العالمية