كيف تروج لنفسك دون أن تبدو أنانياً؟

4 دقائق
الترويج الذاتي
فريق عمل هارفارد بزنس ريفيو/بيكسلز/أنسبلاش

تشير الأبحاث إلى أن الإشادة بإنجازات زملائك يساعدك على إظهار كفاءتك ونواياك الحسنة.

تخيّل أنك التقيت مسؤولاً تنفيذياً مهماً في فعالية من فعاليات بناء العلاقات وأردت أن تترك انطباعاً جيداً عنك. لديك إنجازات حديثة تودّ مشاركتها مع الآخرين لكنك تخشى أن تبدو شخصاً متفاخراً ومتعجرفاً. ولا ترغب من ناحية أخرى في تفويت هذه الفرصة لاستعراض إنجازاتك. ما الذي يجب عليك فعله؟

يطرح الترويج الذاتي في أغلب الأحيان معضلة حقيقية لأن الحديث عن إنجازاتك يمكن أن يجعلك تبدو أكثر كفاءة وقدرة لكنه قد يُظهرك أيضاً أقل ودّاً ولطفاً وأكثر أنانية. في المقابل قد يُظهرك انتقاص ذاتك أو تجاهل إنجازاتك أو مشاركة عثراتك أكثر تواضعاً، لكنه يمكن أن يجعلك تبدو أيضاً أقل كفاءة.

فما الذي يمكنك فعله لترك انطباع عام إيجابي وإظهار الكفاءة والودّ في الوقت نفسه؟

وجدنا في بحث حديث إجابة بسيطة وشافية: عندما تتباهى بمنجزاتك الشخصية احرص على الإشادة بأحد زملائك أو أقرانك في الوقت نفسه. أطلقنا على هذا الأسلوب مصطلح “الترويج المزدوج” لأنه يجمع بين الترويج الذاتي والترويج للآخر. وفقاً للبحث الذي أجريناه فإن الترويج المزدوج يحسّن الانطباعات العامة باستمرار إذ يساعد الآخرين على معرفة قدراتك ويُظهر اهتمامك بهم. فحديثك الإيجابي عنهم يؤكد أنك لست متعجرفاً ويبرز أنك زميل ودود وذو نوايا حسنة.

لاستكشاف الترويج المزدوج أجرينا سلسلة أبحاث مكونة من 11 دراسة باستخدام عبارات مأخوذة من سياقات متنوعة تشمل وسائل التواصل الاجتماعي وتقييمات العمل وتصريحات بعض أعضاء الكونغرس الأميركي. عرضنا على المشاركين عبارات الترويج الذاتي أو عبارات الترويج المزدوج (وعرضنا في بعض الدراسات أيضاً عبارات تتضمن ترويجاً للآخرين فقط أو ليس فيها أيّ نوع من الترويج على الإطلاق) وطلبنا منهم تقييم مدى الودّ الذي يميز المتحدث وكفاءته والانطباع العام الذي يتركه. يُظهر المثال الآتي إحدى عبارات الترويج المزدوج الواردة في إحدى الدراسات:

نجح هذا المشروع بفضل عمل الفريق. اهتممتُ بتحليلاته المالية وعمليات التقنية كلّها وتصميمه الخلفي. وأبهرني أيمن بطريقة تواصله مع عملائنا. تحمّلنا مسؤولياتنا معاً في أداء مهامّنا وأدى ذلك إلى نتيجة رائعة.

وجدنا من خلال دراساتنا التي شملت ما مجموعه 2,558 مشاركاً أن الترويج المزدوج يعزز الانطباعات الودية دون أن يؤثر سلباً في تقييمات كفاءة الشخص مقارنة بالترويج الذاتي وحده بل إنه زاد في بعض التجارب الانطباعات الإيجابية عن الكفاءة! وهذا يعني أن وصف إنجازات الآخرين وقدراتهم بالموازاة مع وصف إنجازاتك يمكّنك من عرض نطاق خبرتك الشخصية وإظهار القدرة والثقة في النفس لتقييم أصحاب الإنجازات والترويج لهم والتعاون معهم.

درسنا أيضاً أسلوب السياسيين في وصف إنجازاتهم. فحلّلنا بيانات المراجعة السنوية التي نشرها أعضاء الكونغرس على مدار 10 سنوات وحدّدنا مدى توظيف الترويج الذاتي أو الترويج المزدوج في هذه التصريحات. فاكتشفنا مرة أخرى أنه كلما أثنى أعضاء الكونغرس على الآخرين خلال تفاخرهم بإنجازاتهم الشخصية زادت التقييمات الإيجابية التي يحظون بها. وانطبق ذلك على السياسيين جميعهم بغض النظر عن الأحزاب التي ينتمون إليها. وعندما أجرينا تجربة يتابع فيها المشاركون سياسياً وهمياً يروّج لذاته أو غيره، أفاد المتابعون بأنهم أكثر استعداداً للتصويت للسياسي الذي يوظّف الترويج المزدوج في أكثر من 80% من الحالات.

يمكن للناس جميعاً الاستفادة من فوائد الترويج المزدوج بصرف النظر عمّا إذا كانوا يشاركون في الإشادة بزميل أو منافس أو عمّا يقوله الشخص الآخر (على سبيل المثال: إذا كان يروج للذات أو يوظف الترويج المزدوج أيضاً) وبصرف النظر عمّا إذا كانوا يوظفون الترويج المزدوج في مكان العمل أو وسائل التواصل الاجتماعي أو في سياق حملة سياسية. وحظي الأشخاص الذين يوظفون الترويج المزدوج بأفضل تقييم إيجابي في السياقات التي درسناها كلّها.

إذا كانت فوائد الترويج المزدوج مؤثرة إلى هذا الحد فلماذا لا يمارسه عموم الناس؟ أولاً لأنه منافٍ للمنطق؛ فالترويج لشخص آخر قد يترك انطباعاً بأنك تقلل من إنجازاتك أو قدراتك الشخصية بالمقارنة مع الآخر، في حين تدفعنا الطبيعة البشرية إلى الترويج للذات أو الصمت، لذا فإن تطوير عادة الترويج المزدوج سيتطلب بذل بعض الجهد.

إليك إذاً بعض الخطوات التي ستساعدك على ممارسة الترويج المزدوج:

1. مارِس الترويج المزدوج

يمكنك ممارسة الترويج المزدوج باختيار شخص للتفكير في إنجازاته ثم الاعتراف بها أو بسماته الإيجابية عندما تتحدث مع الآخرين.

عندما تعمل في إطار فريق احرص على الإشادة بزملائك. على سبيل المثال أشادت المغنية الأميركية تايلور سويفت خلال الترويج لإعادة إصدار ألبومها “سبيك ناو” (Speak Now) بشركائها المغنية هايلي ويليامز وفرقة فول آوت بوي قائلة: “قررت التعامل مع الفنانين الذين شعرت بأنهم أثروا فيّ بقوة باعتباري كاتبة كلمات في ذلك الوقت منذ صدور الألبوم الأصلي وطلبت منهم المشاركة في الإصدار الجديد، لقد كانوا رائعين وأسخياء جداً بموافقتهم على دعم نسختي الشخصية من ألبوم سبيك ناو”.

عندما تعمل في إطار فريق احرص على الإشادة بزملائك. (فالرياضيون المفضّلون لدينا يفعلون ذلك بعد الجولات والمباريات). على سبيل المثال فاز لاعب التنس السويسري روجيه فيدرر في مباراة العودة إلى الواجهة عام 2017 على نظيره الياباني كي نيشيكوري في 5 مجموعات في بطولة أستراليا المفتوحة. وبعد المباراة علّق فيدرر على أداء نيشيكوري قائلاً: “لقد لعب بكلّ قوته وكانت مباراة رائعة، إنه أحد أفضل لاعبي الخط الخلفي في البطولة”. لكن فيدرر جمع في تصريحه هذا بين الترويج المزدوج والترويج الذاتي عندما أضاف قائلاً: “لعبتُ مباراة رائعة، إنه فوز كبير بالنسبة إليّ”.

عندما تنجز عملاً فردياً مثل تأليف رواية يمكنك أيضاً الإشادة بزميل يعجبك عمله في هذا المجال. تستطيع على سبيل المثال أن تعبّر عن ذلك في وسائل التواصل الاجتماعي بعبارة من قبيل: “دخلت روايتي قائمة نيويورك تايمز لأفضل الكتب مبيعاً! ولي كامل الشرف أن تكون روايتي إلى جانب الرواية الرائعة للمؤلف الفلاني، الذي أعتقد أنه كتب أفضل كتاب هذا العام”.

2. احرص على أن يكون ترويجك للآخرين صادقاً

يمكن أن يكون ترويجك للآخرين صادقاً إذا كان دقيقاً. على سبيل المثال يجب على السياسي الذي يصف العمل الذي أنجزه بالتعاون مع الآخرين أن يذكر أسماء الزملاء الذين عمل معهم ومشاريع القوانين التي أقرّوها معاً ومدى تأثيرها. تفاصيل من هذا القبيل ستجعل عبارات الإشادة والثناء موثوقة أكثر.

ويجب أن تكون عبارة الترويج للآخر (أي إشادتك بشخص آخر) موجزة. لا تبالغ فيها كي لا تفقد مصداقيتها.

3. احرص على الترويج الذاتي أيضاً

الهدف هو الترويج المزدوج لذا طالب بالاعتراف بقدراتك وإنجازاتك. إذا لم تحرص على ذلك فستفشل في مدّ الآخرين بمعلومات مهمة عنك وقد تفشل أيضاً في إبراز مظاهر كفاءتك بأكملها. الترويج للآخرين (أو مجرد الإشادة بشخص آخر) أسلوب فعال لتكوين صداقات لكن الترويج المزدوج يعزز التقييمات الإيجابية بشأن ودّك وكفاءتك.

الترويج المزدوج ممارسة مفيدة للرجال والنساء معاً ودينامية مهمة لهم لا سيّما أن أبحاثاً سابقة أظهرت أن النساء أقل ترويجاً لأنفسهن من الرجال، وأن الترويج الذاتي يتسبب على الأرجح في الإضرار بالنساء أكثر من الرجال. نتيجة لذلك تتلقى النساء على الأرجح اعترافات أقلّ بإنجازاتهن مقارنة بالرجال. ونأمل أن تتمكن النساء من خلال الالتزام بالترويج المزدوج من تقليص الفجوة القائمة في ممارسة الترويج الذاتي.

على الرغم من أننا نعتبر الكفاءة والودّ في أغلب الأحيان سمتين متعارضتين فإن الأشخاص الذين يثيرون إعجابنا عموماً هم أولئك الذين نعتقد أنهم يجمعون بين المهارة واللطف في الوقت نفسه. لا يمكننا أن نكون جميعاً نجوماً أو عباقرة لكننا نستطيع من خلال الترويج المزدوج إظهار روح الود والكفاءة التي تميّزنا.

لذلك عندما تعرض في المرة القادمة إنجازاتك أو مؤهلاتك كن جريئاً وتباهى بها لكن مع الحرص على الإشادة بشخص آخر أيضاً.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .